(ناشط نوبي) لكنه ذو نزعة ذكورية لا يجيد إخفاءها وأحيانا يفتخر بها، (نقابي) يقاتل من أجل الحرية النقابية وحقوق العمال لكنه يعادي المثليين /ات (هوموفوبيك-Homophobic)، (ناشطة نسوية)، لكنها تحض على كراهية الرجال، (مفكر) ينادي بحرية الدين والمعتقد، لكنه يطالب بقمع المتدينين! نماذج لشخصيات تدعى إيمانها بقضية حقوق الإنسان والدفاع عنها، لكن الكثير منهم يقع في فخ الانتقائية والتجزئة دون قصد أحيانًا، لكن البعض يدرك أنه ينتقي من حقوق الإنسان ما يناسبه. فهو لا يدافع أو لا يؤمن إلا بما يخصه بشكل شخصي أو ما يناسب هواه أو ثقافته وانتماءه أو قضيته.
إنها (حقوق الإنسان) المشروطة، القابلة للتجزئة، وهي في الحقيقة لا تؤمن بالإنسان وتنوعه واختلافه، كما لا تؤمن باحترامه واحترام اختياراته.
هي تؤمن بالإنسان الذي يوافق المعايير والشروط والمواصفات، وهذا هو جوهر التمييز، وأساس انتهاك الإنسان وحقوقه.
سأحترم حقوقك إذا كنت موافق للشروط والمعايير!
إذا كنت أبيض فلك حقوق البيض.
وإذا كنت رجل فلك حقوق الرجال.
وإذا كنت مؤمن فلك حقوق المؤمنين.
والحقيقة أن هذه ليست حقوق الإنسان، إنها حقوق الطائفة والقبيلة والجنس والعرق والنوع والميول.
فحقوق الإنسان هي حقوق نتمتّع بها جميعنا لمجرّد أنّنا من البشر، ولا تمنحنا إيّاها أي دولة أو معتقد أو عرق، وهي حقوق العالميّة متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو نوعهم الاجتماعي، أو أصلهم الوطني أو العرقي أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر.
كل ما احتاجه من الأصدقاء /والصديقات ممن يضعون شروطهم لاحترام حقوق الإنسان أن يسألوا أنفسهم. هل نحن نحترم (الإنسان) بكل اختلافاته وتنوعه؟ أم أننا نحترم الإنسان الموافق لشروطنا ومعاييرنا؟ أيًا كانت هذه المعايير أو الشروط ومصدرها الذي دائمًا (مقدس وفطري وطبيعي). كما كان يرى البيض أن التمييز العنصري ضد السود مصدره إرادة الله، أو أنها الطبيعة لأن مستوى ذكاء السود أقل من البيض، وفقًا لاجتهادات علمية ملفقة!
بعد الإجابة، يمكنكم بكل صدق مع النفس الاعتراف بأنكم تحترمون حقوق الإنسان المناسب لمعاييركم ولشروطكم ولمواصفاتكم القياسية.
فـ (هتلر) وفقًا لهذا المنطق كان يؤمن بحقوق الإنسان، الإنسان الذي يتوافق مع شروطه ومعاييره ورؤيته لما يجب أن يكون عليه الإنسان الألماني.
إن إنكار أو عدم احترام حق واحد من حقوق الإنسان -أي إنسان- أو استثناء أي فئة من هذا الحق هو الباب ليصبح الإنسان طائفي أو عنصري أو ذكوري، متعصب أو هوموفوبيك –Homophobic.
وقتها لايمكن أن يدعي الإنسان أنه/ا ناشط /ة حقوقي /ة
كما لا يمكن أن تدعي أنك ناشط /ة نقابي أو نوبي أو نسوي استنادًا إلى معايير حقوق الإنسان.
فحقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة.
وجميع حقوق الإنسان متآزرة، وهو ما يعني أنه لا يمكن أن نتمتّع بمجموعة واحدة من الحقوق بشكل كامل من دون المجموعة الأخرى. فعلى سبيل المثال، يسهّل التقدم المحرّز في مجال الحقوق المدنية والسياسية ممارسة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي مقابل ذلك، قد ينعكس انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية سلبًا على العديد من الحقوق الأخرى.
كما أن المطالبة بها ليس لها توقيت محدد.
فأصحاب الحق هم من يقررون توقيت وطريقة وأدوات المطالبة بحقوقهم، ودورنا هو المساندة والدعم والمناصرة والتأييد والاصطفاف معهم، دون وصاية أو فرض رؤيتنا لتحديد الأولويات.
وقد شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948، أول وثيقة قانونية تحدد حقوق الإنسان الأساسية التي يجب حمايتها عالميًا.
وتنصّ المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن “يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق”. والتحرّر من التمييز الذي تنصّ عليه المادة الثانية هو ما يضمن هذه المساواة.
وعدم التمييز مبدأ شامل في القانون الدولي لحقوق الإنسان. وتنصّ عليه جميع المعاهدات الأساسية. كما أنّه محور صكَّين أساسيّين هما الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.