تحت عنوان “نقص اللقاحات يغذي الإرهاب في أفريقيا” قالت مجلة “فورين بوليسي” إنه في وقت سابق من هذا الشهر اجتمع القادة الأفارقة في باريس. حيث ناقشوا التحدي الأكثر إلحاحًا الذي يواجه القارة. وهو التعافي الاقتصادي في أعقاب الأزمة الصحية العالمية الأكثر تدميرًا في الذاكرة الحية جائحة “كورونا”.
وعلى مدار اجتماعات القمة، ظهر موضوع مشترك. تحدث الجميع عن أن هناك خط مباشر يربط بين نقص لقاحات من ناحية. والعوامل الخارجية للكساد الاقتصادي وعودة ظهور الإرهاب مرة أخرى من ناحية أخرى.
وبحسب ما قالته “فورين بوليسي” فإن أقل من 2% فقط من جرعات لقاحات كورونا عالميًا ذهبت لأفريقيا. هذا رغم أن عدد سكان القارة يقترب من 1.3 مليار شخص أو حوالي 16% من سكان العالم. على سبيل المثال في أوغندا، أعطي اللقاح لـ1% فقط من السكان.
مشكلات تواجه سلاسل التوريد لقارة أفريقيا ومبادرة كوفاكس
وتضيف أن ذلك يأتي بينما تفتقر القارة إلى مراكز تصنيع اللقاحات الخاصة بها، وبالتالي فهي تعتمد على الإمدادات من بقية العالم. في وقت تواجه فيه المبادرات الدولية للوصول العالمي للقاحات “كوفاكس” المخصصة لضمان توفير اللقاح للبلدان الفقيرة مشكلات جمّة في النقل والتوريد.
من أهم تلك المشكلات بحسب “فورين بوليسي” الارتفاع المستمر في إصابات الفيروس بالهند. ما أدى إلى معاناة بشرية هائلة وعرقلة الإمدادات إلى أفريقيا ووصول الجرعات الثانية التي تشتد الحاجة إليها هناك من لقاح أسترازينيكا تحديدًا.
وتعتمد (كوفاكس) على الشراء من البلدان ذات الدخل المرتفع لتوفير اللقاحات لنظرائهم الأفقر. كذلك ضمان عدم إتاحة اللقاحات في البلدان الأكثر ثراء فقط. لكن معظم الحكومات الغنية عقدت عقودًا ثنائية منفصلة مع شركات الأدوية. ما أدى إلى ندرة التمويل لـ”كوفاكس” ووجود فائض من اللقاحات في تلك البلدان الغنية.
الإرهابيون في أفريقيا أصبحوا أكثر جرأة
وفي الوقت نفسه، ونتيجة نقص المعلومات الكبير حول “كوفيد-19″، يتصاعد شبح الصراع مرة أخرى. خاصة مع احتلال الوباء الحكومات الأفريقية ومواردها المحدودة. أصبحت الجماعات الإرهابية في جميع أنحاء القارة أكثر جرأة.
وبالفعل عادت الهجمات الإرهابية مجددًا حول بحيرة تشاد، بينما أعادت بوكو حرام إحياء نفسها رغم هزيمتها قبل بضع سنوات بفضل الجهود العسكرية المشتركة. في الوقت الذي زادت فيه هجمات المتشددين بشكل حاد في شمال موزمبيق.
كذلك عبر منطقة الساحل، حيث ترهب الجماعات التابعة للقاعدة والدولة الإسلامية “داعش” المجتمعات. إذ تزدهر تلك الهجمات في الأساس بسبب غياب الاستقرار الاقتصادي. بينما تستفيد من الفقر لتحويل اليائسين والجوعى إلى مجندين في صفوفها.
إغلاقات كورونا تزيد معاناة الفقراء
وبدون الحصول على اللقاحات الكافية، يمكن أن يزداد عدم الاستقرار سوءً حيث تستخدم الحكومات في جميع أنحاء أفريقيا إجراءات فظة. إذ أنها تقرر مثلًا الإغلاق المدمر اقتصاديًا لحماية المواطنين. وبالتالي لا تزال الأعمال التجارية وسبل العيش متوقفة. ما يؤثر بشدة على اقتصادات أفقر البلدان في العالم.
لذلك تصبح هذه الدول مرتعًا خصبًا للجماعات المسلحة والإرهابية. بينما تعزز المجموعات ذات البعد الدولي موطئ قدمها في القارة. فأصبح ما كان يومًا مشكلة محلية، مصدر رزقًا لشبكات الإرهاب العالمية. كل هذا لن يؤدي إلا إلى تزايد العنف فقط. بل أنه يؤدي أيضًا إلى تمزق سلاسل التوريد العالمية، وارتفاع تكاليف العديد من الصناعات الاستخراجية. نظرًا لاعتماد التكنولوجيا الفائقة على المعادن الموجودة في القارة، فإن ما يحدث أمر مقلق للغاية. بحسب “فورين بوليسي”.
باختصار إذا لم تتم معالجة ندرة اللقاح في أفريقيا والبلدان منخفضة الدخل بشكل عاجل، فأن التكلفة بالنسبة للدول الغربية من حيث التمويل والأمن. ستكون أعلى بكثير من مشاركة اللقاحات المخزنة أو الاستثمار في الإنتاج. التقشف الآن يؤجل فقط التكاليف إلى وقت لاحق. وكما كتب رئيس أكبر اقتصاد في أفريقيا “نيجيريا” مؤخرًا: “في جميع أنحاء العالم. لم يكن الصراع وفيروس كورونا بعيدين عن بعضهما البعض”.
ترجمة: وفاء عشري