في عالم النساء، تُصبح العلاقات الناجحة ذات العمر الطويل هي الاستثناء، بينما تشتعل الحكايات بالكثير من الخبرات السيئة والعلاقات التي أضرمت النيران في حيوات أصحابها.
تشكو النساء من النساء، وتحكي كل منهن مآسيها، من يفعل ومن مجني عليه، ولماذا تصف إحداهن النساء بأنهن لا تصلحن للعمل أو الصداقة؟
تتصدر بعضهن رأس الحكمة، وتتلو أحكامها، وكأنها كامرأة بمعزل عن تلك الأحكام التي تروج لها.
طرحت خبيرة تسويق تُدعى جمانة رياض عبر حسابها على موقع Linked in منشورًا عن تجربتها العمل مع النساء، وذكرت أنها لا تتحمل العمل مع النساء، وفي نهاية منشورها وضعت استبيان عن رأي المشاركين في العمل مع النساء، وقد شارك خلال خمسة أيام نحو 4352 واستمر الاستبيان يحصد مشاركات.
لم تكن جمانة الأولى التي تتحدث عن خبرات سيئة مع النساء، ولن تكون الأخيرة، هذا الأمر الذي يجعلنا دومًا نتساءل: لماذا تفسد علاقات النساء؟ وهل يشهد الغرب مثل هذا الفساد في العلاقات بين نسائه؟
في البدء، أُؤكد أنه لا أحكام مطلقة، وليست كل النساء خبراتها سيئة مع أخريات، لكن الغالبية تمتلك مثل هذه المرارات بما يجعلنا نضع الوصف وكأنه صبغة عامة.
حين نلتصق لا نري
مع كل فكرة أجدني ملزمة أن أُوضح أنه لا أحكام مطلقة، وذلك حتى أنجو من الاتهامات المسبقة بمعاداة النساء، أو معاداة النسوية، وهو أمر سأتطرق له لاحقًا.
من أهم المشكلات التي تسقط فيها الكثيرات الاقتراب المبالغ فيه، لا تحتاج الكثيرات للوقت حتى تقوى علاقتهن، بل أن البعض تذهبن لعلاقات أكثر قربًا وتبادل بين الخاص والعام بلا أي حسابات، يصنع القرب المبالغ فيه منطقة عمى، فلا نرى، تنمحي الحدود وتختلط الأوراق، وهذه أولى خطوات فساد علاقات العمل تحديدًا.
اقرأ أيضا:
قراءة في غضب النساء: النسوية بين الطريق الواحد والخيارات المتنوعة
بين العواطف والتفاصيل
من السمات الواضحة في النساء اهتمامهن بالتفاصيل، الأمر الذي قد يصل إلى المبالغة في بعض الأحيان، كما أن كثيرات عاطفيات، بحيث تحركهن مشاعرهن، أكبر الأخطاء التي تقع فيها النساء الانحياز إلى عواطفها، فكثيرات محركهن الأساسي ما تشعرن به تجاه الآخر، فهي تمرر وتغفر وتتغاضى، وتتحمل ما لا يجب تحمله كل ذلك لأنها تُحب الطرف الآخر، والحب هنا مظلة أشمل بكثير من المساحة العاطفية، بل تمتد لتظلل كل العلاقات، وحين يحدث أي شيء يدفع بالمرأة خارج مظلة الحب، أو أي موقف غاضب فإنها تفيق إلى ما كانت تفعله، وفجأة تشعر بالثقل، وكأن الحب هو معامل التخدير في العلاقات.
كثيرات يبالغن في أفعالهن، ويتحملن ما لا يجب، تلك المبالغات التي تُعجل بفساد العلاقات.
الانحياز العاطفي والإغراق في التفاصيل من أكبر أخطاء الكثيرات، إذ أن انتباههن لأدق التفاصيل يحيد بهن عن الهدف، ويصنع متاهاته الخاصة التي تكون أول ضحاياها هن النساء، إذ ينصرف الانتباه لغير مكانه، وتتشتت الجهود، وتكون النتيجة أقل بكثير مما تبذل احدهن.
حين تنجح امرأة وسط هذا المجتمع المائل لتذكير النجاح والجهد، فإن أول عقباتها هن النساء أنفسهن، اللواتي لا يرغبن في الانخراط في الاحترافية كمعايير لا تنحاز إلى الجندر، وتبدأ رفيقاتها في توصيف زميلتهن أو مديرتهن بصفات تنال من أنوثتها، وكأن النجاح مرادف للتخلي عن الأنوثة، ويبدأ الوصم بالفشل في معارك أخرى، كونها عانس، أو مطلقة، أو …. تتعدد الحكايات، لكن المجمل أن كثيرات من النساء لا يرغبن في الاحترافية، بل يحتجن الحفاظ على كل تفاصيلهن الأنثوية، وانحيازاهن العاطفي، وتقلباتهن وفي ذات الوقت المساواة في الأجر.
توجه الكثيرات مهاراتهن في الاعتناء بالتفاصيل، وشهوة البوح نحو اللاشيء، في حين تتصاعد مشاعر الإنكار والرفض لنماذج الأنثى الناجحة والتي في المقابل تتنصل من صفات شاع انتسابها للنساء.
تفسد العلاقات لأنها تفتقد المعايير، وتخضع لأهواء اللحظة ومتغيراتها، حالات البذل والمبالغة فيه، والتدفق العاطفي دون اعتدال، تمنح الكثيرات ثقتهن منذ اللحظات الأولى في العلاقة، ومن ثم تتعاظم خسائرهن.
لا حدود واضحة في العلاقات، فزميلة العمل كالصديقة كالأخت، المحدد الأول في علاقات الغالبية هو المشاعر الحب والارتياح، وليست الخبرة والثقة ومدى التوافق.
ولأن السيئة تعم سنظل نحن النساء موصومات بالعداء نحو بعضهن البعض، وتستمر الكثيرات في كسر معايير الاحتراف، وتمويه حدود العلاقات بمزج العام بالخاص، وحين تخفق امرأة في عملها بتدابير امرأة أخرى تنطلق شرارة أخرى مؤكدة أن العمل مع النساء أمر صعب، وتستمر الدائرة فلا مراجعات ولا نهاية لعلاقات العمل والصداقة الفاشلة بين النساء.