رسائل عدة بعث بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده اليوم الثلاثاء على هامش عودة الملاحة إلى قناة السويس، مع انتهاء أزمة السفينة الجانحة. إلا أن ثلاثة منها كانت الأبرز لأنها تناولت الحدث الأخير الذي شهدته القناة وكذلك أزمة سد النهضة وموقف مصر من تطوراتها.
السيسي الذي وصل مقر التدريب البحري التابع لهيئة قناة السويس في محافظة الإسماعيلية صباح اليوم، أشاد في بداية كلمته بالعاملين في القناة على الجهد الذي بذلوه من أجل تعويم السفينة “إيفر جيفن”. بينما أكد أن قناة السويس قادرة وباقية ومنافسة.
وأدى جنوح السفينة العملاقة “إيفر جيفن” الثلاثاء الماضي إلى إغلاق القطاعين الشمالي والجنوبي للقناة لـ 6 أيام. ما أدى إلى تعطل العديد من السفن حتى نجاح عملية تعويم السفينة وإعادة الملاحة.
رسائل السيسي.. المساس بمياهنا سيؤدي لعدم استقرار المنطقة
أبرز رسائل السيسي خلال المؤتمر الصحفي كانت عن أزمة سد النهضة، الذي أعلنت إثيوبيا إصرارها على إتمام الملء الثاني لبحيرته في يوليو المقبل. إذ قال الرئيس إن مصر اختارت التفاوض في ملف سد النهضة منذ البداية. وأضاف: “العمل العدائي قبيح وله تأثيرات تمتد لسنوات طويلة، لأن الشعوب مش بتنسى ده، المعركة بتاعتنا معركة تفاوض، كل يوم الرأي العام والمسؤولين الدوليين بيدركوا إن مصر بتكسب أرض، كل اللي بنطلبه أمر لا يخرج عن القوانين فيما يتعلق بالمياه العابرة للحدود، فيه تحرك إضافي للموضوع خلال الأسابيع المقبلة، نتمنى أن نصل لاتفاق قانوني ملزم”.
لكنه شدد أيضًا على أن مصر لا يمكن لأحد أن يهدد أمنها المائي. فقال: “مش بنهدد حد، محدش هيقدر ياخد مننا نقطة مية واحدة، واللي عايز يجرب يجرب، وعمرنا ما هددنا، ودايمًا حوارنا رشيد جدًا، وإلا هيكون فيه حالة من عدم استقرار المنطقة لا يتصورها أحد، محدش بعيد عننا، المساس بمياهنا خط أحمر”.
رسائل السيسي.. لا بدائل للقناة ده مرفق عالمي
قناة السويس وأزمتها ع السفينة الجانحة هو ما تضمنته ثاني أبرز رسالة بعث بها السيسي خلال هذا المؤتمر للمجتمع الدولي. إذ قال: “الأزمة أكدت على حاجة مكنتش أتمنى أنها تحصل.. لكن الأقدار بتعمل أفعالها.. وشاورت وأكدت ونبهت على الدور الكبير والأهمية الكبيرة لواقع بقاله 150 سنة”.
وأضاف: “قناة السويس ترسخت في أذهان التجارة العالمية.. في ظل الكلام اللي بيتقال عن بدائل.. لا ده مرفق عالمي.. 12 % من حجم التجارة ينقل من عندكم.. رب ضارة نافعة.. قناة السويس قادرة وباقية ومنافسة”.
وبينما أكد أنه كان يتابع السفينة الجانحة في قناة السويس بشكل كامل. فقال: “كنت متابع الموضوع مع الفريق أسامة ربيع في توقيتات تستغربوها جدًا.. كان فيه تواصل الساعة 4 الصبح.. وكنت مطمئن أن كل الأمور هتعدي على خير”. أضاف موجهًا حديثه لعمال ومسؤولي هيئة القناة: “بشكركم على الجهد اللي اتعمل وعلى الدور اللي عملتوه.. وكل الشكر لكم.. منظر محترم يدل على خبرات وقدرات كبيرة.. والأداء كان أكثر من مشرف”. بينما أشاد بردود فعل المصريين، فقال: “بيلفت نظري دائمًا ويطمني.. رد فعل الناس في مصر.. وكل الأشقاء والأصدقاء كانوا داعمين للجهد وعرضوا المساندة بإخلاص ومحبة”.
تحدث السيسي أيضًا عن المساعدات التي عرضتها دول العالم لحل الأزمة. فقال: “ده أمر مقدر لكل من عرض المساندة من الأشقاء في الخليج أو في المنطقة العربية أو الأصدقاء من جميع أنحاء العالم.. كل التحية والتقدير والاحترام للمساندة في هذا الموقف”.
وكانت عروض عربية وعالمية قد توافدت على مصر لمساعدتها في أنهاء أزمة السفينة العالقة. ومنها ما جاء على لسان رأس الإدارة الأمريكية جو بايدن. كما استقبلت مصر عرضًا من تركيا للمساعدة بإرسال سفينتها “نانه خاتون”. حيث أعرب وزير النقل التركي عادل قره عن استعداد بلاده لتقديم المساعدة لإعادة تعويم السفينة. كذلك عرض الجانب القطري المساعدة. كما ساهم الجانب الهولندي بقاطراته، التي شاركت إحداها في تعويم السفينة.
“مهم قوي الدروس والعبر في أزمة القناة”
وعن استعدادات هيئة قناة السويس، قال السيسي: “مهم قوى الدروس والعبر اللي الموجودة.. وندرس إذا كان فيه مستلزمات ومعدات محتاجين تبقى موجودة عندنا بشكل مستمر.. الكراكة مهاب مميش واللي قبل منها دي كراكات عملاقة جاية علشان تساهم في قدرة الهيئة ومطالب العمل”، مضيفًا: “كل المطالب اللي احنا محتاجينها علشان يبقا عندنا عناصر في ظل التطور اللي حصل في حركة السفن العملاقة، لو محتاجة معدات تانية على طول فورًا نتعاقد ونجيب ومفيش أي مشكلة إن شاء الله”.
وانتهت أزمة السفينة “إيفرجين” أمس بعد نجاح جهود تعويم سفينة الحاويات البنمية الجانحة، والتي بدأت الإبحار. فيما استؤنفت الملاحة البحرية المتوقفة منذ عدة أيام.
وفي تصريحات سابقة، قال رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، إن نسبة الحوادث في المجرى الملاحي لقناة السويس تكاد لا تذكر مقارنةً بعدد السفن التي يتم تسييرها. موضحًا أنه تم تسيير 18 ألفًا و800 سفينة العام الماضي. وذكرت صحيفة “جازيتا” الروسية في تقرير إن تكلفة الشحن البحري قفزت بسبب ازدحام سفن الشحن أمام قناة السويس. ذلك بعد تعطل الملاحة بسبب جنوح سفينة حاوية في القناة.
“دعونا لا نقفز على الأحداث فيما يخص التحقيقات”
يكلف تعطل الملاحة عبر قناة السويس التجارة العالمية قرابة 400 مليون دولار في الساعة. ما يعادل نحو 6.66 مليون دولار في الدقيقة. ومع تعطل الملاحة ارتفع سعر شحن الحاوية الواحدة من الصين إلى أوروبا إلى 8 آلاف دولار. ما يساوي 4 أضعاف السعر الذي كان العام الماضي.
وفي هذا الشأن وللإجابة عمن يتحمل خسارة توقف الملاحة خلال الأيام الماضية، قال السيسي: “دعونا لا نقفز على الأحداث فيما يخص التحقيقات وما إلى ذلك”. وأضاف: “هذا الأمر بتركه لهيئة قناة السويس ولن اتدخل فيه.. لكن كل الأسئلة المحيطة بالحادث ستكون محل تحقيق متعمق من الفنيين للوصول إلى أسباب الحادث.. لأنه موضوع فني وقانوني مش عاوز أتدخل فيه”.
رسائل السيسي.. بنعيد صياغة استخدام المياه لمواجهة النمو السكاني
المشروعات التي تنفذها الحكومة في الداخل كانت أيضًا ضمن أبرز رسائل السيسي خلال حديثه بالإسماعيلية. وفي هذا الشأن، أعلن الانتهاء من زراعة 1.5 مليون فدان، ضمن مشروع الدلتا الجديد خلال عامين فقط. الذي قال عنه: “مشروع الدلتا الجديدة أنا شوفت الإعلام يتناولها إزاى؟ بنتكلم عن مليون ونصف فدان خلال سنتين هنكون زارعينهم على طريق الضبعة سواء شماله أو جنوبه.. مياه كانت بتترمى في المكس هنخدها ونعمل معالجة لتصبح صالحة للاستخدام في الزراعة.. الدلتا الجديدة مستقبل مصر، بالإضافة إلى فرصة المياه الجوفية”.
كما أضاف: “بتكلم على منطقة الضبعة، منطقة سكانها قليلين خدنا مياهنا ومخدناش مياه من حد.. بنعملها معالجة ثلاثية متطورة تخليها صالحة للمعايير العالمية لاستخدامها في الزراعة.. كان فيه مياه بتترمي في بحيرة التمساح بتطلع مليون متر يوميًا، عملنا محطة بحر البقر وهيتزرع 500 ألف فدان”.
كذلك أشار الرئيس إلى ما وصفه بـ”إعادة صياغة استخدام المياه لمجابهة النمو السكاني”. فقال: “تبطين الترع هيوفر 2 مليار متر مكعب، ومحطة بحر البقر هتوفر 2 مليار متر في السنة، والمكس هتوفر 2 مليار متر مكعب.. بنعيد صياغة استخدام المياه لمجابهة النمو السكاني”.
ودعا الرئيس السيسي الإعلام إلى ضرورة نقل الصورة كاملة للمواطنين. فقال: “علشان تعززوا بلدكم علشان تقولوا للناس إن البلد بتتحرك لقدام تخطيط وتنفيذ.. أرجو إن ننقل الكلام ده للناس علشان الأمل والثقة بالنفس إن المصريين قادرين على تغيير حقيقي لبلادهم”.