في تطور لافت في قضية السفينة “إيفرجيفين” المتوقفة في البحيرات المرة، بعد جنحها نحو 7 أيام في المجرى الملاحي لقناة السويس، أصدرت محكمة الاسماعيلية الاقتصادية قرارا بالحجز التحفظي علي السفينة التي كانت تحمل العمل البنمي حتى سداد 900 مليون دولار كتعويضات عن الخسائر الناجمة عن جنوحها في قناة السويس، الشهر الماضي.
جاء القرار بناء على طلب تقدمت به هيئة قناة السويس إلى المحكمة. ومن المقرر أن يتوجه محضر من المحكمة اليوم الثلاثاء، إلى مكان توقف السفينة لإخطار طاقمها بقرار المحكمة، وهو الأمر الذي توقعه محللون مطلعون على سير التحقيقات في ظل تعنت الشركة المالكة.
الهيئة تلجأ إلى القضاء
لجأت هيئة قناة السويس إلى القضاء المدني، بعد مماطلة مع الشركة المالكة وشركة التأمين، والتي تعمل على تقليل التعويضات، والتي أمرت بالحجز على السفينة.
وقدرت هيئة قناة السويس مستحقاتها عن إجراءات الإنقاذ والصيانة، التي أجرتها طواقم الهيئة للسفينة، والمعدات التي اتلفت، وتكاليف تعطل حركة الملاحة بقناة السويس، بمبلغ مقداره 900 مليون دولار.
ومن جانبه، قال الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن تم الحجز رسميا على السفينة الجانحة إيفرجيفن أمس الاثنين، نافيا التزام القناة بدفع أية تعويضات للسفن المتضررة من الأزمة.
وأضاف ربيع، في مداخلة هاتفية لبرنامج “التاسعة”، أنه تم تفريغ الصندوق الأسود ولكن من المتوقع الانتهاء من التحقيقات في جنوح السفينة البنمية بحلول يوم الخميس المقبل، بينما تستمر المفاوضات حتى بعد هذا التاريخ، نظرا لوجود عدد من النقاط الخلافية مع المالك وشركة التأمين.
وعن طول مدة لمفاوضات، أوضح ربيع ان “الشركة تفاصل في 90% من المبلغ المطلوب” كتعويض عن الضرر الواقع على قناة السويس نتيجة الحادث قائلا،”مش عاوزين يدفعوا حاجة”، مشيرا إلى أنه انتظر المفاوضات ولكنها لم تسفر عن شيئ.
اقرأ أيضا:
السفينة لم تعد جانحة.. كيف أدارت مصر أزمة “إيفر جيفن” وما دور القمر؟
ماذا بعد نجاح تعويم السفينة الجانحة بقناة السويس؟
أين ستذهب أموال التعويض؟
وأوضح أنه حال نجاح المفاوضات وتم الحصول على التعويض المطلوب، فإنه سيتم شراء معدات جديدة، رغم أن القناة تستورد معدات بالفعل دون الحاجة إلى هذا المبلغ، وذلك وفقًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.
مصير الصندوق الأسود للسفينة
قبل بدء التحقيقات، خاطب رئيس هية التحقيق بهيئة قناة السويس، القبطان سيد شعيشع، الشركة المالكة للسفينة منذ بداية الحادث، بأن يتم التحفظ على المعلومات المسجلة داخل السفينة، لإخلاء مسؤولية الهيئة في حال جرى إتلاف الصندوق الأسود، أو إن كان تالفًا من قبل، أو وقع به أي تلفيات أثناء عملية التعويم. ويعتبر القانون الدولي نتائج رئيس هيئة التحقيق هو الحقيقة فقط.
ثماني طلبات تم إرسالها إلى قيادات السفينة، تنوعت بين التعرف على عدد ساعات عمل العمال على السفينة والعطلات التي حصلوا عليها من واقع جوازات السفر وصورة له، وشهادات السفينة، وهي التي تحدد صلاحيتها، وأجهزة الرادار “الماجنترون”، وهو الفيديو الذي يشرح صورة الرادار وتوضيح عدد ساعات العمل وبيان تغيره من عدمه، بحسب رئيس هيئة التحقيق، الذي أكد إن كان معطلا فهو لن يسمح له برؤية سنتر القناة بالتحديد.
وتابع أنه طلب سجل حواث السفينة، والسؤال عن سبب دخولها الحوض هل للصيانة أم للإصلاحات، ومعرفة نوع الجهاز “الصندوق الأسود” لمعرفة مدة التسجيل
الامتناع عن الرد خلال الفترة الماضية، جعل رئيس هيئة التحقيق يرسل رسائل أخرى استفهامية عن سبب التأخر في الرد، بجانب التقدم بطلب إنذار رسمي بالرد، وفقًا لشعيشع.
تجدر الإشارة هنا إلى أن قناة السويس موقعة على اتفاقية القسطنطينية التاريخية عام 1888 بشأن حرية الملاحة في قناة السويس، والتي لا تنص على تقديم القناة أي تعويضات للسفن العابرة.
قناة السويس موقعة على اتفاقية القسطنطينية التاريخية عام 1888 بشأن حرية الملاحة في قناة السويس، والتي لا تنص على تقديم القناة أي تعويضات للسفن العابرة
كما أن اللائحة المنظمة لعبور السفن تنص على أن طاقم السفينة هو المسؤول بالكامل عن قيادتها داخل المجرى الملاحي. وهنا يقتصر دور المرشد المكلف من قناة السويس على تقديم إرشادات للعبور واعتبار رأيه استشاريًا. وفي ضوء ذلك، فإن التعويضات المحتملة تنتقل مسؤولياتها إلى كل من الشركة المالكة أو المستأجرة للسفينة.
الحجز التحفظي لحين سداد المستحقات
أستندت الهيئة في طلبها بالحجز التحفظي على السفينة، على المادة السادسة من قانون المحاكم الاقتصادية، التي تختص بالدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية، دون غيرها؛ بالنظر ابتداءً في كافة المنازعات والدعاوى التي تنشأ عن تطبيق قانون التجارة البحرية.
كما استندت إلى المادة (59) من قانون التجارة البحرية، التي تجيز الحجز التحفظي على السفن، بأمر من رئيس المحكمة المختصة أو من يقوم مقام، كما تجيز الأمر بتوقيع هذا الحجز، حتى إذا كانت السفينة متأهبة للسفر.
وبموجب القرار تمنع المحكمة الشركة المشغلة من التصرف بالسفينة بأي طريقة، وتظل في منطقة البحيرات، تحت سلطة هيئة قناة السويس، لحين سداد المستحقات.
الدفع أو التحفظ
يقول الدكتور أحمد سلطان، الخبير الدولى في النقل البحرى واللوجستيات، إن السفينة الجانحة تسببت في أضرار بالغة لهيئة قناة اسويس وعليها أن تلتزم بالتعويض وفي حالة الامتناع يتم احتجاز السفينة حتى تسدد التعويض أو أن يتم إيداع خطاب ضمان حتى تنتهي المفاوضات ويتم تحديد المبلغ التعويضى النهائي.
وقال ربيع في وقت سابق إن خسائر الهيئة اليومية من غلق المجرى الملاحي بلغت حوالي 15 مليون دولار، وقدر ربيع التعويضات بحوالي مليار دولار.
وأشار سلطان في تصريحات، لـ مصر 360، إن المبلغ التعويضي من الممكن أن يتغير بهدف الوصول إلى تقارب وجهات النظر وللوصول لتسوية ودية.
وفي حالة اللامتناع تماما عن الدفع من الممكن التحفظ على السفينة بالكامل، حسبما يقول خبير النقل البحري.
في السياق نفسه، أكد المهندس وائل قدورة، الخبير في النقل البحري أنه في حال تقديم الهيئة معلومات إثبات التلفيات والتأثيرات المباشرة على تعطيل الملاحة، يمكن أن يصدر الحكم القضائي بحصول الهيئة على السفينة وحمولتها بالكامل.
وأدت السفينة العملاقة والتي تبلغ طولها حو”إالي 400 متر وعرضها نحو 60 مترا إلى إغلاق القطاعين الشمالي والجنوبي بعد جنحها في 23 مارس الماضي، مما ترتب عليها تعطيل العديد من السفن من العبور للوصول إلى النقاط المحددة لهم، وتكدس سفن الشحن أمام القناة، لمدة 6 أيام، قبل أن تنجح محاولات هيئة قناة السويس في تعويمها، وجرها لمنطقة البحيرات، واستئناف الملاحة.