إثر إعلان مجلس صيانة الدستور الموافقة على طلبات سبعة مرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية الإيرانية، المزمع إجراؤها في 18 يونيو المقبل. تواترت أسئلة عديدة حول المنافسة الانتخابية المقبلة، محدداتها وسيناريوهاتها المتوقعة. كذلك تأثيراتها على النظام، لا سيما مع انعكاساتها المباشرة في ما يخص الوضع المحلي. وأزمة خلافة المرشد الإيراني، علي خامنئي، فضلاً عن السياسة الخارجية والإقليمية والنشاط الدبلوماسي.
كما أن ثمة انتقادات جمة لاحقت عملية التصفية التي شملت أسماء بارزة من بين المرشحين، في التيارين الإصلاحي والمحافظ. إذ قام مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة غير منتخبة يختار نصف أعضائها المرشد الإيراني. بينما يحدد الباقي رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، والأخير يخوض المنافسة الانتخابية. بعدما تكبد الهزيمة أمام الرئيس الإيراني حسن روحاني، وحصل على نسبة تصويت لم تتجاوز 38%.
7 مرشحين في الانتخابات الإيرانية
أكد الرئيس الإيراني في أعقاب إعلان الأسماء السبعة المرشحين في الانتخابات الرئاسية توجيهه رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي. بشأن ترشيحات الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، طالبه بـ”منافسة” أكبر فيها، بعد نبذ واستبعاد شخصيات مؤثرة.
ونشرت وزارة الداخلية، قبل يومين، لائحة من 7 مرشحين، بينهم خمسة من المحافظين المتشددين. حيث صادق مجلس صيانة الدستور على خوضهم المنافسة. ومن بين الشخصيات الذين جرى استبعادهم رئيس مجلس بلدية طهران محسن هاشمي رفسنجاني، والجنرال سعيد محمد مستشار قائد “الحرس الثوري”، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان في الفترة بين عامي 2008 و2020. ومحمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين عامي 2005 و2013. وقد سبق للأخير أن رفض طلب ترشحه للانتخابات في العام 2017.
وفي ما يخص المعسكر الإصلاحي، فيقع أمام خيارين لا ثالث لهما. محسن مهر علي زاده نائب الرئيس الأسبق محمد خاتمي في شؤون الرياضة، أو محافظ البنك المركزي عبدالناصر همتي.
وبحسب ما أعلنه المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، عباس علي كدخدايي، رسميًا، فإن المرشحين السبعة للانتخابات الرئاسية. هم: سعید جلیلي، وإبراهیم رئيسي، ومحسن رضائي، وعلي رضا زاکاني، وسید أمیر حسین قاضي، ومحسن مهر علي زاده، وعبدالناصر همتي.
رفض أهلية محمود أحمدي نجاد
ورفض مجلس صيانة الدستور المصادقة على أهلية الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، ورئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني. بالإضافة إلى نبذ أبرز المرشحين للتيار الإصلاحي، إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني، ومسعود بزشكيان، النائب الإصلاحي البارز. كذلك مصطفى تاج زاده، مساعد الشؤون السياسية لوزير الداخلية الأسبق في عهد الرئيس السابق، محمد خاتمي.
وفي بيان رسمي حول استبعاده من الانتخابات الرئاسية، قال لاريجاني إنه تقدم بطلب خوض السباق بناء على تأكيد المرشد الإيراني. بخصوص “أقصى المشاركة في الانتخابات. كذلك توصية المراجع وبعض الأكاديميين، ومختلف فئات الشعب”. كما تابع: “كنت مصممًا على رفع المشكلات التي تواجه الأمة، بدعم نخب المجتمع. لكن الآن بعد أن حسمت العملية الانتخابية، قمت بواجبي أمام الله والأمة وأنا راض برضا الله”.
انتخابات الرئاسة الإيرانية بعيدة عن القضاء
وإلى ذلك، قال المتحدث باسم الجهاز القضائي، محسن إسماعيلي، إن القضاء “لن يتدخل في عملية الإشراف على الانتخابات وتنفيذها”.
بيد أن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد دشن هجومًا عنيفًا في أعقاب رفضة من لائحة المرشحين. بينما حذر من “انهيار” و”تفكك” إيران، ووصف الأوضاع العام بأنها “سيئة”. كما أكد أنه لا يمكن أن يكون طرفًا في هذا “الانهيار”.
وكشف موقع “دولت بهار” الناطق باسم مكتب نجاد، عن زيارة مباغتة للجنرال حسين نجات، قائد قاعدة “ثأر الله”. المكلفة من الحرس الثوري الإيراني بحماية أمن طهران. وذلك مقر إقامة الرئيس السابق (أحمدي نجاد)، حيث تم إبلاغ الأخيرة بالنتائج النهائية، وطالبه بـ”التعاون والصمت، والمسايرة”.
وقال أحمدي نجاد: “ستؤدي (الانتخابات) إلى السقوط على الأرض ولا يمكن النهوض مرة أخرى”. وتابع: “لماذا يرفضونني؟ لا يحق لأحد هذا، ولن أوافق ولن أصمت على هذا العمل الجائر. إذا رفضت أهليتي وأصبحت الأوضاع أكثر سوء، فلن يحمل الناس المسؤولية للحكومة فحسب؛ وإنما الدولة أيضًا. لا مسؤولية لي في ذلك”.
قائمة المرشحين في الانتخابات طلقة الرحمة على الإصلاحيين
وبحسب الرئيس الإيراني السابق فإن “الأعداء استنتجوا أن الظروف مواتية تماماً للحصول على امتيازات من النظام. إنهم ينتظرون تراجع النظام في المرحلة الحالية، لكي يمارسوا ضغوطاً مكثفة في حقوق الإنسان والقضايا العسكرية”. لافتاً إلى أن “كثير من السادة في الداخل لا يريدون تفكك (الحرس الثوري) والانتخابات الحرة فحسب. إنما يوجهون رسائل إلى الخارج لكي يتابعوا هذا المسار”. وأردف: “لا تعتقدوا أنها قضايا بعيدة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فستطرح هذه القضايا بصورة جدية”.
إذاً، تعد قائمة المرشحين الجدد “طلقة الرحمة” على احتمالية الإصلاح من داخل النظام، والتي بدأت مع الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي عام 1997. بحسب المحلل السياسي الإيراني علي رضا اسدزاده. الذي أوضح لـ”مصر 360″: “وكان النظام يعلب بين ثنائية إصلاحي وأصولي منذ ذلك التوقيت للحصول على مكاسب دبلوماسية وسياسية في الغرب”.
وتعد تسريبات وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف الصوتية الأخيرة، من بين الدلائل اللافتة على انشقاق الصفوف وتباين وجهات النظر. كما يوضح المحلل السياسي الإيراني، ويردف: “يبدو أن خامنئي مطمئن من عدم مشاركة الجماهير فبالتالي يريد تسهيل الأمر للمرشح المطلوب له وهو إبراهيم رئيسي”.
اتجاه المرشد.. استمرار القمع وتصدير العنف
وهذه القائمة من المرشحين تدل على اتجاه المرشد الإيراني باتجاه ضرورة وحدة صف المتشددين، الأمر الذي ستنعكس آثاره، محليًا وإقليميًا. والمتمثلة في استمرار “سياسة القمع، وتطبيق سياسات متطرفة في المنطقة، تستهدف تعزيز الميليشيات وتصدير الإرهاب”.
أما من ناحية المفاوضات النووية، يقول اسدزاده: ستفتح صفحة جديدة مختلفة وغير تقليدية. حيث إن الولايات المتحدة ستكون بصدد التفاوض مع علي خامنئي مباشرة أن قرروا الاستمرار في التفاوض دون الوسيط الإصلاحي هذه المرة. وهي نهاية للمفاوضات النووية الجارية والاتفاق القديم في نفس الوقت. إذ ستعود جميع الأطراف للتفاوض منذ المربع الأول، وذلك بمجرد حسم نتيجة الانتخابات في إيران”.
ويرى الباحث السياسي المتخصص في الشأن الإيراني، محمد المذحجي، أن ما يحصل بمثابة محاولة لتنصيب رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي. والذي لا ينقصه سوى تأييد شعبي بعدما خسر الانتخابات السابقة أمام حسن روحاني. لكن النظام ومكتب المرشد الإيراني لا يريد تكرار نفس الخطأ. ومن ثم، يضع رئيسي في منافسة ضيقة حتى يفوز وقد تم إقصاء الجميع من الإصلاحيين والمحافظين.
السر في مجتبي خامنئي
ويلفت الباحث المتخصص في الشأن الإيراني في حديثه لـ”مصر 360″ إلى أن رئيسي هو أحد المرشحين لخلافة خامنئي. كما يطمح جناح من أجنحة الدولة العميقة أن يكون المرشد القادم. إذ إن هناك وجهة نظر أخرى داخل النظام تقول إن فوز رئيسي بمنصب الرئاسة ضروري لأنه سيمهد الطريق أمام نجل المرشد مجتبي خامنئي ليكون خليفة والده. لما بين الطرفين من علاقة وثيقة، وبالتالي أضحت خلافة المرشد في مأمن.
ويختتم المذحجي: “إبراهيم رئيسي يعتبر المرشح الأوفر حظا لأنه يمثل مصالح الصين داخل النظام. خاصة لدى الحرس الثوري الإيراني الذي يرى أهمية كبيرة في هذا التعاون من الناحيتين السياسية والاقتصادية. بخاصة بعد الاتفاقية الاستراتيجية التي حدثت بين بكين وطهران، وبالتالي، فدخول الصين على الخط مهم لدعم رئيس السلطة القضائية، لانه سيحقق تلك المصالح القائمة والمشتركة”.