سادت حالة من الاستياء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قرار رئاسة الوزراء الخاص بالإجازات الرسمية الأسبوع المقبل. تلك القرارات وصفت يوم الأحد المقبل الموافق عيد القيامة المجيد بـ”يوم التكدس”. قبل أن يعود رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ويقدم تهنئة رسمية للأقباط بالعيد.
وصدر قرار مجلس الوزراء متضمنًا وصف الأحد المقبل بـ”يوم التكدس” دون الإشارة إلى أنه مناسبة دينية مسيحية. ما آثار حفيظة واستياء البعض. كذلك اعتبروا الأمر عدم لياقة من الحكومة.
وتحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأحد المقبل بأحد الأعياد السيادية الكبرى المرتبطة بالسيد المسيح. ويعرف بعيد القيامة حيث يأتي في نهاية ما يعرف بـ”الصوم الكبير” الذي يستمر 55 يومًا. بحسب الطقس الكنسي فإن العيد يأتي في أعقاب الانتهاء من أسبوع الآلام ذكرى دخول المسيح إلى القدس. ويستمر أسبوع الآلام حتى حلول سبت النور.
لا أعياد للمسيحيين
تزخر السنة القبطية بالعديد من الأعياد الدينية إلا أن الغريب في الأمر أن الحكومة لا تعترف بأغلب تلك الأعياد كإجازات رسمية أو عطلات عامة. إذ إعتادت الدولة بأن يتم منح إجازات للمسيحيين فقط في أغلبها.
في الوقت ذاته تمنح الدولة إجازات وعطلة كاملة لكل أجهزة الدولة في كافة الأعياد الدينية الإسلامية مثل عيد الفطر وعيد الأضحى. كذلك الأعياد الوطنية مثل 6 أكتوبر وغيره. إلا أن المناسبات الدينية لدى الأقباط غابت عن الذاكرة المصرية لعقود طويلة دون اعتمادها عطلة عامة.
وعلى مدار عقود ورغم اقتراب شخصيات مسيحية من دوائر الحكم، إلا أن الحديث عن منح تلك المناسبات صفة الإجازة الرسمية ظل غائبًا حتى 2002.
مبارك يمنح إجازة عيد الميلاد
يبدو أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أدرك أن عليه أن يمنح المسيحيين ميزة إضافية. إذ لم يكن استمرار الوضع دون الالتفات إلى أعيادهم الدينية ومناسباتهم بالأمر الصواب. وأصدر “مبارك” قرارًا جمهوريًا في 2006 باعتبار عيد الميلاد الموافق 7 يناير من كل عام، إجازة لكافة أجهزة الدولة.
وعيد الميلاد المجيد يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد عيد القيامة لدى المسيحيين.
قبل ذلك القرار لم يكن هناك أية قرارات رسمية بشأن اعتبار المناسبات المسيحية إجازة عامة أو رسمية لكافة الجهات الحكومية. وهو القرار الأول من نوعه والأخير حتى هذه اللحظة.
وترجع بعض الآراء المسيحية عدم اعتراف الحكومة بإجازة رسمية في عيد القيامة. لكون قصة موت المسيح على الصليب وقيامته تخالف العقيدة الإسلامية بعكس قصة الميلاد حيث لا تختلف العقيدة الإسلامية عن المسيحية فيها. ولهذا فإن 7 يناير إجازة رسمية أما عيد القيامة فليس كذلك. بحسب ما قالوا.
مطالبات بمستشارين مسيحيين
في هذا الصدد، يقول كمال زاخر، المفكر القبطي، إن الأعياد والمناسبات الدينية المسيحية ظلت بعيدة عن الشكل والإطار الرسمي. كذلك لم يلتفت إليها أي من رؤساء مصر. حيث جرت العادة أن يتم منح المسيحيين دون غيرهم إجازات في مناسباتهم الدينية فقط. لافتًا إلى أن الرئيس مبارك الوحيد الذي التفت إلى ضرورة اعتبار أعياد المسيحيين إجازات رسمية.
وأضاف زاخر لـ”مصر 360″: “لم توفق الحكومة في وصف يوم الأحد بيوم التكدس. كانت تحتاج لضبط الصياغة إلا أنه جانبها الصواب في التوصيف. لكن واقعيًا أرى أن لديها الحق في وصف اليوم بالتكدس نظرًا لوجود إجازة من اليوم الخميس والجمعة والسبت والاثنين إجازة شم النسيم. وفي حال تم فتح المصالح الحكومية يوم الأحد سيكون الضغط كبير وهو ما يعد أزمة في ظل أزمة فيروس كورونا”.
كذلك يرى زاخر أن وجود مستشارين سياسيين لديهم وعي وإدراك كامل بما يشغل بال الشارع المصري كان سيجعل الأمور أكثر هدوء. بالإضافة إلى كيفية التعامل والتعاطي مع كافة القرارات والمواقف. فضلًا عن توفير قراءة سياسية واجتماعية لكافة التحركات. مثلما حدث مع يوم شم النسيم حيث تم إصدار قرار بترحيل يوم شم النسيم إلى يوم الخميس بدلًا من الاثنين. وهنا غاب عن صاحب القرار أن شم النسيم ليس عيد ديني هو عيد اجتماعي يحتفل فيه المسلمين والمسيحيين.
ضرورة فتح المجال العام
وشدد المفكر القبطي، على ضرورة أن تضع الحكومة المصرية في أجندتها كيفية التعامل مع المناسبات الدينية. ووجود مستشارين سياسيين قادرين على صياغة الأمور بشكل أكثر بساطة دون إثارة الرأي العام.
وطالب زاخر بضرورة فتح المجال العام وترك مساحة أكبر للأحزاب السياسية من أجل التواجد بقوة وحضور في يوميات الدولة والمواطن. كما أكد أنه في حال كان هناك أحزاب قوية وحاضرة في المشهد ستستطيع أن تكون حلقة وصل بين الشارع والحكومة.
وتابع: “لو أن لدينا أحزاب قوية لاستغلت منابرها المختلفة في توضيح المواقف والوصل بين الشارع والحكومة وشرح كافة دوافع الحكومة للشعب. نحن نحتاج لفتح المجال العام من أجل زيادة الاستقرار. خاصة أننا نعمل على ملف التنمية بالرغم من كل الأزمات التي تحاصرنا. نحن نحتاج إلى إعادة بناء الثقة من جديد، وإعادة طرح مفهوم الاختلاف وأننا نقف على ذات الأرضية وذات الأهداف”.