رفعت منظمة “مراسلون بلا حدود”، أمس، دعوى قضائية أمام المدعي العام في باريس ضد شركة “فيسبوك”. متهمة إياها بنشر محتويات تحض على الكراهية ومعلومات كاذبة على نطاق واسع عبر الإنترنت. وقد سلطت الضوء -في دعواها- على التناقض الواضح بين التزامات هذه الشركة تجاه المستهلكين، وطريقة عملها على أرض الواقع في منصات التواصل. حيث أعربت عن قلقها بشكل خاص من طبيعة الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون. وكذا إلحاق الضرر بهم من خلال عدم توفير بيئة آمنة على الإنترنت. خاصة فيما يصدر عن فرعي فيسبوك في فرنسا وأيرلندا.
لا حماية للشخصيات العامة على “فيسبوك”
أمس، كشفت صحيفة “ذا جارديان” البريطانية عن نسخة سرية من الإرشادات التي يتم اتباعها من قبل إدارة “فيسبوك”. وهي إرشادات تسمح بممارسة سياسة التنمر والمضايقات – المحظورة على الموقع- ضد شخصيات عامة. بما في ذلك “الدعوة إلى موتهم”.
تُميز “فيسبوك” -في إرشاداتها التي تأتي في ما يزيد عن 300 صفحة، تعود لنهاية عام 2020- بين الشخصيات العامة والأفراد العاديين. فبالنسبة للشخصيات العامة، تقوم الشركة بإزالة الهجمات الشديدة، وكذلك بعض الهجمات التي يتم فيها وضع علامة مباشرة “TAG” على الشخصية العامة في المنشور أو التعليق. أما بالنسبة للأفراد، فإن الحماية تذهب إلى أبعد من ذلك. بحيث يزال المحتوى الذي يُقصد منه الإهانة أو التشهير. بما في ذلك -على سبيل المثال- الادعاءات المتعلقة بنشاط جنسي لشخص ما.
وفق إرشادات “فيسبوك”؛ فإنه لا يمكن استهداف الأفراد العاديين بـ “دعوات الموت”. بينما تتعرض الشخصيات العامة لهذا النوع من خطاب الكراهية. وهو أمر لا تحظره الشركة. طالما لا يشير المستخدم بـ”tag” في دعواه لموت أحد المشاهير.
هذه السياسة التي كشفتها الوثيقة المسربة -المعروضة عبر موقع “ذا جارديان”- عرضت “فيسبوك” لانتقادات عديدة بفعل سوء المعاملة عبر منصتيها “فيسبوك – إنستجرام”. وهو أمر اضطرها إلى تغيير سياساتها -ردًا على الانتقادات- حيث أدخلت قواعد جديدة لتغطية إساءة الاستخدام المرسلة من خلال الرسائل المباشرة، والالتزام بالتعاون مع سلطات إنفاذ القانون بشأن خطاب الكراهية.
كذلك في فبراير الماضي، التزم “إنستجرام” بإغلاق حسابات المستخدمين الذين أرسلوا رسائل مباشرة مسيئة للاعبي كرة القدم. بعد أن تحدث عدد من لاعبي كرة القدم السود البارزين بما في ذلك راشفورد، وأكسل توانزيبي، ولورين جيمس عن التحرش العنصري عبر الإنترنت.
وفق تقرير “ذا جارديان”؛ يكفي أن يكون للمستخدم أكثر من 100 ألف متابع ليتأهل كشخصية عامة عبر وسائل التواصل، ومن ثم يتعرض للإساءات المسموح بها من قبل “فيسبوك”. بينما هناك استثناءً وحيد لهذه القاعدة يتعلق بالأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 عامًا.
وقد حذر المجلس الأيرلندي للحريات المدنية سابقًا من أن ضحايا التحرش عبر الإنترنت يُتركون بدون تحقيق العدالة لهم. بينما يُفلت الجناة من العقاب بسبب عدم وجود قوانين فعالة.
سياسة السلوك المسيئ في “تويتر”
في أكتوبر 2020، أعلن موقع “تويتر” أن التغريدات التي تتمنى وفاة دونالد ترامب في أعقاب تشخيص الرئيس الأمريكي السابق مصابًا بكورونا Covid-19 تنتهك سياساتها، ويمكن أن تؤدي إلى إيقاف الحساب. خاصةً وأن الرغبة في إيذاء شخص تقع تحت بند “سياسة السلوك المسيء” في تويتر، والتي تحظر التغريدات “التي تتمنى أو تأمل في إلحاق ضرر جسيم بشخص أو مجموعة من الأشخاص”.
ومع ذلك، يتلقي الكثيرون تهديدات بالإساءة والقتل، دون أي استجابة من المنصة. وأكثر من هم عرضة لذلك العابرين جنسيًا والمثليين وذوي الاحتياجات الخاصة والأقليات العرقية الأخرى والنساء.
لا احترام للموتى
كشفت الوثائق المسربة حديثًا أيضًا تفاصيل مفاجئة أخرى. ذلك بالإشارة إلى أن سياسة “فيسبوك” تسمح للمستخدمين بالتنمر على الموتى. لكن فقط إذا كانوا رحلوا عن الحياة قبل عام 1900. كما تسمح بالتنمر على الشخصيات الخيالية والأيقونية.
ونقلت “ذا جارديان” أيضًا إن مستخدمي “فيسبوك” مسموح لهم أيضًا -وفق الوثيقة المسربة- بالثناء على القتلة الجماعيين في مواقف محددة. مع الاعتراف بالجرائم التي تسبب ضررًا جسديًا أو ماليًا أو عقليًا للفرد. مثل السرقة والاحتيال والقتل والتخريب واللمس الجنسي غير الرضائي.
المتحدث باسم فيسبوك علق على وثيقة السياسات المسربة. فقال: “نعتقد أنه من المهم السماح بالمناقشة النقدية للسياسيين والأشخاص العامة من قبل الجمهور. لكن هذا لا يعني أننا نسمح للأشخاص بإساءة معاملتهم أو مضايقتهم على تطبيقاتنا. كما أننا نتشاور بانتظام مع خبراء السلامة والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والنشطاء للحصول على تعليقات على سياساتنا والتأكد من أنهم في المكان المناسب”.
وتابع المتحدث قائلاً: “نحتفظ أيضًا بقائمة من الجرائم التي نطبقها بموجب هذه السياسات، ولكن بدلاً من تقسيمها حسب البلد أو المنطقة، فهي جرائم معترف بها عالميًا، ولكننا نعلم أنه لا يزال هناك المزيد لفعله”.