تصدر صحفيون وباحثون في التاريخ لائحة الفائزين بجوائز الدولة التقديرية والنيل والتفوق والتشجيعية فى مجالات الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية التي أعلنت نتائجها، أمس، وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، لينضموا إلى مجموعة من الروائيين والكتاب أصحاب الطابع الإبداعي والبحثي.
استطاع عدد من الكتاب والمفكرين الفوز بجوائز العلوم الاجتماعية للتفوق، على رأسهم الدكتور محمد سالمان محمد سالمان، والدكتورة عالية المهدى، وكذا الكاتب الصحفي وائل لطفى.
فيما فاز بجوائز الدولة التشجيعية عن العلوم الاجتماعية،كل من الدكتور أحمد يوسف أحمد”، الدكتورة سرية عبد الرازق صدقى، والدكتور محمد عفيفى ، والدكتور أحمد صقر عاشور.
بدأت فكرة جوائز الدولة للمبدعين والمفكرين وأصحاب الإسهامات الفنية والفكرية منذ عام 1958، حيث تم إنشاء جائزتى الدولة التشجيعية والتقديرية، لتكون نواة لتشجيع المتميزين في كافة المجالات (الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية) لتقديم ما هو أفضل وزيادة الإسهامات ذات الطابع الإبداعي والبحثي.
واستحدث جائزتان جديدتان عام 1998، وهما: جائزة الدولة للتفوق و”جائزة مبارك” التى تغير اسمها ليصبح جائزة النيل.
خلال سنوات الجائزة فاز بها العديد من الأدباء ورواد الفنون والباحثين، بداية من طه حسين، ويوسف إدريس، و عباس العقاد، وتوفيق الحكيم، يحي حقي، نجيب محفوظ، يوسف السباعي، عائشة عبدالرحمن، سعد الدين وهبة، بدوي أحمد طبانة، لطيفة عبد الحليم الزيات، مصطفى محمود، والعديد من الأسماء التي أثرت المجالات الإبداعية باهتماماتهم خلال سنوات حياتهم.
أما جائزة الدولة في العلوم الاجتماعية فشهدت حضور الكثير من الباحثين منهم (الدكتور خالد العناني، الدكتور مسعد عويس، الدكتور شبل بدران، أبو اليسر فرح، يمنى الخولي)
ماذا تعني العلوم الاجتماعية؟
يُعرف مصطلح العلوم الاجتماعية بكونه العلوم التي تتعلّق بالسلوك الإنساني ويشمل عدة فروع، بحيث يشمل الجوانب الاجتماعية والثقافية. وفي بعض الأحيان يشير إلى علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم السياسة، وعلم الاقتصاد، والتاريخ، والقانون، إذن فهو كل ما يخص السلوك الإنساني وفروعه.
يعود مصطلح العلوم الاجتماعية إلى الأصول الإغريقية واليونانية القديمة، إذ اعتبرته الحضارات السابقة تراثاً قويّاً في تأريخ الفكر الاجتماعي وتنميطه وإشارة واضحة إلى تنوعه، ويعود ذلك إلى الاستفسارات العقلانية التي طرحت عبر الازمان عن الطبيعة البشرية والدولة والأخلاق.
شهد التاريخ الأوروبي الحديث اعتماد كبير على العلوم الاجتماعية، وتم استعادة تعريف الفلاسفة الكلاسيكين لمفهوم العلوم الاجتماعية وتطويعها من أجل تحقيق التطور الكبير في كيفية التعامل مع المجتمعات ووضع حجر الأساس للتطور والتقدم، وتلافي الوقوع في الأخطاء ذاتها على مر التاريخ.
محمد عفيفي
يعد الدكتور محمد عفيفى، واحدا من عشاق التاريخ، قضى سنوات حياته كاتبات وقارئا نهما بذات القوة في التاريخ. وشعل منصب الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة ورئيس قسم التاريخ السابق بكلية الآداب جامعة القاهرة.
وخلال مسيرته الأكاديمية وجه طاقته نحو ضرورة تطوير مناهج التاريخ لتشمل أوجه النشاط الإنساني دون التوقف فقط عند سير الحكام.
ينتمي عفيفي إلى المدرسة الجديدة فى التاريخ والتى تنصب على تناول تاريخ جميع طبقات المجتمع وطوائفه والفنون كالأدب والفلكلور والسينما والموسيقى، وهو ما أظهر جانبا جديدا في التاريخ لم يتطرق إليه البعض بشكل متعمق مثلما فعل عفيفي.
ومن أشهر كتبه “تاريخ الأوقاف المصرية في العصر العثماني” و”تاريخ الأقباط في العصر العثماني”، هو من أنبغ تلاميذ مدرسة التاريخ الاجتماعي.
ويعد كتاب “شبرا إسكندرية صغيرة في القاهرة” من الإسهامات المهمة لعفيفي، إذ يوثق من خلاله الحي الذي احتضن الثقافات والجنسيات المختلفة على غرار الإسكندرية التي اشتهرت بأنها مدينة كزموبوليتانية.
وائل لطفي وظاهرة الدعاة الجدد نموذجا
يتتبع الكاتب الصحفي وائل لطفي، ظاهرة الدعاة الجدد التي انتشرت منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وعمل على تحليلها كواحدة من الظواهر الاجتماعية المتصلة بشكل مباشر بالسلوك الإنساني.
وعمد وائل لطفي من خلال كتابه «ظاهرة الدعاة الجدد» إلى إظهار كيف ساهمت أدوات الحداثة والتكنولوجيا في نشر أفكار الدعاة الجدد وزيادة متابعيهم، طارحا العديد من التساؤلات حول الأسباب والدوافع التي أدت إلى انتشار الظاهرة، متساءلا عن ماهية الدعاة الجدد؟ وما الاختلاف بينهم وبين دعاة الازهر؟ والفئات المستهدفة بالنسبة لهم؟ وهل يمثلون امتدادا لجماعة الإخوان المسلمين؟ وما علاقتهم بالسياسة وكيف يرونها؟
استطاع الكاتب الصحفي وائل لطفي أن يجيب على التساؤلات كافة، وأن يغوص في عالم الدعاة الجدد ويعود بالتاريخ إلى بداية ظهورهم وكطيفية اندماجهم في الطبقات التي يطلق عليها “كريمة المجتمع”، على الرغم أن ذروة ظهور الدعاة الجدد يتمثل في خروج عمرو خالد إلى الأضواء إلى أن “الكاتب” ينسب البداية إلى ما قبل عمرو خالد بسنوات.
وضع “لطفي” يده على السمات الأساسية التي يتميز بها الدعاة الجدد، بداية من الهية الخارجية وإرتداء الملابس الكاجوال، وعدم الاعتماد على الدعوة مصدر ربح أساسي لذا يمتلك كل داعية عمل مستقل يدر عليه المال الوفير، كما أن هؤلاء لم يتخرجوا من المؤسسة الدينية الرسمية متمثلة في الأزهر، إنما درسوا في تخصصات مختلفة واعتمدوا على مشارب عدة في تلقي العلوم الدينية واعتمدوا بشكل مكثف على التعليم الذاتي والقراءة من هنا وهناك، وكذا عرج الكاتب إلى طبيعة الجمهور الذي يستهدفه الدعاة الجدد والذي يعتمد على الشرائج الاجتماعية الثرية ويحتاجون إلى التدين دون أن يحرموا أنفسهم من الحياة ومتعها.
أسطورة نادي الصيد
وأشار لطفي من خلال كتابه ظاهرة الدعاة الجدد، إلى أسطورة نادي الصيد التي يرجع إليها الكثير من الفضل في خروج الظاهرة إلى النور، خاصة أنه في مرحلة التسعينيات كان الداعية عمر عبدالكافي متواجدا بقوة داخل ندوات نادي الصيد، إلى أن تغييرا ما طرأ حيث تم عمل تحليل وإجداد لروح الدعوة الدينية داخل النادي وتم استبدال عبدالكافي بـ”عمرو خالد” ليبدأ في تكوين أسطورته الخاصة على مدار عشرات السنين.
هنا يجب الالتفات إلى أن الدعاة الجدد وجدوا لأنفسهم موقعا داخل مجتمع الأثرياء، الذين يفضلون أن يكونوا محافظين وأبنائهم كذلك دون أن يعيشوا حياة الزهد، لتنبعث بالتوازي مع ظاهرة الدعاة الجدد ظاهرة المحافظين في المجتمع المصري.
وسلط الكاتب الضوء على ظاهرة أصحبت ظاهرة الدعاة الجدد والتي ساعدت كثيرا في انتشارها ألا وهي الصالونات الدينية، وتتطرق إلى كيفية نشأتها وتكوينها، وكذا كيف بدأت ظاهرة الدعاة السيدات وبدأت تتحسس أولى خطواتها.
يمكن القول أن الكتاب طال كافة جوانب الدعاة الجدد باختلاف مدارسها وموجاتها المتتابعة وتبادل الأدوار وصعود نجم دعاة وخفوت نجم دعاة جدد لم يستطيعوا مواكبة ما طرأ على المجتمع من تغييرات على مدار ثلاثين عاما.