جدد الإعلان عن وفاة الطبيب عزت كامل أستاذ ورئيس قسم العظام الأسبق بجامعة عين شمس داخل محبسه، الحديث عن أوضاع المحتجزين داخل السجون المصرية. خاصة خلال فترة فيروس كورونا. في ظل المخاوف من تفشي الوباء، ونقص المعلومات الرسمية بشأن الحالة الصحية للمحتجزين.
الأستاذ آخر الضحايا والمتهم كورونا السجون
ألقت الشرطة القبض على الأستاذ الطبيب عزت كامل في 18 ديسمبر الماضي. واقتيد من منزله في التجمع الأول. فيما لم يعرض على نيابة أمن الدولة حتى يوم 26 ديسمبر. حينها قررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات في اتهامه بتولي قيادة جماعة انشأت على خلاف القانون، وفق ما صرح به محاميه نبيه الجنادي.
الجنادي أوضح أيضًا لـ”مصر 360″، أنه خلال فترة احتجاز كامل (70 عامًا) لم يتمكن فريق دفاعه أو أي من أفراد أسرته من التواصل معه. ولم تعلم الأسرة بتدهور حالته الصحية إلا قبل الوفاة بأسبوعين، وذلك بشكل غير رسمي. وقد كان يعاني مؤخرًا من عدم قدرته على التنفس بشكل طبيعي. وفاقم حالته كونه مصاب بعدة أمراض مزمنة. وعليه تقدم الجنادي بطلبين لنيابة أمن الدولة لنقل موكله إلى مستشفى حكومي أو خاص. إلا أن الطلب لم يقابل بأي رد، على حد قوله. وقد نعت نقابة الأطباء عزت كامل ونُشر النعي بعدد من المواقع المحلية.
منير وسيد بونات
في مايو الماضي، كشفت منظمات حقوقية مصرية عن وفاة مسؤول البونات في سجن تحقيق طرة سيد حجازي، توفي “سيد بونات” كما هو ملقب هناك متأثرًا بفيروس كورونا، وكان يتعامل مع الأهالي بشكل مباشر. وقد أعلنت ابنته “زينب” عبر صفحتها بـ”فيسبوك” نبأ وفاته، بعد أن أثبت مسحة فيروسية أجراها قبل الوفاة بأيام إيجابية إصابته.
خلال العام الماضي أيضًا، قال علاء عوض الطبيب والمعالج للصحفي الراحل محمد منير، إن “منير توفي جراء إصابته بكورونا على خلفية حزمة من الأمراض المزمنة”. وأوضح الطبيب أن أعراض الإصابة بدأت في الظهور على “منير” منذ مساء الجمعة الثالث من يوليو الماضي. أي بعد إخلاء سبيله بيوم واحد.
وألقي القبض على منير في 15 مايو من العام الماضي، بتهمة مشاركة جماعة إرهابية في نشر أهدافها، وإذاعة أخبار كاذبة. ثم أخلت النيابة سبيله في 2 يوليو من العام نفسه.
يشير المحامي الحقوقي طارق خاطر إلى غياب المعلومات الكافية حول كيفية تعامل إدارات السجون في مصر مع المحتجزين خلال فترة الوباء. ويوقل إن التعتيم في مثل هذه الحالات هو “سيد الموقف”. كما يصعب الاستدلال من خلال المتهمين الذين يندر حضورهم إلى جلسات التجديد. لافتًا إلى صعوبة اتخاذ إجراءات احترازية حقيقية في ظل التكدس الحاصل داخل السجون.
يؤكد خاطر أيضًا على صعوبة التحكم في الإجراءات الاحترازية داخل المحاكم أثناء الجلسات. ذلك في ظل عرض مئات المتهمين في دواير معهد أمناء الشرطة. على مدار أغلب أيام الأسبوع.
ويعرض المتهمين داخل قفص زجاجي محدود المساحة يضم قرابة 500 شخص. هؤلاء معرضون لخطر الإصابة في ظل افتقاد قفص العرض للتهوية اللازمة، على حد قول طارق خاطر، الذي يشير أيضًأ إلى غياب وحدات الإسعاف في المحاكم المصرية كافة.
توظيف جائحة كورونا
وفق خاطر، فإن هناك استغلال لجائحة كورونا حرم الأهالي من زيارة ذويهم. ثم حرم ذويهم المحبوسين حق المحاكمات العادلة بداعي الإجراءات الاحترازية، وجنح الأمر إلى تجديد حبس على الورق لعدد منهم.
في تقرير حول هذا الأمر، أشارت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إلى ما تدبير الإغلاق الجزئي الذي اتخذته الدولة المصرية لمواجهة “كورونا”. لكنها أشارت إلى هذا تأثير هذا الإجراء على وضع المحبوسين داخل السجون. إذ توقفت جلسات المحاكم والزيارات.
ووفق التقرير، لم يمثل أمام جهات التحقيق جميع من ألقي القبض عليهم في الآونة الأخيرة بعد كورونا سوى مرة واحدة أثناء ظهورهم والتحقيق معهم بنيابة أمن الدولة. بينما شهدت جميع جلسات نظر أمر حبس المتهمين أمام النيابة بعد ذلك “تجديدات ورقية” دون وجود المتهم أو السماح لمحاميه بتقديم أوجه دفاعه عنه. واستمر الوضع على ذلك رغم تخفيف إجراءات كورونا الذي جرى لاحقًا في البلاد، كما يلفت التقرير.
سناء سيف وكورونا السجون.. الاتهام بنشر الشائعات
بحسب تقرير الشبكة العربية أيضًا لم يمنع الوباء أجهزة الأمن من إلقاء القبض على ناشطين سياسيين وأطباء، بسبب تداول أخبار حول الفيروس. ففي القضية 659 لسنة 2020 حصر أمن الدولة، التي حركتها نيابة أمن الدولة، واجهت سناء سيف اتهامات بإذاعة أخبار وشائعات كاذبة عمدًا، كان من شأنها إثارة الفزع بين المواطنين. فضلاً عن إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
كان ذلك بعد أن نشرت سناء على صفحتها بـ”فيسبوك” أخبارًا ادعت فيها تفشى فيروس كورونا داخل السجون المصرية. مشيرةً إلى غياب التدابير الوقائية وتردي الأوضاع الصحية للمسجونين.
وفي 9 فبراير وخلال جلسة المحكمة، طلب المحامي البارز خالد علي ممثلاً لدفاع سناء المحامي بإجراء مسحة كورونا عليها. ذلك بعد ظهور الأعراض عليها داخل محبسها. وهو ما لم تستجب له المحكمة لاحقًا.
وفي معرض دفاع سناء عن نفسها، قالت “أنا متهمة بنشر أخبار كاذبة عن كورونا في السجون وغياب الإجراءات الاحترازية بها. دي أكتر تهمة مهتمة أتكلم عنها”. وتابعت: “أنا دلوقتي ممكن أديكم شهادة تفصيلية حية عن الأوضاع في السجون. على الأقل في الأماكن اللي رحتها: سجن القناطر، وتخشيبة المحكمة هنا اللي هي نفسها حبسخانة نيابة أمن الدولة، وسبق واتكلمت مع وكيل النيابة في ده”.
كورونا في التخشيبة
الأستاذة في كلية العلوم جامعة القاهرة ليلى سويف والدة سناء وعلاء سيف، أشارت إلى أن المحكمة لم تستجب لطلب الدفاع. كما لم يتم إجراء مسحة عليها. رغم اشتداد الأعراض خلال جلستها الأخيرة.
وأضافت سويف أن الموقف العلمي الصحيح خلال الوباء افتراض أن ظهور أي أعراض تخص المرض تعد إصابة. واتهمت السلطات المختصة بالتهاون في إجراء المسحات للمعتقلين ممن تظهر عليهم مؤشرات باحتمالية وجود الفيروس.
وفق سويف، امتنعت إدارة السجون دخول المواد المطهرة خصوصًا مادتي الكحول والكلور. وهو الأمر الذي لا يمكن تفسيره خاصة في فترة وباء. لافتتة إلى هشاشة أي إجراءات احترازية يتم اتخاذها. في ظل التكدس بالسجون، والاختلاط بين موظفي وإداري السجن من جهة والمعتقلين من جهة أخرى.
سويف شددت أيضًا على خطورة تخشيبة المحاكم وكثرة الأعداد بها. إلى جانب موقعها تحت الأرض وانعدام التهوية الجيدة فيها. ووصفتها بـ “النموذج الأمثل لنشر الوباء”. مضيفةً أن المحاكم نفسها تعج بالمخاطر في ظل الأعداد الهائلة من الموظفين والعمال والمحتجزين واختلاطهم جميعًا ببعضهم البعض.
في يوليو الماضي، أعلنت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية وفاة عدد من السجناء جراء مضاعفات “كوفيد-19” في عشر مؤسسات عقابية على الأقل. كما دانت المنظمة نقص “الرعاية الطبية وعدم توفير الاختبارات” الخاصة بكورونا في السجون المصرية.
وبحسب الوثائق الإدارية والشهادات التي جمعتها “هيومن رايتس ووتش”، فإن السلطات في السجون المصرية “لم تبذل إلا القليل جدًا من الجهد من أجل عزل المرضى الذين تظهر عليهم أعراض الإصابة”، وفق المنظمة.