قانون الأحوال الشخصية يعد من أهم القوانين التي أصدرها المشرع المصري. لأنه يخاطب كل أفراد الشعب، فلن يستغنى عنه طفل أو طفلة رجل أو امرأة – زوج أو زوجة. سواء بعد تصدع أسري أو استقرار، فالكل إما يتزوج أو يطلق أو ينفق أو يستحق نفقة وهكذا. فهو ينظم العلاقات حتى داخل الأسرة والأبواب المغلقة.
لماذا يجب تغيير قوانين الأحوال الشخصية؟
يجب أن يكون القانون الذي ينظم العلاقات الأسرية دائمًا لا يشوبه شائبة أو يصيبه عوار. ومن هذا المنطلق تعددت القوانين المنظمة له. بل تعددت تعديلاتها.
يعد قانون الأحوال الشخصية الساري حاليًا بمصر من أقدم القوانين، فهو صادر في 1920. أي مر على إصداره مدة القرن. وإن كان قد أدخلت عليه بعض التعديلات والإضافات. لكن الممارسة العملية لهذا القانون وتعديلاته تكشف أنه لم يعالج جميع المشكلات بشكل كامل.
كما أنه قد ظهرت مؤخرًا بمصر والعالم العربي العديد من الظواهر السلبية، والعديد من المخاطر التي تتعرض لها الأسرة، نتاج المتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية سريعة التعاقب التي كان لابد من مجابهتها.
واكب كل هذا تصديق مصر على العديد من المواثيق الدولية التي تنظم حقوق أفراد الأسرة وتبين أن قانونها المحلي لم يواكبها. وأخيرًا ظهر تغير في الثقافات المحلية التي أدت إلى التيقن من أن بعض الممارسات التي تمارس على أفراد الأسرة تعد انتهاكًا لحقوقهم داخل الأسرة. ومن أجل ذلك كان لا بد من تطوير القانون لتحقيق العدالة بين أفراد الأسرة قدر الإمكان.
الإشكاليات فى القانون الحالي
- المعاناة الكبيرة التى تكابدها الأسر المصرية سواء من المسلمين أو المسيحيين بسبب التقاضي في الأحوال الأسرية وإجراءاته.
- إطالة أمد تداول القضايا والتهرب بصور شتى من أداء الحقوق وهو ما يوقع أضرار بالغة بالطرف الأضعف وهو في حالتنا المرأة والأبناء.
- الأعراف الثقافية السائدة والجهل بما تمنحه الشرائع السماوية من حقوق أو تمليه من واجبات على أطراف العلاقات الأسرية.
- تمسك البعض بالآراء التقليدية ومحاولة فرضها علي القوانين نصا وتطبيقًا.
- قصور بعض النصوص داخل القوانين الحالية عن الوفاء بالمتطلبات اللازمة لتحقيق العدالة الناجزة.
وقد صاغت مؤسسة قضايا المرأة المصرية مشروع قانون للأحوال الشخصية للمسلمين. ويشمل الجزء الموضوعي والجزء الإجرائي. ووضعت عدة مبادئ رئيسية عند صياغة هذا المشروع. وهي كالتالي:
- المراعاة الكاملة لكل المواثيق الدولية والدستور المصري.
- احترام وإستيعاب كاملين للخبرة التاريخية والإجتماعية لأنظمة التقاضي فى مجال الأحوال الشخصية
- عدم التعارض مع القوانين ذات الصلة وهو ما يتجلى بصورة واضحة فى إحترام مبدأ المصلحة الفضلى للأبناء والذي جسدته أيضًا مواد قانون الطفل.
هنا، ينبغي التنويه إلى أن المناقشات والجهود البحثية القانونية التي مهدت لصياغة مشروع القانون قد سبقتها دراسات هامة. سواء للإطار الثقافي والعقائدي أو الواقع الميداني للأسر المصرية.
ومن المفيد هنا أيضًا أن أنوه إلى بعض هذه الدراسات التي شكلت إطارًا أو بالأدق جزءًا من الإطار النظري والمعرفي للجهد الجماعي الخلاق. وهو الذي رافق صياغة مشروع القانون وكذلك مناقشته.
إن ما تم إنجازه فعليًا من مشروع القانون للمسلمين قد وصل إلى صيغة مكتملة. ومن ثم بات من الملائم تقديمه للنقاش العام. ذلك كخطوة ضرورية على طريق إقراره وفقًا للآليات الدستورية.
منهجية العمل التي اتبعتها مؤسسة قضايا المرأة المصرية في إعداد مشروع القانون
عُهد إلى أفضل الخبرات الفنية في المجال القانوني بإنجاز إعداد مشروع القانون. ولذا تمت الاستعانة بأساتذة القانون والقضاة والمحامين لصياغة مواد القانون المقترحة.
واعتمدت منهجية العمل على المرجعيات الآتية:
- مراعاة واحترام مبادئ شرائع الأديان السماوية في العدالة والمساواة والمعاشرة بالمعروف.
- الدستور المصري.
- المواثيق والاتفاقات الدولية المصدق عليها.
- الاطلاع على عدد من قوانين الأسرة السارية في بعض الدول العربية.
- الاستعانة بالإحصاءات والدراسات والأبحاث ذات الصلة للوقوف علي الإشكاليات التي تعاني منها الأسرة المصرية في مجال قانون الأسرة.
- احترام واستيعاب كاملين للخبرة التاريخية والاجتماعية لأنظمة التقاضي فى مجال الأحوال الشخصية.
- أما الجزء الموضوعي من مشروع القانون فقد روعي عند صياغة مواده أن تلتزم هذه المواد بالدستور بقدر ما تتوخى معالجة الأسباب التي أدت إلى تعثر وترهل قضاء الأحوال الشخصية بقوانينه ولوائحه السارية.
وقد أعطى مشروع القانون أهمية خاصة لعدد من القضايا مثل:
- فيما يتصل بالزواج فقد تعرض المشروع لقضية تعدد الزوجات وجعل الأمر بيد القاضي.
- ومن الأمور الهامة التي يعالجها مشروع القانون هي عقود الزواج والشروط التي يمكن أن تتضمنها قطعًا للخلاف وحسمًا له في المستقبل.
- كما عالج المشروع النفقات وذلك لتدارك بعض الثغرات في القوانين واللوائح السارية علي مكافحة أساليب الاحتيال والتهرب من أداء النفقات الواجبة علي الزوج ولاسيما نفقات الأسرة والأبناء .
- كما وضع ضمانات واضحة لاصطحاب (الاستضافة ) الطرف غير الحاضن للمحضون.
- وأكد على أن الأب لابد وأن يكون في المرتبة الثانية بعد الأم في ترتيب الحاضنين.
- وأعطى الحق للأم بالاحتفاظ بحضانة أطفالها حتى بعد الزواج بآخر.
- وأضاف أيضًا أنه لا تسقط الحضانة عن الأرمل أو الأرملة في حال الزواج مرة أخرى إلا إذا ثبت عدم صلاحية أو عدم أمانة زوج الأم أو زوجة الأب.
- وأضاف مشروع القانون مواد مستحدثة مثل تقاسم الثروة المشتركة أو العائد المشترك وتعريف الخطبة.