سيطر الغضب على العمالة المتقاعدة من الشركة المصرية للمواسير والمنتجات الأسمنتية “سيجوارت”، وسط اتهامات للإدارة بالمماطلة والتلاعب القانوني لحرمانهم من صرف مستحقاتهم من الأرباح والإجازات.
سبق أن خاض العاملون معركة الأرباح هذه السنة الماضية، بعد أن قررت الإدارة تقليصها إلى ما يعادل ستة أشهر فقط، بأقل شهرين عن العام المنصرم، فضلاً عن رفض صرف أرباح المحالين للمعاش في أعقاب السنة المالية نفسها. لاحقًا، صرفت الإدارة أرباح الأشهر الستة للعاملين الحاليين. فيما تجاهلت المتقاعدين حديثًا. ورفضت صرف مستحقاتهم عن بدل الإجازات طول مدة الخدمة. متجاوزة بذلك كونهم شاركوا في إنتاج العام نفسه قبل أن يحالوا للتقاعد.
سيجوارت.. رأسمال 2٫3 مليار جنيه وقروض 668 مليون
يبلغ رأسمال الشركة 2٫3 مليار جنيه. فيما تصل قيمة القروض المجمعة التي حصلت عليها من الشركة القابضة للصناعات الكيماوية 668 مليون جنيه. بينما يندد العمال بممارسات رئيس الشركة التي وصفوها بـ “التصفوية“، في إشارة إلى إغلاق مصنع الفخار، وتكهين كافة سيارات الشركة، والاستعانة بسيارات من الخارج. وهو ما يكلف الشركة مئات الآلاف سنويًا. وبالتالي زيادة في الأعباء ويدفعها نحو الخسارة المتعمدة.
اقرأ أيضًا: في مواجهة تخفيض الأرباح.. عمال “سيجورات” يتهمون إدارتهم بممارسة “سياسة التصفية”
ويطالب العمال بعدم تصفية الشركة، والعمل على تطويرها، والحصول على متأخراتهم المالية من الأرباح. كذلك يستغيثون لوقف نزيف إهدار المال العام بالشركة، رغم زيادة ميزانية الشركة بـ 48 مليون زيادة عن العام الماضي.
“سيجوارت” إحدى شركات قطاع الأعمال، تعمل في إنتاج الفلنكات الخرسانية المسلحة سابقة الإجهاد لخطوط السكك الحديدية، وخطوط المترو. إلى جانب إنتاج المواسير خرسانية، وغرف التفتيش، وكذلك حواجز الطرق.
متقاعدو سيجوارت يلجأون للمحكمة
في الواقعة الأخيرة، وبعد أن أنكرت الإدارة حقوق المتقاعدين في إجازاتهم وفشلت جهود التفاوض مع إدارة الشركة، اضطر ما يزيد عن ثلاثين من هؤلاء إلى اللجوء للطرق القانونية. وقد أوصلهم ذلك إلى محكمة جنوب القاهرة داخلي حلوان، التي شهدت في آخر جلسات نظرها هذه القضية مفاجأة تثير الشكوك حول تلاعب الإدارة وامتناعها عن صرف الحقوق عمالتها. إذ تقدمت محامية الشركة ومديرة عام الشؤون القانونية رضا محمد حنفي خليل، بمستندات تدعي عدم وجود رصيد إجازات للشاكين في إحدى الجلسات السابقة. وقد ذُيلت هذه المستندات بتوقيع إدارة شؤون العاملين في الشركة. لكن في جلسة أمس فوجئ العاملون بعدم حضور “خليل” وقد حضر بدلاً عنها ممثل قانوني آخر، أقر هذه المرة بوجود إجازات للعاملين. بينما تذرع بعدم وجود سيولة كافية في الشركة لصرف هذه المستحقات.
عليه بادرت هيئة المحكمة بسؤال محامي الشركة عن مدى صحة المستندات الأولى التي تؤكد عدم وجود إجازات من الأصل. وهي التي سبق وأن قدمتها زميلته. وقد أشارت هيئة المحكمة إلى أن الأمر في شكله الحالي يعرض إدارة الشركة للطعن بالتزوير. وهو ما أجاب محامي الشركة عليه بأن المستندات السابقة معنية بإجازات العمال عن السنة الأخيرة فقط.
تضارب المستندات القانونية
احدى المتضررات المهندسة المتقاعدة ومديرة الادارة السابقة صباح عبدالفتاح، لفتت إلى أن ثمة شبهة تلاعب، ومحاولات مماطلة في صرف مستحقات المتقاعدين تنتهجها الشركة. موضحة أن المستندات الأولى التي قدمتها مديرة الشؤون القانونية نفت وجود أي إجازات على الإطلاق. دون تحديد سنة بعينها.
“حينما واجهت مجموعة من الزملاء المتقاعدين مديري إدارة الموارد البشرية بالشركة خالد محمد طاهر ويوسف سليمان بهذه المستندات أنكرا تمامًا صحتها. ونفيا توقيعهما عليها من الأساس”؛ تقول صباح. وهي إحدى هؤلاء الذين خدموا الشركة لما لايقل عن أربعين عامًا. “الآن بعد أن تخطينا الستين عامًا ترفض الإدارة أن تمنحنا جزءًا من مستحقاتنا، القليلة بالأساس”.
راتب “صباح” كان يصل إلى 7 آلاف جنيه أثناء عملها. والآن وصل معاشها التقاعدي إلى ألفين من الجنيهات. في حين أن إيجار مسكنها يصل إلى 1200 جنيه.
تهاون نقابي وإداري بحقوق العمال
تلفت صباح إلى “تقاعس الشركة القابضة، وكذلك مستشار الوزير الخاص بشكاوى العمال أحمد حجاج، عن حسم الأمر سواء في موضوع الإجازات أو الأرباح”. فضلاً عن المعاملة السيئة، التي يلقونها في كل مرة يحاولون التفاوض حول مستحقاتهم، على حد قولها. وهي تنتقد تعامل النقابة ورؤسائها مع ملف المتقاعدين، وتهاونهم في حقوق العمال، ورفض الاجتماع بهم لأكثر من مرة، وبأكثر من حجة.
عن الوضع القانوني للإجازات تذكر إحدى مذكرات نقابة العاملين بالكيماويات التابعة للشركة، نص القانون 12 لسنة 2002، الذي يحكم علاقات العمل، وفقًا للمادة الثالثة منه. ويقول: “إن للعامل الحق في الحصول على المقابل النقدي لكامل رصيد إجازاته الاعتيادية عند انتهاء خدمته، من دون قيد أو شرط”.
المادة نفسها من القانون سبق وأن أكدتها حكم محكمة النقض رقم 912 لسنة 72 ق، الصادر بجلسة 25 ديسمبر 2002.
وحول نسبة الأرباح التي ترفض الشركة منحها للمتقاعدين رغم مشاركتهم في الإنتاج، لجأ العاملون إلى مستشار الوزير لشكاوى العمال، والذي أنكر أحقية العمال في الإجازات والأرباح. كما لم يتابع شكواهم أو يرد عليها، على حد قول “صباح”. وتستطرد: “لاحقًا اشتكينا لوزير قطاع الأعمال هشام توفيق، وبحسب سكرتيرة الوزارة تتم دراسة مدى قانونية الشكوى”. لكن هذا الأمر لم يتم البت فيه إلى الآن.