تلقت هيئة قناة السويس عرضًا مريضًا لتسوية أزمة التعويضات مع الجهات المسؤولة عن السفينة “إيفرجيفن”، بعدما أيّدت المحكمة الاقتصادية التحفظ عليها.
واتخذت أزمة السفينة مسارات عديدية، بدءًا بملابسات جنوحها في مجرى قناة السويس الملاحي، ثم عمليات التحقيق، والحديث عن مبالغ التعويض. وصولاً إلى تعثر المفاوضات التي انخرطت فيها هيئة قناة السويس والشركة المالكة والمستأجر اللتان تفاوضتا فيما يعادل 90% من قيمة المبلغ.
ولا تزال إيفر جيفن، وهي إحدى أكبر سفن الحاويات في العالم، محتجزة في القناة، بينما يواصل الجانبان محادثات بشأن التعويضات. وجنحت السفينة في 23 مارس، وهو ما أوقف الملاحة في القناة في الاتجاهين لعدة أيام وعطل حركة التجارة العالمية.
وطلبت هيئة قناة السويس في بادئ الأمر تعويضًا بقيمة 916 مليون دولار من شركة شوي كيسن اليابانية المالكة للسفينة. لكن الهيئة قالت بعد ذلك إنها مستعدة لقبول 550 مليونًا فقط، ودفع 200 مليون دولار بشكل مبدئي للإفراج عن السفينة. فيما يتم سداد 350 مليون دولار الباقية كخطابات ضمان يتم اصدارها في بنك.
ولم يلق العرض قبولاً من الشركة المالكة، إلا أن مبلغ التقاضي حتى الآن أمام المحكمة هو 916 مليون دولار. بالإضافة إلى الفوائد التجارية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى سداد المبلغ.
وبعدما أصدر القضاء حكمًا بالتحفظ على السفينة، طعنت الجهات المالكة والمؤمنة على “إيفر جيفن” على احتجازها وعلى مبلغ التعويض. وقال فريق قانوني لتلك الجهات إن هيئة قناة السويس أخطأت عندما سمحت للسفينة بدخول المجرى الملاحي خلال موجة طقس سيئ.
لكن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس قال إن السفينة العملاقة كانت تتحرك بسرعة 25 كيلومترا في الساعة. وهو ما يفوق السرعة المناسبة التي تتراوح بين ثمانية وتسعة كيلومترات في الساعة. وأشار إلى أن دفتها لم تكن في اتجاه مناسب، وأن الربان كان بمقدوره أن يختار عدم دخول المجرى الملاحي في ظروف جوية سيئة.
وفي مايو الماضي رفضت محكمة مستأنف الإسماعيلية الاقتصادية التظلم المقدم من الجهات المالكة والمؤمنة على “إيفر جيفن”. وأيدت المحكمة الأمر القضائي الصادر برقم 26 لسنة 2021 بالتحفظ على السفينة؛ لحين سداد المستحقات لهيئة قناة السويس.
تأجيل للتفاوض
وفي أحدث المحطات قررت المحكمة الاقتصادية بالإسماعيلية، تأجيل نظر ثبوت الحجز التحفظي على السفينة إلى جلسة 4 يوليو المقبل. وذلك من أجل التفاوض بشكل ودي لإنهاء النزاع.
ونصت المادة 65 من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 على أن الدائن يرفع دعوى الدين وصحة الحجز أمام المحكمة الابتدائية التي وقع الحجز في دائرتها. وذلك خلال 8 أيام، تعقب تسليم محضر الحجز إلى ربان السفينة. أو من يقوم مقامه، وإلا يعتبر الحجز كأن لم يكن.
وجاء في الفقرة الثانية من المادة 66 من القانون، أنه يجوز استئناف الحكم أيًا كان مقدار الدين. وذلك خلال 15 يومًا من تاريخ صدوره. وبجمع النصين السابقين، فإن الدائرة الابتدائية للمحكمة الاقتصادية، هي المختصة بنظر دعوى ثبوت الدين وصحة إجراءات الحجز التحفظي.
جاء قرار التأجيل نزولاً على طلب طرفي الدعوى، بما يتيح الوقوف على بعض المعطيات الجديدة في القضية. وتقدم الممثل القانوني لهيئة قناة السويس بطلب للمحكمة لتأجيل البت في القضية؛ لحين دراسة العرض المقدم من ملاك ومستأجري السفينة. وذلك وفقاً لبعض المعطيات الجديد،. بحسب بيان هيئة قناة السويس.
عروض جديدة مرضية
وأكد الممثل القانوني للشركة المالكة للسفينة أن الاختلاف مع هيئة قناة السويس على مبلغ التعويض وليس على مبدأ التفاوض. والتمس الدفاع من هيئة المحكمة تأجيل البت في القضية لاستكمال المسار التفاوضي بين الطرفين وحل النزاع بصورة ودية.
وقال المحامي خالد أبو بكر، عضو دفاع هيئة قناة السويس، إن الهيئة تلقت عروضًا من الشركة المالكة للسفينة على مدار الأسبوعين الماضيين. وأن آخر هذه العروض جيدًا ويوفي بحق هيئة قناة السويس.
وأشار أبو بكر، في تصريح لـ “مصر 360″، إلى أن الهيئة لاحظت جدية الشركة المالكة في طلب التأجيل. ورأت الهيئة تأجيل القضية لأجل قصير، حتى تتمكن الشركة المالكة لأيفرجيفن للوفاء بما هو مقترح.
وأكد خالد أبو بكر، وهو لجنة التفاوض الممثلة عن الهيئة، أن هيئة قناة السويس مستعدة للتعامل مع كافة السيناريوهات التي تفرضها عمليتي التفاوض والتقاضي. وتوقع أن تثمر الفترة المقبلة عن وصول طرفي التفاوض إلى حل ودي لتسوية النزاع في ظل الرغبة المشتركة من الجانبين.
وأشار إلى أن دفاع الشركة المالكة دفع في السابق ببطلان أمر الحجز، متعللاً بتضمنه محلاً لا يجوز الحجز عليه. وذلك في ضوء قانون التجارة البحرية الذي يجيز توقيع الحجز التحفظي على السفينة فقط دون ما عليها من بضاعة.
وهو الأمر الذي ردت عليه المحكمة بأن الدفع مردود عليه بنص المادتين 245 و196 من القانون البحري. واللتين تؤكدان أن وجود البضائع على السفينة من مستلزمات عقد النقل البحري. ومن ثم لولا وجود تلك البضائع على السفينة لما شملها عقد النقل البحري، وبالتالي يكون الحجز على البضائع صحيحًا.
مسارا التفاوض والتقاضي
وأقر نادي الحماية والتعويض البريطاني (جهة التأمين على سفينة إيفرجيفن)، بأحقية هيئة قناة السويس في الحصول على تعويض مناسب وعادل. يغطي تكاليف أعمال الإنقاذ ومكافأة الإنقاذ المستحقة والخسائر التي تكبدتها الهيئة خلال عملية الإنقاذ للسفينة.
وأكدت الهيئة، في بيان، حرصها على إنجاح مسار المفاوضات الممتدة. وذلك بما لا يخل بحقوق الهيئة ويكفل الوصول لتسوية عادلة تعوضها عن الخسائر التي تكبدتها خلال الأزمة.
وقدمت الهيئة تسهيلات خلال التفاوض مع الشركة المالكة للسفينة تتعليق بقيمة التعويضات، وأبدت مرونة في الحصول على المبلغ التعويضي المخفض.
وكانت هيئة قناة السويس قد بدأت إجراءاتها القانونية لمقاضاة السفينة بطلب للمحكمة الاقتصادية بالتحفظ على السفينة لحين دفع التعويضات. ويتضمن مبلغ التعويض قيمة الخسائر التي تسببت فيها السفينة الجانحة، فضلاً عن التعويم وعملية الصيانة، وفقًا لحكم محكمة الإسماعيلية الاقتصادية.
تأثير السفينة على البيئة السمكية
وقال البحري طه سمير لـ”مصر 360″ إن السفينة ما زالت موجودة بمنطقة الجراجات الشرقية بقناة السويس، ولم يتم الإفراج عنها.
وعن تأثير استمرار توقف السفينة بالمياه، أشار سمير إلى عدم وجود تأثير لها على البيئة البحرية أو الأسماك. خاصة أنها سفينة حاويات، وليست بترول أو مواد سائلة خطرة.
لكن محامي الاتحاد التعاوني للثروة المائية الدكتور أسامة السيد، يقول إن السفينة تسببت في أضرار بيئية بالغة للثروة السمكية. تمثلت في تلوث القناة بسبب تفريغ مياه “الصابورا” الخاصة بعملية الاتزان داخل جسم السفينة، والتي بدأت بتفريغ 9 آلاف طن وتلاها دفعات أخرى.
وأشار السيد الذي تدخل دفاعًا عن الصيادين، إلى أن ربان السفينة أخفى أنها تحمل مواد خطرة على متنها، وكذلك مواد تشكل خطورة على الأرواح ما يعتبر جريمة جنائية يعاقب عليها بالحبس 5 سنوات.