في جلسة 17 يناير الماضي، أمرت المحكمة باستبدال الحبس الاحتياطي للزميلة الصحفية والباحثة شيماء سامي بتدابير احترازية، لتبدأ الأسرة في انتظار أمل جديد بخروج ابنتهم التي قضت 8 أشهر قبل هذا التاريخ في محبسها، بالتهم المعتادة: نشر أخبار كاذبة، والانضمام لجماعة إرهابية.
أمل ضائع
تكتمت الأسرة على خبر إخلاء السبيل، ولم تنشره عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، انتظارا لتنفيذه، ولكن بعد مرور 14 يوما، ظهرت شيماء على ذمة قضية جديدة، ليتبدل الأمل، وتواجه خلالها نفس الاتهامات، وتكمل حتى كتابة تلك السطور 365 يوما في حبس احتياطي.
ألقي القبض على شيماء في مايو 2020 واحتجزت بشكل فير قانوني لتسعة أيام قبل أن تظهر في نيابة أمن الدولة التي أمرت بحبسها على ذمة القضية 535 لسنة 2020، وظلت أوامر الحبس تتجدد حتى صدر قرار بإخلاء سبيلها، وبدلا من تنفيذ قرار المحكمة تم تدويرها بمحضر تحريات جاء به، أنه أثناء الانتهاء من إجراءات إخلاء سبيلها أتضح أنها مطلوبة في القضية 65 لسنة 2021، وفقا للمحامي نبيه الجنادي الذي حضر معها التحقيق أثناء عرضها على ذمة القضية الثانية.
رسالة استغاثة عبر فيسبوك
قبل القبض على شيماء في العام الماضي، كتبت عبر حسابها الشخصي على فيسبوك “بيتقبض عليا من البيت”، ثم أغلق حسابها الشخصي، ليتضح بعد ذلك، مهاجمة قوات الأمن لمنزلها بالإسكندرية، والقبض عليها، لتبدأ هي وأسرتها رحلة من تجديدات النيابة وجلسات المشورة بالمحاكم، لا يعلم أحد متى ستنتهي.
عملت شيماء كباحثة بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وقال مديرها جمال عيد إنها تركت العمل بالشبكة قبل القبض عليها بثلاثة أشهر، موضحا أن قوة أمنية ذهبت لمنزلها وألقت القبض عليها، وطلبت منها إحضار ملابس معها، وأخبرت أسرتها أنها ستتوجه لمديرية أمن الإسكندرية، لتختفي ثم تظهر بعدها بأيام في نيابة أمن الدولة.
رفضت شيماء ما وصفه عيد بالـ”تجنيد” والعمل ضد زملائها، فتلقت استدعاء من قبل الأمن الوطني في الإسكندرية، ولم تذهب، ليكون الرد هو القبض عليها، ووضعها على ذمة قضية سياسية.
وكتبت شيماء مقالين لموقع “درب”، الذي يرأس تحريره خالد البلشي، قبل القبض عليها، آخرها حول ثورة يناير وكيف أكلت أبنائها في إشارة لعدد من المحبوسين احتياطيا، بينهم الناشط السياسي علاء عبد الفتاح.
القضية 65 والتدوير
وتضم القضية 65 إلى جانب شيماء، كل من الزميل الصحفي أحمد خليفة الذي يعمل بموقع مصر 360، الذي وضع على ذمتها بعد استدعائه من قبل الأمن الوطني بالفيوم، والناشطة السياسية نرمين حسين التي جرى اتهامها على ذمة القضية نفسها، عقب إخلاء سبيلها في يناير 2020 في القضية 535 لسنة 2020، والتي واجهت فيها نفس اتهامات القضية الجديدة.
وثَّقت وحدة الرصد والتوثيق بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إحالة 16 متهمًا على ذمة القضية رقم 65 لسنة 2021 حصر نيابة أمن دولة. منهم 6 متهمين ألقي القبض عليهم خلال شهري يناير وفبراير. فضلًا عن 10 متهمين تم تدويرهم على تلك القضية بعد إخلاء سبيلهم على ذمة قضايا أخرى. حققت نيابة أمن الدولة مع المتهمين ووجهت إليهم جميعًا نفس الاتهامات، كان أبرزها؛ الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
المتهمون العشرة الذين جرى تدويرهم من الداخل، هم أربع سيدات وستة رجال. بينهم 9 متهمين جرى تدويرهم للمرة الأولى في القضية 65 بسنة 2021 حصر نيابة أمن دولة عليا. ومتهم وحيد أعيد تدويره للمرة الثانية بعد إخلاء سبيله على ذمة قضيتين آخريتين. بينما تنوعت القضايا التي أخلي سبيل المتهمين العشرة على ذمتها، قبل أن يتم تدويرهم في القضية 65 لسنة 2021، وبلغ عددها أربع قضايا.
التقرير وثق أن جميع المتهمين الذين تم تدويرهم، دورا من الداخل، أي قبل إخلاء سبيلهم الفعلي. أثناء تنفيذ إجراءات إخلاء سبيلهم، ومنهم من ظهر في النيابة بملابس سجنه البيضاء. ما يدل أنهم لم يروا الشارع، ولم ينفذ قرار إخلاء السبيل.
المركز الثالث في حبس الصحفيين
وتحل مصر في المركز الثالث بعد الصين وتركيا في حبس الصحفيين وحرية الصحافة عام 2020، ويبلغ عدد المحبوسين منهم 27 صحفيًا، جميعهم محبوسين على ذمة قضايا متنوعة تختلف في أرقامها ولكنها تتشابه في قوائم اتهاماتها والتي تشمل نشر الأخبار الكاذبة والانضمام إلى تنظيمات إرهابية، لا تذكر نيابة أمن الدولة طبيعتها.
في انتظار انتهاء الكابوس
بعد مرور العام الأول للزميلة والباحثة شيماء سامي، تتمنى أسرتها وأصدقائها انتهاء ما وصفوه بـ”الكابوس”، وحصولها على حريتها، كما نشر مدير الشبكة العربية جمال عيد تقريرا عن اكتمال عامها الأول في السجن، قال خلاله “لن نفقد أملنا أن تتوقف نيابة أمن الدولة عن المشاركة في التنكيل بدعاة الديمقراطية وأصحاب الرأي جنبا لجنب مع جهاز الامن الوطني المعادي لسيادة القانون والذي يستخدم كرأس حربة في محاولة تأصيل دولة الخوف والصمت ، ومازلنا مصرين على انتقاد أداء النائب العام ومطالبته باعمال القانون والكف عن حبس الابرياء وتدويرهم في قضايا بائسة ، أن يوقف استخدام الحبس الاحتياطي كعقوبة وليس اجراء احترازي”.