أربعون يوما مرت على إعدام وائل سعد تواضروس الشهير بإشعياء المقاري المتهم الرئيسي في جريمة مقتل الأنبا ابيفانيوس.
ورغم تنفيذ حكم الإعدام، إلا أن قضية مقتل الأنبا ابيفانيوس، تمثل واحدة من أكثر القضايا التي أثارت جدلا في الأوساط القبطية.فلا تزال أسرة إشعياء المقاري تتمسك ببراءته وتشكك في إجراءات تجريده من الرهبنة. على الرغم من خروج مجلة الكرازة الناطقة باسم الكنيسة لتصفه بالقاتل المشلوح من رهبنته وتطالب الجميع بتجنب الشائعات.
منذ اليوم الأول لوفاته، تتمسك أسرته بنفي التهمة، وعادت مرة أخرى بكتيب تذكاري عنه في ذكرى الأربعين. كتب فيه أشقائه وعائلته. وتصدر المشهد شقيقه باخوميوس الرزيقي وهو راهب بدير مارجرجس بالرزيقات ليكتب في مقدمة الكتاب مشككا في كافة الإجراءات الكنسية التي بدأت بتجريد الراهب القاتل من رهبنته قبل أيام من الحادث من ناحية ومشككا في الإجراءات القضائية التي شهدتها تلك القضية الشهيرة من ناحية أخرى.
كتاب تذكاري
في الكتاب التذكاري الذى حصلت “مصر 360” على نسخة منه. ذكر باخوميوس الرزيقي شقيق إشعياء المقاري: أبونا إشعياء خرج من الدير بطريقة غريبة بشعة مهينة جدا. لكم أن تتخيلوا كيف أن راهب يعيش بالدير يتهم بهذا الاتهام ويتم القبض عليه ومحاكمته وينفذ فيه حكم ظالم جدا.
اللافت للنظر في ضوء دفاع الرزيقي عن شقيقه هو تجاهله لقرار لجنة شئون الرهبنة الذى قضى باستبعاد إشعياء المقاري من الدير.
وجاء القرار بناء على تحقيق كنسي جرى بمعرفة الأنبا دانيال رئيس لجنة شئون الأديرة قبل حادث القتل بأشهر وتم فيه اتخاذ قرار هو الأعنف من بين العقوبات الكنسية. حيث رأت اللجنة استبعاد إشعياء ونقله إلى دير الزيتونة.
ووفقا للقانون الكنسي فإن هذا القرار يعني ارتكاب مخالفات رهبانية جسيمة. فالراهب ابن ديره يتسمى باسمه يعيش ويدفن فيه أما أن يتم نقله واستبعاده فتلك العقوبة الكنسية القصوى. إلا أن هذا القرار لم ينفذ آنذاك حيث استطاع إشعياء جمع توقيعات من 45 راهبا من زملائه في الدير تطلب من الانبا ابيفانيوس منحه فرصة أخرى للبقاء في ديره. فما كان من الأسقف المغدور إلا أن توسط لدى البابا للسماح له بالبقاء حتى واقعة القتل.
الراهب ابن ديره يتسمى باسمه يعيش ويدفن فيه أما أن يتم نقله واستبعاده فتلك العقوبة الكنسية القصوى.
يشير باخوميوس الرزيقي في كلمته في الكتاب التذكاري إلى شهادات رهبان دير الأنبا مقار التي ضيقت أدلة الاتهام حول إشعياء وسلمته إلى حبل المشنقة. فيقول: تم تسليم أبونا إشعياء من الذين أكل وشرب وعاش معهم ظلما مثلما حدث مع المسيح.
محاكمة المسيح
ويواصل الرزيقي تشكيكه في الإجراءات الكنسية قائلا: محاكمة السيد المسيح كانت ليلا وغير قانونية وكذلك كان قرار تجريد إشعياء من رهبنته ليلا وبشكل غير قانوني وبدون تحقيق كنسي موثق.
واقعة الدفن شهدت جدلا، ففي الوقت الذي قال الرزيقي: وفي تكريم أخر قدم الأنبا باخوميوس تجهيزات كاملة لدفن أبونا إشعياء حيث قدم قلنسوة وتونية وصدرة وبرنس وقمنا نحن أخوته بتلبيسه وتجهيزه وأحاطني سلام لا يوصف. نفى الأنبا باخوميوس مطران البحيرة في بيان رسمي ما ذكره الرزيقي جملة وتفصيلا.
وقال: بناءً على طلب الراهب باخوميوس الرزيقي (شقيق وائل سعد)، تم مساعدته في إنهاء كافة الإجراءات الخاصة بتجهيز الجثمان مع تدبير سيارة لنقل الجثمان ما يتم بشكل دائم في جميع الحالات المماثلة. مع ملاحظة أن الراهب شقيق المتهم قام بتجهيزه وإلباسه بمعرفته داخل المستشفى.
وأضاف: تؤكد المطرانية احترامها وخضوعها الكامل لكل قرارات اللجنة المجمعية لشئون الأديرة بينما ما قدمته للمتهم وأسرته قبل أو بعد تنفيذ حكم الإعدام هو عمل مسيحي إنساني..
يحاول الرزيقي إثبات عدم تجريد شقيقه. مبررا ذلك بدفنه بدير أبو مقار بأبوتيج. مؤكدا أن الدفن في الدير يعني أنه مازال راهبا. بينما دير أبو مقار بأبوتيج يخصص مدافن لجميع الأقباط من سكان المنطقة وليس مخصصا للإكليروس أو رجال الكنيسة وتم دفنه هناك باعتباره ابنا من أبناء تلك المنطقة أي إنها مدافن الأسرة ولا تحمل أي بعد كنسي.
صمت الكنيسة
صمت الكنيسة على تشكيك الراهب باخوميوس الرزيقي في نزاهة ما اتخذته الكنيسة من إجراءات. اعتبره كمال زاخر الكاتب المتخصص في شئون الأقباط، ضعفا في إدارة الأزمة من قبل الكنيسة وتراخيا أمام هجوم الكتائب الإلكترونية.
وأكد زاخر، أنه كان على لجنة شئون الرهبنة إحالة الراهب باخوميوس الرزيقي للتحقيق لارتكابه تلك المخالفات التي نسي فيها إنه مات عن العالم وانقطعت صلته بأشقائه بالجسد ليذوب وينصهر في الرهبنة ويلعب أدوارا خطيرة في المجال العالم.
زاخر أوضح أن دفن المقاري في مدافن دير الأنبا مقار بأبوتيج لا تعني إن قرار تجريده غير معترف به. لأن كلمة دير كتعبير شعبي متوارث تستخدم للإشارة إلى المدافن. وهو نفس التعبير المستخدم لدير الانبا شنودة بالجبل الأحمر الذى يضم مدافن الأقباط بالقاهرة مثلا.
زاخر رأى أن ما يجري من أسرة إشعياء المقاري وصمت الكنيسة عليه لا يصب في مصلحة القيادة الكنسية لأنه يخلق حالة غضب بين مؤيدي البابا الذين لا يرضيهم استمرار نهج الصمت على تلك الأفعال دون وجود قانون كنسي يحكم.
وأشار زاخر إلى أن صدور كتاب عن الراهب القاتل كتب نصفه شقيقه باخوميوس الرزيقي كان يستدعي الحصول على إذن من القيادة الكنسية تسمح له بالكتابة وهو أمر كان متعارف عليه سابقا في أيام البابا كيرلس حيث يسمى “طرف البركة” أي الحصول على إذن أو توقيع أسقف أو قيادة كنسية قبل الشروع في إصدار كتاب كنسي. إلا أن هذا التقليد تم إلغائه من قبل البابا شنودة الذى رفع يده عن تلك الإصدارات حتى يسمح لتلاميذه بمهاجمة معارضيه دون أن يتم إحراجه شخصيا.