تصدرت المرأة السودانية صفوف الثورة وكانت زغاريدهن إشارة انطلاق التظاهرات في كافة المدن خلال العام 2019، لكن النساء السودانيات يشكون اليوم من بطء الإجراءات التي تقود إلى تحسين وضعهن.
انطلاقًا من هذا الاحتقان النسائي، نظمت مجموعات نسوية اليوم الخميس موكبًا انطلق من وزارة العدل مرورا بوزارة الداخلية ومكتب النائب العام، حمل شعار “لا تراجع.. لا انهزام“.
كانوا صوت الثورة واليوم هنَّ صوت أنفسهن بعدما خذلهن رفقاء الشارع، فخرجن يتمسكن بأن لا عودة دون حقوقهن كاملة، ومن قبلها إنهاء كافة أشكال العنف ضد المرأة.
وجاءت اللافتات معبرة عن تلك الطموحات ومنها: ” الشارع حقنا“، أوقفوا العنف ضد المرأة .. حتى الشارع بقى ما أمان”، لا لقهر النساء.. اتحدوا لانهاء العنف ضد المرأة”.
خمسة مطالب
رفعت موكب المرأة السودانية خمسة مطالب رئيسة، هي الالتزام بإنفاذ نصوص الوثيقة الدستورية بشأن المواطنة دون تمييز، وإلغاء القوانين التي تميز بين المواطنين على أساس النوع، واعتماد مرجعية المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بالمساواة النوعية في كافة التعديلات والإصلاحات القانونية والسياسية، وضمان أمن وسلامة النساء والفتيات في الفضاء العام والخاص، بتشكيل نيابات ومحاكم متخصصة في التعامل مع العنف القائم على النوع.
كما تضمنت المطالب إصلاح منظومة إنفاذ القانون والقضاء لضمان سيادة حكم القانون وبناء مؤسسات عدلية تلبي تطلعات السودانيات للعدالة، وتحترم الحقوق والحريات والتنوع الثقافي والديني والنوعي والاثني، والالتزام بمحاربة الفكر الظلامي الذي يستهدف النساء والفتيات بصورة أساسية.
نضال ضد نظام ذكري
النضال النسوي في السودان يقوم على محاربة وضع ذكوري ضارب بعمق في كافة تفاصيل الحياة، وفقما نشرت شبكة “صيحة بالعربي” التي تنقل صوت السودانيات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتقول الشبكة في معرض نقلها فاعليات اليوم: “نحن النساء باختلافاتنا نعيش في حالة حرب دائمة. لسنا بأمان أو سلم وإن كنا نقطن في مناطق ينعدم فيها النزاع المسلح، إذ نعايش يوميا عنف النظام الذكوري المتمثل في سلطة الأسرة وسلطة الدولة، دون عقاب أو حساب”.
⭕ سيارة مجهولة تحاول دهس المتظاهرات فى الموكب النسوى بالسودان
قام رجل يقود سيارة بمحاولة دهس المتظاهرات واعتدى على عشرة بالضرب والسب مما أدى إلى إصابة إحدى المتظاهرات.#الموكب_النسوي #الشارع_حقنا#بيوتنا_ما_أمان#itsnotokay pic.twitter.com/y1FVKoWokL— Masr 360 مصر (@Masr360Official) April 8, 2021
وتابعت: “تحولت أجسادنا لساحات معارك ينتصر فيها المنتهك… ندرك أننا لن ننهزم وأن الهزيمة تحدث فقط عندما نكف عن النضال”.
في دارفور.. الخوف يكسو الوجوه
أما في ولاية دارفور التي تشهد أضاعًا أمنية متوترة، تجد المرأة السودانية نفسها تحت وطأة إضافية، فالخوف يكسو الوجوه والأمل في الإصلاح لابد أن يكون بعد وضع السلاح.
وفي هذا الإطار طالبت شبكة المساواة النوعية – أقليم دارفور، في بيان، عقب أحداث العنف المتكررة هناك، والتي تجددت بصورة أعنف في 3 أبريل الماضي، حكومة الولاية واللجنة الأمنية ورئاسة مجلس الوزراء بالتعامل بجدية وحسم وصرامة للسيطرة على هذة التفلتات وفرض هيبتها بمعايير تضمن سلامة وحماية المدنيين، والاستجابة العاجلة لنداء الكوادر الطبية.
من أمام وزارة العدل… ولا عدل #الموكب_النسوي pic.twitter.com/pQswK1Na1H
— ⵙjס (@MuzanAlneel) April 8, 2021
وأشارت المنظمة إلى أن الشعب السوداني ظل يترقب حلول السلام والاستقرار في الوطن بعد ثورة ديسمبر المجيدة، كما أصاب الجميع الخوف والحزن لما يحدث خاصة للنساء في تلك المنطقة لانهن الغالبية العظمى المتأثرة، مستنكرين هذا السلوك غير الإنساني.
الإرهاب ينال مما تبقى للسودانيات
وبخلاف النظام الذكوري المتفشي حكوميًا وأسريًا، تأتي الجماعات الإرهابية لتنال مما تبقى للمرأة السودانية من مساحة هي الأضيق لحرياتهن على وجه العموم.
وتتعرض النساء والفتيات السودانيات إلى الاعتداء في الفضاء العام بفعل الجماعات الإجرامية التي تهدد وتتوعد، وهو مؤشر لاقتراب البلاد من الغرق في غياهب الجماعات الإرهابية أمثال بوكو حرام والشباب الصومالي وداعش، التي تتخصص في العنف ضد النساء والاغتصاب واختطاف الطفلات وخلافه من السيناريوهات الظلامية التي تخسف بالمجتمعات لقرون من الزمان.
حقنا كامل و ما بنجامل و نحن إخترنا الطريق دا و مكملات . نسويات و حنناضل من اجل حقوق النساء للابد مهما حصل .#الموكب_النسوي #النساء_للنساء_للابد pic.twitter.com/RgCRQj6uvb
— ملاذ (@_MalazEmad) April 8, 2021
بعنوان “انتزاع المساحات: وصول المرأة السودانية إلى التعليم المهني والتوظيف“، أصدرت شبكة صيحة ورقة بحثية طالبت فيها بالتركيز على المرحلة الثانية من مشروع كسر القوالب النمطية الجنسانية الذي تديره الشبكة.
وعرضت الورقة تجربة النساء الفقيرات في المناطق الحضرية للوصول لفرص في التدريب المهني والتوظيف في الخرطوم الكبرى.
ومن خلال دراسة العوائق التي تعترض الفرص المهنية للمرأة واستخدام التجربة الحية للمشاركات، يشير البحث إلى الآثار الضارة للنظام السابق.
وقد تحقق ذلك من خلال تسليط الضوء على قوانين الإقصاء التي أدت إلى انخفاض مشاركة المرأة في التعليم المهني اليوم. والأهم من ذلك أوضحت المناقشة التفاني الصادق للمشاركات ليكن جزءًا من قصة متغيرة.
ودعت الشبكة الحكومة الانتقالية إلى تناول قضايا النساء بجدية والمصادقة على الصكوك الأساسية المتعلقة بحقوق المرأة، بما في ذلك بروتوكول الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب بشأن حقوق المرأة في أفريقيا واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سيداو.
كما طالبت وزارة العمل بالاطلاع بدورها في فرض السياسات التي تلزم مؤسسات القطاع الخاص والعام بالفرض المتساوية وفرض قوانين التمييز الإيجابي واتاحة الفرص للتواجد في كل المجالات دون عوائق.
تمثيل حكومي ضعيف
كانت المرأة في عهد نظام الرئيس السابق عمر البشير مجرد أسماء في السجلات المدنية، ومع إزاحة النظام الإسلامي بدا الانفتاح ضعيفا مع ضعف المشاركة النسائية في الحكومة، رغم أن رئيس الحكومة عبد الله حمدوك عهد إلى النساء بأربع وزارات من أصل 17 وزارة، من بينها وزارة الخارجية التي تتولاها لأول مرة امرأة هي اسماء محمد عبد الله.
https://twitter.com/YourGoddess4444/status/1380157382400094212?s=20
كما عينت لأول مرة امرأة هي نعمات محمد عبد الله على رأس السلطة القضائية، وامرأتان بين أعضاء مجلس السيادة الذي يتولى مع الحكومة مهام التشريع ويضم 11 عضوا هم خمسة عسكريين وستة مدنيين.
تشريعات مجحفة
وعاشت المرأة في عهد البشير أظلم عصورها، ولا يزال يتبقى من آثار تلك الحقبة قوانين مجحفة تكرس التمييز ضد النساء.
ورغم أن الحكومة الجديدة ألغت في نوفمبر 2019 قانون “النظام العام والآداب العامة” الذي كان يحد من حرية المرأة وحقوقها، لكن لا تزا لهناك قوانين بحاجة إلى تعديل ومنها قانون الأحوال الشخصية وبعض مواد القانون الجنائي المتعلقة بـ”الزي الفاضح”.
https://twitter.com/blakishgold/status/1380103595081793537?s=20
القانون سيء الذكر في عهد البشير كان يسمح بجلد النساء أو سجنهنّ لشتى الأسباب مثل ارتداء ملابس “فاضحة” أو تناول الكحول.