أعلن الجانبان المصري والليبي، اليوم الثلاثاء، عن اتفاقيات استثمارية وانفتاحًا تجاريًا يشمل خطًا ملاحيًا وعودة الطيران المباشر واستئناف عمل السفارة المصرية في طرابلس، والمشاركة في إعادة إعمار ليبيا، وذلك ضمن زيارة وصفت بالتاريخية لوفد مصري وصل طرابلس عصر اليوم برئاسة رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، حيث أجرى مباحثات مع نظيره الليبي عبد الحميد الدبيبة.
وفي هذا الصدد، شهد مدبولي والدبيبة التوقيع على 11 وثيقة للتعاون الثنائي في مجالات عديدة، منها الكهرباء والبنية التحتية والقوى العاملة، التي وصفها رئيس الحكومة المصرية بأنها ليست مجرد توقيع بروتوكولي، بقدر ما سيتم العمل على خطط تنفيذية لتفعيل مذكرات التفاهم.
زيارة تاريخية
واصطحب مدبولي في زيارته إلى غرب ليبيا حوالي نصف وزراء حكومته، ضمن زيارة هي الأولى منذ سنوات، والأكبر في تاريخ البلدين، نظرًا لعدد الوزراء الذي يضمهم الوفد المصري.
وضم الوفد وزراء: الكهرباء والطاقة المتجددة، البترول والثروة المعدنية، القوى العاملة، التربية والتعليم والتعليم الفني، التعاون الدولي، الصحة والسكان، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، النقل، الطيران المدنى، التجارة والصناعة، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار، وعددًا من ممثلي الجهات المعنية، والمستثمرين.
11 وثيقة تعاون مشترك
وخلال مؤتمر صحفي مشترك، قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية إن الفترة المقبلة ستشهد تعاونًا واسعًا بين البلدين، لافتًا إلى أن وثائق التعاون المشترك تضمنت مذكرة تفاهم بشأن التعاون الفني في مجال المواصلات والنقل، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في تنفيذ مشروعات الطرق والبنية التحتية، ومذكرة تفاهم في المجال الصحي.
كما جرى التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال القوى العاملة، ومذكرة تفاهم بشأن الاستثمار بمجال الكهرباء ومذكرة تفاهم بشأن الربط الدولي للاتصالات. بالإضافة إلى توقيع ثلاث اتفاقيات في مجال تطوير الكهرباء. وتضمنت أيضًا توقيع مذكرة تفاهم بشأن رفع السعات الدولية في منظومة الألياف البصرية، ومذكرة تفاهم في مجالات التدريب التقني وبناء القدرات.
وقال عبد الحميد الدبيبة: “إنه في ظل حالة من الأمن والاستقرار التى يشهدها البلدان (مصر وليبيا)، فإن دورنا يتضمن إرساء التعاون المشترك والبناء الذى يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين خلال الفترة الراهنة”.
وأضاف الديبية أن المباحثات الثنائية تستهدف الخروج بخطوات فعلية بتوقيع عدد من الاتفاقيات منها مجال الكهرباء والتعاون الفني واتفاقية موحدة للصحة والبنية التحتية والنقل والاستثمار، لتحقيق انطلاقة إيجابية في بداية مرحلة شراكة جديدة بين البلدين.
إعادة افتتاح السفارة المصرية في طرابلس
وأشار الدبيبة إلى أن اللقاء ناقش استئناف عمل السفارة المصرية، وتعزيز العمل القنصلي لتقديم الخدمات للجميع، وتسهيل إجراءات العبور والتنقل للموطنين وانسياب دخول السلع والبضائع من خلال فتح الخطوط البحرية للركاب والشحن بين مواني البلدين، إلى جانب إعادة افتتاح الطيران المباشر من المطارات الليبية إلى العاصمة المصرية القاهرة الذي سيشكل عاملا مهما للتعاون في المجالات الأخرى.
خط ملاحي وعودة الطيران المباشر
في الأثناء، أعلن رئيس الحكومة المصرية عن قرب تدشين خط ملاحي بحري بين الموانئ المصرية والليبية خلال الفترة المقبلة. ولفت إلى أنه سيتم السماح باستقبال الرحلات من أي مدن في ليبيا بمطار القاهرة.
مدرسة وجامعة مصرية في ليبيا
كما أضاف أن ثمة خطة لفتح مدرسة مصرية في ليبيا، وإنشاء جامعة مصرية في إحدى المدن التي ستختارها الحكومة الليبية. ولفت إلى أن مصر ستساعد في إنشاء مستشفى في طرابلس، بجانب إرسال قوافل طبية إلى ليبيا.
ووصف مدبولي زيارته إلى ليبيا بـ”الزيارة التاريخية بكل المقاييس وتساهم في تعزيز العلاقات القوية بين البلدين”. وشدد على أن “مصر هي عمق لليبيا وليبيا هي عمق لمصر”. ولفت إلى أن الفترة المقبلة ستشهد ازدهار في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الشعبين، بجانب تأكيد مصر على الدعم السياسى للحكومة الليبية.
مشروعات عقارية
وأعلن الجانب المصري عن استعداده للمساهمة فى جهود إعادة الإعمار التي يجرى الإعداد لها في ليبيا حاليًا، لافتًا إلى أن الجانب المصري عرض على نظيره الليبي تنفيذ مشروعات إسكان بمستوى عالٍ من الكفاءة وفى فترة زمنية قصيرة، بالإضافة إلى تطوير قطاع المياه ومحطات الصرف الصحى فى ليبيا.
دور مصري في المشهد
وخلال العقد الماضي الذي أعقب الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، كان لمصر دور محوري في الصراع الليبي، وارتبطت بعلاقات جيدة مع قوات شرق ليبيا ومجلس النواب في طبرق، فيما لم تكن علاقاتها خلال السنوات الأخيرة جيدة بحكومة الوفاق التي دعمتها تركيا للتمسك بسيطرتها على غرب البلاد.
وعقب الاتفاق على خريطة طريق شملت وقف إطلاق النار وفترة انتقالية تنتهي بانتخابات عامة، عادت قوات الشرق إلى مواقعها. وحظيت الخطوة بدعم دولي واسع، كما سارعت مصر – التي هددت في السابق تركيا لوقف تدخلها العسكري في ليبيا- إلى دعم تلك الخطوات.
وفور انتخابه على رأس حكومة الوحدة الوطنية، وهي نتاج جولات حوار مطولة في عواصم عربية، سارع عبد الحميد الدبيبة لزيارة مصر في أول جولة خارجية له.
والحكومة الليبية المؤقتة تسعى لإجراء استفتاء شعبي على الدستور، وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية من المفترض أن تجرى في ديسمبر المقبل.
واستضافت مصر مؤخرًا جولات لمباحثات لجنة المسار الدستوري الليبية، حيث اتفقت على تقديم مشروع تعديل دستوري إلى مجلس النواب الليبي، لإقراره وإجراء الاستفتاء على الدستور.
وقبل أيام، أقر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارًا يدعم التطورات في ليبيا التي تؤدي لتحقيق السلام والأمن منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي.