عاد سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، إلى الواجهة مرة أخرى بتسريبات تتحدث عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية. والمقرر إجراؤها نهاية العام الجاري، وفق مخرجات اتفاق جنيف الذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وفي نوفمبر 2020، انتهت محادثات سياسية بين كافة الأطراف الليبية، بالتوقيع على خارطة طريق برعاية الأمم المتحدة. والتي تنص في آخر بنودها على إجراء انتخابات عامة بنهاية 2021.
ووفق الاتفاق، جرى اختيار سلطة مؤقتة في فبراير، عبر اقتراع مباشر لمشاركين في منتدى الحوار السياسي ممثلين عن كافة المناطق. لكن لم يتضح ما إذا كانت السلطات المؤقتة قادرة على تأمين الوصول إلى اتخابات لم تتضح قاعدتها الدستورية بعد.
اليوم الجمعة، فاجأت صحيفة التايمز البريطانية الجميع بتصريحات نقلتها على لسان سيف القذافي، قالت إنها استمعت إليه هاتفيًا. وذلك لتوضيح موقفه وإمكانية عودته للحياة السياسية مرة أخرى.
وكان نجل القذافي قد اختفى عن الأنظار خلال السنوات الماضية، مع استمرار التساؤل حول مكان تواجده. وما إذا كان مدانًا جنائيًا أم شمله عفو شامل أقره البرلمان سابقًا عن أركان نظام حكم أبيه.
لكن الصحيفة البريطانية قالت إن نجل معمر القذافي يخطط للعودة والترشح لرئاسة ليبيا، بعد مرور 10 سنوات على الإطاحة بنظام والده.
سيف القذافي تواصل مع دبلوماسيين غربيين لتأمين عودته
وأضافت أن القذافي الابن، الذي لم يظهر منذ سنوات بشكل علني، كان يتواصل مع الدبلوماسيين الغربيين وغيرهم. وذلك بهدف إثبات أوراق اعتماده أثناء عودته إلى الحياة العامة.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن مساعدي سيف أنه “سيصدر بيانًا عامًا وشيكًا، حيث يخطط لخوض الانتخابات المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر”. لكنهم يقولون إن الإعلان عن الترشح سيكون سابقًا لأوانه قبل المصادقة على قانون الانتخابات، حيث قد يسعى المعارضون لإضافة بند يمنعه من الترشح.
روسيا داعمة لنجل القذافي
وذكرت التايمز أن روسيا تؤيد ترشيحه لرئاسة ليبيا، لافتة إلى أنّ نشطاء سياسيين روسيين جرى توقيفهم في طرابلس عام 2019، عندما كانوا يحضرون حملة دعم لنجل القذافي.
وتحاول الأطراف السياسية في ليبيا حاليًا وضع بند في مسودة القاعدة الدستورية للانتخابات، تقضي بالسماح للبرلمان باختيار الرئيس. وهي محاولة لتجنب التصويت المباشر الذي قد يجلب سيف الإسلام أو خليفة حفتر، قائد قوات شرق ليبيا، إلى سدة الحكم.
اختفاء غامض
واعتقل سيف الإسلام عام 2011، ثم حكم عليه بالإعدام عام 2015، وأطلق سراحه بعد ذلك بعامين، لكنه ظل مختبئًا في مدينة الزنتان.
وأثيرت روايات عديدة خلال السنوات الماضية عن مكان تواجده، بعضها رجّح خروجه من ليبيا، وأخرى تحدثت عن مغادرته الزنتان عقب الإفراج عنه إلى مدينة ليبية أخرى.
وفي نوفمبر 2019، قالت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية، فاتو بن سودة، أمام مجلس الأمن أن المحكمة تعتقد أن سيف الإسلام موجود في الزنتان بجنوب غرب ليبيا.
وفيما نقلت وسائل إعلام ليبية عدة رويات من بينها أن سيف يعيش رفقة والدته “صفية” أرملة العقيد القذافي، في منزل يخضع فيه لإقامة جبرية في الزنتان. تحدث وسائل إعلام دولية عن أن نجل القذافي لديه بيت في الزنتان، حيث أنجب طفلة بعمر 3 سنوات.
وفي العام 2019 سُئل المشير خليفة حفتر، عن موقفه من نجل القذافي وإمكانية عودته للحياة السياسية. وقتها قالت حفتر في حوار مع وكالة “سبوتنيك” الروسية: “لا علم لي بذلك، هو مواطن ليبي، إذا توفرت لديه الشروط القانونية فمن الطبيعي أن يكون ذلك من حقه”.
ملاحقة قضائية بـ”جرائم حرب”
وفي 27 مايو الماضي، قضت المحكمة العليا في ليبيا بإسقاط حكم الإعدام الصادر ضد سيف . وذكرت وسائل إعلام ليبية أنّ المحكمة العليا -أعلى سلطة قضائية ليبية، قبلت النقض في حكم الإعدام الصادر ضد سيف.
ومن ثمّ، فإن المحكمة العليا ألغت قرار محكمة جنايات طرابلس الصادر في 2015 بالإعدام، وأمرت بإعادة المحاكمة.
في عام 2017، قال القائم بأعمال النائب العام الليبي إن سيف القذافي محكوم عليه غيابيًا في 28 يوليو 2015، بعد محاكمة خضع لها مع نحو ثلاثين من رموز نظام القذافي، بعدما أدين بجرائم حرب خلال الانتفاضة ضد حكم والده.
كما تطالب المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة سيف الإسلام بجرائم ضد الإنسانية خلال محاولة والده، معمر القذافي، قمع التمرد ضد حكمه. وطالبت فاتو بن سودا بتسليم سيف للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم الحرب.
وليس معروفًا إنّ كانت تلك الملاحقة القضائية تعيق محاولة سيف للعودة مرة أخرى. في وقت يتحدث فيه متابعون عن أن نجل القذافي يؤمِّن عودته بتربيطات محلية ودولية.
حضور ميداني
والعام الماضي، انتشر مقطع فيديو، يظهر تعليق صور سيف القذافي على جدران مؤسسات ببعض مدن غرب البلاد. من بينها واجهة مستشفى قروي بمدينة الجميل، (غرب طرابلس)، وصور أخرى له ولأبيه على جدران مدرسة بمدينة الخمس (شرق طرابلس).
وأعلن حراك أطلق على نفسه “رشحناك من أجل ليبيا“، عن حملة في عموم البلاد، تدعو للانتخابات تحت عنوان “نعم للانتخابات مع سيف الإسلام”. وأطلق حملة إلكترونية لجمع توقيعات مؤيدة لنجل القذافي.
وتحدثت المحامية الليبية ريم الدبيري، التي تصف نفسها بأنها مقربة من عائلة القذافي، عن أنّ الغرب أبدى دعمًا لمحاولة سيف الإسلام القذافي الترشح للرئاسة الليبية.
وقالت الدبيري: “أعتقد أن الغرب الآن يشعرون أنهم استوعبوا الخطأ، الذي أوقعوا أنفسهم فيه وما فعلوه في ليبيا من قبل”. وتزعم أن “لدى سيف الإسلام مشاريع جيدة لليبيا، وأنه سيحاول التعاون مع الغرب لحل كل المشاكل العالقة بينها وبين ليبيا”