تحفظه الحركات العمالية كما تحفظ أهدافها ومطالبها، فلا نداء ولا تحرك لانتزاع حقوق دونه، يكون في المنتصف إما مشاركًا في حراكٍ أو وسيطًا تفاوضيًا أو محاولاً رسم خطوط الأمل لمستقبل آلاف العاملين.
حسنًا سُميّت قضيته وتهمته “الأمل” الذي كان عنوانًا لـ21 شهرًا من الحبس الاحتياطي حتى الآن للصحفي النقابي والمناضل الاشتراكي هشام فؤاد.
الإفراجات التي جرت خلال الأيام الماضية رأى فيها البعض فرصة لمتنفس طويل الأمد، وهو ما دفع الحقوقيين والمدافعين عن المعتلقين للمطالبة بأن تصل رغبة الإفراج إلى هشام فؤاد.
معتلقي الأمل
في فجر 25 يونيو 2019، اقتحمت قوات الأمن منزل الصحفي العمالي، ليختفي لمدة ساعات قبل أن يظهر في نيابة أمن الدولة على ذمة القضية رقم 930 لسنة 2019 والمعروفة إعلاميًا بـ”معتلقي الأمل”، والتي تضم العديد من الصحفيين والحقوقيين والمحامين.
وقال بيان وزارة الداخلية المصرية وقتها إن المقبوض عليهم في القضية 930 “خططوا لتمويل أعمال عنف ضد مؤسسات الدولة”، وقاموا بتكثيف الدعوات الإعلامية التحريضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التي تبث من الخارج”.
وضمت القضية هشام فؤاد الصحفي وعضو حركة الاشتراكيين الثوريين، والصحفي حسام مؤنس المتحدث الرسمي السابق باسم التيار الشعبي وأحد مؤسسيه، وزياد العليمي عضو البرلمان السابق، ورجل الأعمال عمر الشنيطي.
هشام الذي يمتلك تاريخًا نضاليًا دون اليأس، حفر باسمه طريقًا يسلكه كل الساعين إلى الحلم في غدٍ أفضل، فكان واحدًا من رواد منهج أن الأمل موجود في غياهب الظلم حتى باتت تلك جريمته.
تهمته أنه إنسان
“تاني رمضان يمر علينا وهشام فى السجن”، كلمات محبوسة في لحظة استحضار الأمل في أن يكون الفرج قريبًا تتحدث زوجة الصحفي هشام فؤاد، والتي طالما انتظرته حاملة الدعوات والأمل داخل قلبها قرابة العامين.
تتذكر الزوجة مديحة حسين لحظات القبض على زوجها: “لحظات رعب مرينا بها من وقت الهجوم الأمني على البيت بعد الفجر للقبض على زوجي وكأنهم جاين يقبضوا على تاجر مخدرات”.
طوال الأشهر الماضية لم تفقد الزوجة الأمل في الحرية لصاحبها، تكمل الزوجة: “أمن وقوات خاصة وقناصة ملوا الشقة للقبض على واحد كل تهمته إنه إنسان عنده مواقف ومبادئ ورأى ودايماً واقف مع المظلوم صاحب الحق، وتم تفتيش الشقة وتحريز الكتب والروايات ما هم ملقوش حاجة تانية عشان تتحرز”.
نصير العمال
اهتم هشام فؤاد بعمله الصحفي، خاصة ملف العمال فقد كان اهتمامه من الدرجة الأولى، مهمومًا بمشاكل العامل، يشتبك مع الملف بحرص على تقديم المساعدة لهم، ويبادر بالمشاركة في أي فعالية تخصهم، يحثهم على التفاؤل الذي يلازمه دائما، فالأمل والتفاؤل رفيقا دربه.
عمل هشام بالعديد من المؤسسات الصحفية بينها جريدة العربي الناصري، له منشوره النقابي الذي كان يصدر بانتظام بعنوان “صحفيو الغد” يتناول فيه قضايا الشأن النقابي وعلاقات العمل وأوضاع المهنة.
عندما كان الأمل ملازمها تقدمت زوجته بمذكرة لنقابة الصحفيين، لمخاطبة النيابة بإخلاء سبيل هشام بضمان النقابة، ومخاطبة إدارة السجن لتحسين ظروفه المعيشية والصحية، والسماح بدخول مراتب ووسادات ومروحة وكتب وأدوية.
وفي الوقت الذي يتحسس فيه البعض بعضًا من الأمل خلال الأيام الماضية بالتزامن مع الإفراج عن محبوسين في قضايا رأي عام، تتواصل مطالب إخلاء سبيل هشام، الذي يتم تجديد حبسه بشكل مستمر على ذمة القضية.
وطالب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بالإفراج الفوري عن هشام فؤاد وزملائه المحبوسين احتياطيا علي ذمة نفس القضية.
الرفيق المجهول
“هشام فؤاد.. الرفيق المجهول على درب الأمل” بهذا العنوان نشرت صفحة الاشتراكيين الثوريين مقالاً عن رفيقهم، ومسيرته النضالية مع العمال الفلاحين وتأسيس النقابات المستقلة ووصفوه “بالمهندس”.
على مدار سنوات منذ تخرجه في كلية الإعلام عام 1987، لم يتخل “هشام” عن ابتسامة لا تفارق وجهه، وطول نفس من يدرك أن الطريق لا يزال طويلا، مؤمنًا أنه ما من جدوى خطوة للأمام إن لم تكن جماعية.
“بكره تروق وتحلى” هي كلماته مهما تعثَّرت الأحوال؛ يناضل ويدعم ويساند في هدوء، فهو الرفيق المجهول في كل المعارك والقضايا.
الصارم المبتسم
قال عنه نقيب الصحفيين الأسبق يحيي قلاش: “عرفت الزميل هشام فؤاد، عندما انخرطت رسميا في العمل النقابي منذ منتصف تسعينات القرن الماضي كان هشام يحط بداياته في المهنة، عرف طريقه إلى النقابة ربما قبل طريقه إلى الجريدة التي عمل بها وقيد عليها عضوا، شاب يافع طويل القامة يملك موقف صارم وانحياز لكل مظلوم، ووجه ودود مبتسم طوال الوقت، كان نشر الوعي والمعرفة هدفه والأمل في الغد الأفضل بوصلته التي تحكم حركته وتحدد موقفه والحوار سبيله الوحيد”.
يكبر ولا يتغير، لكن كبر معه الأمل والحلم بالغد، ولا تفارقه ابتسامته، ومعها يزداد حنوا وملامح أبوة مبكرة تحتوي كل مشاكل زملائه، ويبحث عن المشترك بين الجميع، ويتقدم الصفوف في كل معارك النقابة
وتابع: “ظل هكذا يكبر ولا يتغير، لكن كبر معه الأمل والحلم بالغد، ولا تفارقه ابتسامته، ومعها يزداد حنوا وملامح أبوة مبكرة تحتوي كل مشاكل زملائه، ويبحث عن المشترك بين الجميع، ويتقدم الصفوف في كل معارك النقابة، وتعلو قامته دون أن تحجب بساطته وتواضعه ومحبة كل الزملاء له مهما كان خلافهم معه، لأنهم عاهدوه صادقا وأمينا، هشام كان حرا وسيظل، وهو قادر أن يجعل من محنة الحبس منحة يخرج منها سريعا – بإذن الله – ناشرا الأمل ويعود لإصدار منشوره الصحفي الذي بدأ به “صحفيو الغد”.
وقال عنه الكاتب الصحفي كارم يحيي: “الحرية لصديقي وزميلي الكاتب الصفي والنقابي هشام فؤاد.. نفتقده للعام الثاني مع بداية رمضان مع زوجته وأولاده فاطمة وسيف”، قائلا لصديقه “إحلم يا صديقي فالأسوار لا تمنع الأحلام ولا تسجنها، ولنأمل أن نظل نحلم أينما كنا”.