الساعة تدق العاشرة مساءً، قوة أمنية تتوجه إلى قصر رجل الأعمال حسن راتب في منطقة منيل شيحة. تنفيذًا لقرار النيابة العامة بشأن ضبطه واحضاره. بعد اتهامه بتمويل النائب السابق علاء حسانين المعروف إعلاميا بنائب الجن والعفاريت فى عمليات التنقيب عن الآثار.
وكانت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية ألقت القبض على علاء حسانين وشقيقه عز الدين و 16 آخرين. وبحوزتهم 201 قطعة أثرية. وأمرت النيابة بحبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة إخفاء قطع أثرية والاتجار بها.
وعقب القضب على حسانين. نشرت زارة الداخلية نشرت مقطع فيديو على صفحتها الرسمية على الفيسبوك تضمن 201 قطعة أثرية عثر عليها بحوزة البرلماني السابق. بجانب أدوات ظهرت في المقطع للتنقيب عن الآثار.
“اعترافات نيابية”
“إحنا مش لوحدنا”.. كانت هذه الكلمات التي جاءت في اعترافات عز الدين، شقيق البرلماني السابق علاء حسانين، هي البداية لكشف تورط رجل الأعمال حسن راتب بحسب المصادر الأمنية.
عز الدين قال في اعترافاته خلال التحقيقات:” إحنا مش لوحدنا. ومش بنطلع الآثار دي لنا. معانا ناس تقيلة في البلد هي اللي بتاخد الآثار وتتصرف فيها”. كلمات ربما تكشف خلال الأيام المقبلة عن اسماء جديدة تضمها القضية التيس تعد من أكبر قضايا تهريب الأثار المصرية خلال السنوات الماضية.
عز الدين شقيق نائب الجن، قال في التحقيقات، إن راتب هو الممول لعمليات التنقيب عن الآثارة، وإن هذه التمويلات تقدر بملايين الجنيهات.
علاقة حسن راتب بعلاء حسانين
العلاقة بين راتب وحسانين ليس وليدة اليوم، فهي العلاقة التي يمكن أن نطلق عليها، ما محبة إلا بعد عداوة، فعلاقتهما بدأت عام 2017. عندما قدم راتب بلاغا ضد حسانين يتهمه فيه بالنصب عليه. ليتنازل عن البلاغ بعد حصوله على قيمة الشيكات البنكية من حسانين. التي قدرت حينها بـ3 ملايين دولار.
انتهت فترة العداوة لتبدأ فترة الشراكة. حيث أظهرت التحقيقات أن راتب مول أنشطته للتنقيب غير الشرعي عن الآثار والإتجار فيها، ونجح في تجميع كل هذه القطع الأثرية من مناطق مختلفة.
ويملك مجموعة أسمنت سيناء ومؤسسة تنمية سيناء. ويرأس مجلس أمناء جامعة سيناء الخاصة، وكان صاحب ثاني تجربة لقناة فضائية مستقلة في مصر هي قناة المحور قبل أن يبيعها في مارس الماضي.
وكان حسانين عرف في البرلمان السابق، بلقب نائب الجن والعفاريت، بعد تصريحات له قال فيها إنه يحظى بقوة خارقة، تمكنه من إخماد الحرائق.
الوجه الآخر
وجه أخر لحسن راتب حمل ملامح دينية فهو صديق الشيخ محمد متولي الشعراوي، بلسان صوفي يتحدث عن الكرمات ويفتح أبواب صالون المحور الذي كان يقدمه للدعاة. وينظم حفلات المولد النبوي بحضور الدكتور شوقي علام مفتي مصر، والدكتور على جمعة المفتي السابق.
لم يكن الوجه ذو الملامح الدينية هو الوحيد، فراتب اعتاد تقديم نفسه باعتباره رجل بر، وكان راتب أعلن في وقت سابق تقديمه منحة مجانية إلى الطالب إبراهيم عبدالناصر، المعروف إعلاميًا بـ”طالب الفريسكا”. ومن قبل وفي عام 2017، تبرع راتب بثلث ثروته لإنشاء مشروعات للشباب، وإنشاء مؤسسة اجتماعية، ما دفع الكثيرون حينها للسؤال عن حجم ثروته.
وكان الظهور الأخير لراتب قبل أيام، حين زار فرعي جامعة خاصة به، وافتتح مبنى جديدًا، والتقى بعدد من الطلبة.
وظهر راتب، في جامعته بالقنطرة شرق، التي التقى بها عددا من الطلاب، ومنها توجه إلى فرع الجامعة في مدينة العريش، حيث التقى هناك عددا من الطلاب وافتتح مبنى جديدا بالجامعة.
قضايا الآثار
ووفقا لأرقام القضايا. فقد زادت نوعية القضايا المتعلقة بالتنقيب عن الآثار والإتجار فيها بعد عام 2011. وفي الأسبوع الأخير من الشهر الماضي. أعلنت وزارة الداخلية المصرية تسجيل ما يزيد على 2000 قضية ومخالفة متنوعة في مجال الأمن السياحي. وأبرزها التنقيب عن الآثار وحيازتها. وفي أوقات سابقة زادت قضايا التنقيب عن الآثار وحيازتها على 3000 في أسبوع واحد.
وقبل شهر ، جاءت قضية شقة حي الزمالك. التي عرفت إعلاميا بـ”مغارة الزمالك”. عثر فيها على نحو ألفي قطعة أثرية. يعود بعضها إلى الحضارة المصرية القديمة والعصر الإسلامي. وأخرى ترجع إلى أسرة محمد علي. وألفان ومائتي لوحة فنية تقريبًا صُنف بعضها للعرض المتحفي، وعملات ذهبية وحجر ماس نادر فضلا عن أحجار كريمة أخرى.
وقررت المحكمة التحفظ على المقتنيات النادرة لاستمرار التحقيق مع مالكها الذي ليس بحوزته تصريح لامتلاك هذه المقتنيات المصنفة تاريخية وقابلة للعرض المتحفي.
عثرت السلطات على المقتنيات، عن طريق الصدفة، أثناء تنفيذها حكمًا بالتحفظ على ممتلكات نجل صاحب الشقة إثر خلاف مالي بينه وبين خاله. انتهى بحصول الخال على تعويض مالي. وتبين أن هذه الشقة ملك لمستشار قضائي يعيش خارج مصر، وقد أصدر بيانا قال فيه إن والده عمل مسؤولًا في الحكومة المصرية في عهد الملك فاروق عام 1951 وإن جميع المقتنيات الأثرية في شقته هي إرث من أسرته، وهدايا تلقاها والده وجده أثناء عملهما.
وقبل أيام، تسلم النائب العام حمادة الصاوي، 114 قطعةً أثرية خلال زيارة إلى فرنسا، كانت مهربة إلى هناك، بعد تعاون النيابة العامة مع السلطات الفرنسية لوقف إجراءات عرضها للبيع.
فتوى دينية
وعلى الجانب الآخر، أثارت فتوى أصدرتها دار الإفتاء حول عدم جواز المتاجرة بالآثار التي يجدها المواطنون في الأراضي المملوكة لهم جدلا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.
وذكرت الفتوى “لا يجوز المتاجرة بالآثار، وإذا وجدها الإنسان في أرضٍ يمتلكها فلا يصح أن يتصرف فيها إلَّا في حدود ما يسمح به ولي الأمر وينظِّمه القانون مما يُحَقِّق المصلحة العامة، لأنَّ تلك الآثار تعتبر من الأموال العامة لما لها من قيم تاريخية وحضارية تصب جميعها في مصلحة المجتمع ونمائه وتَقَدُّمه.
وتنص المادتان رقم 23 و24 من قانون حماية الآثار المصري على: “كل من يعثر مصادفة على أثر منقول أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان أن يخطر بذلك أقرب سلطة إدارية خلال ثمان وأربعين ساعة من العثور عليه، وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة وإلا اعتبر حائزا لأثر بدون ترخيص.