تعقد وزارة التخطيط والإصلاح الإداري، اجتماعات مكثفة حاليًا لوضع الخطة التنفيذية لبرنامج الإصلاحات الهيكلية. الذي يمثل المرحلة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. إذ استمرت مرحلته الأولى لمدة ثلاث سنوات. كذلك ركزت على الإصلاح المالي والنقدي.
ووفقًا لوزارة التخطيط، فإن الإصلاحات الهيكلية ترتبط بتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري، وتحقيق النمو الشامل بمشاركة القطاع الخاص. بالإضافة إلى التركيز على الصناعات التحويلية والأنشطة الموجهة للتصدير، لخلق المزيد من فرص العمل. وتعظيم إنتاجية الأيدي العاملة المصرية.
المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي.. أهداف برنامج الإصلاحات الهيكلية
ويهدف برنامج الإصلاحات الهيكلية، الذي حصل “مصر 360” على تفاصيله، إلى رفع معدل النمو الاقتصادي ليتراوح ما بين 6% لـ 7% عام 2024. مقابل 3.6% عام 2019/2020، وزيادة نسبة مساهمة قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات في الناتج المحلي. لتسجل ما بين 30% و35% عام 2023/2024. مقارنة بـ 26% عام 2019/2020. كذلك تحويل ميزان المدفوعات من عجز إلى فائض ليحقق فائضًا يتراوح ما بين 3 و5 مليارات دولار عام 2023/2024. مقابل تسجيل عجز بنحو 8.6 مليار دولار عام 2019/2020.
تتضمن الإصلاحات الهيكلية خفض دين أجهزة الموازنة العامة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 84.5% عام 2023/2024. مقابل 87.5% عام 2019/2020. فضلًا عن زيادة الفائض الأولى كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ليسجل 2%. عام 2023/2024 مقارنة بـ1.8% عام 2019/2020. بجانب خفض العجز الكلي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. ليصل إلى 5.5% عام 2023/2024، مقابل 8% عام2019/2020.
الزراعة في مقدمة اهتمامات الإصلاح الاقتصادي
يضع البرنامج الجديد للإصلاح الهيكلي الزراعة في مقدمة القطاعات المستهدفة بهدف زيادة نسبة مساهمته في الناتج المحلى الإجمالي. لتصل إلى 12% عام 2023/2024 مقابل 11.3% عام 2019/2020. بنسبة زيادة مستهدفة تصل لـ30%. لترتفع حصة القطاع الزراعي من إجمالي الصادرات إلى 25% عام 2024 بدلًا من 17% عام 2020. فضلًا عن تحسن ترتيب مصر بمؤشر الأمن الغذائي العالمى لتحتل المركز الـ 50 عام 2024، بدلًا من المركز الـ 60 العام الماضي.
كذلك تخطط الحكومة لتوفير نحو 530 ألف فرصة عمل جديدة وتحسين دخول صغار المزارعين بحلول عام 2024. مع إعادة هيكلة التعاونيات وتعديل قانونها رقم 122 لسنة 1980. بما يضمن تعظيم الخدمات التي تقدمها الجمعيات للمزارع والفلاح. مع الحفاظ على الموارد وتحقيق الكفاءة في استخدام المياه وتقليل الفاقد من الإنتاج الزراعي.
ويتضمن برنامج الإصلاحات الهيكلية رهانًا أكبر على القطاع الصناعي بزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 15%. عام 2023/2024 مقابل 11.7% عام 2019/2020. ومضاعفة حصة الشركات الصغيرة والمتوسطة من إجمالي الصادرات لتصل إلى 20% عام 2024، مقارنة بـ10% عام 2020.
رفع نسبة المشتغلين في الصناعة وزيادة الصادرات
تتضمن الخطة أيضًا رفع نسبة المشتغلين بالقطاع لما بين 18% و20% عام 2024 مقارنة بـ12.5% عام 2020 لتوفير نحو 460 ألف فرصة عمل سنويًا بالقطاع حتى 2024. مع زيادة صادرات السلع الصناعية كمكون من إجمالي الصادرات بمعدل سنوي لا يقل عن 15% لزيادة تنافسية صادرات القطاع. ورفع نصيب الصادرات ذات المكونات التكنولوجية المرتفعة. بمعدل لا يقل عن 20% سنويًا من صادرات القطاع. والمتوسط بمعدل لا يقل عن 10% سنويًا من صادرات القطاع.
وضعت الخطة بعض التفاصيل من أجل الوصول بالأرقام السابقة عبر زيادة النمو في سلاسل التوريد المحلية. كذلك زيادة القيمة المضافة للمنتجات المصنعة بما يتيح المنافسة في الأسواق الدولية. ومراجعة تكاليف الصناعة الاستثمارية والتشغيلية. بالإضافة إلى خفض تكلفة التمويل الناتجة عن رد ضريبة القيمة المضافة والجمارك على مدخلات الإنتاج عند إتمام التصدير. والاستفادة من الاتفاقات التجارية التي وقعتها مصر لتوفير سوقًا مناسبة وتحفيز الطلب الداخلي والخارجي. بجانب التركيز على عدد من الصناعات المحددة وتهيئة سلاسل القيمة من قبل الدولة واجتذاب مستثمرين عالميين في تلك الصناعات.
خطط هيكلية
تسعى الحكومة لتقليل الاعتماد على الوقود المستورد من الخارج في خطط الهيكلة باستراتيجية كفاءة استخدام الطاقة في قطاع الصناعة. إذ تتضمن التحول للاقتصاد الأخضر والمحافظة على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية. كذلك وضع إطار تشريعي للتجارة الإلكترونية مع تطوير البنية المعلوماتية خاصة على مستوى المحافظات لتسهيل وتطوير حركة التجارة وإزالة القيود.
ويقول خبراء اقتصاد إن المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي هي الأساس التي تبني عليه الحكومة حاليًا المرحلة الثانية. بعد تحقيق العديد من المؤشرات الإيجابية بتحقيق فائض أولي بدلاً من عجز أولي في الموازنة. كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وخفض معدل البطالة في الربع الأول عام 2021 مسجلًا 7.4% مقارنة بـ12% في الربع ذاته عام 2017. كذلك انخفض الدين الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. حيث سجل 34% في الربع الثاني عام 2020/2021 مقارنة بـ 37.6% بنفس الربع عام 2016/2017.
يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن الإصلاحات الهيكلية تتضمن وضع أطر عامة وليست خطط جزئية. وبالتالي لا يزال البرنامج في انتظار تحديد جميع التفاصيل التي سيتم تطبيقها في كل قطاع. والخطوات التنفيذية على الأرض التي تحدد طبيعة المشروعات، وكيفية تحقيق المستهدفات.
وأكدت وزارة التخطيط أن لديها خطة تتضمن جدولًا زمنيًّا مستهدفًا لتنفيذ الإجراءات المرتقبة لبرنامج الإصلاح الهيكلي. إلا أن لجانها تعمل حاليًا على التفاصيل مع الجهات الاستشارية وممثلو القطاع الخاص والمجتمع المدني.
برنامج الإصلاحات الهيكلية والتحديات الضخمة
أضاف عبده أن وضع إطار زمني ممتد لثلاث سنوات لتطبيق البرنامج يجب أن يتضمن خطة مرحلية سنوية من أجل الحكم على التطورات المستمرة. والمؤشرات أولًا بأول على مدى اقتراب التنفيذ من أرض الواقع. على أن تعمل في الوقت ذاته بكل القطاعات وليس المذكورة فقط.
ويتضمن البرنامج ربط الخريطة الاستثمارية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بتنافسية المحافظات لدعم ومساندة هذه المشروعات. وإعداد واعتماد استراتيجية كفاءة استخدام الطاقة في قطاع الصناعة لدعم التحول للاقتصاد الأخضر. كذلك الإسراع في وضع إطار تشريعي للتجارة الإلكترونية مع تطوير البنية المعلوماتية خاصة على مستوى المحافظات. لتسهيل وتطوير حركة التجارة وإزالة القيود.
وأوضح عبده أن برنامج الإصلاح الهيكلي يتضمن العديد من التحديات الضخمة في مقدمتها ملف المياه بالنسبة للزراعة. لكنها تمثل أهدافًا طموحة لو تم تحقيقها ستحدث نقلة قوية في الاقتصاد المحلي. خاصة أنها تتضمن قطاعات كثيفة العمالة، ولها أسواق خارجية يمكن لمصر المنافسة فيها بقوة.
وتأتي الطموحات الحكومية، في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في المرتبة الثالثة. إذ تستهدف زيادة مساهمتها في الناتج المحلى الإجمالي بنسبة 5% عام 2023/ 2024. مقابل 2.8% عام 2019/ 2020. وتسجيل نمو مرتفع للقطاع، وتوفير ما بين 120 و140 ألف فرصة عمل جديدة بحلول 2024.
كذلك تستهدف الخطة زيادة عدد الشركات الناشئة التابعة للقطاع بنسبة تتراوح ما بين 10% و15%. وأن يبلغ حجم صادرات القطاع المستهدف نحو 8 مليارات دولار عام 2024. من خلال زيادة حصة صادرات المنتجات الإلكترونية والأجهزة التكنولوجية الحديثة.
وتسعى الحكومة إلى دمج قطاع الاتصالات بباقي القطاعات بمشروعات التحول الرقمي وتطوير منظومة الحيازة الزراعية وإصدار الكارت الذكي للفلاح. وميكنة منظومة التأمين الصحي الشامل، والانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة كحكومة تشاركية لا ورقية ذكية.
الإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة
يقول الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن الإصلاح الاقتصادي عملية مستمرة لا تتوقف عند مرحلة بعينها. كما أنها تتطلب باستمرار متابعة تطوير الاقتصاد العالمي ومواكبة التقدم في تكنولوجيا الإنتاج. مضيفًا أن مصر أنهت المرحلة الأولى للبرنامج الإصلاحي الذي استمر من نوفمبر 2016 وحتى نوفمبر 2019. كذلك ركزت على الإصلاحين المالي والنقدي، والتي تمت بنجاح.
من المقرر أن يمتد البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية حتى أبريل 2024، وتتضمن إصلاحات هيكلية جذرية وهادفة هدفها تحسين كفاءة سوق العمل. بالإضافة إلى تطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني. وتحسين بيئة الأعمال وتنمية دور القطاع الخاص ورفع كفاءة المؤسسات العامة بالتحول الرقمي والحوكمة.
وأوضح أن الإصلاحات الهيكلية كانت تتم أثناء المرحلة الأولى للبرنامج الإصلاحي لكن بوتيرة ضعيفة سيتم تسريعها بعدم أصبحت المالية المصرية تسمح بالتنفيذ. والتركيز على قطاعي الزراعية والصناعة باعتبارهما القطاعين الأقل مشاركة في معدل النمو. فضلًا عن التكنولوجيا التي يمكن أن تساهم بصورة أكبر في معدلات النمو.
ولفت إلى أن القطاعات الثلاثة ستنعكس بصورة غير مباشرة على إصلاح باقي القطاعات الأخرى. إذ أنه من غير المتصور إصلاح الصناعة دون هيكلة الجهاز الإداري والقضاء على البيروقراطية الإدارية. واستمرار خطط التحول الرقمي وميكنة الجهاز الإداري، لتصبح عملية الإصلاح شاملة لقطاعات الاقتصاد الحقيقي.
كما يقول إن القطاعات الثلاثة تم اختيارها بعناية لخلق المزيد من فرص العمل فالدولة تستهدف خلق أكثر من 800 ألف فرقة عمل سنويًا. لخفض معدل البطالة وامتصاص القادمين الشباب القدمين لسوق العمل.