تستعد فلسطين لانتفاضة جديدة، بعد أن وصل التضييق على المواطنين إلى حد الاختناق، كان مقدمته في الاشتباكات التي وقعت فلسطينيين وقوات من شرطة الاحتلال أثناء تأمينهم مسيرة لمستوطنين يهود في البلدة القديمة بالقدس، وسط توقعات بتفاقم الأمور.
واندلعت اشتباكات بين فلسطينيين وقوات من شرطة الاحتلال أثناء تأمينهم مسيرة لمستوطنين يهود في البلدة القديمة بالقدس، فيما ينذر بانتفاضة جديدة.حسب الهلال الأحمر وقع جراء الاشتباكات نحو 100 إصابة في الجانب الفلسطيني و20 إصابة ضمن قوات الاحتلال.
بدأ الأمر عندنا نشرت قوات شرطة الاحتلال عناصرها لتأمين مسيرة دعت إليها حركة “لاهافا” اليمينية المتطرفة، رافعين شعار “الوت للعرب” وهو ما تسبب في استفزاز الشباب المقدسيين ليكون الرد من خلال مسيرة احتجاجية عقب صلاة التراويح ليشتبك الطرفان في منطقة باب العمود.
حدثت تلك المواجهات في اليوم الأول من شهر رمضان، وكادت الأمور أن تنتهي إلا أن سعي الشباب المقدسي إلى الرد على المستوطنيين وقوات الشرطة دفعهم إلى تصوير مقاطع فيديو قصيرة أثناء إهانتهم وإعتداءهم على بعض المستوطنين ومن ثم وضعه على موقع تيك توك.
تداول الآلاف لتلك المقاطع مما أثار استياء وسخط مستوطنين يهود تابعين لحركة “لاهافا” وكذا شرطة الاحتلال، لذا عمدوا إلى الدعوة لمنع المصلين من أداء صلاة التراويح وتضييق الخناق عليهم، لتبدأ حالة التوتر في التصاعد يوما بعد يوم.
الشباب المقدسي
يروي أحد الشباب المقدسيين، سامر حسام، أحداث ما جرى منذ بداية الأزمة، في اليوم الأول لشهر رمضان، قائلا: “الأمر بدأ عندما بدأت قوات جيش الاحتلال في استفزاز الشباب المقدسي، حيث عمدوا إلى وضع حواجز حديدية في الشوارع والازقة والميادين، مما زاد من احتقان الشباب المقدسيين ودفعهم إلى المشاغبة مع قوات الاحتلال من خلال التقاط مقاطع فيديو أثناء الاعتداء عليهم ووضعه على موقع المقاطع المصورة تيك توك”.
جرت الأحداث وتعاظمت بالتحديد في منطقة باب العمود، حيث تمثل رد قوات الاحتلال في عدم الموافقة للمصليين من التواجد في المنطقة لقضاء ليالي رمضان، لتبدأ مرحلة جديدة من انتفاضة الشباب المقدسيين ضد قوات الاحتلال.
يقول سامر: “بدأ الإسرائيليون من خلال القوات الخاصة والخيالة والشرطة والوحدات الخاصة وكلهم اتجمعوا على هدف واحد هو منع تواجد الشباب والمصلين في وقت الليل في منطقة باب العمود، وحدثت المناوشات ووصلت ذروتها الخميس الماضي في الـ ٨ ونصف مساء خلال صلاة التراويح واندلعت الاشتباكات بين الشباب المقدسيين والشرطة على خلفية رفض الأخيرة لقضاء صلاة التراويح ومن جانبها ردت على رفض الشباب بإطلاق قنابل الغاز والصوت مما تسبب في حالة من الهرج والمرج في محيط باب العمود”.
تحركات غير رسمية
بدا أن لقوات الاحتلال أسلحة أخرى غير القوات النظامية، إذ بدأت جماعات متطرفة في الداخل الإسرائيلي في الدعوة إلى تجمعات للوقوف في وجه الشباب المقدسي ومنع المصلين من التواجد في القدس.
يقول سامر: “بدأ مجموعة متطرفة منها نواب بالكنيست الإسرائيلي وشخصيات في جهاز الشرطة والجيش والقضاء دعوة لمهاجمة المنطقة القديمة يوم الخميس الساعة ١٠، باستخدام أسلحة خفيفة، هذه الدعوة جاءت عكسية على الطرفين المستوطنين والحركات التي تبعها باختلاف اسماؤها والجيش والشرطة وقوات الاحتلال لأن كل القدس هبت بعد التراويح وقفت في شارع رقم ١ للحد الفاصل بين القدس الشرقية والغربية وكأنها غزوة”.
تتصاعد الأزمة يوما بعد الآخر، دعوات من مستوطنيين تقابلها دعوات من إسرائليين وحسب شباب مقدسيين يتوقع أن تتزايد الأزمة وتصل إلى حد الإنفجار في حال استمر تعنت قوات الاحتلال ورفع أيديهم عن دعوات المجموعات المتطرفة من المستوطنين.
اشتعال الأزمة
مع انتشار أخبار عن ما يحدث في باب العامود ومنع قوات الاحتلال للشباب المقدسي من الدخول لنجدة من يقف في مواجهة شرطة الاحتلال والجماعات المتطرفة، بدأ دعوات سياسية لانطلاق تظاهرات احتجاجية كبيرة في كافة أنحاء فلسطين.
وبالفعل انطلقت تظاهرات كبيرة في عدد من البلدات الفلسطينية وأصيبت قوات الشرطة بحالة من الارتباك لتصاعد الأزمة خاصة في ظل ما يواجهه الداخل الإسرائيلي من أزمات طاحنة بدء من انتشار فيروس كورونا وتوقف اللقاحات، فضلا عن الانتخابات القائمة والصراع السياسي المحتد.
تستعد فلسطين لانتفاضة جديدة، بعد أن وصل التضييق على المواطنين إلى حد الاختناق، لذا يتوقع مراقبون أن تصل الأزمة إلى ذروتها قريبا وسيشهد الفلسطينيون مواجهات دامية ستلفت انظار العالم إلى ما يواجهه الفلسطينيون يوميا.
اليوم الدامي
الخميس الماضي وصلت المناوشات إلى ذورتها وتحولت إلى ما يشبه بحرب الشوارع: الفلسطينيون من جهة وقوات شرطة الاحتلال ومن خلفهم المجوعات المتطرفة الكارهة لليهود.
يقول إبراهيم مشني، أحد المشاركين يوم الخميس: “كنا نعرف أن اليوم سيكون هناك اشتباكات لا محالة، وصلت حالة الاستفزاز إلى أوجها، اليهود يريدون أن يمنعونا من الصلاة في الشهر الكريم، عقب صلاة التراويح بدأت النداءات تتعالى بالتجمع من أجل حماية المصلين بالفعل اجتمع المئات من الشباب المقدسي ومن ثم بدأنا في تكوين مجموعات للاشتباك مع قوات الاحتلال”.
لم تمنح قوات شرطة الاحتلال الفرصة لتهدئة الأجواء بل سارعت إلى مهاجمة الجميع وإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع والأسلحة في وجه الشباب المقدسي، يقول إبراهيم: “لم نكن نتوقع أن تكون الاشتباكات بتلك الحرارة، فوجئنا بقوات الاحتلال تفتح علينا النار من خلال إطلاق أعيرة مطاطية وقنابل مسيلة للدموع وقنابل صوت، لم نستطيع أن نقف على قدامنا كان الوضع جنوني وسادت حالة من الفوضى، بالطبع بدأنا نهدأ وندرك كيفية التعامل مع الأمر”.
وتابع: “كان الأمر أشبه بالحرب، انتشرت قوات الخيالة ولم نستطع الحصول على مدد من الشباب المقدسي إذ عمدت قوات الاحتلال على إغلاق مداخل ومخارج البلدة، وبعد ساعات من الاشتباكات هدأت الأوضاع وتم أسر عدد من الشباب المقدسي”.
ولفت مشني إلى أنه لا يعتقد أن الأمور انتهت، بل يعتقد أنه مع استمرار دعوات الجماعات اليهودية المتطرفة وتصعيدها سيكون هناك رد فعل من الجانب الفلسطيني.