تعقد لجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية اجتماعها الثالث هذا العام خلال أيام لتحديد الأسعار الجديدة التي سيبدأ العمل بها لمدة 3 أشهر مقبلة، فما هي السيناريوهات المتوقعة لأسعار الوقود في مصر بالربع الثالث من 2021؟
اللجنة كانت رفعت أسعار البنزين 25 قرشًا للتر خلال اجتماعها الأخير في أبريل الماضي، بينما ثبتت أسعار السولار، ويأتي اجتماع يوليو بالتزامن مع زيادة أسعار البترول عالميا في الربع الثاني من 2021، لتسجل أعلى ذروة لأسعار النفط منذ 2018 مسجلة 76 دولارًا للبرميل.
مستويات النفط القياسية تُرجح الزيادة
تعد مصر إحدى الدول التي تلبي نحو 40% من احتياجاتها النفطية عبر الاستيراد. إذ استفادت بشكل مباشر من هبوط الأسعار خلال النصف الأول من العام المالي 20/2021.
ويقول محمد طاهر وكيل وزارة البترول السابق لـمصر 360″ إنه بعد هذه الاستفادة قفزت أسعار النفط العالمية إلى مستويات قياسية خلال الشهرين الماضيين مُسجلة أعلى ذروة منذ عام 2018. بعدما سجل سعر برميل خام برنت نحو 76 دولارًا للبرميل. ارتكازًا إلى عودة النشاط الاقتصادي بدول العالم وعودة الطلب على النفط إلى سابق عهده.
كما أضاف أن ارتفاعات أسعار النفط ترجح كفة تحريك أسعار المنتجات البترولية في السوق المحلية خلال الـ3 أشهر المقبل. إذ لا يمكن أن تتحمل موازنة الدولة الارتفاعات المتتالية في أسعار النفط العالمي.
ويوضح أن قرار أوبك بخفض إنتاج النفط عالميًا حافظ على استقرار سوق تداول النفط وتحقيق التوازن بين منتجي ومستهلكي البترول والغاز. ما ساعد على ارتفاع سعر خام برنت لنحو 76 دولارًا للبرميل، مقابل 49 دولارًا للبرميل نهاية 2020.
كذلك أكد أن مصر من الدول المستوردة لاحتياجاتها النفطية، وبالتالي فإن ارتفاع سعر خام برنت يؤثر بشكل مباشر على تسعيرة الوقود محليًا. خاصة أن الحكومة تتبع برنامج لهيكلة تسعيرة الوقود كل 3 أشهر. إذ أن تقييم منحنى الأسعار يكون للـ3 أشهر السابقة على قرار تعديل الأسعار. وليس على أساس ارتفاع أو هبوط الأسعار طيلة العام.
15% زيادة عالمية بأسعار النفط وتراجع تقديرات الحكومة بالموازنة
وزارة المالية، بحسب بيانات التقرير نصف السنوي عن الأداء الاقتصادي والمالي خلال عام 2020-2021 الصادر في مارس الماضي. عدلّت تقديراتها لمتوسط سعر برميل البترول لخام برنت خلال العام المالي الحالي ما بين 52 و56 دولار. مقارنة بتقديراتها في موازنة العام مع بداية تطبيقها في يوليو الماضي عند 61 دولار.
كذلك توقعت أن يبلغ متوسط سعر برميل خام برنت 60 دولار خلال العام المالي المقبل، وفقًا لما أظهره البيان المالي لموازنة العام الجديد 2021- 2022.
لذا يتوقع مدحت يوسف الخبير البترولي لـ”مصر 360″، أن ترفع لجنة التسعير التلقائي للوقود أسعار البنزين في اجتماعها المقبل في حدود من 3 إلى 5%.
كذلك يضيف أن الزيادة المتوقعة للمنتجات البترولية بالسوق المحلية، سببها ارتفاع أسعار الخام مؤخرًا. إذ ارتفع سعره بأكثر من 15% منذ نهاية مارس الماضي. كما أنه من المتوقع أن يواصل الصعود حتى نهاية العام الحالي مع استمرار انخفاض المعروض مقابل الزيادة السريعة في الطلب.
أسعار البترول الحالية أعلى من المستهدف بالموازنة العامة، لكن الموازنة محمية بعقود التحوط التي وقعتها الحكومة ضد ارتفاع أسعار البترول. لحماية فاتورة الدعم الحالية المحدودة والتي يدخل فيها سولار المخابز وغيره.
سعر صرف الجنيه يدعم التثبيت
تباين الآراء بشأن حركة الأسعار المقبلة دعمته قوة الجنيه، واستقرار سعر الصرف خلال الفترة الماضية. ما دفع البعض للتنبؤ باحتمالية تثبيت أسعار الوقود لـ3 أشهر مقبلة في السوق الداخلية.
رمضان أبو العلا الخبير البترولي شرح لـ”مصر 360″، محفزات تثبيت الأسعار. إذ كان على رأسها أن الزيادة التي أقرّتها اللجنة في أسعار البنزين المرة السابقة كافية في الوقت الحالي. خاصة مع استمرار قوة الجنيه المصري. ذلك حتى التأكد من اتجاه أسعار البترول.
واستقر متوسط سعر الدولار في البنوك منذ بداية أبريل وحتى يونيو الجاري بين مستوى 15.60 و15.66 جنيه للشراء و15.70 و15.76 جنيه للبيع.
وتوقع أبو العلا تثبيت أسعار الوقود للربع الأول من العام المالي الجديد عند المستويات الحالية، رغم ارتفاع الخام عالميًا، استنادًا إلى الزيادة الأخيرة. كما توقع حدوث زيادة طفيفة بأسعار البنزين في اجتماع أكتوبر المقبل، حال استمرار ارتفاع الأسعار.
الضغط على محدودي الدخل.. والتحوط ضد مخاطر الارتفاعات
الحكومة سعت للتغلب على تقلبات أسعار النقط بمضاعفة التحوط ضد الأسعار من خلال عقود خاصة بالتأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار النفط مع بنكين عالميين. وهو توجه حكومي تتبعه الدولة منذ 3 سنوات، لتأمين الموازنة ضد مخاطر تذبذب أسعار البترول العالمية.
يقول أبو بكر الديب الخبير الاقتصادي لـ”مصر 360″ إن الحكومة عليها حل مُعضلة ارتفاع أسعار النفط المتتالية. إذ لا يمكن الضغط المتتالي على المواطنين بزيادة سعر الوقود كل 3 أشهر. لابد من ابتكار آلية جديدة تُخفف تلك الضغوط على السوق على استمرار زيادة أسعار النفط العالمي.
كما يضيف أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط قد يكون حلًا لتلك الأزمة لكنه ليس متاحًا على المدى القريب. ومن ثم الحفاظ على توازن السوق وأوضاع المواطنين يعتبر مسئولية الحكومة حاليًا. بالإضافة إلى إقرار آلية تحافظ على قوى العرض والطلب والتأثر بالتحركات العالمية لخريطة أسعار النفط.
ويواصل أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود ومن التأثر بتقلبات الأسعار العالمية من المستهدف تحقيقه بحلول 2023. حتى تعمل وزارة البترول وفق برنامج لتكثيف أنشطة البحث والتنقيب لاستخراج كميات مضاعفة من النفط الخام للتكرير.
7 محطات للجنة تسعير البنزين
منذ عام 2019 شهدت أسعار الوقود محليًا تغيرات محورية على مستوى تسعيرة بيع المنتجات البترولية في السوق. كما مرت الأسعار بـ7 محطات رئيسية ضمن برنامج إعادة هيكلة دعم الطاقة.
وتضمنت القرارات السبعة ما يلي:
– خفض أسعار البنزين 25 قرشًا للتر وتثبيت السولار في أكتوبر 2019. حيث تراجعت الأسعار إلى 6.5 جنيه لبنزين 80، و7.75 جنيه لبنزين 92، و8.75 لبنزين 95. كما تم خفض سعر طن المازوت للاستخدامات الصناعية 250 جنيهًا ليصبح 4250 جنيهًا.
– تثبيت الأسعار على مستوياتها في يناير 2020.
– خفض أسعار البنزين 25 قرشًا للتر وتثبيت السولار في أبريل 2020. حيث تم خفض سعر البنزين 95 أوكتان إلى 8.50 جنيه للتر، والبنزين 92 إلى 7.50جنيه. كذلك خفضت سعر البنزين 80 أوكتان، الأقل جودة إلى 6.25 جنيه.
– تثبيت الأسعار على مستوياتها في يوليو 2020.
– الأسعار كما هي مجددًا في أكتوبر 2020.
– تثبيت الأسعار على نفس مستوياتها يناير الماضي.
– زيادة أسعار البنزين في أبريل الماضي بنحو 25 قرشًا في اللتر الواحد دون المساس بالسولار. حيث قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية زيادة أسعار البنزين بأنواعه الثلاثة كالآتي: 6.50 جنيه للتر البنزين 80، و7,75 جنيه للتر 92، و8,75 جنيه للتر البنزين 95. بزيادة 25 قرشًا لكل صنف. كما قررت تثبيت أسعار السولار عند 6.75 جنيه للتر.
كيف تحدد الأسعار؟
وتطبق مصر آلية للتسعير التلقائي لبعض منتجات البترول منذ يوليو 2016 بعد أن وصلت بأسعارها إلى مستوى التكلفة من خلال برنامج تحرير أسعار الوقود.
وتحدد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية الأسعار كل 3 أشهر بناءً على التغيير في متوسط الأسعار العالمية في الفترة الماضية مقارنة بسابقتها. إلى جانب التحرك في سعر الصرف بالإضافة إلى تكاليف الشحن وغيرها.
ومن بين 6 قرارات اتخذتها اللجنة منذ يوليو 2019، خفضت اللجنة سعر لتر البنزين مرتين، بقيمة 25 قرشًا في كل مرة. في أكتوبر 2019، وأبريل 2020. بينما كانت القرارات الأربعة الأخرى، والتي كان آخرها في يناير الماضي، تتمثل في التثبيت. وكثير من بلدان العالم، تربط سعر الوقود بالتغيرات التي تحدث في أسعار البترول العالمية. فإذا ارتفع سعر البترول يرتفع سعر الوقود، وإذا انخفض البترول ينخفض السعر وهكذا.
وشهدت أسعار النفط العالمية ارتفاعًا ملحوظًا خلال فبراير ومارس 2021، حيث تراوح سعر البرميل بين 62 و 65 دولارًا. بدعم توافر عدد من لقاحات كورونا. كذلك تراجع حجم الإنتاج والمعرض من النفط بالأسواق العالمية استجابة لقرار تمديد خفض الإنتاج الذي أعلنته “منظمة أوبك+”.
هيكلة دعم الوقود
يواصل دعم المواد البترولية في مصر، تراجعاته خلال العام المالي الحالي، والتي بدأها العام قبل الماضي. وبحسب طارق الملا وزير البترول فإن دعم المواد البترولية هبط نحو 45% في النصف الأول من السنة المالية الحالية 2020-2021.
وهبط دعم المواد البترولية إلى 8.4 مليار جنيه في النصف الأول من الموازنة التقديرية البالغة 14.1 مليار جنيه. مقابل 15.25 مليار جنيه قبل عام، وفق وزير البترول.
وفي العام المالي الماضي 19/2020 سجل دعم المواد البترولية 18.7 مليار جنيه وخلال النصف الأول من العام المالي الحالي سجل نحو 8.4 مليار جنيه فقط.
وشهد دعم البترول في مصر تباينًا واضحًا آخر 6 سنوات ونصف السنة، حيث بلغ إجمالي الدعم خلال العام المالي 14/2015 73.9 مليار جنيه. وفي عام 15/2016 بلغ 51 مليار جنيه. ثم عاود الارتفاع في العام المالي 16/2017 وسجل نحو 115 مليار جنيه.
وسجل أقصى ارتفاع في عام 17/2018 حيث بلغ 120.8 مليار جنيه. لتبدأ مرحلة تقليص الدعم بشكل واضح في عام 18/2019 والذي سجل حينها 84.7 مليار جنيه. وفي العام المالي الماضي 19/2020 سجل 18.7 مليار جنيه. وخلال النصف الأول من العام المالي الحالي سجل نحو 8.4 مليار جنيه، وفق مصادر مسئولة بوزارة البترول.