“أنظر لباب المنزل كل لحظة يمكن آلاقيه بيهل عليا زي عوايده”. عبارة امتزجت بالدموع قالها والد الصحفي أحمد خليفة المقبوض عليه منذ 5 أشهر.
تروي والدته أنها تخاف من طول مدة الغياب وتنتظر مرور الأيام حتى تنتهي المدة التي أخطرها محاميه محمد طنطاوي بها. قائلة “عندي أمل يخرج، بيقولوا فيه شباب كتير زيه روحوا بيوتهم. ربنا يطمن قلب أهاليهم بيهم وفرحهم. ومستنية قلبي يتطمن بوجوده في حضني”.
عمل أحمد خليفة الصحفي وكتاباته
يكتب الصحفي أحمد خليفة بشكل منتظم في موقع مصر 360، وعمل خلاله في عدد من الألوان الصحفية. لكنه تعمق بشكل أكبر في القضايا العمالية وأفرد مساحة كبيرة من الكتابة عن الشركات المأزومة. في سلسلة من الموضوعات التي حرص خلالها على تقديم صورة واقعية تمامًا من الأحداث. بل إن بعضها استغرق منه زيارات لمقارها ولقاء مباشر مع العاملين فيها. أو من يعانون من أزمات في عملهم سواء كانوا مفصولين أو محتجين.
كذلك عمل خليفة لفترة في التغطية الصحفية بموقع “ولاد البلد” وتدرج خلاله بعد أن كان مراسلًا عن محافظته “الفيوم” لفترة طويلة. كتب بشكل حر مع عدد من المواقع ومنها “المنصة”.
إثر القبض على “خليفة” واحتجازه، دشن عدد من أصدقائه حملات تدوين ساهمت بها “مراسلون بلا حدود”. إذ دعت إلى عدم تجاهل الانتهاكات التي تهدد حرية الصحافة ومنها القبض على الصحفيين من وقت لآخر ومنهم أحمد خليفة.
مدة الغياب طالت: 5 أشهر متصلة
طلبت قوات الأمن من “خليفة” الحضور لسماع أقواله بتاريخ 5 يناير الماضي. ومن ثم اتصل خليفة ببعض أصدقائه ليخبرهم بحقيقة ما دار وأنه ينوي الذهاب. خاصة أنه يدرك جيدًا عدم وجود أي سبب لهذا الاستدعاء أو ضرر قد يلحق به.
ذهب خليفة للإجابة عن بعض الأسئلة وهو الأمر الذي طال لعدة أيام ظلت أسرته تترقب فيها خروجه من المبنى الذي دخله في الفيوم دون جدوى. ومع مرور الوقت تسرب الخوف إليهم ما دفعهم بنصيحة بعض أصدقاء خليفة ومنهم المحامي محمد طنطاوي بالإبلاغ عن الاختفاء.
قررت النيابة حبس “خليفة” 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية التي حملت رقم 65 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا.
الاتهامات الموجهة للصحفي أحمد خليفة
بعد ظهور الصحفي أحمد خليفة وعرضه على النيابة تم توجيه عدد من التهم له منها: “الانضمام لجماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة”.
كذلك جاءت ضمن الاتهامات الموجهة لخليفة سوء استخدامه لحساب خاص على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” في الترويج لمعلومات غير حقيقية.
تم التجديد لخليفة أكثر من مرة وأكدت أسرته أن المحامي أخطرهم ببقائه المبدئي في السجن لمدة 5 أشهر متصلة. وهي المدة التي انتهت فعليًا وفي انتظار إخراجه عقب تلك المدة المعلنة. معتبرين أن آمالهم محاصرة بالمخاوف من تجديد الحبس مرات أخرى بما لا يمكنهم معه الاحتمال.
أسرة أحمد خليفة بين الأمل والخوف
لا توجد معاناة أكبر من تلك التي تتحملها أم وأب مسنين جراء فقدان ابنهم المقيم معهم وعدم رؤيته في صباح كل يوم. كما اعتادوا بل وإدراكهم أنه حبيس جدران وأسلاك حديدية دون سبب يقنعهم.
محمد خليفة والد “أحمد” يتمسك بقراءة القرآن ليلاً ونهاراً والدعاء المستمر لابنه. إذ يؤكد أن حبل الأمل لديه لم ينقطع للحظة وأنه يدرك جيدًا حجم ما مر به الأنبياء من أزمات وكوارث. كادت أن تعصف بأرواحهم وأنه يرتكز على مثل تلك الحكايا في محاولة طمأنة قلبه بأن “فرج الله قريب”.
خليفة أكد أنه يعلم جيدًا أن ابنه لم يخطئ فقد كانا يتبادلا النقاش يوميًا حول كتاباته وجميعها كانت لصالح الغلابة والمهمشين. معتبرًا “أن من ينصف المظلوم لن يضار عند الله للحظة. وأن دعوة من ساندهم ابنه ستحفظه وتخرجه له سالمًا”. مستمسكًا بإيمانه القوي أنه في لحظة ما سيجدع بين ذراعيه لتهدأ نبضات قلبه التي يعلو صوتها باسمه من حين لآخر.
بينما أكدت شقيقته التي تعتبر نفسها الأم الثانية له أنها فقدت لذة الحياة وبهجتها بابتعادها عن أخيها. تروي تفاصيل ما حدث: “أخبرني باستدعائه وقولتله متروحش قالي أنا مش ههرب لأني معملتش حاجة أخاف منها. حتى اللي بكتبه مفيهوش أزمة وأنا عارف”. كذلك لفتت إلى أنها اضطرت لإخفاء الأمر في البداية إلا أن طول مدة الاختفاء جعلتها لا تتحمل.
وأضافت أنها تخاف على والداها فلديهم أمراض مزمنة ولا يحتملون كل هذا الألم. مشيرة إلى أن أخيها من محبسه ينتابه القلق ذاته حيالهم. لكنه يحاول عادة طمأنتهم على وضعه ويبدي تفاؤله بقرب موعد خروجه.
“نفسي أشوفه ووحشني” عبارة كررتها والدة أحمد خليفة بعد أن سيطرت عليها الدموع. لم تستطع إكمال حديثها فقط اكتفت بالاشارة إلى باب المنزل. متمنية دخول ابنها منه مرة أخرى كما اعتادت قبل إلقاء القبض عليه.