نجحت مصر، اليوم الاثنين، في تعويم السفينة “إيفر غيفن”، التي لم تعد جانحة، وتحريكها صوب منطقة البحيرات المُرّة التي تنتصف المجرى الملاحي. ونقل التلفزيون المصري ووسائل إعلام مشاهد للسفينة البنمية وهي تتحرك بعدما استجابت لمناورة التعويم الأخيرة.
وبعد انتهاء المهمة بنجاح، يدور التساؤل حول: ماذا بعد قَطْرِها؟ وما الخطوات القادمة؟
التصريحات الرسمية وغير الرسمية تتحدث عن ست خطوات، الأولى الوصول بالسفينة إلى منطقة الانتظار في البحيرات المُرّة، بعدها مباشرة يبدأ استئناف حركة الملاحة في الاتجاهين. ومن ثمّ صعود فريق دولي لإجراء عملية تفتيش للسفينة “إيفر غيفن”، وبعدها إجراء عمليات صيانة لجسم السفينة. أما الخطوة الخامسة تتمثل في تقييم الأضرار التي لحقت بالحادث ومسؤولية التعويض وتقدير الخسائر سواء للجهات المصرية أو السفن التي علقت في المدخلين الشمالي والجنوبي للقناة، والخطوة الأخيرة هي إبحار السفينة إلى الشمال للوصول إلى البحر المتوسط.
الانتظار في البحيرات المُرّة
وفق تصريحات مسؤولين مصريين، فإن القاطرات ستصل بالسفينة إلى البحيرات المرة، وهي المنطقة المخصصة لعمليات الانتظار في الأوقات العادية حيث تخضع السفن لعمليات صيانة أو شحن وقود وغيرها.
السلطات المصرية تقول إن التركيز مُنصب حاليًا على إتمام مهمة الوصول بالسفينة إلى البحيرات المرة، ومن ثمّ الحديث عن إجراءات أخرى منتظرة.
اقرأ أيضًا..
الإغلاق التاسع.. ماذا حدث في قناة السويس وما توابع الأزمة؟
لم يتضح حتى الآن موعد محدد لوصول السفينة التي تزن 240 ألف طن وبطول 400 متر وعرض 59 مترا، إلى منطقة الانتظار، خاصة أن سوء الأحوال الجويّة ربما يجعل عملية القَطْر بطيئة.
وأظهرت بيانات موقع vesselfinder لتتبع حركة السفن، تحرك السفينة الجانحة بسرعة 5.5 عقدة في اتجاه منطقة البحيرات المرة.
استئناف حركة الملاحة
وتحدثت وسائل إعلام غربية عن استئناف حركة الملاحة في المجرى المائي مباشرة، وذلك بعد التأكد من أن السفينة البنمية أصبحت عائمة بالكامل في منتصف القناة.
غير أن هيئة قناة السويس لم تعلن بشكل رسمي استئناف حركة الملاحة خاصة من القافلة الجنوبية القادمة من البحر الأحمر، فيما تشير التوقعات إلى أن سفن الجنوب ستبدأ دخول قناة السويس في غضون ساعات قليلة في طرقها للعبور للشمال.
تحقيقات وتفتيش دولي
تقول السلطات المصرية إن السفينة ستصل البحيرات المُرّة لإجراء الفحص الفني للسفينة والتأكد من إمكانية إبحارها مرة أخرى. لكن مصادر مسؤولة تحدثت خلال الأيام الماضية عن صعود فريق دولي لإجراء تفتيش شامل للسفينة قبل الحديث عن أي خطوات لاحقة.
التفتيش الذي لم يجرى تحديد أطرافه، يأتي في إطار تحقيقات تقول السلطات المصرية إنها تنتظر نتائجها لمعرفة الأسباب الحقيقة وراء الجنوح والأطراف المسؤولة عن تعطيل حركة الملاحة في قناة السويس لمدة أسبوع.
التعويضات والخسائر التجارية
الحديث تزايد خلال الأيام الماضية عن التعويضات المنتظرة جراء الحادث، خاصة أنها مسألة معقدة لا سيما مع تضرر مصري بخلاف خسائر لحركة الجارة العالمية وشركات الشحن.
لكن الإجابة عن أسئلة التعويضات تتوقف على حجم الأضرار التي وقعت بالمجرى الملاحي لقناة السويس وتكلفة التعويم وإيرادات العبور المفقودة، وكذلك الخسائر التي لحقت بشركات الشحن، جرّاء تأخر مواعيد التسليم والتلف المحتمل للبضائع مثل السلع الغذائية.
أسئلة التعويضات تتوقف على حجم الأضرار التي وقعت بالمجرى الملاحي لقناة السويس وتكلفة التعويم وإيرادات العبور المفقودة، وكذلك الخسائر التي لحقت بشركات الشحن، جرّاء تأخر مواعيد التسليم والتلف المحتمل للبضائع مثل السلع الغذائية
في هذا الإطار قال الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، في تصريحات تلفزيونية إن الهيئة ستدرس آلية تعويضات مناسبة للسفن، بعد الانتهاء من عملية التعويم، دون مزيد من التفاصيل.
كما أعلن الفريق مهاب مميش مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات قناة السويس، إن هيئة قناة السويس من حقها الحصول على تعويضات من الشركة مالكة السفينة، في حال وجود ضرر.
وتحدث مميش عن تعويض الخسائر التي لحقت بالقناة جراء الجنوح، وتكاليف القاطرات، وتعويض عن تأمين السفينة.
اقرأ أيضًا..
عملاق نائم في قناة السويس.. لماذا يتابع العالم بقلق أزمة السفينة الجانحة؟
وفي الوقت الذي تحدث فيه مسؤولون عن تعويض القوافل المنتظرة، فإن الإحصائيات الرسمية تشير إلى ارتفاع عدد السفن المنتظرة عبور المجرى الملاحي إلى 293 سفينة.
إذن باب التعويضات مفتوح على اتجاهين، الأول الطرف المستحق للتعويض والثاني الجهة التي تتحمل هذه التعويضات.
مسؤولون بشركة “إيفر جرين” التايوانية المستأجرة للسفينة وشركة “شوي كيسن” اليابانية المالكة لها، تحدثوا بشكل غير مباشر عن تعويضات السفن المتعطلة بالقناة، دون تحديد الطرف المستحق للتعويض أو المتحمل للتكاليف.
تجدر الإشارة هنا إلى أن قناة السويس موقعة على اتفاقية القسطنطينية التاريخية عام 1888 بشأن حرية الملاحة في قناة السويس، والتي لا تنص على تقديم القناة أي تعويضات للسفن العابرة.
قناة السويس موقعة على اتفاقية القسطنطينية التاريخية عام 1888 بشأن حرية الملاحة في قناة السويس، والتي لا تنص على تقديم القناة أي تعويضات للسفن العابرة
كما أن اللائحة المنظمة لعبور السفن تنص على أن طاقم السفينة هو المسؤول بالكامل عن قيادتها داخل المجرى الملاحي. وهنا يقتصر دور المرشد المكلف من قناة السويس على تقديم إرشادات للعبور واعتبار رأيه استشاريًا. وفي ضوء ذلك، فإن التعويضات المحتملة تنتقل مسؤولياتها إلى كل من الشركة المالكة أو المستأجرة للسفينة.
شركات التأمين
وفي سياق الحديث عن التعويضات، تحدثت مصادر أجنبية تحمل شركات التأمين على السفينة تعويضات تبلغ ملايين الدولارات، أيًا كان حجم الخسائر أو وقت تعويم السفينة.
وقالت المصادر إن مالكي البضائع على متن السفينة وعلى السفن الأخرى العالقة في القناة سيطالبون بتعويضات من شركة التأمين على السفينة الجانحة، نتيجة الخسائر التي لحقت بالسلع القابلة للتلف أو عدم الالتزام بمواعيد التسليم.
ويقول خبراء التأـمين إن سفن الحاويات بهذا الحجم مؤمنة على الأرجح ضد أضرار هيكلها والآلات التي تتراوح بين 100 و140 مليون دولار.
موعد المغادرة المجهول
أما موعد الخطوة الأخيرة وهي مغادرة السفينة إلى البحر المتوسط لاستكمال رحلتها، يبقى رهينة استكمال الخطوات السابقة.
ولا يُرف حتى الآن مصير الحمولة التي تنقلها السفينة البنمية، أو إن كانت ستضطر لتخفيف حمولتها أو تفريغها في منطقة الانتظار بالبحيرات المرة. لكنّ الشركة المسوؤلة عن تأجيرها تتحدث عن أسابيع حتى تصل السفينة إلى وجهتها النهائية.