قبل أيام من استضافة البرازيل لبطولة كوبا أمريكا بنسختها الأخيرة 2021، المقرر لها 13 يونيو الجاري. اندلعت احتجاجات واسعة على خلفية الوضع الصحي المتدهور الذي تعاني منه البلاد، في وقت تتصاعد فيه أصوات رياضية بضرورة تأجيل البطولة أو البحث عن مستضيف آخر لا يئن من أوضاع صحية.
إذ كان من المقرر أن تستضيف الأرجنتين وكولومبيا، مباريات البطولة. إلا أنه على خلفية احتجاجات اشتعلت في البلاد تم سحب ملف استضافة البطولة ومنحها إلى البرازيل.
في ذلك الوقت، خرج نجم منتخب أوروجواي لويس سواريز، ليؤكد أنه يجب إعطاء الأولوية لصحة البشر. خاصة أن الأرجنتين دخلت في حالة إغلاق استمرت 9 أيام بعد تزاديت أعداد الإصابات بفيروس كورونا إلى 35 ألف حالة يوميًا.
على خلفية زيادة أعداد الإصابات خرجت التظاهرات في شوارع الأرجنتين لرفض إقامة البطولة. ونجحت بالفعل في تحقيق ذلك. إذ تم سحب ملف الاستضافة من قبل اتحاد أمريكا الجنوبية وإسناده إلى البرازيل. مؤكدين أن البرازيل تمتلك بنية تحتية تسمح بإقامة البطولة على أراضيها.
البرازيل تعاني مع كورونا
لم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة للبرازيل التي تعاني من أزمة حادة في الأوضاع الصحية. إذ سجلت البرازيل خلال الأيام القليلة الماضية ثاني أكبر حصيلة للوفيات جراء فيروس كورونا في العالم. إذ حلت بعد الولايات المتحدة بأكثر من 467 ألف حالة. وثالث أعلى إجمالي إصابات بعد الولايات المتحدة والهند بحوالي 16.7 مليون حالة.
وإثر ذلك شهدت البرازيل، احتجاجات واسعة طالت عددًا من مدن البلاد تزامنًا مع كلمة ألقاها الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو. حول سير جائحة فيروس كورونا. خاصة أن الأخير سبق أن لوح إلى أنه يفضل مواجهة الفيروس بفلسفة مناعة القطيع. بدلًا من الاعتماد على اللقاحات، في الوقت الذي يعاني فيه البرازيليين من فقدان أحبائهم وعائلاتهم.
وما زاد الطين بلة، إعلان الاتحاد العام لكرة القدم البرازيلي استضافة لبطولة كوبا أمريكا. ليمثل القرار القشة التي كسرت ظهر البعير. إذ خرج الآلاف من المواطنين إلى شوارع المدن البرازيلية المختلفة معربين عن غضبهم من تعامل الدولة وأجهزتها مع الجائحة.
في السياق نفسه، أبدى العديد من المواطنين تخوفهم من تدهور الحالة الصحية. وصرف الأموال على البطولة التي من الممكن ألا تدر مكاسب جديدة في ظل تفشي كورونا.
المنتخب البرازيلي يرفع راية التمرد
البداية كانت لدى لاعبي منتخب البرازيل. إذ أبدى عدد من اللاعبين اعتراضهم على إقامة البطولة في الوقت الذي تعاني فيه الدولة من وضع صحي حرج وقاس. أسوة بما حدث في الأرجنتين وكولومبيا.
ومن ناحيته، قال كارلوس كاسيميرو، قائد منتخب البرازيل: “بصفتي قائد للمنتخب البرازيلي، لدينا موقفنا. نريد أن نتحدث ولكن هذه ليست اللحظة المناسبة. أنا لست الوحيد، ليس فقط اللاعبون الذين ينشطون في أوروبا (ضد استضافة البطولة”.
وأضاف: “عندما يتحدث شخص ما الكل يفعل، كذلك يدعمنا الجهاز الفني في موقفنا. لكنّا علينا أن نحترم التسلسل الهرمي في المسؤوليات. يجب أن نكون موحدين”.
ومن ناحيته أكد أدينور ليوناردو باتشي المعروف إعلاميًا بـ”تيتي”، المدير الفني لمنتخب البرازيل. أن اللاعبين المحترفين في أندية أوروبا لا يرغبون في المشاركة ببطولة كوبا أمريكا المقبلة. إذ من المقرر أن تستضيفها البرازيل بداية من يوم 13 يونيو الجاري.
كذلك أضاف تيتي: “اللاعبون لديهم رأي، عبروا عنه لرئيس الاتحاد خلال اجتماعهم معه. وسيعبرون عنه للجمهور في الوقت المناسب. هذا يتعلق أيضًا بغياب قائدنا كاسيميرو عن المؤتمر الصحفي”.
الاحتجاجات ليست الأولى
اعتادت البرازيل على أن تشهد احتجاجات بالتزامن مع استضافتها لأحداث رياضية ضخمة. حيث كانت ساو باولو مع موعدٍ لاستضافة واحدة من أكبر البطولات العالمية “كأس العالم” في عام 2014. إلا أنه قبل انطلاق شرارة البطولة اندلعت احتجاجات واسعة في العاصمة البرازيلية. عندما أضرب عمال المترو على خلفية مطالبتهم بزيادة في الأجور وأعلنوا نيتهم تمديد الاحتجاجا. ما تسبب في اختناقات حادة في حركة السير والمرور.
آنذاك عمدت الشرطة إلى تفريق عمال المترو باستخدام الهراوات والغاز المسيل للدموع. في الوقت ذاته خرجت مظاهرات داعمة لإضراب عمال المترو. الذين رفضوا السياسات الاقتصادية لمؤسسات الدولة.
وخرج التينو ميلو دوس برازيريس رئيس نقابة العاملين في المترو. كذلك أكد أنه إذا كان هناك مال كاف لبناء استادات لاستضافة كأس العالم فبالتأكيد هناك مال كافي لمنح العمال حقوقهم. كما لفت إلى أن النقابة تضم نحو 9700 عامل يعانون من سوء الرواتب الشهرية. في الوقت الذي تحمل الحكومة تبعا لسياستها الاقتصادية أعباء متزايدة.
ورغم الإضراب والحركات الاجتماعية في مختلف القطاعات. أكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم وقتها جوزف بلاتر أنه “واثق” من نجاح البطولة.
في النهاية أقيم المونديال في البرازيل وخرج المنتخب بفضيحة كروية لأصحاب الأرض إذ لم يتمكن من تحقيق نجاحات تذكر.