كشفت مؤسسة إدراك للتنمية والمساواة عن طبيعة جرائم العنف المرتكبة بحق النساء خلال تقريرها ربع السنوي لعام 2021، والصادر عن مرصد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات.
ويشهد المجتمع المصري تصاعداً في وتيرة العنف ضد المرأة، وكانت عدة تقارير حقوقية سبق وأن أشارت إلى ارتفاع المعدل عالميا خلال جائحة كورونا.
مسببات العنف ضد المرأة
ينناول التقرير الحديث محاور للرصد مثل علاقة الجناة بالضحايا، والنوع الاجتماعي للجناة، للوقوف بشكل أعمق على مسببات العنف، وعلاقته بالقائمين عليه.
وحذر التقرير من تأثير العنف على صحة المرأة الجسدية والنفسية، وتأثيره السلبي على شراكتها مجتمعيا، لافتا إلى أن فترات الأوبئة تؤدي إلى ارتفاع معدل الانتهاكات، واللامساواة بين الجنسين.
ووفق استطلاع أجراه المكتب الإقليمي للأمم المتحدة، للمرأة للدول العربية على الإنترنت في تسع دول عربية، استهدف رصد الخطر المحدق بالنساء، في زمن الحجر الصحي، اتفـق حوالي نصف المشاركات والمشاركين في الاستطلاع من جميع البلدان التسعة التي شملها، على أن النساء يواجهن خطرا متزايدا من العنف من قبل أزواجهن بسبب فيروس كورونا.
كما اتفقوا أيضا على ضرورة أن تكون قضية معالجة العنف ضد المرأة والفتاة أولوية حتى أثناء تفشي الجائحة.
جرائم عنف ضد المرأة بالأرقام
خلال العام الماضي انتهت نتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي أصدره المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بأن هناك 5 مليون و600 ألف امرأة يعانين من عنف على يد الزوج أو الخطيب سنويا، كما أن هناك 2 مليون و400 ألف امرأة أصبن بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة لعنف على يد الزوج أو الخطيب، وأن مليون امرأة يتركن منزل الزوجية نتيجة العنف على يد الزوج، وتصل تكلفة السكن البديل أو المأوي عندما تترك النساء منازلهن بسبب العنف على يد الزوج تبلغ 585 مليون جنيه سنويا، وتتعرض نحو 200 ألف امرأة سنويا لمضاعفات في الحمل نتيجة العنف على يد الزوج، لم يتعد عدد النساء اللائي يبلغن الشرطة بحوادث العنف 75 ألف امرأة.
تقرير إداراك بدوره ذكر أن إجمالي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات بلغ 140 جريمة، فيما وصل إجمالي جرائم قتل النساء والفتيات بسبب العنف إلى 60 جريمة، في حين بلغت جرائم الشروع في القتل 10 جرائـم.
أما إجمالي جرائم الانتحار لفتيات وسيدات فهي 20 حالة، بحسب التقرير، فيما بلغ إجمالي جرائم الضرب المبرح والتي ينتج عنه كسور أو عاهات مؤقته أو دائمة 6 جرائم، ووصلت جرائم الاغتصاب لـ 17 جريمة، ووقعت 14 جريمة تحرش جنسي فيما وقعت جريمتي ختان إناث.
جريمة ختان الإناث
ولفت التقرير إلى أن قضايا ختان الإناث عادة ماتنتهي بحكم مع وقف التنفيذ، آملين أن يكون تغليظ العقوبة مؤخرا رادعا عن ارتكاب تلك الجريمة، وتلاشي معدلاتها.
كذلك أشار التقرير إلى أنه “ومن إجمالي هذه الجرائم بلغت جرائم العنف الأسري وحدها 52 جريمة منهم 39 جريمة قتل، و 9 حالات شروع في قتل، 4 حالات ضرب مبرح”.، من بينهم جريمتي شرف، وأخرين بسبب الميراث.
كما تصدرت محافظة الجيزة أعلى معدلات العنف ضد النساء والفتيات في مصر خلال الربع الأول من العام الجاري، تلتها محافظتي القاهرة والاسكندرية، وإن كان لا يجب إغفال عامل الإفصاح وتأثيره على تلك الأرقام.
ولفت التقرير أيضا إلى أن كثيرا من هذه الجرائم يكون الجاني فيها أحد أفراد الأسرة، أو وجود صلة قرابة، واحتل الأزواج النسبة الأعلى في تلك الجرائم، يليهما الأب، والأخ على التوالي.
وعليه نوه التقرير بأن الوقائع الواردة في التقرير ما هي إلا الجرائم المبلغ عنها رسميا سواء حدثت أو تم الكشف عن الجريمة نفسها خلال عام 2021 والتي تمكنت باحثات المؤسسة من رصدها والاطلاع عليها من خلال الجرائد المصرية وبيانات المكتب الإعلامي للنيابة العامة والإدارية.
كما نوه إلى أن الذكور يهيمنون على النوع الاجتماعي للجناة بنسبة 67%، في مقابل 7% من قبل المرأة، إلى جانب نسب تخص مجهولين.
ملاحظات تخص العنف
لاحظ التقرير عودة معدلات التحرش إلى الارتفاع المعهود، بعد انخفاضها خلال العام الماضي خلال الإغلاق أثناء بداية ظهور الجائحة.
وذكرت مبادرة خريطة التحرش في مصر أن التحرش الجنسي للنساء والفتيات يحدث من جميع الفئات والأعمار داخل المجتمع المصري: المحجبة وغير المحجبة، صغيرات السن وكبيرات السن، متزوجة وغير متزوجة، مصرية وغير مصرية.
ووفقًا لدراسة أعدتها الأمم المحدة للمرأة في عام 2013، فان %99،4 من السيدات المصريات تعرضن للتحرش و طبقاً لدراسة المركز المصري لحقوق المرأة عام 2008 كانت 72% من النساء اللاتي تعرضن للتحرّش يرتدين الحجاب أو النقاب.
ويعود التقرير ليكشف عن استخدام مواد الرأفة مع الجناة من قبل القضاة، وتخفيف الحكم عليهم بشكل لايتناسب مع فداحة وبشاعة الجريمة، خاصة فيما يسمى جرائم الشرف، والتحرش الجنسي، وكذلك الختان، والضرب المبرح.
وفي هذا السياق تساعد المادة 60 من قانون العقوبات مرتكبي العنف ضد النساء بشكل كبير، وتمدهم بحصانة من العقوبة فى حالات العنف الأسرى، فيمنح الجانى الرأفة إذا أثبت أن ما ارتكبه كان «بنية سليمة»، إذ لا يحتوى القانون المصرى على نص يجرم العنف الأسري.
اقرأ أيضا:
قتل النساء وجرائم الشرف.. دماء مسفوكة إرضاءً للمجتمع
وتستخدم هذه المادة لتبرير المشكلات الأسرية على أنه حق الزوج فى تأديب زوجته ولتبرير جرائم الشرف، كما أن الاغتصاب الزوجى غير معترف به فى قانون العقوبات.
كذكلك يغيب مصطلح «جرائم الشرف» من التشريعات المصرية، كما أن قتل النساء على خلفية الشرف يلقى تعاطفا من المحاكم، ويشهد تخفيفا للحكم على جريمة هى فى واقع الأمر جريمة قتل عمد، حيث يتيح قانون العقوبات للقاضى النزول بالعقوبة درجتين إذا رأى أن ملابسات الجريمة تستدعى ذلك، كما تستند المحاكم إلى المادة ذاتها لإصدار عقوبات مخففة أحيانا فى جرائم الاغتصاب والعنف الجنسى.
ويرصد التقرير أيضا تسجيل أصغر جريمة ختان لرضيعة عمرها 40 يوما، ولكن دون أدنى متابعة من المجالس القومية المتخصصة، او حتى الجهات القضائية.
وخلال الفترة الأخيرة تبنت الحكومة تشريعات أكثر تشددا في عقوبة ختان الإناث وتجريمها، إلا أن القانون لم يلق ترحيبا حقوقيا حيث إن التشديد في العقوبات دون اتخاذ إجراءات اجتماعية موازية، غير فعال، ولا يؤدي إلى لمزيد من البعد عن اللجوء إلى مرفق العدالة.