يدين النساء المسلمات في جنوب أفريقيا بالفضل إلى الرائد فاطمة إسحاق في عدول جيش جنوب أفريقيا عن سياسته الخاصة بالملابس، ليسمح للنساء المسلمات بارتداء الحجاب ضمن زيهن الرسمي.
قادت الرائد فاطمة إسحاق معركة قانونية استمرت ثلاث سنوات من أجل حقها الديني، في ارتداء الحجاب تحت قبعتها العسكرية، لتقضي على التمييز في بلاد عانت طويلا من التمييز والعنصرية في القرن الماضي.
يعود الأمر إلى 11 عاما، حيث بدأ عدد من المسلمات في الإشارة إلى رفضهن لنصوص جيش جنوب أفريقيا المحدد لزي المرأة والحجاب، مما اضطر عدد ليس بالقليل إلى تقديم استقالاتهن والتنحي عن أدوارهن في الجيش رفضا لما وصفوه بعملية التمييز ضد المرأة المسلمة في صفوف القوات المسلحة الحكومية.
قيود تعسفية ومواقف جامدة
تنص قوانين جيش جنوب أفريقيا على لباس محدد للنساء دون النظر إلى خلفياتهم الدينية، إذ إن القيود على المسلمات بالجيش كانت تتمثل في أن غطاء الرأس (الحجاب) له شكل محدد لا يجوز مخالفته.
وحسب قوانين الجيش فإنه لا يجوز للمرأة المسلمة ارتداء الحجاب أو غطاء للرأس مخالفا لم تنص عليه اللائحة الداخلية للقوات المسلحة في جنوب افريقيا، ولكن يتم الاستيعاض بارتداء القبعة بدلا عن الحجاب.
تعنت الجيش
لم تكن صرخة فاطمة ضد شكل الحجاب الأولى من نوعها، حيث سبقها عدد كبير من النساء اللاتي عبرن عن استيائهن ورفضهن لقوانين اللباس المنصوص عليها في صفوف الجيش الجنوب أفريقي.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد مافي مجوبوزي، إن الإطار التنظيمي داخل صفوف القوات المسلحة ينص على أنه لا يجوز ارتداء أي ملابس أخرى مصاحبة للزي العسكري المنصوص عليه، لافتا إلى أن الجيش تحكمه القواعد وضوابط اللباس التي تنظم وتفرض كيف ينبغي ارتداء الزي بشكل عام.
وفيما يخص تنوع الخلفيات الدينية للنساء المنتميات للجيش يقول مجوبوزي: “أن الانتماء الديني معترف به من قبل قوة الدفاع الجنوب أفريقية تحت توجيه وقيادة الجيش، مؤكدا أنه لا يتم تلقي تعليمات فيما يخص التدريبات الاعتيادية للقوات فقط إنما يكون هناك تعريف بالسياسات واللوائح التي تحكم قوات الجيش أيضا لذا الأمر لا يعد مفاجأ للنساء أن يعرفن اللبس الرسمي المنصوص عليه داخل صفوف الجيش”.
فاطمة تتحدى!
في خطوة جريئة، تحدت فاطمة إسحاق القواعد وقررت أن تواجه الأمر بشيء من القوة والثبات دون التفكير في خطوة الانساحاب من ساحة المعركة، وعمدت إلى الذهاب إلى الجيش مرتدية حجاب يغطي الرأس والرقبة في رسالة واضحة إلى رؤساء القوات المسلحة برفضها للنصوص التي تعد تمييزا ضد المرأة المسلمة.
وخاضت إسحاق معركة قضائية عقب تحويلها إلى محكمة تأديبية لرفضها الانصياع لنصوص الالتحاق بالقوات المسلحة في جنوب افريقيا إلا أنها لم تقف مكتوفة الأيدي وقررت أن تخوض معركة وصفتها في تصريحات صحفية لها بـ”معركة البقاء”.
ونجحت فاطمة في الاختبار الأكبر لها في حياتها، وتم إسقاط التهم العسكرية والسماح لفاطمة وآخريات.
وتم الاتفاق بشكل رسمي على السماح بارتداء الحجاب لكن بشكل محدد حسبما نصت المحكمة.
ويجب أن يكون حجاب المرأة داخل صفوف قوات الجيش الجنوب أفريقي عبارة عن غطاء ضيق، وتنص القواعد ألا يغطي الحجاب الأذنين أو الرتب العسكرية الموجودة على الاكتاف، فضلا عن ضرورة أن يكون ذو ألوان محايدة أي مخالفا للون الرسمي للباس العسكري.
حسب فاطمة اسحاق، فإن الأمر حسب قوانين القوات المسلحة لم يكن موافقا لتعاليمنا الدينية، ويأتي مخالفا للشكل المتفق عليه من الناحية الدينية حتى يصح توصيفه بالحجاب، وعقب إصدار الحكم أشادت فاطمة بالنظام الدمقراطي في جنوب أفريقيا وحيادية المحكمة في قراراتها واحكامها.
الرائد إسحق، التي تعمل طبيبا في الطب الشرعي في مستشفى عسكري، صرحت في تصريحات لصحيفة كيب تايمز المحلية إن ذلك كان انتصارا ليس لها فحسب، بل لجميع الأشخاص الذين وقعوا ضحية صامتة بسبب دينهم.