صدرت ضد أحمد دومة عدة أحكام قضائية، هى الحكم عليه من محكمة جنح عابدين، حيث اصطحب أحمد ماهر لمحكمة عابدين لحضور جلسة تحقيق مع ماهر بمقر المحكمة، فتم تحرير محضر ضد ماهر ودومة ومحمد عادل بالتظاهر، وصدر عليهم الحكم بالحبس ثلاث سنوات، وبدأ فى تنفيذ العقوبة بتاريخ 22 ديسمبر 2013، وكان يستحق الإفراج فى 3 فبراير 2016.
لكن فى 2 مايو 2015 صدر ضده الحكم فى الجناية المعروفة إعلامياً بـ(أحداث مجلس الوزراء) بالسجن المؤبد، فبدأ فى تنفيذ الجناية منذ 4 فبراير 2015 حتى 12 أكتوبر 2017 تاريخ صدور حكم النقض بنقض الحكم وإلغائه وإعادة المحاكمة مرة أخرى.
اقرأ أيضًا:
(1/2) حريق المجمع العلمى والمتهم 194
فعاد من جديد لاستكمال تنفيذ مدة الحبس المقضى بها فى جنحة محكمة عابدين، حيث بدأ التنفيذ من جديد فى هذه الجنحة بداية من 12 أكتوبر 2017 وكان يستحق الإفراج فى 11 أغسطس 2019 ، ولكن صدر الحكم فى الجناية بعد إعادة المحاكمة فى 9 يناير 2019 بالسجن المشدد لمدة 15 سنة بدلاً من المؤبد، فتوقف تنفيذ حكم الجنحة، وبدأ استكمال تنفيذ حكم الجناية من 9 يناير 2019 حتى الآن.
كما صدر عليه حكم فى جنحه جرى تحريرها له داخل السجن بزعم إهانة أحد رجال الضبط، وصدر الحكم بحبسه لمدة شهر، ولم تنفذ حتى تاريخه.
ليضح من ذلك مايلى:
- مدد التنفيذ فى جنحة عابدين المقضى بها عليه هى الحبس ثلاث سنوات، نفذها كالتالى:
من 22 ديسمبر 2013 حتى 3 فبراير 2015= سنة وشهر و12 يومًا
من 12 أكتوبر 2017 حتى 8 يناير 2019= سنة وشهرين و26 يومًا
ليكون إجمالى المدد التى تم تنفيذها استناداً لهذا الحكم هى سنتان وأربعة أشهر وثمانية أيام.
- مدد التنفيذ فى الجناية، المقضى فيها بالسجن المشدد 15 سنة نفذها كالتالى:
من 4 فبراير 2015 حتى 12 أكتوبر 2017= سنتين و8 شهور و8 أيام
من 9 يناير 2019 حتى 9 مايو 2021 = سنتين و4 شهور
ليكون إجمالى المدد التى تم تنفيذها حتى 16 مايو 2021 استناداً لحكم هذه الجناية هى خمس سنوات.
- وبجمع هذه المدد التى نفذها دومة (سنتان وأربعة أشهر وثمانية أيام+ خمس سنوات=
يكون إجمالى المدد فى 16 مايو 2021 هو سبع سنوات وأربعة أشهر وثمانية أيام.
وحيث إن المادة 35 من قانون العقوبات بعد التعديل نصت على “تَجُب عقوبة السجن المؤبد أو المشدد بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المؤبد أوالمشدد المذكور”.
تَجُب عقوبة السجن المؤبد أو المشدد بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المؤبد أوالمشدد المذكور
فالمراد بـ(الجب) أن تنفيذ عقوبة معينة يعد فى الوقت نفسه تنفيذا لعقوبة أخرى بحيث يترتب على خضوع المحكوم عليه لتنفيذ العقوبة الأولى إعفاءه من تنفيذ العقوبة الثانية، وفى هذه الحالة يقال إن العقوبة الأولى قد جبت الثانية، فإذا حكم على الشخص بالسجن المشدد خمس سنوات وبالسجن خمس سنوات أخرى – وتوافر شرط الجب- فإن خضوعه لتنفيذ السجن المشدد يعد فى الوقت نفسه تنفيذاً للسجن بحيث لا يلتزم -بعد انقضاء تنفيذ السجن المشدد- بتنفيذ شىء من عقوبة السجن، ويعنى ذلك أن السجن المشدد قد جب السجن” (راجع محمود نجيب حسنى – شرح قانون العقوبات– القسم العام- الطبعة السابعة 2012- دار النهضة العربية – ص 992).
وحيث إن النص جاء واضحاً بأن:
- مجال الجب مقتصرعلى العقوبات السالبة للحرية.
- عقوبة السجن المؤبد والسجن المشدد تجب بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المؤبد أو المشدد المذكور، فالمعيار الذى انحاز له المشرع ليس تاريخ ارتكاب الجريمتين، بل أن تكون الجريمة المحكوم بها -والمراد جب المدة المحكوم بها- قد وقعت قبل الحكم بالسجن المشدد.
- لم يطلق المُشرِّع نطاق الجب، بل جعل قوة السجن المؤبد أو المشدد محدودة بحدود مدتيهما، فمتى تعددت العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها إلى جانب السجن المؤبد أو المشدد جبت هذه الأخيرة بمقدار مدتها العقوبات الأخرى السالبة للحرية، فإذا حكم على شخص بالسجن المشدد خمس سنين، وحكم آخر بالسجن ثلاث سنين، وحكم ثالث بالحبس ثلاث سنين، جبت عقوبة السجن المشدد كل مدة السجن، وجبت سنتين من الحبس، بمعنى أن إجمالى المدد التى سينفذها هى خمس سنوات سجن مشدد وسنة واحدة فقط حبس، ويكون بذلك معفى من تنفيذ عقوبة السجن ثلاث سنين وكذا سنتين من عقوبة الحبس.
اقرأ أيضًا:
مطالبات بالإفراج عن دومة بعد قضاء 7 سنوات ونصف في الحبس
“وعِلة الجب أن القدر من الشدة الذي ينطوى عليه تنفيذ السجن المؤبد أو المشدد -باعتبارهما أشد العقوبات السالبة للحرية- يحقق من الأثر الرادع ما يغني عن تنفيذ سائر العقوبات التي حكم بها على المتهم، ولكن المشرع قد حرص على أن يضع الجب فى حدود معقولة، فحصره فى نطاق معلوم وقيده بشروط.
وثمة علة ثانية للجب: فقد التمس الشارع فيه سبيلاً إلى فرض قيد على تعدد العقوبات السالبة للحرية المؤقتة كى لا تتحول إلى عقوبة مؤبدة” (المرجع السابق الدكتور محمود نجيب حسنى – ص 993).
ولما كان دومة قد حكم عليه بالسجن المشدد 15 سنة فى 9 يناير 2019 بموجب جناية مجلس الوزراء التى وقعت أحدثها فى نهاية 2011، وحكم عليه فى جنحة عابدين بالحبس ثلاث سنوات، وحكم عليه فى جنحة داخل السجن بالحبس شهر ووقعت تلك الجنح قبل صدور حكم الجناية، لذلك تنطبق عليه شروط الجب التى نص عليها المشرع، بأن حكم السجن المشدد 15 سنة الصادر ضده يجُب حكمى الحبس الصادرين ضده فى الجنح سالفة البيان، والتى تصل مدة الحبس بهما ثلاثة سنوات وشهر.وقد ذكرت تعليقات الحقانية على المادة 35 من قانون العقوبات 1904 تبريراً لذلك “أن ليس من الحزم تعدد العقوبات كلها بما يخرج عن الاعتدال وأن ليس من المستحسن أن المحكوم عليه بعد أن يستوفى الجانب الأشد أى الأشغال الشاقة ينقل إلى حبس آخر قبل أن يفرج عنه ليستوفى فيه عقوبة أقل شدة” (مشار إلى هذه التعليقات بهامش المرجع السابق للدكتور محمود نجيب حسنى 993)
فضلاً على أن أحمد دومة فى أغسطس 2021 يكون قد نفذ نصف المدة المقضى عليه بها وهى 15 سنة سجن مشدد، وفى حالة تطبيق قواعد الإفراج بعد تنفذ نصف المدة، يكون دومة مستحق لإطلاق سراحه والإفراج عنه فى أغسطس 2021.
وأتمنى أن يتمتع دومة بهذه الضمانة الدستورية التى يتمتع بها جميع الجنائيين، وجرائم دومة جميعها سياسية تجمهر وتظاهر وأحداث مجلس الوزراء فى 2011.
الضمانات التى تطبق على الكافة لم تأتِ من رياح الصدف، بل هى غرس من نضال ودماء وآلام الشعوب والضحايا، وثمرة كل من كابدوا من أجل رعايتها ونموها واشتداد عودها، لتستوى ركناً بازخاً ترتكز عليه مفترضات العدالة والإنصاف
ومثل هذه الضمانات التى تطبق على الكافة لم تأتِ من رياح الصدف، بل هى غرس من نضال ودماء وآلام الشعوب والضحايا، وثمرة كل من كابدوا من أجل رعايتها ونموها واشتداد عودها، لتستوى ركناً بازخاً ترتكز عليه مفترضات العدالة والإنصاف، فالتبصير بصحيح القانون، والغوص فى بحر التراث، وتجليه ما غمض من النصوص، ووضع قاعدة تطبيقية كحد أدنى لا يجوز النزول عنها، لم يكن يقف أبداً عند البحث عن إرادة من وضعوا النص فقط، ولا عند حدود تفسرات وقراءات من أُلقى على عاتقهم تطبيقه، لكنه بالأساس كان بحثاً فى مقتضيات الشرعية الجنائية وأصولها، بل وتطويع النصوص الإجرائية بما يحمي ويصون تلك الشرعية دعماً لحقوق الإنسان، وقد تناضل من أجل هذه الغايات كل المشتغلون بالقانون فى كل ربوع المعمورة، عبر سنوات وعقود وقرون من حياة البشرية.
ولم تكن مصر بحضارتها وعراقة شعبها بعيدة عن هذا العطاء الإنسانى، بل كانت أحد ركائزه، وحتى وإن مر عليها فى تاريخها فترات من الظلامية أوالشمولية أوالتسلطية أو الرجعية شأنها شأن غيرها من الدول، إلا أن نضال وتضحيات شعبها -قديماً وحديثاً- وبحثه عن الحق والخير والعدل والحرية كالشمس الساطعة لا ينكرها إلا الجاحدون.