يعاني أصحاب الأمراض المزمنة ومنها سرطان الدم “اللوكيميا“، الأمريّن، ما بين معاناة المرض وآلامه والدواء البديل من ناحية، وظروف العمل في ظل جائحة كورونا من ناحية أخرى.
الأمر أثير عقب وفاة أحمد عوض، أحد مصابي “اللوكيميا”، ومؤسس فريق دعم مصابي السرطان، ليعود الحديث مجددًا عن الأدوية البديلة للمرضى، بالإضافة لتعامل الشركات العامة والخاصة مع المرضى في ظل الجائحة.
اقرأ أيضًا.. نقص الأدوية المستوردة.. الحل في المادة الفعالة
مريض اللوكيميا وأزمة “كورونا”
“عوض” كان مصابًا باللوكيميا وكان مؤثرًا في العديد من الأشخاص المصابين، كما قال محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء.
“كان محبًا للحياة والأصدقاء، وداعمًا للمرضى، ويواجه تعنيفًا طول الوقت من عمله بسبب تأخره وطلبه الكثير من الإجازات، وده بيكون خارج عن إرادته” يقول فؤاد.
“عوض” كان يعمل بأحد شركات السياحة، وكانت ترسل له العديد من الإنذارات لتأخره عن العمل، وطلبه الإجازات بالرغم من تقديمه ما يفيد بتدهور حالته الصحية وحاجته للراحة.
كما أوضح فؤاد: “آخر شات بينا كان بيطلب اتدخل علشان شغله عاوز يفصله. قال لي إن في كتير زيّه مش عارفين يستقروا في شغلهم بسبب مرضهم. ده غير الأدوية البديلة اللي مش بتساعد على استقرار حالتهم”.
“عوض” توفى إثر إصابته بفيروس كورونا، رغم إرساله عدة رسائل لمجلس الوزراء والصحة، للنظر في حالته كونّه مريض سرطان ويواجه مخاطر الإصابة بفيروس كورونا.
كورونا ونقص المناعة
معاناة عوض تتكرر حاليًا مع عمرو سعيد، محاسب: “مع بداية كورونا، وأنا بدأت أطلب إجازات أكتر، وإنه في شغل أقدر أعمله من البيت. ده كان بيتقابل بالرفض وإن الشغل مش مطالب يتحمل حالة المرضى الصحية”.
“كنت بقدم كل الورق المطلوب اللي بيفيد إني تعبان فعلًا، وفي النهاية وصل بيا الأمر إني سبت الشغل، وده مش أول شغل أسيبه بسبب ظروف مرضي”
يضيف “عوض”.
تدهور حالة “سعيد” سببه أيضًا غياب الدواء المستورد الذي كان يحصل عليه من “الصحة”. بينما لايؤدي الدواء البديل الفاعلية الطبية نفسها.
اقرأ أيضًا.. “مكاسب بالمليارات”.. كيف استفادت شركات الأدوية من كورونا بالأرقام؟
“لما بروح أصرف الدوا بيتقالي ولغيري إن الدوا المستورد مبقاش موجود، ومش أنا بس اللي اشتكيت، مرضى لوكيميا كتير لقوا فاعيلة الدوا البديل مش زي المستورد”.
مدير المركز المصري للحق في الدواء يشير إلى أن هناك العديد من الأحاديث التي تدور حول الدواء البديل لمرضى اللوكيميا: “المرضى عددهم في مصر 13 ألف. الدولة فرضت عليهم الأدوية البديلة الرخيصة بدلًا من الأصلية لأن تمنها مرتفع. وأنا قابلت 4 حالات توفوا كانوا بيتابعوا معايا بعد الدوا البديل وتوفوا”.
مافيا البروتوكولات الطبية
يتابع: “مرضى اللوكيميا كان مقرر لهم من الدولة علاج اسمه (جليفك) سعره 11 ألف و750 جنيهًا، وفجأة الصحة في 2016 قررت دواء مصري بـ500 جنيه ما أدى لتدهور حالات كتير”.
مدير المركز المصري لحمايه الحق في الدواء، قال إن لجنة علمية مشكلة من وزارة الصحة اجتمعت وفرضت على المرضى الدواء الذي يصرف لهم حاليًا من معهد الأورام القومي. “قصر العيني رفض الدوا وده بيأكد عدم فاعليته”.
يرى فؤاد أن ما يحدث يرجع لما يطلق عليه “مافيا البرتوكولات الطبية”، فهناك علاقة وطيدة بين الشركة والطبيب: “إزاي تمنع دواء حتى لو سعره 11 ألف وترضى بدواء بـ500 جنيه؟ طيب فين الدراسات وفين الأبحاث وفين التجارب كما سألنا ولا حد جاوب؟”.
المافيا يجدها “فؤاد” في العديد من الأمراض، وليس سرطان الدم فقط: “ده موجود كتير في أمراض تانية. المريض بيجبر ياخد أدوية لم توصف له، والأزمة إن الأدوية دي بتتصرف من غير دراسات”.
أزمة العقار البديل.. فاعلية أقل
في أكتوبر 2020، أعلنت الجمعية المصرية لأمراض السرطان (ECS) بالتعاون مع إحدى شركات الأدوية العالمية، طرح أول عقار مثيل (بديل) حيوي، لعلاج أورام الغدد الليمفاوية واللوكيميا، وهما من أكثر أنواع سرطان الدم انتشارًا.
الدكتور حمدي عبدالعظيم، مدير البرنامج الرئاسي لدعم صحة المرأة، قال إن اللجوء للأدوية البديلة أمر أساسي، لأن الأدوية الأساسية يصعب توافرها نظرًا لتكلفتها المرتفعة. كما أن ذلك يمثل تحديًا اقتصاديًا كبيرًا حتى للدول المتقدمة.
ووفقًا للتقارير العالمية، فإن الملايين لا يستطيعون الحصول على الأدوية الأساسية سنويًا، ما يعزز الاتجاه لإنتاج الأدوية البديلة، والتي يرى عبدالعظيم أنها لا تختف في تأثيرها أو فاعليتها عن الأساسية.
وتابع عبدالعظيم، أن اللجوء للأدوية البديلة له فوائد اقتصادية “العقارات البديلة الخاصة بالأورام تساهم في تخفيض إجمالي النفقات العلاجية بـ40% مقارنة بالعقار الأصلي”.
لماذا نلجأ للأدوية البديلة؟
صناعة الدواء تمر بمراحل عدة، بداية من اكتشاف المادة الفعالة والتركيبة مرورًا بالأبحاث والتجربة على الحيوانات ثم على متطوعين من البشر. كما أن إجراء التعديلات يتم لزيادة فعالية التركيبة الكيمائية وتقليل الآثار الجانبية، حتى الاعتماد.
ووفق العديد من الأطباء، تتكلف صناعة الدواء مليارات الجنيهات، وتمنح الشركة المكتشفة والمنتجة للدواء، ضمان حقوق الملكية الحصرية لتصنيعه لمدة تصل لـ20 عامًا، ولا يمكن لأي شركة أخرى إنتاج بديل.
وبعد مرور الـ20 عاما، يفتح المجال أمام جميع منتجي الأدوية لإنتاج البديل باستخدام المادة الفعالة، ما يؤدي إلى خفض تكلفة الإنتاج، وبالتالي خفض سعر الدواء في النهاية.
المادة الفعالة في الدواء البديل
الأدوية البديلة تشترك مع الأصلية في استخدام نفس المادة الفعالة وبنفس التركيز، ليكون لها نفس الخواص العلاجية، ولكن ما يحدث في بعض الأحيان، وجود فروق بين الدواء الأصلي والدواء البديل.
الفروق تحدث بسبب اختلاف مصدر المادة الخام الفعالة التي تدخل في الإنتاج، وأيضًا اختلاف طريقة وجودة التصنيع وفعالية الدواء وسرعة وطول مدة تأثيره.
سرطان الدم أو اللوكيميا، هو مرض خبيث للجملة المكونة للدم، ويتصف بزيادة عدد كرات الدم البيضاء في الدم.
ووفقًا لدراسة أجرتها مجموعة الشرق الأوسط لأبحاث السرطان فإن 515 شخصًا في مصر بين 1999 و2001. لكن وصل عددهم حاليًا لـ13 ألف و يبدأ المرض في نخاع العظام وينتشر إلى باقي الجسم.