بعد حادث تصادم قطاري سوهاج، الذي راح ضحيته 18 وفاة و200 إصابة، كثفت النيابة العامة تحقيقاتها حول الحادث. وأمر النائب العام بحبس سائقي القطارين رقمي (157) المميز، و(2011) الإسباني ومساعديهما، ومراقب برج محطة سكة حديد “المراغة”، ورئيس قسم المراقبة المركزية بأسيوط ومراقبين بالقسم، احتياطيا على ذمة التحقيقات في واقعة تصادم القطارين بسوهاج.
قرار النيابة جاء في ضوء المُحاكاة التي أجريت للواقعة باستخدام “جرار”. وأجرت محاكاتين لسير القطارين من محطة سكة حديد “المراغة” حتى مزلقان “السنوسي”، فعلت في أولاهما جهاز المكابح والتحكم الآلي بالجرار (ATC) لبيان مدى سلامة فاعليته وقدرته على توقيف الجرار بتبادل الإشارات الكهربائية بينه وبين أبراج الإشارة بشريط السكة الحديدية محل الحادث. وأوقفت في المحاكاة الثانية الجهاز المشار إليه لبيان المسافة التي يتوقف عندها الجرار باستخدام نظام المكابح اليدوية فيه.
نظام الـ (ATC) يُحاكي الصندوق الأسود
المحاكاة التي أجريت على نظام التحكم (ATC) تُرز الأهمية القصوى له في الحد من حوادث القطارات. إذ يعتبر بمثابة جهاز آلي للتحكم في سرعات القطارات، وموجود في جرارات القطارات أو كابينة القيادة، ويشبه الصندوق الأسود في الطائرات أو جهاز التحكم في الطائرات.
مصادر مسئولة بوزارة النقل أوضحت لـ”مصر 360″، أن هناك جهاز إرسال وآخر استقبال؛ حيث يتم تركيب جهاز الإرسال في جرار القطار، وجهاز الاستقبال موجود في السيمافور، والإشارات الموجودة على السكك الحديدية.
هناك 4 إشارات يرسلها جهاز التحكم الآلي وهي الإشارة الخضراء وتعني أن الطريق مفتوح. والإشارة الخضراء متقطعة وتعني أن هناك شيئًا ما على مسافة بعيدة ويجب تهدئة سرعة القطار، والنزول بالسرعة من 120 إلى 60 كم في الساعة. أما الإشارة الصفراء تعني أنه يجب تهدئة القطار، والإشارة الحمراء وتعني أن هناك خطرًا ولا بد من توقيف القطار
جهاز التحكم الآلي (ATC) يقوم بدور محوري من خلال تنبيه قائد القطار عند وجود أي قطارات أو قطع في قضبان السكة الحديد أو أي شيء آخر، من خلال إرسال إشارة إلى الكابينة. ووفقًا للمصدر فهناك 4 إشارات يرسلها جهاز التحكم الآلي؛ وهي الإشارة الخضراء، وتعني أن الطريق مفتوح. والإشارة الخضراء متقطعة وتعني أن هناك شيئًا ما على مسافة بعيدة ويجب تهدئة سرعة القطار، والنزول بالسرعة من 120 إلى 60 كم في الساعة. أما الإشارة الصفراء تعني أنه يجب تهدئة القطار، والإشارة الحمراء وتعني أن هناك خطرًا ولا بد من توقيف القطار.
وشدد المصدر على أن جهاز التحكم الآلي يستطيع أن يتحكم في سرعة القطار تلقائيًّا إذا تم تثبيت الإشارات بشكل صحيح، مؤكدًا أنه سيقلل من حوادث القطارات.
توجيهات الوزير بفصل الـ(ATC)
مساء السبت أجرى الفريق كامل الوزير، وزير النقل، مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، تطرق خلالها إلى حادث قطاري سوهاج. الوزير ذهب في حديثه إلى إحدى حوادث قطاع السكك الحديدية التي وقعت في نوفمبر الماضي، والتي شهدت حكمًا قضائيًا بإدانة السائق. الإدانة بسبب فصل السائق تقنية ATC والتي من شأنها السيطرة على سرعة القطار. فضلا عن التنبيه بإيقاف القطار إذا حدث أي ظرف عارض، وتقليل سرعة القطار إلى 8 كيلومترات، متابعا: «في حادث سوهاج، أيضًا سائق القطار الخلفي كان فاصل الـATC».
وأشار إلى إصداره تعليمات سابقة بشأن التخلي عن تقنية ATC في بعض الأماكن؛ نظرًا لتسببها في بطء الحركة وتأخر القطارات. وتابع: «لما حصل تأخير في القطارات ومواعيدها، قعدنا مع السواقين وقلنا لهم أنتم سواقين كبار عندكم خبرة، في بعض الأماكن اللي هيعطلك فيها الـATC استغنى عنه وامشي بسرعة قليلة تمكنك من السيطرة على القطار».
الرئيس عبدالفتاح السيسي وجه بتعزيز معايير السلامة والأمان للركاب وتحقيق التوازن بين مخطط تحديث مرفق السكة الحديد وما يحتويه من نظم إلكترونية والاستمرار في تشغيل وتسيير القطارات. لذلك أعلن وزير النقل في مداخلة هاتفية أمس ببرنامج “حديث القاهرة” عبر قناة “القاهرة والناس”، عن تطبيق نظام الـ”ATC” بشكل كامل مع نهاية هذا العام على خط الإسكندرية. وذلك نظرا لأن السائق لن يكون متحكمًا في القطار، وسيتم زيادة ساعات العمل للانتهاء سريعًا من هذا الملف.
غلق السكة الحديد أو التأقلم مع الوضع
في مؤتمر عقد السبت الماضي بمجلس الوزراء، قال وزير النقل كامل الوزير: “أمامنا أما أن نغلق السكة الحديد لفترة للانتهاء من التطوير وهذا أمر صعب تقبله، أو أن يتم التوافق على أن تعمل كل القطارات بوسائل الأمان للتسيير للسيطرة على القطار بوقف القطار عند اعتراضه بأي شيء، وهذا سيؤخر مواعيد القطارات لمدة 25 دقيقة، ولكن هذا الإجراء مهم لحماية الأرواح”.
وطالب وزير النقل، العاملين بالانضباط في المواعيد والتحمل، لأن الفترة المقبلة ستتطلب مجهودًا كبيرًا والتعامل مع الجمهور بشكل أفضل حتى الوصول إلى نهاية تطوير مرفق السكة الحديد بسلام وأمان بدون وقوع حوادث أخرى. وأوضح أنه تم رصد 225 مليار جنيه لتطوير السكك الحديدة بطول 10 آلاف كم طولي. وتخصص هذه الميزانية لتطوير الخطوط واستيراد عربات جديدة وتطوير الإشارات والمزلقانات، وتجديد الماكينات وتطوير العامل البشري.
رصد 225 مليار جنيه لتطوير السكك الحديدة بطول 10 آلاف كم طولي. وتخصص هذه الميزانية لتطوير الخطوط واستيراد عربات جديدة وتطوير الإشارات والمزلقانات، وتجديد الماكينات وتطوير العامل البشري
وتتضمن خطة التطوير عدة مراحل أولها تطوير الورش وتخريج كوادر فنية قادرة على التعامل مع المعدات الحديثة والجرارات الجديدة، وتوريد 6 قطارات إسباني، وتطوير العربات، وبنهاية هذا العام سيتم الانتهاء من تطوير العربات.
وأكد الخبير الاقتصادي جمال القليوبي، لـ”مصر 360″ أن ضغوط حركة القطارات والرغبة في تسيير جدول التشغيل بأكبر قدر من الانتظام يجعلان من الالتزام بأقصى معايير الأمان أمرًا صعبًا، وهو ما يزيد من نسب الحوادث، وبالتالي فإن سائقي القطارات يستسلمون لأعطال أجهزة اﻷمان التي توقف القطار في حالات الطوارئ.
يقول إن غالبية القطارات الحالية لا تتوافر بها معايير السلامة والأمان، وإذا التزمت كافة الرحلات بتلك المعايير فلن تتحرك نصف الرحلات اليومية. لذلك فإن هذا الأمر يحتاج إلى شراكة مع القطاع الخاص لتطوير المنظومة بالكامل وليس شراء جراءات جديدة فقط. كما يحتاج إلى تشغيل أجهزة التتبع “G.B.S” المعطلة، والتي كانت سببًا في وقوع العديد من الحوادث خلال السنوات الماضية.
هل يتكرر الحادث؟
بالعودة إلى مداخلة وزير النقل مع الإعلامي عمرو أديب، فقد أكد أن الرئيس عبدالفتاح السيسي سأله: هل نستطيع استكمال المنظومة بنفس السياسة؟ وكانت إجابة الوزير: «لا.. لن أتحمل المزيد من إراقة الدماء، ومش هقدر أشتغل بدون تقنية ATC».
وعن الحلول البديلة، قال الوزيرإنه كان من المقترح إيقاف العمل في الخطوط التي تشهد عمليات التطوير بالكامل، ولكن هذا السيناريو يهدد التزامات المصريين ومسؤولياتهم؛ لذلك اتجهت الوزارة إلى إقرار نظام ATC وتحمل ما يسببه من بطء في الحركة.
كامل الوزير: “اللي كان بيروح الإسكندرية في 4 ساعات، هيوصل في 5 ساعات، واللي كان بيروح أسوان في 12 ساعة، هيجد المشوار أصبح 15 ساعة.. بدل المخاطرة، هنأخر المواطن شوية”.
وتابع: “اللي كان بيروح الإسكندرية في 4 ساعات، هيوصل في 5 ساعات، واللي كان بيروح أسوان في 12 ساعة، هيجد المشوار أصبح 15 ساعة”، مستكملا: “بدل المخاطرة، هنأخر المواطن شوية”.
الخبير الاقتصادي علي الإدريسي، يقول لـ”مصر 360″، إن عدم الإسراع في إنهاء مسارات التطوير والاعتماد على أنظمة التحكم الإلكترونية قد يتسبب في تكرار حوادث القطارات. ويضيف أن عددًا من الدول تعتمد في منظومة السكك الحديدية على نظام الأمان بجهاز “ATC”. إلى جانب التطوير المستمر لجميع أجهزة ووحدات الإشارة، وتطبيق اشتراطات السلامة في صيانة القضبان. وهذا يسمح بالقضاء تدريجيًا على الأخطاء المفاجئة أثناء سير القطارات.
4 أنظمة أمان حتمية لحماية المنظومة
حركة القطارات تعتمد على أربعة أنظمة أمان تعمل في خطوط متتالية. خط اﻷمان اﻷول يستخدمه السائق يدويًا ﻹيقاف القطار خلال 24 ثانية من إعطاء اﻹشارة. إذا فشلت هذه المحاولة، يستخدم السائق جهاز يسمى Dead Man Switch لإرسال إشارة لبرج المراقبة تخطره بوجود أزمة، كي يتمكن من التدخل وإيقاف القطار خلال 24 ثانية أخرى.
الخطوة الثالثة هي جهاز يسمى Automatic Train Control، والذي يمكّن برج اﻹشارات من إيقاف القطار أتوماتيكيًا إذا حدث شيء غير طبيعي. وإذا فشلت درجات الأمان الثلاثة اﻷولى في العمل، تأتي درجة اﻷمان اﻷخيرة وهي إبرة السقوط، والتي تعتمد على قيام عامل البرج بفصل القضبان من أجل إسقاط الجرار من على القضبان قبل اصطدامه.
وأوضحت مصادر لـ “مصر 360″، أن تشغيل هذه الأنظمة في القطارات المصرية لا يتم بالشكل المطلوب نتيجة تهالك غالبية أنظمة التحكم “أنظمة التحكم لم يتم تغييرها أو تطويرها منذ عقود”.
وتشدد المصادر على ضرورة السير على خطى التحول الإلكتروني عالميًا وتجنب الأنظمة التقليدية في تسيير حركة القطارات. فتكرار الحوادث لم نستطيع تجنبه طيلة العقود الماضية، وبات التغيير والتحديث مُلزمًا للدولة في الوقت الراهن عبر الاستعانة بأنظمة الأمان المتعارف عليها عالميًا.
مسارات إعادة الهيلكة
وفق خطة الحكومة، فإن هناك عدة مسارات لإنهاء مشروع تطوير وإعادة هيكلة السكك الحديدية. ويشمل المسار الأول إنشاء خطوط سكك حديدية جديدة مثل القطار المكهرب -الذي يربط العين السخنة بمدينة العلمين الجديدة، مارًا بمدينة السادس من أكتوبر- وكذلك إنشاء خطوط تربط بين أجزاء مختلفة من المحافظات.
وتسعى الحكومة في مسار جديد نحو إنشاء 3 خطوط سكك حديدية: (خط القاهرة – الأقصر بطول 700 كم، وخط الأقصر – الغردقة بطول 300 كم، وخط الإسكندرية – القاهرة بطول 210 كم). وكذلك التخطيط لإنشاء خطين (خط أسوان – مرسى مطروح، وخط سفاجا – أبو طرطور). بينما يشمل مسار آخر تطوير البنية التحتية. سواء على مستوى المحطات أو أنظمة الإشارات أو السكة الحديد أو التحويلات أو إقامة المزلقانات إلكترونية. هذا فضلاً عن شراء قاطرات وعربات سكك حديدية جديدة، سواء للخطوط الجديدة أو القائمة. بحيث تصب كل هذه المسارات في النهاية في مصلحة التطوير المستهدف للسكك الحديدية.