أعلن نادي ريال مدريد الإسباني تعيين الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي مدربًا جديدًا له في ولاية ثانية بالميرنجي. وذلك بعد تجربة أولى في عام 2013، حقق بها لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة التي انتظرها الفريق الأبيض طويلاً.
هكذا حسم الريال أمره سريعًا بخصوص مديره الفني الجديد خلفًا للفرنسي زين الدين زيدان المقال بنهاية الموسم المنقضي. إذ لم يحقق أيّ بطولة في موسم صفري نادر وغريب على الملكي لم يحدث منذ 11 عامًا.
جاءت ولاية أنشيلوتي الأولى تحديدًا في صيف 2013 خلفًا لجوزيه مورينيو. واستمر رفقة اللوس بلانكوس لعامين حتى 2015، قاد خلالها الفريق في 119 مباراة، حقق 89 انتصارًا، و14 تعادلًا و16 هزيمة.
وحصد أنشيلوتي مع ريال مدريد لقب دوري الأبطال وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية وكأس ملك إسبانيا. وعلى المستوى الفردي حصل على جائزة أفضل مدرب في العالم لموسم 2013-2014.
ومثلما حقق زيدان بولايته الأولى نجاحًا ساحقًا، لم تكن ولايته الثانية على قدر التوقعات، وانتهت بالفشل بالموسم المنصرم دون بطولات. يخشى أنشيلوتي “أستاذ” زيزو كلاعب ومدرب مصير النجم الفرنسي الأشهر في العرين الملكي. لكن رغم ذلك هناك مزايا عديدة تدعم نجاح “الميستر“، كما يلقب في قلعة سانتياجو برنابيو بالمواسم الثلاثة القادمة وهي مدة عقده مع فريق العاصمة الإسبانية الأكبر.
دراية كاملة بالريال والليجا
يظل أنشيلوتي صاحب الخبرات العريضة والتجربة السابقة المثمرة مع الريال خيارًا مناسبًا للغاية لوضعية الملكي في الوقت الحالي. كما أن درايته الكاملة بالفريق وكافة الأمور به وبالليجا وكل فرقها وملاعبها وظروفها وتنافسيتها. يسهل عمله بشكل كبير ويدخله في الأجواء ثانية بسرعة أكبر من أيّ مدرب آخر من المرشحين لخلافة زيدان رفقته كأنطونيو كونتي وماوريسيو بوكيتينو.
كما أن أنشيلوتي لديه ميزة خاصة في التكيف مع الفرق التي دربها طوال مسيرته التدريبية. مما يجعله مرنًا مع كافة الظروف والمعطيات. فطوال مسيرته لم يصر على فلسفة واستراتيجية ثابتة في عمله بل يتكيف مع ظروف كل فريق وفقًا لأموره. فهو ليس صاحب فكر هجومي شرس ولا يؤيد التحفظ الدفاعي المبالغ به كحال أغلب المدربين الإيطاليين.
وبالنظر إلى ولايته الأولى نجد أنه تولى الفريق مع رحيل عناصر مهمة مثل مسعود أوزيل وهيجواين وكاكا. وتعاقد النادي مع عناصر جديدة وكانت الأجواء سيئة مع مطالبات بتغييرات جذرية. لكنه نجح في خلق أجواء مناسبة مع اللاعبين بغرفة الملابس وقادهم لتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا، الذي فشل في تحقيقه 10 مدربين متتاليين على النادي قبله مع صرف العديد من الملايين.
هذا الأمر على وجه التحديد يجعله الخيار الأفضل لإدارة النادي في ظل الظروف المادية الصعبة؛ بسبب أزمة كورونا. والحاجة الماسة لبناء فريق جديد بإمكانيات محدودة.
علاقة مميزة وطاقة إيجابية بأوضة اللبس
مدرب متمرس صاحب خبرات وتجارب عظيمة مع أندية كبرى، كالتي عمل معها أنشيلوتي بمسيرته تجعله مناسبًا لأيّ فريق عملاق مثل ريال مدريد بأي وقت. نجوم لامعة عمل معها دون مشكلة وحيدة أو علاقة تشهد شوائب على عكس مورينيو. على سبيل المثال دائم الدخول مع أزمات مع نجوم فريقه. فعمل مع نجوم أمثال كريستيانو رونالدو، كاكا، مالديني، بيرلو، سيدورف، إنزاجي، دروجبا وغيره وغيره.
ونجح الإيطالي دائمًا خلال كل تجاربه في خلق علاقات طيبة ووطيدة باللاعبين. وكسب ثقتهم وحبهم وهو ما ساعده على تحقيق النجاح والألقاب مع الفرق التي دربها. والأمثلة على ذلك كثيرة أهمها جاتوزو نجم ميلان السابق المعروف بقوة شخصيته. دخل في نوبة بكاء حين علم بقرار رحيل أنشيلوتي عن تدريب الفريق، وكريستيانو رونالدو الذي وصف رحيل أنشيلوتي بأنه من أكبر أخطاء إدارة الملكي.
ورغم الظروف الصعبة التي عاشها الميرنجي الموسم المنصرم، بالنظر للإصابات وتلاحم المباريات نجح ريال مدريد في القتال حتى الجولة الأخيرة. ووصل لنصف نهائي دوري الأبطال، وقاتل اللاعبون بسبب حبهم وعلاقتهم القوية بزيدان. ولذلك لا يمكن إغفال أن كسب غرفة الملابس سيكون من أبرز مفاتيح نجاح أنشيلوتي في مهمته مع الفريق بالفترة المقبلة.
عيب خطير وميزة في نفس الوقت
الأمر الوحيد الذي تخشاه جماهير الملكي من قرار إعلان تولي أنشيلوتي تدريب الفريق خلفًا لزيدان. هو تقبله بأمور عديدة تفرض عليه من قبل الإدارة كالموافقة على عدم التدعيم بالشكل المناسب أو بقاء نجم غير محبوب لتكلفته العالية أو بيع آخر لأسباب أخرى رغم تقديمه مستويات مميزة. وهي تعد ميزة للميستر لمرونته مع الإدارات، ولكنها تخلق له أزمة مع الجماهير وتعتبره “مدربًا سلبيًا“.
ففي فترته مع ميلان ورغم نجاحه مع الفريق الإيطالي، لكنه كان يقبل بتدخلات رئيس النادي سيلفيو بيرلسكوني. وكذلك في ألمانيا مع بايرن ميونيخ لم يطلب صفقات لتدعيم الفريق رغم وجود أزمات واضحة في عدة مراكز. الأمر نفسه حدث بولايته الأولى مع الميرنجي عندما لم يرفض رحيل العديد من نجوم الفريق وإجباره الاعتماد على أسماء معينة، نظرًا لقيمتهم التسويقية والإعلانية.
واعترف أنشيلوتي شخصيًا أنه خسر منصبه كمدرب لريال مدريد، بسبب توتر علاقته مع رئيس النادي فلورنتينو بيريز. وكان من أبرز الأسباب، تغييره لجاريث بيل ضد فالنسيا في الليجا “اللاعب المحبب” من قبل الرئيس بشدة حينها. فهل سيتغير كارلو هذه المرة خاصة مع وضع الريال الصعب ويحتاج بشدة للتدعيم بنجوم كبيرة وفي مراكز بعينها. وعدم المجاملة للاعبين بعينها بالبقاء داخل الفريق لأسباب أخرى غير كرة القدم وواقع أرض الميدان؟!.
هذا ما سنعرفه في الفترة القادمة من المدرب المخضرم، إما النجاح ثانية وفرض شخصيته على الإدارة والفريق. أو مواجهة مصير زيدان بالإقالة في النهاية، بعدما رضخ لتحكم الإدارة به ثم حاسبته على الفشل وكان كبش الفداء لتقصيرها بعدم التدعيم، كما طلب وعزز قدرات فريقه ليواجه كل التحديات بقوة أكبر ومن ثم لا تكون النهايات مثلما كانت بالموسم المنتهي.