استمرارا لمسلسل التدخلات الروسية في الداخل الأمريكي وخاصة سير العملية الانتخابية، كشف مسؤولون استخباراتيون أمريكيون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على إجراء محاولات للتأثير على سير الانتخابات الأمريكية العام الماضي، التي شهدت منافسة قوية بين المرشح الديمقراطي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب.
وحسب التقرير الحكومي، عمدت موسكو إلى نشر ما وصفته بأخبار مضللة ومزاعم لا أساس لها من الصحة من شأنها ترجيح كافة ترامب في مواجهة بايدن، وهو ما سارع الأخير لوصف ما حدث بالتدخل الفج، بل ووصف بوتين بالقاتل، في إشارة إلى ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.
الانتخابات الرئاسية شابتها محاولات تأثير
وأشار التقرير في الوقت ذاته، إلى أنه لا مجال لتحكم أو توجيه من قبل حكومات أجنبية لنتائج الانتخابات الرئاسية. إلا أن الانتخابات شابتها محاولات تأثير من قبل عدة اطراف على رأسها روسيا.
وحدد التقرير الاستخباراتي أوجه التدخل تمثلت في تقديم بعض المرتبطين بالمخابرات الروسية، روايات مناهضة لبايدن إلى وسائل الإعلام وكبار المسؤولين وحلفاء ترامب، جاء التقرير بالتزامن مع تحقيق مشترك بين وزارتي العدل والأمن الداخلي الأمريكي.
ووصلت الوثيقة إلى قرار نهائي يفيد بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون التدخلات من قبل روسيا وصلت إلى مرحلة التحكم في النتائج. إذ جاء في التقرير: “ليس لدينا ما يشير إلى أن أي جهة أجنبية حاولت التدخل.. عن طريق تغيير أي جانب تقني من عملية التصويت، بما في ذلك تسجيل الناخبين، أو الإدلاء بأصواتهم، أو جدولة الأصوات، أو الإبلاغ عن النتائج”.
تاريخ من الاتهامات الأمريكية لروسيا
لم يكن الاتهام من قبل جهاز الاستخبارات الأمريكي لروسيا بمحاولة تدخلها في الانتخابات الأمريكية الأول من نوعه. إذ سبقه توجيه اتهام لروسيا من خلال قرار مباشر من الرئيس فلاديمير بوتين حاولت ترجيح كافة ترامب على الديمقراطية هيلاري كلينتون، التي خسرت السباق لصالح الجمهوري.
وفي عام 2018 بعد عامين من نجاح الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، اتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي 13 مواطنًا يحملون الجنسية الروسية بالتدخل بأشكال مختلفة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وبالفعل وجّه مكتب التحقيق الفيدرالي اتهامات مباشرة إلى 3 مواطنين روس تهم التآمر من أجل التزوير الإلكتروني. فيما تم توجيه اتهامات إلى 5 آخرين بانتحال شخصيات وهمية، وهو ما سلط الضوء على إمكانية تدخل روسيا لفرض رؤيتها على الناخب الأمريكي. ومحاولة سلبه إرادته من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
وحسب تقرير الأف بي أي، طالت الاتهامات ثلاث شركات روسية، على رأسهم شركة أنترنت مقرها سانت بطرسبرغ، والتي وصفها مكتب التحقيقات الفيدرالي أن هدفها تمثل في زرع الفتنة في النظام السياسي الأمريكي، وخاصة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.
نتائج التحقيقات
بعد تحقيقات دامت لنحو عامين توصل مكتب التحقيقات إلى نتائج واضحة بالنسبة للجانب الأمريكي، بأن مواطنين روس عمدوا إلى فتح حسابات مصرفية باسم أمريكيين وانتحلوا شخصياتهم، فضلا عن إنفاق آلاف الدولارات شهريا لشراء إعلانات سياسية من أجل توجيه الرأي العام، هذا إلى جانب شراء فضاءات إلكترونية أمريكية لإخفاء هوياتهم.
كما وصل التحقيق إلى أن مواطنين روس، نظموا تجمعات سياسية في الولايات المتحدة ودعوا إليها، وساعدوا وساهموا في نشر تعليقات سياسية على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مواطنين أمريكيين. ونشر معلومات أضرّت بـ”هيلاري كلينتون” وتحصلوا من وراء تلك المعلومات المضللة على أموال مقابل النشر على مواقع التواصل الاجتماعي الأمريكية.
ووصلت التحقيقات إلى أن نشاطات المجموعات الروسية رصدت ميزانية شهرية تفوق المليون دولار للصرف على مجموعات مختلفة ومتنوعة ومجزئة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة سواء فيسبوك أو انستجرام.
وحسب التقرير، فإن مجموعات المواطنين الروس، كانت تعمل بمنهجية تقيس من خلالها فاعلية نشاطاتها على الإنترنت. وفي حال ظهرت النتائج مخالفة تعمل على تغير استراتيجيتها لتحقيق أهدافها. لافتًا إلى أن المجموعات الروسية تم تكوينها منذ عام 2014 وتم عملها بشكل فج وواضح في عام 2016.
بايدن يصف بوتين بـ”القاتل”
وضح جليا أن الأزمة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بردائها الديمقراطي الحالي تحمل مفاجآت كثيرة، وتغييرا كبيرا في الخريطة السياسية ومناوشات بين القوى الأكثر تأثيرا في العالم.
وفي تحرك أعقب التقرير الاستخباراتي الامريكي، خرج الرئيس الأمريكي، جو بايدن، متوعدا نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بدفعه ثمن تدخل الفج على حد وصفه في الانتخابات الأمريكية.
وقال بايدن في مقابلة مع شبكة “إيه بي سي نيوز” الأمريكية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قاتل وسيدفع الثمن لتدخله في الانتخابات الأمريكية، وسيتم معاقبة كل من حاول التأثير بشكل أو بآخر في سير العملية الانتخابية والتأثير على الناخب الأمريكي بتوجيهه ونشر الشائعات لإحداث بلبلة وترجيح كافة مرشح ضد آخر لخدمة مصالحه الخاصة.
تعليق روسيا
كعادتها، ترفض روسيا كافة الاتهامات الأمريكية الموجهة إليها على خلفية تلاعبها بالناخب الأمريكي ومحاولة توجيهه بشتى الطرق.
وقالت ماريا فلاديميروفنا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ردًا على الاتهامات الأمريكية في ذلك الوقت: “13 مواطنُا روسيًا، حسب الخارجية الأمريكية، 13 شخصًا ضد أجهزة أمن ميزانيتها مليارات الدولارات ضد وكالات التجسس ومكافحة التجسس، ضد أنظمة التكنولوجيا المتطورة؟ هذا أمر سخيف، نعم سخيف”.