في تمام الساعة السابعة مساء الثلاثاء، كانت تقف شابة عشرينية، تتحفظ على ذكر اسمها، كما تخشى التحدث لوسائل الإعلام، بجوار خطيبها الذي كان يدخن سيجارة في شرفة منزلها بمنطقة المرج، لتفاجأ بدقات شديدة على الباب، وبأحد الجيران ينهال على خطيبها بالضرب، وتتولى زوجته مهمة الاعتداء على الفتاة لتترك في وجهها جروحًا.
لا تحتاج إلى قراءة الجملة إلى نهايتها حتى تربط ما حدث في المرج بحادث حي السلام، حين اقتحم رجل وزوجته وشخص آخر منزل ربة منزل تعيش بمفردها لشكوكهم في سلوكها، ما دفعها لإلقاء نفسها من شرفة المنزل.
الواقعتان المتشابهتان يندرجان تحت بند اقتحام الخصوصيات وانتهاك حرمات البيوت.
تنص المادة 58 من الدستور على أن “للمنازل حرمة، وفيما عدا حالات الخطر، أو الاستغاثة، لا يجوز دخولها ولا تفتيشها ولا مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائى مسبب، يحدد المكان والتوقيت والغرض منه، وذلك كله فى الأحوال المبينة فى القانون، وبالكيفية التى ينص عليها، ويجب تنبيه من فى المنازل عند دخولها أو تفتيشها، وإطلاعهم على الأمر الصادر فى هذا الشأن”.
غير أن اعتداء أحد الجيران على خطيب الفتاة وأسرتها بسبب ما تردد بأن الشابين كانا في وضع مخل بشرفة المنزل، حدا بالأسرة إلى الرحيل عن المنطقة والبحث عن جيران آخرين.
“وصاية” على السيدات
وفقا لشهادة توصلت “مصر360” إليها، فالوالد كان في العمل لحظة اقتحام منزله، في واقعة وصفت بأنها محاولة “وصاية” على السيدات، حيث يقول الجيران إنهم رأوا الشاب يُقبّل خطيبته في الشرفة، وهو أمر لا يصح من وجه نظرهم، مما يبيح لهم التدخل والاعتداء على الأسرة.
وصلة الاعتداء التي بدأت من أحد الجيران للشاب لم يفهمها الأخير، إلا أنه قرر تهدئة الموقف خوفًا على خطيبته وأشقائها ووالدتها، فقرر الانسحاب دون معرفة سبب الاعتداء عليه، لتبدأ زوجته الاعتداء على الفتاة.
تقول الفتاة إن ما يردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف، بوصف الأمر بـ”الفضيحة” غير صحيح، لافتة إلى أنها كانت تقف بجوار خطيبها وهو يدخّن سيجارة ويتحدثان، ولم يقم بأي فعل خادش للحياء كما تردد، ليكون مبررًا لذلك الاقتحام والاعتداء عليها وعلى خطيبها، ما تسبب في إصابات بوجهها.
الاعتداء طال الأم أيضًا رغم استجابة الشاب لطلبات الجار بخروجه من المنزل وعدم مجيئه مرة أخرى إليه، حتى إبلاغ الشرطة.
الفتاة ترى أن حرمات المنزل لا يمكن اقتحامها حتى لو كان المبرر أخلاقي كما يردد البعض، متابعة: “أذا فكرت في فعل شيء ينافي القواعد والآداب العامة، لكان خارج المنزل بعيدا عن الأسرة”.
مصادر أمنية قالت إن الحادث بدأ بتداول منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي باستغاثة فتاة لحمايتها من الجيران الذين اعتدوا عليها هي ووالدتها وخطيبها، فتم تحرير محضر بالواقعة، انتهى بالصح بين الطرفين، وتبين في المحضر إصابة الفتاة بجروح في وجهها.
مواقع التواصل الاجتماعي تداولت هي الأخرى عدة روايات حول الواقعة، ودوّن مستخدمون يستنكرون تكرار واقعة مشابهة لواقعة سيدة السلام، ومنهم من أرجع السبب لعدم معاقبة الجناة في قضية سيدة السلام بعقوبة رادعة، مع مطالبات أيضًا بتغليظ العقوبات على منتهكي الحياة الشخصية للآخرين.
البحث عن جيران جدد بدلا من المرج
استغاثت الأسرة التي تعرضت للاعتداء بالأقارب والأصدقاء، لأن بقية جيرانهم لم يتدخلوا لفض الاعتداء أو حمايتهم، واتصلوا بوالد الفتاة الذي كان في عمله، وذهبت الأسرة والمعتدين لقسم الشرطة بعد الإبلاغ عن الواقعة.
ولكن جاءت النهاية مخالفة لحادث سيدة السلام فلم تنته بقتل أو وفاة، ولكن قررت الأسرة ترك منطقة المرج التي أقامت بها منذ 3 سنوات والبحث عن سكن آخر، بعد تحرير محضر صلح، تجنبًا للأذي والمشاكل.
عقد إيجار الشقة التي استأجرتها الأسرة كان من المقرر انتهاؤه بعد شهرين وبالفعل كانوا يستعدون للبحث عن سكن بديل، بعد إبلاغ صاحب الشقة لهم أنه بحاجة لللشقة، إلا أنهم اضطروا للسفر خارج القاهرة حاليًا، للهروب مما وصفوه بـ”أذى الجيران”، ليبدأ الأب البحث عن شقة جديدة ينتقل إليها وسط جيران جدد.
قانون رادع
ترى المحامية النسوية عزيزة الطويل أن تلك الحوادث ستظل مستمرة لعدم وجود رادع “هيتم القبض على اللي عمل كده، طيب وبعدين، مفيش حل رادع، فيه عنف مستمر على الستات، ولازم يكون في حل، وقانون يحمي الستات، ويحمي خصوصية البنى آدمين بشكل عام”.
تتفق معها لمياء لطفي، بمؤسسة المرأة الجديدة، في ضرورة وجود قانون رادع، مع قسوة تلك الحوادث التي أصبحت تحدث باستمرار.