طالبت ياسمين محمود، الشهيرة بـ”بسنت” أو فتاة ميت غمر، النائب العام بالطعن على حكم براءة المتهمين السبعة في قضية التحرش التي وقعت لها.

وبعد 4 أشهر من التقاضي، قضت الدائرة السابعة بمحكمة جنايات المنصورة، الأحد الماضي، ببراءة سبعة أفراد من تهم التحرش الجماعي وهتك العرض بالقوة والتهديد، في القضية التي عرفت إعلاميًا بـ”قضية فتاة ميت غمر”.

https://twitter.com/basantasadoll/status/1374055103125204995?s=20

البراءة أثارت جدلاً واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي ولدى المهتمين بقضايا المرأة، اعتراضا على الحكم القضائي الذي لا يتناسب مع المقاطع المصورة التي جرى تداولها لحشد من الشباب وهو يلاحق شابة واحدة، وهو العنف الذي مازالت تسعى لتجاوز آثاره على صحتها النفسية.

https://twitter.com/basantasadoll/status/1374059532004040711?s=20

لجأت بسنت بعد براءة المتهمين إلى مواقع التواصل، في محاولة للتمسك بحقها، مطالبة كل مسؤول يملك القدرة أن يتدخل لمساعدتها، كما طالبت النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

https://twitter.com/basantasadoll/status/1374057958112428036?s=20

نداءات بسنت لقيت تفاعلا واسعا وتصدر وسم #حق_بسنت_فين الذي أطلقته قائمة ترند “تويتر” في مصر. ودوّن آلاف الأشخاص مواقف معبرة عن دعمهم للفتاة، والضغط من أجل تقديم النائب العام طعنًا على الحكم. كما طالبت 17 منظمة حقوقية مصرية، في بيان مشترك النيابة العامة، بالطعن على الحكم الصادر ببراءة المتهمين في الجريمة.

الطعن بيد النائب العام

من جانبها، قالت المحامية عزيزة الطويل، إن سلطة الطعن على الحكم بيد النائب العام وليس المجني عليها، خاصة في الحكم الجنائي بالبراءة، لأن حدود الادعاء المدني فقط الحديث عن الدعوي المدنية وليس الجنائية.

وفي حال عدم طعن النائب العام تُغلق القضية، تقول عزيزة، وتصف بالحكم بأنه “مخيف للنساء”، مشيرة إلى أن ذلك سيحدث ردة في التبليغ بشأن جرائم العنف الجنسي.

في السياق ذاته، قالت لمياء لطفي، مدير مؤسسة المرأة الجديدة، إن النيابة العامة مطالبة بالطعن على الحكم فيما يتعلق بالشق الجنائي، خلال الفترة الزمنية المحددة. وإن لم يتم ذلك فسيسقط حق “بسنت” في التقاضي ويصبح الحكم نهائيا.

وعن أسباب البراءة، دفعت لطفي بالاستناد إلى عدة أسباب مرتبطة بالأدلة المرئية ووضوح وجوه الجناة وشيوع الجريمة، نظرا لأن عدد الشباب كان كبيرا وهو ما دفع محامي المتهمين بتقديم على بطلان الإجراءات.

تهديد وتشهير

وفضلت “بسنت” عدم الظهور وانتظار نتائج المسار القانوني للقضية، خلال الأشهر الماضية، تعرضت خلالها للتهديد بالقتل والتشوية والاغتصاب، على حد قولها.

وتضيف:”تم تهديدي أكتر من مرة بالقتل والتشويه والاغتصاب، تم التشهير بيا وبحياتي واستخدام صوري الشخصية اللي كانت موجودة على حساب شخصي وبرايفت، تم الضغط عليا ومحاولات لمساومتي أكتر من مرة على فلوس علشان أتنازل عن القضية، تم ابتزازي من خلال محاولة تحرير محامي المتهمين قضية كيدية ضدي، تم نبذي من المكان اللي عشت فيه طول عمري وكنت ومازلت خايفة أروح بيت أهلي”.

https://twitter.com/basantasadoll/status/1374056435093540866?s=20

 

بعد نحو أسبوع على الواقعة، أعلن المجلس القومى للمرأة أن ممثلين عن مكتب شكاوى المرأة التقوا الفتاة وقدموا لها المشورة والدعم والمساندة القانونية والنفسية والاجتماعية.

وتصف بسنت ما عاشته خلال فترة التقاضي، جانب من “الرعب” والتهديد المستمر و”القلق الإهانة”. فضلاً عن ذلك فإن محامي المتهمين يهدد بمقاضاتها، وفق قولها.

حملة تدوين دعمًا لـ”بسنت”

وعبر هاشتاج ” حق بسنت فين” تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل القضية، وتساءلت مغردات: لمن تلجأ النساء عندما يتعرضن للانتهاك؟، فقالت أحد الفتيات :”في بلدنا بيتم الاغتصاب والتحرش وهتك العرض وبياخدوا براءة، رغم وجود دليل وفيديو في كل حته”.

https://twitter.com/nada_elheneidy/status/1374091396030857220?s=20

وقالت أخرى: “أنا ندمانة من قلبي على كل مرة اتعاملت فيها بجدية مع جدل طب ونثبت التحرش إزاي، في عالم حيث الجرائم المثبتة المتوثقة صوت وصورة بيتاخد فيها براءة عيني عينك. انتو عايزين مننا إيه يا جماعة؟”.

من الاتهام إلى التبرئة

وفي قرار الإحالة الصادر يوم 22 ديسمبر الماضي، وجهت النيابة العامة للمتهمين السبعة اتهامات “هتك العرض بالقوة والتهديد طبقًا للمواد ٢٦٨/١ ، و٣٠٦ مكرر أ (١و٢)، و ٣٠٦ مكرر ب /١ من قانون العقوبات”. وذكر القرار أن المتهمين قاموا بتتبع الضحية بالسيارة  والدراجة النارية “يرشقونها بنظراتهم وعباراتهم اللاذعة، مُصدين عليها خط سيرها لترضخ لهم وينالوا شرفها، بأن قصدوا براحة أيديهم مواطن عفتها ممسكين إياها غير مرة واضعين أجسادهم بجسدها موثقين إياه بأيديهم قاصدين بلوغ مقصدهم”.

وتنص المادة 306 مكرر (أ) من قانون العقوبات على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية”. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه.

وقالت النيابة إن المتهمين قاموا أيضًا “بالتعرض للمجني عليها بالطريق العام، بأن قاموا بملاحقتها وتتبع خط سيرها وإتيانهم أمور وتلميحات جنسية بالقول والفعل قاصدين الحصول منها على منفعة ذات طبيعة جنسية، وهي ملامسة مواطن عفتها”.

وفي المقابل، دفع محامي المتهمين هاني عبادة، بعدم معقولية الواقعة وتصور حدوثها وبطلان إسناد النيابة العامة، خلال مرافعته بانتفاء جريمة هتك العرض. ودفع في أمر بطلان الجريمة بركينها المادي والمعنوي ومحضر جمع الاستدلالات ومحضر التحريات. كما دفع بـ”بطلان أقوال المجني عليها”، مدعيًا تناقض روايتها مع الفيديوهات التي تم تفريغها بواسطة النيابة العامة لمكان الواقعة”.

أحكام أخرى بمعاقبة متحرشين.. لماذا قضية “بسنت”؟

ورغم أن واقعة “بنست أو فتاة ميت غمر” مصورة بالكاميرات، إلا أن المحامية عزيزة الطويل كانت قد حصلت في يناير الماضي على حكم بحبس متهم بالتحرش اللفظي، والتعدي على شاب حاول حمايتها، بالحبس 3 سنوات، من محكمة جنح العمرانية، مع الشغل وكفالة 100 ألف جنیه، وغرامة 20 ألف جنیه عن التھمة الأولي، و5 آلاف جنیھاً عن التھمة الثانیة والثالثة، ومصادرة السلاح و100 ألف جنيه تعویض مؤقت.

كما حصلت الطويل على حكم بالحبس لمدة 6 أشهر في قضية ابتزاز وتشهير عن طريق الإنترنت. وفي قضايا أخرى حصلت فيها الفتيات على أحكام، فقد قضت محكمة القاهرة الاقتصادية، الثلاثاء، بمعاقبة الطالب الجامعي أحمد بسام زكى بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل. والذي أدين بالتحرش بفتيات، وإساءة استخدام أدوات الاتصال ومواقع التواصل الاجتماعى.

من جانبها، قالت المحامية عزة سليمان، مديرة مؤسسة قضايا المرأة، لـ”مصر 360″، إنهم تقدموا بمناشدة للنائب العام بالطعن على الحكم الصادر تجاه المتهمين أمس. وأشارت إلى أنه حتى الآن لم يتم الإطلاع على حيثيات الحكم الصادر، وبعد تلك الخطوة سيكون هناك سبيل لتقديم النقض على الحكم.

تفاصيل الواقعة

تعود القضية إلى ليلة الخميس 10 ديسمبر الماضي. حين تعرضت ياسمين محمود العزب، 23 سنة، وهي طالبة بكلية الزراعة بجامعة عين شمس، وشهرتها “بسنت”، لحادث تحرش جماعي أثناء سيرها بشارع بورسعيد بمدينة ميت غمر في محافظة الدقهلية من شباب ظلوا يتناوبون عليها بلمس مواطن عفتها.

وفي 12 ديسمبر الماضي تقدمت بسنت ببلاغ لقسم شرطة ميت غمر تؤكد تعرضها للتحرش الجماعي، مؤكدة أنها لم تتمكن من مقاومتهم بمفردها لولا تدخل أحد الأهالي، وجرى تحرير محضر بالواقعة.

وبعد تفريغ الكاميرات المراقبة في المنطقة، حددت الشرطة 7 شباب تتراوح أعمارهم بين 15 إلي 18 سنة، ومع الاستماع لشهود العيان أكدوا رواية الفتاة.