تقدم المحامي خالد علي دعوى قضائية لتمكين عدد من السجناء السياسيين من الحصول على لقاح كورونا. الدعوى أقامها فريق مكتب المحامي “دفاع” رقم ٤٦٢٧٨ لسنة ٧٥ أمام محكمة القضاء الإداري الدائرة الأولى حقوق وحريات.
ومكتب المحاماه موكل عن السجناء السياسيين: “عبد المنعم أبو الفتوح، سناء سيف، أحمد دومة، هشام فؤاد، حسام مؤنس، رامى شعث، زياد العليمي، علاء عبد الفتاح”. وتختصم الدعوى رئيس الوزراء، ووزيري الصحة والداخلية، ومساعده لقطاع مصلحة السجون.
وطالبت الدعوى بتسجيل الموكلين رغبتهم فى إدراج أسمائهم، وأسماء من يرغب من المودعين الآخرين بالسجون المصرية ضمن الحملة القومية للتطعيم ضد وباء كورونا.
ولفت إلى أنهم تمسكوا بحقهم في الحصول على التطعيم ضد الوباء. كما طالبوا بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منحهم التطعيم ضد الوباء داخل مقار احتجازهم بالسجون المصرية بما ترتب على ذلك من آثار.
تجاهل الإنذارات
وذكر فريق الدفاع أنه تقدم سابقًا بإنذارات للمطعون ضدهم، إلا أنهم لم يحركوا ساكناً. وتابع: “تم رفع الطعن لإلزامهم بتطعيم الطاعنين وكل من يرغب من المودعين بالسجون المصرية”.
وكانت المبادر المصرية للحقوق الشخصية تقدمت ببلاغ نيابة عن باتريك جورج ميشيل زكى، الباحث بالمبادرة والسجين السياسي المحبوس احتياطيًا بمجمع سجون طرة على ذمة القضية 1766 لسنة 2019 أمن دولة عليا منذ فبراير 2020.
ووجهت المبادرة إنذارًا لوزير الداخلية لمطالبته بتمكين نزلاء السجون من المحكومين والمحبوسين احتياطيًا من اختيار التسجيل لتلقي لقاح كورونا داخل السجون، وأماكن الاحتجاز على وجه السرعة.
وتحدثت المبادرة عن ضرورة الإسراع في منحهم اللقاح. وذلك في ظل تعاقب موجات أشد للفيروس وتوالي ارتفاع الإصابات، خاصة أن الحفاظ على صحة السجناء أحد الحقوق المنصوص قانونيًا.
حقوق دستورية وقانونية
وتنص المادة 18 من الدستور المصري على أن “لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
وتنص المادة 55 على أن “كل من يقبض عليه ألا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا”. وكذلك تنص المادة 56 على أن “السجن دار إصلاح وتأهيل يحظر فيها ما يعرض صحه السجناء للخطر” لتلقي وتوفير اللقاح.
وحدد قانون تنظيم السجون الحالات والقواعد الواجبة للإفراج الصحي عن المسجونين، ونصت المادة 36 من قانون تنظيم السجون على أن “لكل محكوم عليه يتبيّن لطبيب السجن أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزًا كليًا يُعرض أمره على مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه. وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام، وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة”.
إتاحة اللقاح للسجناء وتطعيمهم ليس رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل ضرورة وأولوية للصحة العامة، لحماية أرواح السجناء والمجتمع بأكمله. وذلك من خلال تحقيق المناعة المجتمعية، مما يجعل انتقال المرض من شخص لآخر غير مرجح، وهو أمر لن يتحقق فى ظل تجاهل الالتزام بتوفير التطعيم للسجناء -بحسب المبادرة-.
وعود بلا استجابة
وسبق أن أعلنت وزيرة الصحة هالة زايد فى مداخلة تلفزيونية بأنه: “سيتم إتاحة اللقاحات للفئات المتواجدة في أماكن مغلقة مثل دور رعاية المسنين والسجون”. إلا أن وزارة الداخلية ومصلحة السجون التابعة لها حتى لم تعلنا البدء في تطعيم السجناء والمحبوسين احتياطيًا أو أعداد الإصابات ونسب الشفاء والوفاة بسبب فيروس كورونا داخل السجون وأماكن الاحتجاز.
ووفرت بعض الدول اللقاح للسجناء بالفعل في المنطقة العربية وأفريقيا. فقد أعلنت دولة دبي بإعطاء اللقاح لجميع نزلاء ونزيلات المؤسسات العقابية.
كما أكدت كندا عن البدء في تطعيم السجناء الفيدراليين الأكبر سنًا، بينما حصل 77% من السجناء في المغرب على اللقاح. هذا فضلًا عن إعلان الكويت والبحرين عن بدء حملات للتطعيم داخل السجون وأماكن الاحتجاز، ووضعت جنوب أفريقيا السجناء في المرحلة الثانية من حملة التطعيم.
لماذا يجب تطعيم السجناء كأولوية؟
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية والباحثون في جامعة كوليدج لندن فالسجناء هم الفئة الأكثر عرضة للموت بسبب كورونا. وذلك نظرًا لسرعة انتشار العدوى في الأماكن المغلقة التي يصعب فيها مراعاة التباعد الجسدي. وتتجاوز نسبة التكدس في غرف الاحتجاز 300% وتصل في السجون إلى 160% بحسب المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر.
كما تحدثت مجلة “ذا لانسيت” للطب النفسي أن نسب الوفاة تزيد بمعدل 3.3% في السجون عن معدل الوفيات في المجتمع الأوسع.
وأصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا يؤكد أن السجناء في مصر يعانون من تواجدهم في زنازين مكتظة تفتقر إلى التهوية. كما جرى رصد تدني مستوى النظافة والصرف الصحي. وبجانب ذلك فيُمنع على السجناء الأغطية والملابس الكافية، وأدوات النظافة الشخصية بما فيها الفوط الصحية للنساء.
وأشارت دراسة عن الأوضاع المعيشية والصحية داخل السجون – من واقع شهادات السجناء السابقين، إلى أنها لا تتماشى مع الحد الأدنى من مكونات الحق في الصحة. وذلك على مستوى إتاحة الخدمات الصحية وجودتها وكفاءة القائمين على تقديمها. فضلًا عن غياب عنصر الصحة النفسية عن المنظومة الصحية لأماكن الاحتجاز بالكامل بالرغم من أهميتها.
وتحدثت الدراسة عن التدابير الصحية الوقائية التي تشمل الغذاء والمرافق الصحية، ودورات المياه، والنظافة والإضاءة والتهوية والتريضّ، وافتقرت إلى الاهتمام اللازم من إدارة السجون. وبالتالي الأوضاع الصحية داخل السجون بمثابة دائرة مفرغة يدور فيها السجناء بمجرد دخولهم السجن نظرًا لتأثير ظروف معيشتهم اليومية على صحتهم.
طارق عبدالعال، المحامي والحقوقي، قال إن القانون المصري ولائحة مصلحة السجون تُلزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية للسجناء، ومنها تطعيم السجناء باللقاح خاصة في أوقات الأوبئة.
لا تفرقة في تلقي السجناء للقاح
وأشار إلى أن المواثيق الدولية تنص أيضًا على حقوق السجناء الصحية. ولفت إلى أنه من المفترض إلا تحدث تفرقة في تلقي السجناء للقاح سواء كان محبوس احتياطيًا أو سياسيًا أو جنائيًا. فجميعهم يحق لهم الرعاية الصحية.
وتوقع أن يتم التعامل مع الدعاوى القضائية الحالية لتلقي السجناء اللقاح بالتعامل نفسه حينما تم رفع دعوى قضائية لمجانية اللقاح. وتابع: “ربما تكتفي الدولة متمثلة في أجهزتها بمنح اللقاح لأشخاص محل الدعوى والحصول على الشو الإعلامية وينتهي الأمر على ذلك”.
الالتفاف القانوني
وأردف المحامي الحقوقي: “مشكلة الدعوى هنا أن رفعها بأسماء محددة فربما تحتال الدولة في التطعيم للأشخاص ويصبح لا محل للطعن على القرار ما يُعرف بالالتفاف القانوني. خاصة أن الدولة على علم بكونها مُجبرة بموجب قوانين تنظيم السجون على منحهم اللقاح”.
وبشأن الحديث عن أن الأولويات للفرق الطبية وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، قال عبدالعال: “يوجد داخل السجون كبار في السن وأصحاب أمراض مزمنة أيضًا وبالتالي يسير عليهم ما يسير على الجميع”.