أطلقت منظمات حقوقية وعمالية عربية حملة لجمع توقيعات إلكترونية لحث الحكومات للتصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190. وذلك لوقف العنف والتحرش القائم على النوع الاجتماعي في عالم العمل.

الحملة جاءت على خلفية رويات لعاملات قطعن صمتهن للحديث عن حوادث تحرش وعنف قائم على النوع الاجتماعي في عالم العمل. والحديث عن التحرش والاعتداء مشكلة منهجية قائمة منذ فترة طويلة في مصر.

عالم عمل خالٍ من العنف والتحرش

وتقرُّ الاتفاقية بحق كل فرد في عالم عمل خالٍ من العنف والتحرش. بما في ذلك العنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي. كما توفر حمايةً واسعةً تنطبق على القطاعين العام والخاص، والاقتصاد المنظم وغير المنظم، وفي المناطق الحضرية والريفية.

ووجدت العريضة الإلكترونية رواجًا في مصر، رفقة دول عربية لجمع أكبر عدد من التوقيعات لدعوة الحكومة المصرية للتصديق على الاتفاقية.

دراسة: 30% من السيدات العاملات في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي

وفي عام 2014، أظهرت دراسة للاتحاد العام لعمال مصر أن 30% من السيدات العاملات في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي. ووفقا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي للنقابات “تعاني ما بين 40 % إلى 50% من النساء من تلميحات جنسية غير مرغوب فيها أو ملامسة جسدية أو غيرها من أشكال التحرش الجنسي في أماكن العمل”.

وضمت العريضة الإلكترونية نقابات عمالية ومنظمات المجتمع المدني من المغرب وتونس ومصر والأردن وفلسطين والكويت ولبنان والعراق والبحرين واليمن.

تعاني ما بين 40 % إلى 50% من النساء من تلميحات جنسية غير مرغوب فيها أو ملامسة جسدية أو غيرها من أشكال التحرش الجنسي في أماكن العمل
تعاني ما بين 40 % إلى 50% من النساء من تلميحات جنسية غير مرغوب فيها أو ملامسة جسدية أو غيرها من أشكال التحرش الجنسي في أماكن العمل

هذه الاتفاقية هي أول معاهدة دولية تعترف بالحق الأساسي في عالم خالٍ من العنف والتحرش. خاصة بعد التهديد الاقتصادي والاجتماعي الذي خلّفته جائحة كورونا.

تأثيرات كورونا

وتناولت دراسة حديثة صادرة عن منظمة العمل الدولية تأثير الجائحة على أوضاع العاملات في القطاع غير المنظم في المنطقة العربية. وتركت كورونا تداعيات على اقتصادات العالم تعد الأسوأ منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008. إذ تدفع الجائحة الاقتصاد العالمي إلى الركود.

لذلك رأت المنظمات الموقعة على الحملة أن التصديق والتنفيذ السليمان للاتفاقية رقم 190 والتوصية رقم 206 مُلحين للتصدي للعنف والتحرش في عالم العمل، خاصة القائم على النوع الاجتماعي.

إزاء ذلك، الحملة الحديثة أن جائحة كورونا جلبت حالة طارئة جديدة. فقد جرى تسجيل ارتفاع كبير في العنف والتحرش القائم على النوع الاجتماعي ضد عمال يعتبرون “أساسيين” مثل العاملين في مجال الصحة والرعاية. بالإضافة إلى عمال بيع المواد الغذائية بالتجزئة وعمال النقل.

كما تتعرض العاملات المهاجرات للمزيد من الاستغلال، بما في ذلك العنف والتحرش القائم على النوع الاجتماعي. إذ يُجبرن على البقاء في المنازل التي يعملن فيها بسبب الوباء أو على العمل في ظروف غير آمنة نظرًا لعدم قدرتهن على العودة إلى ديارهن.

زيادة مقلقة

بالإضافة إلى ذلك، جرى تسجيل زيادة مقلقة في حالات العنف المنزلي في جميع أنحاء العالم بسبب تأثير تدابير الحجر الصحي. وتحدد الاتفاقية رقم 190 والتوصية رقم 206 خطوات واضحة يمكن للحكومات والشركاء الاجتماعيين اتخاذها للتخفيف من آثار العنف المنزلي، بما في ذلك عندما يكون المنزل هو مكان العمل.

تدابير مقترحة

ووفق المادة 18 من التوصية 206، يمكن أن تشمل هذه التدابير “إجازة لضحايا العنف المنزلي.  وترتيبات عمل مرنة وحماية ضحايا العنف المنزلي. وحماية مؤقتة من الطرد لضحايا العنف المنزلي.  وإدراج العنف المنزلي في عمليات تقييم مخاطر مكان العمل.  ونظام إحالة إلى تدابير التخفيف العامة فيما يتعلق بالعنف المنزلي، حيثما وجدت. واستثارة الوعي بآثار العنف المنزلي”.

اجتماع مرتقب

وتزامنت الحلمة مع اجتماع مرتقب للحكومات في نهاية أبريل الجاري، بمناسبة منتدى جيل المساواة في المكسيك. ومن المقرر أن يناقش كيفية تحقيق تقدم فوري نحو المساواة بين الجنسين.

ورأت المنظمات الموقعة على الحملة ضرورة اعتماد تدابير عاجلة لمعالجة تأثير العنف والتحرش القائم على النوع الاجتماعي في عالم العمل. ويشمل ذلك التطرق لدور الحكومات في ضمان بيئات عمل آمنة تحترم جميع الأعمال واتخاذ إجراءات للتخفيف من تأثير العنف المنزلي في عالم العمل.

الموقعون على الحملة: “جمعية منتدى مساهمات المغرب، الاتحاد العام التونسي للشغل، الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، لجنة المرأة بالاتحاد العام لعمال الكويت، الاتحاد العام لنقابات عمال العراق، دار الخدمات النقابية والعمالية (منظمة مجتمع مدني مصرية)، نقابة العاملين في رياض الأطفال والحضانات والمدارس الخاصة بفلسطين، ومؤسسة مشاركة لمؤسسة الصداقة بالأردن، فضلًا عن جمعية المنتدى الاقتصادي والاجتماعي للنساء بالأردن، ورابطة المرأة العراقية، والاتحاد المغربي للشغل.

ورغم الاستحقاقات التي حققتها النساء طوال العقود السابقة على الصعيد الاجتماعي والقانوني، إلا أن التحرش والعنف القائم على النوع الاجتماعي لا يزال يورقهن خاصة في عالم العمل. ويرجع ذلك إلى تأثيره النفسي المتعلق بالوصم المجتمعي، وشق آخر اقتصادي يرتبط بفقدان العمل والنبذ من أماكن العمل الأخرى بعد تبليغها عن التحرش؛ ما يعرضهن لخطر الأمان الاقتصادي.

معيار عمل دولي

وفي يونيو 2019، اعتمد مؤتمر العمل الدولي المئوي اتفاقية وتوصية جديدتين لمكافحة العنف والتحرش في مكان العمل. وخلص المؤتمر وقتها إلى الاتفاق على معيار عمل دولي جديد لمكافحة العنف والتحرش في العمل.

وتقول الاتفاقية إن العنف والتحرش في عالم العمل “يمكن أن يشكلا انتهاكاً لحقوق الإنسان أو إساءة لها”. وقالت إنهما يهددان تكافؤ الفرص، وهما أمران غير مقبول بهما وغير متوافقين مع العمل اللائق”.

جانب من حضور مؤتمر العمل الدولي المئوي بجنيف
جانب من حضور مؤتمر العمل الدولي المئوي بجنيف

وتعرّف “العنف والتحرش” بأنهما سلوكيات أو ممارسات أو تهديدات “تهدف إلى إلحاق أذى بدني أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي أو تفضي إلى ذلك أو يُحتمل أن تفضي إلى ذلك”. وذكرت الدول الأعضاء بمسؤوليتها في تعزيز “جو عام لا يتساهل إطلاقا”.