على غير العادة، تتجه الأنظار هذا الموسم إلى قلعة “بتروسبورت” بالتجمع الخامس، حيث يلعب “جرجس مجدي” اللاعب القبطي أول مواسمه في الدوري الممتاز بألوان إنبي. الحدث العادي في ملاعب أخرى، يبدو فريدًا في الملاعب المصرية لندرة اللاعبين الأقباط.
“جرجس” هو المصري المسيحي الوحيد الذي يلعب في الدوري الممتاز، إلى جانب لاعب آخر يحمل الديانة نفسها لكنه يحمل جنسيتين واحدة مصرية وأخرى دنماركية هو لاعب وادي داجلة أمير عادل “ألكسندر ياكوبسن”. وبخلاف الثنائي لا يوجد لاعب مسيحي آخر يلعب في الممتاز.
قصة جرجس مجدي من النجوم لإنبي
جرجس ابن المنيا، يذهب يوميًا للمران اليومي في ستاد بتروسبورت. يحزم حقائبه، متطلعًا للسير على خطى هاني رمزي نجم الأهلي السابق، ولاعب الإسماعيلي السابق محسن عبدالمسيح، وناصر فاروق حارس غزل المحلة السابق.
اللاعبون الأقباط الذين لعبوا في دوري الأضواء والشهرة، مثلوا قائمة قصيرة جدًا، لكنهم فتحوا باب الأمل أمام مواهب أخرى داخل المستطيل الأخضر.
هل تحتضن الملاعب المصرية مدربين عنصريين؟
حين سئل حسن شحاتة، مدرب منتخب مصر السابق، عن أسباب عدم وجود لاعبين مسيحيين في الدوري، أجاب إجابة لا تشفي بأن الموهبة هي الحكم والأمر لا يتعلق بالعنصرية، مستشهدا بنموذج هاني رمزي دليلًا على عدم خلو ملاعبنا من العنصرية.
لكن نجم الزمالك السابق أحمد حسام ميدو، قال في تصريحات تلفزيونية، إن الملاعب المصرية بها بعض المدربين الذين “لديهم عنصرية كبيرة جدًا لا يخفونها”.
ميدو الذي كانت له تجارب احترافية كبيرة في أوروبا، وبالتأكيد كان شاهدا على العنصرية ضد الأفارقة تساءل: “هل يعقل في تاريخ كرة القدم المصرية أن يكون هناك 5 لاعبين مسيحيين فقط يلعبون في المستوى الأول؟”.
أكاديمية لإيجاد حلول للمسيحيين
تساؤلات ميدو أعادت إلى الأذهان وقائع سابقة للاعبين أٌقباط تعرضوا للعنصرية في ملاعب كرة القدم بسبب ديانتهم.
مينا البدراوي أول هذه النماذج الذي تخلى عن حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم، بعدما طُلب أن يلعب باسم بديل لا يحمل ديانته، فقرر الشاب السكندري تأسيس أكاديمية لكرة القدم في محافظته.
البداروي أكد لوكالة الصحافة الفرنسية أن هدف الأكاديمية إيجاد حلول للمسيحيين الذين رفضوا من فرق يتقدمون إليها بسبب ديانتهم بغض النظر عن مستواهم في اللعب.
ممارسات عنصرية
هذه الممارسات العنصرية لم يتعرض لها جرجس مجدي خلال مشواره في كرة القدم، يقول لاعب إنبي الحالي: “بعض المدربين أحسوا بوجود ظاهرة العنصرية في الملاعب، وعملوا على إذابتها معي، وكانوا دومًا يعاملونني بتمييز عن زملائي، حتى أن رئيس نادي النجوم محمد الطويلة كان يهاديني عيدية في الأعياد القطبية. كما طلب مني الخروج والتنزه في هذه الأيام. كان يعاملني كابنه”.
جرجس يرى أن وجود لاعبين أقباط في الدوري ليس أمرًا صعبًا، لكن المشكلة في عدم وعي بعض الأقباط الذين لا يشجعون ابنائهم على لعب كرة القدم.
“مش هيعمل حاجة وهيروح فين ومفيش شيء مضمون” تقول بعض الأسر القبطية على حد رأي “جرجس”.
“هناك لاعبين آخرين يعلقون فشلهم على شماعة الدين، لكن ذلك لا ينفي وجود عنصرية في بعض الحالات ضد الأقباط”، يؤكد جرجس.
أحلام جرجس
تبدو أحلام جرجس (26 عامًا) بسيطة ومشروعة. حلمه أن يسير على درب النجوم، وأن صل إلى أندية القمة الأهلي أو الزمالك.
الشاب الواعد بدأ مشوراه في الكرة من خلال دوري “بيبسي” في المنيا عام 2007، واختير واحدًا من أفضل 5 مواهب على مستوى الجمهورية والأول على محافظته. كما انضم بعدها إلى نادي النجوم وبدأ في دوري الدرجة الثانية لكرة القد.
بعدها بدأ مشواره كلاعب متحرف في كرة القدم، بعد توقيع عقود انضمامه إلى النادي، حسب ما يقول جرجس في حديثه إلى “مصر 360”.
اقرأ أيضًا.. تركيبة “الدوري” الجديدة.. مستقبل الكرة في أقدام الشركات
“جرجس” قضى مع “النجوم” 14 عامًا، تدرج حتى صعد إلى الدرجة الأولى، وكان هداف الفريق في دوري الدرجة الثانية خلال موسم الصعود للدوري الممتاز الموسم قبل الماضي.
الأمور صارت كما خطط لها “جرجس” لم يجد طيلة فترة التحاقه بفريق النجوم عنصرية تجاهه: “رئيس النادي محمد الطويلة كان يرفض التدخل في الدين، وأعطاني صلاحيات كبيرة” يضيف اللاعب.
النجوم وإنبي
لاعب إنبي يقول إنه عند إصابته قبل الصعود للممتاز، وتأخر مشاركته في مباريات الدوري الممتاز، وجدت دعمًا كبيرًا من رئيس النادي، الذي أصر على مشاركتي في آخر 5 مباريات بعد تأكد هبوط الفريق.
في آخر عام له مع فريق النجوم، تولى أمير عزمي مجاهد الإدارة الفنية للفريق، الذي حرص على إعطاء الفرصة لجرجس في المباريات إيمانًا بقدراته. كما أنه كان دومًا يؤكد أن الدين لن يتدخل في مسألة مشاركاته مع الفريق.
جرجس يفسر ذلك: “المدرب كان يريد محو أي صورة ذهنية سابقة تتعلق بالعنصرية ضد الأقباط في كرة القدم”.
من النجوم إلى إنبي كانت المحطة التالية لجرجس مجدي. الشاب وجد استقبالًا كبيرًا من المدير الفني حلمي طولان: “لم أجد أي شعور ضدي، بل العكس حسيت إني مميز في الفريق”.
دوري الكنائس
يوجد ما يسمى بدوري الكنائس ويقام في الإجازة الصيفية بين المحافظات وعلى ملاعب يتم تأجيرها أو داخل الكنائس، ثم تجري التصفيات بين الفرق الفائزة على مستوى المحافظات
الفريق الفائز يحصل على كأس الكرازة، وفي هذا الدوري مواهب كبيرة تتطلع أن يكون لها دور في كرة القدم، حسب ما يقول جرجس.
“جرجس” شارك في دوري الكنائس 7 سنوات ما بين 2010 – 2017. وكان النشاط الرياضي في الكنائس بدأ منذ عام 2002، ويقدر عدد المشاركين فيه بعدة آلاف.
دعم الإعلام وتشجيع العائلة
“دوري الكنائس فرصة كبيرة لإبراز المواهب القبطية في كرة القدم، إذ ما وجد اللاعبون دعمًا من وسائل الإعلام، وتشجيع من العائلة، وهو ما وجده في أسرته” يؤكد جرجس بينما يشير إلى أن الأهل عليهم دور في التشجيع على اللعب. “والدي كان بيوصلني للتمرين ويحضر معي المباريات، وهذا ما ساعدني على الاستمرار”.
ويأمل جرجس أن يسير الشباب القبطي على خطاه، وتشجع الأسر المسيحية أبنائهم في كرة القدم: “عشان يطلع واحد واثنين وثلاثة ونقضي على العنصرية في كرة القدم”.