تتصفح هاتفها المحمول، وتقف فجأة وهي تتجول بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. إحدى الصفحات تعرض معلومات صريحة عن الغربات الجنسية لدى الرجل والمرأة. وما يتعلق بها من مشكلات وأحاديث.
“نيفين سامح” 42 عامًا، ترى أنه في الفترة الحالية، زادت تلك الصفحات التي تتحدث عن الأمور الجنسية بشكل معلن. “يمكن من كان سنة مكنس في الكم ده من الصفحات والبرامج والفيديوهات اللي بتتكلم عن الصحة الجنسية والعلاقة الحميمة. شايفة ده مفيد بشرط يقدم معلومات بجد، مش مجرد صفحات أو فيديوهات تلم ناس وفيوهات”.
نيفين التي تعتبر نفسها من جيل الوسط، الذي عاش فترة الصمت وعدم التحدث عن تلك الأمور. وكذلك فترة الانفتاح والتطرق لها. قالت إن الأمر مفيد للطرفين وأيضًا المقبلين على الزواج. لكن بشرط من يقدم تلك المعلومة: “عن نفسي لما بلاقي فيديو أو صفحة لحد مش دكتور مش بتابعها. لأن هبقى في النهاية مش واثقة في الكلام اللي بيتقدم أو يتعرض. لكن لو كلام من دكتور أو حد متخصص هاخده بثقة”.
اقرأ أيضًا.. الجنس: الغريزة التي تعكس تعقيدات التاريخ الإنساني
ليس عن الجنس فقط
الحديث عن الجنس له تأثيراته التي لا ترتبط فقط بممارسات يراها البعض “عيب”. كذلك ترتبط بممارسات في الحياة اليومية. كما قالت شيرين الفقي الأكاديمية والمؤلفة الكندية من أصل مصري. ومؤلفة كتاب “الجنس والقلعة: حياة حميمة في عالم عربي متغير”.
الفقي ترى، أن الحديث عن الأمور الجنسية التي تخص الجنسين، يزيل الكثير من الرواسب بينهما. خاصة وأن هناك فجوة كبيرة بين المظهر والواقع. كذلك يساعد الحديث حول الأمر، في أن محامين قد يكافحون من أجل تشريعات أكثر عدالة. أو أطباء يحاولون تخفيف الآثار الجسدية والنفسية للعنف.
الفضاء الإلكتروني سهّل انتشار قنوات الحديث عن الجنس، وأشهرها موقع “الحب ثقافة”. الذي يعد واحدًا من أول وأهم المنصات التي تتحدث عن العلاقات الجنسية دون قيود. وهو من المواقع التي تتوافق من رأي نيفين وغيرها من السيدات اللاتي يبحثن عن معلومة من متخصص. كذلك يقدم الموقع معلومات طبيبة على لسان أطباء ومتخصصين.
رامي متولي، منسق النسخة العربية من الموقع، قال لـ”مصر 360″ إن الموقع ينتقل ويتجول بين كافة المواضيع التي لا يتم تسليط الضوء عليها بشكل كافي. والتي يمكن تسميتها بالمواضيع “المسكوت عنها”. كذلك يتحدث الموقوع عن أثر الختان، والتحرش وموانع الحمل وغيرها.
اقرأ أيضًا.. الهوية الجنسية.. الأحكام الدينية قتل وتقويم وإنصاف
معارضون للأمر
برغم وجود متابعين لتلك الصفحات والمواقع التي بدأت تنتشر بشكل كبير. لكن هناك من يرفضها أيضًا، وتبرير ذلك بأنها تخالف قيم المجتمع. فكما يتلقى موقع “الحب ثقافة” رسائل الإعجاب بالمحتوى. يتلقى أيضا رسائل معارضة، تحمل عبارات قاسية ترفض المحتوى المقدم. كذلك تصفه بأنه موقع خادش للحياء، ويتعارض مع القيم الدينية والمجتمعية.
مبادرات وصفحات عدة تضظهر عند تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، القائمون عليها سيدات. ربما لكسر القيود المجتمعية، كما وصفت ليان محمد، واحدة من المتابعات لإحدى تلك المنصات. ترى ليان أن تلك المواقع ساعدتها على تكوين قاعدة من المعلومات الأساسية حول العلاقة الجنسية.
ولا تتفق ليان مع نيفين في ضرورة طرح تلك المنصات من خلال متخصصين. “في النهاية إحنا بنفضفض، أنا شايفة ده صحي، وبداية لينا كستات إننا نقول إحنا أهوه. فمش لازم نبقى دكاترة علشان نتكلم في شكل العلاقات اللي بين 2 وإحنا طرف فيها. إحنا بنحكي ونفضفض ونستفيد من تجارب بعض، وواحدة واحدة لحد مده يبقى العادي في المجتمع ويبقى الموضوع فيه تخصصات”.
The sex talk
ما قالته ليان يتفق مع فاطمة إبراهيم مؤسسة The sex talk إحدى الصفحات العربية التي تتحدث حول العلاقات الجنسية. كذلك أوضحت أنه عقب البحث وجدت أن المحتوى العربي عن العلاقات الحميمية أو المشكلات الجنسية قليل جدًا. لتقرر بعدها بدء التجربة، لتكون منبرًا للسيدات، للحديث وتبادل التجارب.
المنصة تناقش العديد من المواضيع التي تهم المرأة، حول الجنس والزواج، وزواج القاصرات. كذلك ما تمر به المرأة من أشكال العنف، والتي بدأت بمجموعة مغلقة عبر موقع “فيسبوك”.
منصة “سكسولوجي” أيضًا واحدة من تلك المنصات التي ترفع شعار “الجنس ليس خطًا أحمر”. والتي تتلقى أيضًا العديد من رسائل السب ورفض المحتوى.
اقرأ أيضًا.. “العيب” يهدد حماية الأطفال.. لماذا التربية الجنسية ضرورية؟
ما يريده الشريك
التحدث حول العلاقة الجنسية أمر مهم من الناحية الطبية. فمجلة الطب الجنسي نشرت استطلاع رأي 126 من الأزواج الشباب في مرحلة مبكرة حول حياتهم الجنسية. وسألتهم عن مستويات الرضا عن الممارسة والرضا العام عن علاقتهم.
الدراسة أظهرت أن ممارسة الجنس كثيرًا و”التواصل الجنسي” أي بمعنى قول ما يريده كل شريك من الآخر في غرفة النوم. مؤشرًا على الرضا الجنسي، ومع ذلك،أكدت الدراسة أن التواصل الجنسي كان هو المؤشر الأساسي للرضا.
كذلك تشير الدراسة إلى أن فوائد التواصل الواضح والصادق حول الاحتياجات والتخيلات الجنسية لها فوائد تتجاوز غرفة النوم. بحسب ما تشر موقع “ديلي ميل”. ويقول الفريق البحثي إن فهم ما يجعل العلاقات الخاصة مؤثرة وحيوية يمكن أن يشكل فارقًا فيما يتعلق بالسعادة.
كما تشير الأبحاث إلى أن غالبية النساء والرجال لا يتمتعون بممارسة الجنس كما ينبغي. لأسباب منها ضعف ثقافتهم الجنسية فيما يتعلق بإظهار المشاعر والتحضير للعلاقة. ويدعو المتخصصون إلى الاهتمام بتعميم هذه الثقافة في المدارس اعتبارًا من المراهقة لما لها من تأثيرات إيجابية.
“عيب وميصحش”
بالرغم من أن الحديث مؤخرًا عن الأمور الجنسية، والعلاقات بين الطرفين أمرًا منتشرًا. سواء من متخصصين أو غير متخصصين، عبر وسائل ومنصات عدة. لكن مازال هناك انقسام بين من يرى أن الأمر علمي وله فوائد، ومن يراه “عيب”.
فوزية علي، 52 عامًا، تقول “ميصحش اللي بيتقال ده. عيب كلنا كبرنا واتجوزنا من غير ما يكون في كلام عن الحاجات دي. دلوقتي البنات بقت تتكمل في الحاجات دي عادي، من غير كسوف. وعاوزين كمان يدرسوها في المدارس”.
فوزرية ترى أن الحديث أو التطرق للعلاقة بين الرجل والمرأة “ميصحش”. حتى وإن ضم المحتوى المقدم حديث عن أمور أخرى تهم السيدات مثل مشكلات الحمل والولادة وغيرها. “حتى لو هيتكلموا عن حمل وولادة وغيرها من المواضيع عيب تتحط تحت عناوين زي الثقافة الجنسية. أو الكلام المباح”.
وبرغم أن الأزمة مستمرة بين المقبول والمرفوض، في ما يمكن تسميته بالمسكوت عنه، والحديث حول الجنس. مازالت تلك الأمور والحديث عنها يمارس من خلف الشاشات. وتظهر الخلافات فقط عند ظهورها والحديث عنها بشكل صريح. فوفقًا لتصريحات صحفية، جذبت مواقع وتطبيقات المواعدة الإلكترونية عددًا كبيرًا من المستخدمين منذ بدء أزمة كورونا.
كذلك قالت متحدثة باسم تطبيق “Tinder” للمواعدة لموقع DW الألماني، إن عدد الرسائل اليومية عبر التطبيق ارتفع حتى 15%. بينما في دول مثل إيطاليا وإسبانيا، التي شهدت أزمة ضخمة بسبب فيروس كورونا، زادت عدد الرسائل بنسبة 25%.
تعليم إلزامي
دول عدة اتجهت للحديث عن الأمور الجنسية منذ الصغر، حتى لا يصطدم المجتمع بتلك العبارات في المستقبل. وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة، التي تشهد جدلًا مستمرًا حول فعالية التربية الجنسية الشاملة والتثقيف الجنسي للأطفال. ويتم تحديد نوع وعدد الساعات المخصصة للتعليم الجنسي من قبل الولايات. كذلك تؤيد 22 ولاية أمريكية نشر التربية الجنسية في المدارس العامة. بينما تمتنع بعض الولايات عن هذه البرامج. فيما تلقى الغالبية العظمى من الطلاب في الصفوف من الخامس إلى العاشر بعض المعلومات الجنسية.
ويعتبر التعليم الجنسي إلزاميًا في معظم الدول الأوروبية، ويتم تدريس التربية الجنسية بشكل إلزامي في هولندا منذ الابتدائية. كما يتم تم توعية الأطفال جنسيًا في ألمانيا منذ المدرسة الابتدائية. إذ يتم تقديم دروس مفصلة للأطفال ويتم توضيح معنى الجنس بالتفصيل وكيفية الاتصال الجنسي وكيف يجري الحمل والولادة.