جدال واسع لحق بمشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب، وتمت إحالته إلى اللجنة التشريعية، بين مؤيد ومعارض للمشروع، خاصة فيما يتعلق ببنود الرؤية والاستضافة حال الطلاق بين الوالدين، والعقوبات الواقعة عليهما في حال الامتناع عن تنفيذ الأحكام.
الأمهات المعيلات تستغيث
شهد مشروع القانون رفضا قاطعا بين الأمهات المعيلات اللواتي تقدمن استغاثة للمجلس القومي للمرأة لرفض ما جاء في بنود الاستضافة ضمانا لعدم اختطاف الصغار، فقالت أمنية أحد الأمهات الرافضة للقانون : “كثير من الأطفال تم خطفها وحتى الآن لا نعلم عنها شيئا ولا نستطيع عودتهم إلى حضن أمهاتهم، وللآباء الذين قاموا بقتل أطفالهم بسبب العند مع الأم، وحفاظا على نفسية الطفل الذي يجد نفسه في منزل آخر بدون والدته”.
وقالت نرمين، أم أخرى في الرابطة نفسها: “المقترح يهين المرأة المصرية ويلغي كيانها القانوني وينتهك حقوق الطفل ويعود بنا لأيام الجاهلية، فهوة مرفوض شكلا وموضوعا”.
قانون صادم
ومن جانبها، وصفت المحامية نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري للمرأة، القانون بالصادم، مستهشدة بالمملكة العربية السعودية التي تقترح مسودة قانون تستند إلى رؤى فقهية مستنيرة تساهم بحق في الإنصاف للمراة وللأسرة، بينما تقدم مصر مسودة قانون تستند إلى أكثر الرؤى تشدد ولا تتعامل مع واقع تساهم فيه النساء ماليا وإنسانيا.
وأكدت أبو القمصان أن عملية مناقشة القانون لم تتطرق لاقتراحات المؤسسات العامة في مجال المرأة أو الدعم القانوني للأسرة فخلت من معالجة مشاكل الواقع، مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسى بالتدخل لوقف المسودة وتشكيل لجنة لدراسة قوانين العالم الاسلامى لتقديم قانون أكثر استناره وانصاف.
وتشير إلى القانون يستند في كافة الأحكام على فرضية قبض المرأة للمهر الذي لم تعد موجودة بل وتساهم النساء فى تأسيس منزل الزوجية مما جعل لدينا ظاهرة سجن الغارمات، مؤكدة أن النساء تشارك في الانفاق في الأسرة دون أي ضمانات لحقوقهن.
إلغاء الشخصية القانونية للنساء
وأعلنت أبو القمصان، رفضها للقانون حيث إنه يلغي الشخصية القانونية للنساء ويتعامل باعتبارهن ناقصات الآهلية، كمان يلغي حق للأمهات لمباشرة حياة أبنائهن ويعتبرهن “مكنة تفريخ أطفال فقط “. فما قدم لا يتناسب مع مقتضيات العصر حيث يستند على أكثر الافكار الفقهية انغلاقا وتشددا.
واستعرضت أبو القمصان مشروع القانون، والأسباب التي تؤول إلى رفضه، وهي عدم الاعتراف بالأهلية القانونية للنساء حيث لا تستطيع المرأة عقد زواجها مهما بلغت من السن أو المكانة العلمية أو حتى السياسية مما يجعل وزيرة في الدولة تستطيع عقد عقود بمئات المليارات باسم الدولة لكنها تحتاج لولي ذكر حتى إن كان أصغر منها سنا لعقد زواجها.
“عدم الاعتراف بحق النساء في اختيار الزوج ويحق لأى ذكر في العائلة فسخ عقد زواجها استناد إلى ما يراه “عدم التكافؤ”، استكمال الاستناد إلى مذهب الإمام ابي حنيفة كمرجع وحيد دون باقي المذاهب أو مبادئ الشريعة مما يؤدى إلى حق أي ذكر فى العائلة منع النساء من السفر مهما كان منصبها أو متطلبات السفر.
لم يذكر الأم في الولاية
ولفتت أبو القمصان فيما يتعلق بغير ترتيب الأب في حضانة الأطفال ليتقدم بعد الأم والجدات، إلى أن القانون لم يذكر الأم على الإطلاق في الولاية على الاطفال مما يجعل الأم “مكنة تفريخ أطفال بدون علاقة قانونية بهم”، وبناء عليه لا تمكن الأم قيد ميلاد طفلها، أو الإشراف على أمواله أو حتى معرفة وضعه المالي وحماية مصالح الطفل من ولاية جد ربما يستولى على أمواله، اتخاذ قرار بشأن إجراء عملية جراجية له. كما أن الأم لا تستطيع استخراج جواز سفر لأبنها أو دعم طفلها في التعاملات القانونية.
وفيما يتعلق بالتعليم والسفر، أوضحت أبو القمصان أن الأم لا تستطيع اختيار نوع التعليم أو التدخل الدراسي إلا في حال الخلاف مع الأب وصدور أمر قضائي بالولاية التعليمية، كما إنه قرر منع سفر الأم الحاضن بالطفل بغير أذن غير الحاضن لكنه لم يقيد سفر الأب بالطفل مما يفتح الباب لخطف الأطفال خارج البلاد.
نظم مشروع القانون ما يسمى بحق الأب في استضافة الأطفال في حالة الخلاف مع النص على الحبس فى عدم إعادته للأم ولم ينص على آليات تنفيذية تضمن سلامة الطفل النفسية والجسمانية أو تحمية من التعدي، وفقا لأبو القمصان.
النفقة الزوجية
لم يساهم القانون في تقديم تصور إجرائي تنظيمي يساهم في حسم المشاكل الإجرائية في المحاكم والتي تجعل دعاوي الأسرة ومن أخطرها النفقة تمتد لسنوات، مما يؤدي إلى وضع الأطفال فى حالة من الجوع والعوز، مبقيا عبئ إثبات دخل الزوج في النفقات على الزوجة دون تقديم أي تصور حديث أو مميكن للإثبات، وفقا لأبو القمصان.
مسكن الأطفال والمنقولات
لم يساهم في تقديم حل ناجز في ضمان مسكن للأطفال في حال الخلاف لحمايتهم من المبيت فى الشارع فى حال طردهم من منزل الزوجية، وألغى اختصاص المحاكم الجنائية فيما يتعلق بمنقولات الزوجية مما يحرم النساء من أي قوة ضاغطة لاستلام منقولاتها لتصبح في حال الخلاف بلا سكن أو فرش.
وختمت أبو القمصان أن القانون لم يقدم رؤية تتماشى مع تغيرات العصر وتطور أدوار النساء التي أصبحت تعيل بمفردها ما يقرب من ثلث الأسر المصرية وتساهم في الإنفاق، مشيرة إلى أنه لم يتطرق لتنظم الطلاق وجعلة أمام القاضي لحسم الحقوق المترتبه عليه، كما أنه لم يتطرق لتنظيم التعدد الذى يدمر أسر كاملة.
قانون ظالم للرجل ومنحاز للمرأة
ومن جانبه، اعتبر المحامي بالنقض عصام حجاج، أن مشروع قانون الأحوال الشخصية نسوي بحت، مشيرا إلى انحيازه للمرأة وظلمه للرجل، فهو مجحف للرجال عن القانون الأول.
لكن حجاج أشاد بالاستجابه للرجال في حق الاستضافة، مشيرا إلى أنه لا يحق للحاضن أن تظل حاضنة للأطفال لمدة 15 سنة، ويعطى الحق للرجل في القانون السابق برؤية أطفاله 3 ساعات في أحد أماكن الرؤية.
“القانون يريد أن يضمن عودة الطفل للأم ولكن لا يضمن حضور الطفل للاستضافة”، يقول المحامي بالنقض، متسائلا عن الضوابط والقواعد الكافية لضمان تنفيذ الحاضن حكم الاستضافة في حين التأكيد على القواعد والضوابط التي تضمن عودة الطفل.
وفي تعديل القانون يشير المحامي إلى الأصل في الاستضافة مابين الساعة 8 صباحا وحتى 10 مساء، فلماذا لايتيح بالمبيت، وهو ما سمح به القانون كاستثناء قائلا، “يجوز أن تشمل الاستضافة مبيت الصغير أو الصغيرة بحد أقصى يومين كل شهر”، فهي ليست منحة من القاضي أو الدولة لكي يبيت الطفل مع أبيه.
لا تقضي المحكمة بقبول طلب الاستضافة إذا زاد سن الصغير أو الشغيرة على 5 سنوات”، وهذا معناه حرمان الأب من رؤية الصغير من بعد الطلاق أنه تستضيفه لمدة 5 سنوات، مشيرا إلى الأمر شدد عليه بإذا سمحت الحالة الصحية للطفل، مستنكرا “هل الأب لن يرعى الصغير كوالدته”.
العقوبات
وفيما يتعلق بضمان حق عودة الطفل للحاضن، أشارت المحامية مها أبو بكر إلى أن القانون قرر عقوبة حبس 6 أشهر مع النفاذ والشغل، وتسقط الاستضافة في حالة الامتناع عن التسليم بعد ساعات الاستضافة، وإذا امتنعت الأم عن تنفيذ حكم الرؤية فقرر لها عقوبة غرامة مالية.
وأشارت أبو بكر إلى إنه لا يوجد إسقاط حضانة للأب، والذي يأتي ترتيبه الرابع بعدما كان في الترتيب 16 في القانون القديم، في حالة الزواج بأخرى، رغم إنه يتم الإسقاط عن كل ما تلا الأم في ترتيب الحاضن، وكذلك الأم في حالة الزواج بآخر.