تعاني المرأة في الكونغو من مثلث الحروب والعنف الجنسي وجائحة كورونا في آن واحد. كان آخر حلقات هذه المعاناة عندما أغار متمردو تحالف القوى الديمقراطية في البلاد على منطقة روانجوما. ولقي ما لا يقل عن 10 أشخاص مصرعهم بينهم 4 سيدات في هجوم شمال شرق البلاد. بينما أحرق المهاجمون أيضًا منازل ومتاجر في المنطقة.
منذ بداية هذا العام، زاد أعضاء تحالف القوى الديمقراطية المنحدرون من أوغندا من هجماتهم في شمال كيفو وإيتوري. في مواجهة انعدام الأمن المتزايد في المنطقة. كما أعلن رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي حالة الحصار في المقاطعتين أبريل الماضي.
الإرث المروع للعنف الجنسي في الكونغو
في مايو الماضي زارت الدكتورة ناتالي كانيم، رئيسة صندوق الأمم المتحدة للسكان، إذ تعنى بالصحة الجنسية والإنجابية بزيارة الكونغو. كذلك عاينت عن قرب، الإرث المروع للعنف الجنسي في البلاد التي تمر بواحدة من أطول الأزمات الإنسانية في العالم.
ويستضيف مخيم يدعى “موغونغا” للنازحين، حوالي 4 آلاف نازح معظمهم من النساء والأطفال. إذ أنهم فروا من الاشتباكات بين الجماعات المتمردة والجيش الوطني في مدينة غوما وحولها.
ووفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر، يوجد تزايد مستمر في أعداد النازحين الذين يعتبروا الأعلى في العالم.
ووفق تقديرات الأمم المتحدة، تتعرض امرأتان من بين كل ثلاث نساء كونغوليات للعنف بما في ذلك العنف الجنسي خلال حياتهن. إذ أن هذا الرقم هو الأعلى في العالم بين الدول التي تجري مثل هذه القياسات.
ويتسع نطاق ممارسة التحرش الجنسي (العنف الجنسي) في أوقات النزاعات المسلحة وأعمال العنف. وتلجأ بعض الأطراف في الحروب التقليدية أو الحديثة إلى استخدام التحرش الجنسي كوسيلة من وسائل الحرب. بينما يظل خوف الضحية من الوصم بالعار يجبرها على عدم إخبار أي أحد بما تعرضت له. فضلًا عن التماس المساعدة من أحد. إذ أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تبعات نفسية، واجتماعية، وطبية جسيمة للضحية وللمجتمع ككل، ما دعا قيام اللجنة بعمل حملات توعية للتصدي من لنبذ ضحايا العنف الجنسي ووصمهن.
الكونغو: “عاصمة الاغتصاب في العالم”
ونتيجة لهذا النزاع، زاد عدد الأسر التي تعولها المرأة. كما اهتزت الأدوار اﻻجتماعية للجنسين. ورغم كل ذلك، يتم استبعاد المرأة من عملية صنع القرار على جميع المستويات في المجتمع الكونغولي. كذلك يعد التمثيل المتدني لنسب تواجد المرأة في مختلف الهيئات التشريعية والمناصب العليا توضيحًا لهذه الحقيقة. حيث يمثلن بنسبة أقل من 9%. رغم أنهن يمثلن نسبة 50% من حجم السكان في جمهورية الكونغو.
كان اتفاق السلام بعد الحرب في الكونغو التي كان يطلق عليها “عاصمة الاغتصاب في العالم”. ذا أهمية خاصة للنساء الكونغوليات. لكن لم تشارك النساء في عملية المفاوضات. كذلك كن شبه منعدمات خلال محادثات السلام، لهذا السبب بدأت الناشطات في العمل على “تجمع النساء الكونغوليات للسلام والعدالة” لإعطاء صوت للنساء المستبعدات من العملية.
63% من السكان تحت خط الفقر
ووفق الأمم المتحدة تواجه الكونغو تحديات إنسانية ملحة، متزايدة بفعل تأثير “كوفيد-19” والكوارث الطبيعية والصراعات المحلية والأمراض. إذ تعد الكونغو واحدة من أكثر الدول الأفريقية اكتظاظًا بالسكان، وواحدة من أغنى الموارد الطبيعية في القارة. ورغم مواردها الهائلة يعيش 63% من السكان تحت خط الفقر. كذلك يؤثر انعدام الأمن الغذائي بشكل كبير على النساء الحوامل والمرضعات والأطفال حديثي الولادة.
ومن المتوقع أن يحتاج أكثر من 25 مليون شخص في الكونغو إلى المساعدة الإنسانية هذا العام. ومن بين هؤلاء، يهدف صندوق الأمم المتحدة للسكان للوصول إلى 5.7 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب بخدمات وإمدادات الصحة الجنسية والإنجابية المنقذة للحياة. كذلك الوقاية من العنف القائم على نوع الجنس والاستجابة له والدعم النفسي والاجتماعي.
أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة استجابة إنسانية تتطلب ما يقرب من ملياري دولار لتوفير المساعدة المنقذة للحياة للفئات الأكثر ضعفًا. كما يقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن مبلغ 67 مليون دولار ضروري لتوفير خدمات الرعاية الصحية الإنجابية وحماية المرأة حتى نهاية عام 2021.
ترجمة- وفاة عشري