يعتبر بند الدعم والمزايا الاجتماعية أهم مصروفات الموازنة التي تتضمن اتصالًا وثيقًا ومباشرًا بالمواطن. فحواشيها تتضمن قوت المواطن اليومي من الخبز والزيت والسكر. بينما ترتبط تفاصيلها بنشاطه الحياتي من التنقل واستهلاك الكهرباء والمياه والغاز.
يتضمن بند الدعم نقاطًا ظاهرة كالدعم المباشر للسلع والخدمات الأساسية. وغير المباشر بتغطية عجز الهيئات الاقتصادية العامة مثل السكك الحديدية، والنقل العام بالقاهرة والإسكندرية. أما الدعم الضمني فيتضمن أسعار المنتجات البترولية والكهرباء. كما يتمثل في الفرق بين سعر بيع السلعة أو الخدمة للمستهلك ومتوسط تكلفة إنتاجها.
مشروع الموازنة للعام الجديد 2021/2022 يشهد تراجعًا في الدعم والمزايا الاجتماعية بنحو 5.5 مليار جنيه. ليبلغ 321.3 مليار جنيه، مقابل 326.8 مليار جنيه متوقعة للعام المالي الحالي.
دعم السلع التموينية
ويحتل دعم السلع التموينية المرتبة الأولى بين بنود الدعم، بـ87.2 مليار جنيه مقابل 84.4 مليار جنيه في العام المالي الحالي. بنسبة زيادة قدرها 3.2% تعادل نحو 3 مليارات جنيه. مع تقدير كميات القمح المطلوب توفيرها بـ8.6 مليون طن، منها 5.1 مليون طن، مستوردة.
ومن المقرر تخصيص 7.9 مليون طن من الأقماح التي قدرها مشروع الموازنة لإنتاج 89 مليار رغيف خبز. بالإضافة إلى 651 ألف طن قمح دقيق لصالح المستودعات.
بينما يبلغ عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز ودقيق المستودعات 71 مليون فرد بواقع 5 أرغفة يوميًا لمستفيدي “الخبز”. و10 كيلو جرامات لمستفيدي دقيق المستودعات شهريًا.
تبلغ نسبة سحب رغيف الخبز من المخابز 73.7%. بينما لا تزيد حصة ما يتم توفيره واستبداله بنظام النقاط (10 قروش لكل نقطة). ذلك من إجمالي الأرغفة المستحقة للمستفيدين التي تبلغ 120.8 مليار رغيف سنويًا.
كذلك يصل أعداد المستفيدين من دعم السلع التموينية إلى 63.3 مليون فرد بواقع 50 جنيهًا شهريًا لـ58.5 مليون مصري. يمثلون الأسرة ذات الأربعة أفراد أما التي تزيد عن ذلك العدد يتم احتساب ما يزيد عن ذلك العدد بنحو 25 جنيهًا للفرد شهريًا.
15 جنهيًا دعمًا للطفل سنويًا في التأمين الصحي
التأمين الصحي هو أيضًا يصل في مشروع الموازنة الجديدة إلى 1.2 مليار جنيه موزعة بين 371 مليون جنيه للطلاب. مقابل 356 مليون بنسبة زيادة 3% مخصصة لنحو 24.7 مليون طالب بواقع 15 جنيهًا سنويًا لكل طالب. بينما سجل دعم التأمين الصحي على المرأة المعيلة 179 مليون جنيه مقابل 133 مليون جنيه خلال الفترة المقارنة. مخصصة لنحو 896.4 مليون سيدة بواقع 200 جنيه لكل واحدة سنويًا.
أما دعم التأمين الصحي على الفلاحين فسجل نحو 100 مليون جنيه لخدمة 500 ألف مزارع بواقع 200 جنيه لكل فلاح. أما غير القادرين من أصحاب الضمان الاجتماعي فتم تخصيص 200 مليون جنيه لهم. بينما سجل دعم التأمين الصحي على الأطفال دون السن الدراسي تراجعًا إلى 210 ملايين جنيه مقابل 214 مليونًا. وتخصص تلك المبالغ لنحو 14 مليون طفل بواقع 15 جنيًها سنويًا.
كما قدر دعم الأدوية والألبان الأطفال 2.5 مليار جنيه مقابل 1.7 مليار جنيه في الفترة المقارنة بزيادة 42.9%. كما يتضمن دعم لبن الأطفال وفرق إنتاج الأنسولين وأيودات البوتاسيوم.
كذلك بلغت مخصصات علاج المواطنين على نفقة الدولة 7 مليارات جنيه. والمنح والمساعدات المخصصة للأغراض الإنسانية والاجتماعية بنحو 8.352 مليون جنيه.
ضمان اجتماعي
تم رفع الاعتمادات المدرجة للأمان الاجتماعي إلى نحو 19.2 مليار جنيه بواقع 19 مليار جنيه للضمان الاجتماعي وتكافل وكرامة ودعم التعليم المجتمعي. إذ يخدم 3.6 مليون أسرة، و70 مليون لمعاش الطفل لخدمة 55 ألف أسرة. و178 مليون جنيه إعانات الشئون الاجتماعية لتنمية الطفولة المبكرة لخدمة 23 ألف أسرة.
بتحليل الأرقام السابقة يتبين أن مساهمات الضمان الاجتماعي 323 جنيهًا شهريًا للأسر المكونة من فرد واحد. و360 جنيهًا للأسرة المكوّنة من فردين. و413 جنيهًا للأسرة من المكونة من 3 أفراد. و450 جنيًها للأسرة المكونة من 4 أفراد فأكثر.
يستهدف برنامج تكافل الأسر التي تعاني من الفقر الشديد وتحتاج إلى دعم نقدي وخدمي على أن يكون لديها أطفال في الفئة العمرية حتى 18 سنة. أما “كرامة” فيستهدف الفئات التي تعاني من الفقر الشديد ولا تستطيع العمل أو الإنتاج أو الكسب من سن 65 عامًا.
بالنسبة لبرنامج تكافل فيتضمن 425 جنيهًا للأسرة بالإضافة لمنحة لكل تلميذ في مراحل ابتدائي وإعدادي وثانوي من 60 إلى 100 جنيه شهريًا. بحد أقصى 3 تلاميذ للأسرة الواحدة. بالإضافة لزيادة شهرية بحد أقصى 100 جنيه، أما كرامة فيتضمن 450 جنيهًا.
تنمية اجتماعية
يتضمن بند الدعم بعض المخصصات الرامية للتنمية الاجتماعية. من بينها دعم فائدة القروض الميسرة التي تراجعت في مشروع الموازنة إلى 280 مليون جنيه مقابل 360 للعام الحالي. وتمثل فرق سعر الفائدة على القرض الميسرة للإسكان الشعبي والإقراض الميسر للأسر الفقيرة وفروق سعر الفائدة.
لكن في المقابل، ارتفع دعم الإسكان الاجتماعي إلى 7.7 مليار جنيه مقابل 5.7 مليار جنيه. إذ يستهدف ذلك الدعم 120 ألف وحد سكنية ويتضمن 4 مليارات جنيه قيمة دعم الفئات المستفيدة. بالإضافة إلى 3.6 مليار جنيه قيمة دعم المرافق.
ويشمل الدعم أيضًا الأنشطة الاقتصادية، مثل دعم التصدير الذي سجل 4.2 مليار جنيه مقابل 7 مليارات في العالم الحالي. مع قيام وزير المالية بسداد مبالغ متراكمة من دعم تنشيط الصادرات خلال العامين الماليين السابقين. بمبلغ تتراوح بين 21 و25 مليار جنيه.
واستقر توصيل الغاز الطبيعي للمنازل عن 3.5 مليار جنيه. ومن المقرر أن يستفيد منه 1.2 مليون أسرة بما يؤدي لتخفيض الدعم الموجه للأنابيب البوتاجاز. كما يتضمن صندوق تمويل المركبات بقيمة 2 مليار جنيه مقابل 245 مليونًا في الموازنة الحالية. لتمويل الجانب المستحق عن السنة الأولى للمشروع القومي لإحلال المركبات. إذ يستهدف 70 ألف سيارة أجرة وميكروباص وملاكي لتعمل بالغاز الطبيعي بدلًا من السولار والبنزين.
دعم البترول
سجل دعم المواد البترولية 18.4 مليار جنيه مقابل 28.19 مليار جنيه بنسبة تناقص قدرها 34.7%. بينما تخلو الموازنة من دعم الكهرباء المباشر الذي بلغ “صفر”%. ويمثل ما تتحمله الدولة من بيع بعض المنتجات البترولية بأسعار تقل عن كيفية توفيرها للسوق المحلية.
ويبلغ دعم المزارعين 665 مليون جنيه وهي نفس الرقم الذي تم تخصيصه للعام الحالي. ويتضمن دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة وبذور ومبيدات وتحل جانب من أعباء مقاومة بعض الآفات. بالإضافة إلى المساهمة في خفض أسعار التقاوي وتقديم القروض الميسرة لبعض الأغراض الزراعية وتتحمل الخزانة العامة الفروق. بينما سجل دعم تنمية الصعيد استقرارًا عند 250 مليون جنيه.
تراجع دعم نقل الركاب في مشروع الموازنة بنسبة طفيفة ليبلغ 1.79 مليار جنيه مقابل 1.8 مليار جنيه. بينما استقر دعم اشتراكات الطلاب في السكك الحديدية عند 200 مليون جنيه. وفي مترو الأنفاق عند 400 مليون، وهي أيضًا ثابتة لم تتغير.
يقول مسئول بوزارة المالية إن بنود الدعم لا يجب النظر إليها كـأرقام مجردة فقط مع تشابكها مع جهات أخرى فدعم التصدير. على سبيل المثال تتضمن جزءً آخر يتم تحويله من صندوق دعم وتنشيط الصادرات من وزارة التجارة وهيئة الرقابة على الصادرات.
ويقول المسئول لـ”مصر 360″ إن الموازنة الجديدة تستهدف رفع كفاءة وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لصالح الفئات والمناطق المهمشة. والأقل دخلًا واتباع سياسات توزيعية أكثر كفاءة وعدالة. فضلًا عن التوسع التدريجي في استخدام برامج الدعم العيني الموجّه للفئات المستحقة والأماكن المستهدفة.
تربح أصحاب البطاقات التموينية
وتشكو وزارة المالية من مشكلة مزمنة للدعم سببها تربح أصحاب البطاقات التموينية أو المخابز من ازدواجية الأسعار والأسواق للسلعة الواحدة. كبيع حصص التموين أو الحصة من الخبز في السوق الموازية للاستفادة من فارق الأسعار الذي يصل في بعض السلع إلى 500%. فرغيف الخبز على البطاقة التموين بسعر 5 قروش وفي السوق الحرة يتراوح بين 50 و1 جنيه. الأمر ذاته يتكرر مع الزيت الذي يبلغ سعره في التموين عند 17 جنيهًا ترتفع إلى 30 جنيهًا في السوق الحرة.
خلال الأسبوع الحالي فقط ضبطت وزارة التموين نحو 10 أطنان دقيق مخصصة لإنتاج الخبز قبل تهريبها إلى السوق السوداء. بجانب مئات البطاقات التي تركها أصحابها في المخابز ويتم إنتاج خبز مدعم بها لصالح المطاعم والبيع الحر.
ووفق دراسة للغرفة التجارية بالشرقية فإن الدعم السلعي يؤدي إلى الإسراف في استخدام السلع المدعومة. وبالتالي عدم الاستفادة المثلى منها لتدني أسعارها. وبالتالي يظل الدعم النقدي الأفضل فبزيادة دخول الطبقات الفقيرة من خلال وصول الدعم لمستحقيه. يعالج الاقتصاد من التشوهات التي تحدث نتيجة الدعم السلعي حيث يصبح كل سعر كل سلعة معبرا تعبيرا حقيقا عن القيمة الحقيقة لها.
ثبات بعض بنود الدعم أو تراجعها
لكن الدعم النقدي يمثل مشكلة أيضًا. إذ سيحدث زيادة مفاجئة في الأسعار بمجرد تطبيقه. كما أن ذلك الدعم لا يصل للأسرة حال كون ربها كم غير المسئولين الذي قد يضيعه على نفقاته الشخصية دون وصوله لأبنائه.
يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن ثبات بعض البنود أو تراجعها مرتبط بمبادرات ضخمة تقيم بأدوار مكملة للموازنة. مثل حياة كريمة التي تستهدف حياة المواطن 58 مليون مواطن في 4650 قرية بالإضافة إلى توابعهم. وتضمن 175 مركزًا من المراكز بتمويل 500 مليار جنيه كتكلفة مبدئية. أو “100 مليون صحة” التي تقدم الكشف المجاني لجميع المواطنين على جميع الأمراض المزمنة.
ويقول عبده لـ”مصر 360″ إن أهم البنود بالنسبة للمواطن المصري هو رغيف الخبز والزيت والسكر. وهي نقطة بالذات التي لا يجب أن يصل إليها “النقدي” في ظل عدم القدرة على السيطرة على الأسواق. حتى لا تكشف الطبقات الأكثر فقرًا.