في يوم 11 فبراير من كل عام تحتفل “اليونيسكو” باليوم العالمي للمرأة والفتاة في العلوم والذي تم تخصيصه عام 2015، للاحتفال بالدور المهم الذي تضطلع به النساء والفتيات في ميادين العلوم.
ووفقًا للمنظمة الأممية، فإن عدد النساء يقل حاليًا عن 30% من إجمالي عدد الباحثين في العالم. كما أن أقل من ثلث الطالبات الجامعيات يخترن المجالات المرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ورغم العقبات إلا أن عالمات مصريات استطعن إثبات تفوقهن والإسهام في العديد من المجالات العلمية، ليثبتن أن مجالات معقدة مثل الفيزياء والكيمياء والهندسة ليست حكرًا على الرجال. في التقرير التالي نستعرض قصص 5 منهن..
اقرأ أيضًا.. “المُصنفات في الأرض”.. متى تكون المرأة “محترمة” في نظر المجتمع؟
شيماء أبو زيد.. والعلوم الفيزيائية
“شيماء أبو زيد” أول مصرية تحصل على الدكتوراه في فيزياء الجسيمات الأولية (تجريبيًا) عام 2018، من معمل سيرن الأوروبي للأبحاث النووية بالعاصمة السويسرية جينيف.
الباحثة قالت لـ”مصر 350″، إنها أول امرأة مصرية تحصل على الدكتوراه في فيزياء الجسيمات النووية، بعد ما نجحت في تحقيق رسالة مزودجة بين جامعتي عين شمس والجامعة الحرة ببروكسل.
كما أضافت أن عنوان الرسالة كان “البحث عن الاقترانات متعادلة الشحنة الكهربية في تغيير نكهة كوارك القمة بواسطة تجربة الملف اللولبي الميوني المدمج المقام على المصادم الهدروني الكبير”.
ووفق بيان صادر عن الجامعة، تخرجت شيماء في كلية البنات بجامعة عين شمس بتفوق وعينت معيدة بالجامعة. وهي أول دكتورة مصرية تحصل على الدكتوراه في مجال “فيزياء الجسيمات النووية” على مستوى مصر. كما أنها تعمل كعضو في المركز الأوروبي للأبحاث النووية CERN والذي يعمل به الآلاف من العلماء والباحثين.
أول مصرية مناوب في معمل “سيرن” الأوروبي للعلوم
وتفتخر جامعة بروكسل بكونها أول مصرية تكون مناوب فني بأحد تجارب المركز (تجربة CMS) وفي سبيلها لأن تكون أول مرشد داخل التجربة تتحدث اللغة العربية.
وعن كونها فتاة تضيف أبو زيد، أن البحث العلمي لا علاقة له بالنوع: “مشكلة النوع دا من العلوم على الفتيات هو ثقافة مجتمع فقط، يتم تصدير فكرة أنه شيء كبير على النساء”.
“لكن البحث العلمي يحتاج مجهود ذهني قبل ما يكون مجهود عضلي، رغم أن خمسينيات القرن الماضي كان يوجد فتيات في مجال الفيزياء الذرية والنووية. استعجب أحيانًا من مناهضة المجتمع لأي شيء يراه غير لائق على المرأة دون أي مبرر” تضيف شيماء.
وعن البحث العلمي في مصر، توضخ شيماء أن المجال غير محفز لأي شخص في مصر وليس للنساء فقط. “المجال بعافية ويتم التعامل معه كرفاهية وكأن هناك أهم منه، لا يوجد مقومات للباحثين المصريين أو ميزانيات كافية أو غيره. لو كان هناك معامل مجهزة بالقدر الكافي لن نحتاج إلى استيراد لقاحات وأدوية ومثال على ذلك لقاحات كورونا”.
حتى الآن الفيزياء النووية غير موجودة في قائمة التخصصات التي تطرحها الدولة للبعثات الخارجية على نفقة الحكومة المصرية. شمياء قالت إنها لكي تحصل على تمويل البعثة عام 2015 وضعت تحت بند “علوم وتقنيات جديدة” لأن التخصص الأساسي غير موجود.
“البعثات”.. مثال سيئ للبيروقراطية
“قطاع البعثات في مصر سيئ جدًا” بحسب شيماء التي تقول: “موظفو إدارة البعثات هم من أسوأ نموذج للبيروقراطية. معاملتهم لنا كباحثين في الخارج سيئة جدًا ودائمًا مراسلات المبتعثين تتأخر وقد تفقد، لدرجة أننا نتمنى إلغاء هذه الإدارة”.
شيماء تقول أنها تتمنى التواصل المباشر بين الجامعات المصرية والجامعات في الخارج: “أنا من ضمن الدفعات التي تم إلغاء بدلات عودتها وشحن الكتب. اضطررنا لرفع قضية لاستردادها، كذلك رواتب المبتعثين ضعيفة جدًا وفي أغلب الأحيان لا تكفي وأتمنى إعادة النظر فيها، ورفعها بما يتماشى مع الوضع الحالي في العالم”.
“هناك فروق جوهرية في البحث العلمي بين مصر والخارج في الإمكانيات، لذلك لا نستطيع المشاركة بكفاءة أكبر، لا يوجد لدينا أساتذة وخبراء في فيزياء الطاقات العالية (الجانب العملي) بالقدر الكافي لعدد الباحثين في مصر. فضلًا عن أنه لا يوجد في اللوائح داخل الجامعات أو حتى في لجان الترقية حتى الآن تخصص فيزياء الطاقات العالية، كله يندرج تحت مسمى الفيزياء النووية” تضيف الباحثة.
وفيما يتعلق بالمفاعل النووي بالضبعة، ترى شيماء أنه لا مانع من وجود مفاعل مصري لإنتاج الطاقة والنظائر المشعة التي تستخدم في الطب والصناعة، تؤكد شيماء.
“لدينا كفاءات مصرية في تشغيل وإدارة المفاعلات في هيئة الطاقة الذرية المصرية. أتمنى أن يكون من يدير المحطات النووية في الضبعة هم دكاترة وأكاديمين من هيئة الطاقة الذرية والجامعات المصرية والاستعانة بخبراء أجانب لزيادة معدلات الآمان” تقول الباحثة.
إهمال حكومي لأول مصرية تعمل في “سيرن”
وتؤكد: “لا يمكن الحزم بأكثر دول تطورًا في هذا المجال في معمل سيرن. لكن كل دولة لديها مهمة محددة بحسب الإنفاق والاتفاق مع المجموعات البحثية”.
“شيماء” أيضًا أول مصرية مناوبة فنية بأحد تجارب معمل سيرن (تجربة CMS)، من خلال عملها لمدة 8 ساعات (فترة المناوبة الواحدة) أمام الشاشات لمتابعة التشغيل الآمن للتجارب ورصد المشكلات ومعرفة الحلول.
“حاليًا بعد ضمي للفريق المصري هناك أصبحت خبيرة في جزء معين من كواشف الإشعاع يسمى GEM لتقديم الاستشارات للمناوب نفسه إذا لزم الأمر وأيضًا أصبحت قائد للمناوبة حيث أقود وأدير المناوبات” تكشف شيماء.
رغم الإنجاز لم تتواصل الحكومة المصرية مع “شيماء” باستثناء اهتمام من وزير التعليم العالي والبحث العلمي عند حدوث مشكلة خاصة باستخراج شهادة الدكتوراه.
تقول إن مثلها الأعلى كان الدكتور عبدالفتاح عبدالحليم محمود أستاذ الطاقة الذرية، والدكتورة سميرة موسى ثم الدكتور أحمد زويل: “كل ما الإنسان يتعلم أكثر يدرك أنه مازال لا يعلم”.
تطمح “شيماء” إلى أن تنتج مصر أجزاء من أجهزة القياس الإشعاعي التي تستخدم في رصد الجسيمات الأولية في تجارب سيرن حتى يأتي اسم مصر في شيئ عملي وليس مجرد “بعثات وسفريات”. كما تتمنى أن يكون هناك قبول ومعاملة خاصة للأبحاث المقدمة من الباحثين المصريين في سيرن في لجان الترقية المصرية، لأنها تواجه الكثير من العقبات.
سناء السيد وعلم الحفريات
في علم الحفريات، استطاعت الدكتورة سناء السيد، نائب مدير مركز جامعة المنصورة للأحافير الفقارية، وأحد أعضاء فريق اكتشاف الديناصور “منصوراصورس” حفر اسمها في المجال بقوة.
فريق من العلماء المصريين عثروا على نوع جديد من الديناصورات في صحراء مصر ليلقي الضوء على التاريخ الغائب للديناصورات في أفريقيا. يصل طول حفرية الديناصور العملاق إلى ما يعادل حافلة مدرسة وزنه يعادل وزن فيل، ويتميز بطول العنق.
“سناء” تم اختيارها من ضمن أهم الشخصيات النسائية في العالم ورويت قصص نجاح هذه الشخصيات في كتاب يحكي تجاربهم العلمية، البحثية وتحدياتهم في علم الحفريات الفقارية. كما وضُعت صورتها وهي تنقب في صحراء الفيوم ضمن صور غلاف الكتاب الذي تم إصداره من جامعة جونز هوبكنز الأمريكية.
الباحثة مثلت جامعة المنصورة وشاركت في العديد من المحافل الدولية الخاصة بعلم الحفريات وشاركت بالعديد من الأوراق البحثية المهمة فى علم الحفريات. كما كانت المتحدث باسم مؤتمر “البيلوفيست” الـ21 الذي يجمع المهتمين بتخصص الحفريات، من جميع أنحاء العالم وأمريكا لعام 2020.
“الجيولوجيا المهملة”
سناء تقول إن مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية التي تتولى منصب نائب مديره، اكتشف منصوراصورس وأصبح أول بحث ينشر في مجلة “النيتشر”. كما أن هناك أبحاث جديدة أخرى مثل اكتشاف أسماك من جنس ونوع جديد لـ”القرموط” من وادي الحيتان.
“المجال الجيولوجي في مصر لا يحصل على ما يستحقه على الإطلاق. دائمًا يراه الجميع بأنه مادة أدبية ليس من الضرورة أن نعرف عنها الكثير. لكن لا يعرف الجميع مدى تداخل هذا المجال في حياتنا ومدى متعة دراسته” تضيف سناء.
الباحثة الشابة تشيف أن الجولوجيا تؤهل أبنائنا للعديد من العلوم: “الأطفال في العالم كله ينشئون على حب الديناصورات، وليس بالضرورة أن يصبحوا علماء جيولوجيا لكن ضروري أن يعرفوا عنها”.
“أكبر المعوقات التي تقابلنا هي الدعم المادي للخروج والتخييم في الصحراء، وهو أمر مكلف جدًا. نأجر المعدات، وكلما كان هناك دعم مادي أكبر يكون حجم إنتاجنا أكبر. لا يمكن إنكار دعم جامعة المنصورة لكننا ننتظر المزيد”.
“سناء” أحد الرواد في هذا العلم تقول: “قبل 2010 لم يكن لدينا متخصص في الحفريات الفقارية في مصر كلها، لكن الآن أنا من ضمن الأوائل في هذا التخصص”.
جوائز لوريال يونيسكو للعلوم
في عام 2019 حصلت 3 عالمات مصريات، هن الدكتورة ندى عبدالعزيز، ومها هميمي، وسارة حلاوة على جوائز “لوريال يونيسكو”.
“ندى عبدالعزيز” من كلية العلوم بجامعة القاهرة، حاضلة على الدكتوراه في علم المناعة من جامعة كيب تاون، وهي الآن باحثة في المركز الدولي للهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية في جنوب أفريقيا.
أبحاثها تتضمن العمل على تطوير علاج مضيف وتطعيم ضد العدوى بالديدان الطفيلية.
بينما تعتبر الدكتورة سارة حلاوة عالمة أبحاث في مركز الدكتور مجدي يعقوب للقلب في أسوان، وطالبة دكتوراه في العلوم التطبيقية والهندسة مع تخصص في التكنولوجيا الحيوية.
نماذج مضيئة
“حلاوة” تركز أيضًا على علوم البيانات والمعلوماتية الحيوية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وحصلت على الماجستير في الفيزياء وعلى بكالوريوس العلوم في الهندسة الإلكترونية من الجامعة الأمريكية مع تخصص ثانٍ في الرياضيات.
أما مها هميمي هي طالبة زمالة دكتوراه وباحثة في الدراسات الوراثية المتعلقة بالإعاقات العقلية أو البدنية، حاصلة على البكالوريوس من جامعة القاهرة في التكنولوجيا الحيوية والكيمياء الحيوية الجزيئية.
“مها” التحقت بالمركز القومي للبحوث في عام 2012، ثم انضمت إلى قسم الأبحاث حول الأطفال ذوي الإعاقة في قسم البحوث الطبية في عام 2013.
وهي تبحث حاليًا عن آلية التعبير الجيني لجين معين موجود في الكروموسوم 21، مرتبط بالسمنة، وخاصة للأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون، بالتعاون مع كلية أستون الطبية.