أسفرت المظاهرات التي تحولت إلى شغب ضد الملكية في إسواتيني عن مقتل وإصابة العشرات في اشتباكات مع الشرطة. في أحدث موجة من الاضطرابات التي هزت آخر نظام ملكي مطلق في أفريقيا.
وذكر موقع “نيوز 24” الجنوب أفريقي أن المظاهرات اندلعت في المملكة الصغيرة غير الساحلية التي عادة ما تكون مستقرة. إذ كانت تعرف سابقًا باسم سوازيلاند. حيث نزل المتظاهرون إلى الشوارع في العاصمتين مانزيني ومباباني للمطالبة بالإصلاح السياسي.
أعمال العنف أدت إلى لجوء المئات من مواطني إسواتيني إلى جنوب أفريقيا وموزمبيق، هربًا من عنف الشرطة المحلية.
ماذا يحدث في إسواتيني؟
أنظمة الإنذار المبكر التي صممتها الجماعة الإنمائية لتجنب مثل هذه الموجات من اللجوء لم تجد سبيلًا للاستعانة بها. لكنها لفتت الأنظار إلى التحذيرات المبكرة في إسواتيني.
المملكة التي تحيطها جنوب أفريقيا من 3 جهات، وموزمبيق من الجهة الرابعة تشهد احتجاجات متصاعدة منذ أسابيع. تحولت إلى أعمال شغب. إذ تعرضت عشرات المباني الحكومية والمتاجر والبنوك والشركات المملوكة لجنوب أفريقيا للنهب أو الحرق.
ووفق نشطاء المعارضة، قمعت قوات الأمن الاحتجاجات بقسوة ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 40 متظاهرًا وإصابة حوالي 150 آخرين بحلول أول يوليو الجاري.
كذلك تنتشر الشائعات في البلاد بسبب إغلاق الحكومة للإنترنت في 28 يونيو الماضي. كما تردد على نطاق واسع أن الملك مسواتي فر من البلاد. بينما نفى رئيس الوزراء الخبر وأصر على أن الملك لا يزال فوق عرشه يحكم البلاد.
ماض شاهد على العنف وحاضر أعنف
ورغم ماضي البلاد الشاهد على الكثير من العنف. لكن الأمر هذه المرة يبدو أكثر جديّة. كما يصفه الكثيرون بـ”الانتفاضة”. لكن المشكلة الأساسية والقاسم المشترك بين هذه الاضطرابات هو عجز الديمقراطية في البلاد. رغم أن المملكة الأفريقية تقدم نفسها باستمرار باعتبارها دولة ديمقراطية دستورية. لكن الكثير من المحللين قالوا إن ذلك الدستور غامض ربما عن قصد.
وبدلًا من التعددية الحزبية التقليدية التي تشهدها الديمقراطيات، فإن إسواتيني لديها نظام “تنكهوندلا”. النظام الغامض يقوم على 59 تنكهوندلا أو التقسيمات الفرعية الإدارية في جميع أنحاء البلاد. إذ ينتخب كل ممثل واحد يتم اختياره على أساس الجدارة وليس الانتماء الحزبي. حيث يحظر على الأحزاب في مجلس النواب. هذه هي الغرفة السفلية للبرلمان المكون من مجلسين. ببساطة ومن الناحية النظرية، تنتقل القوة من المركز إلى التينكهوندلا.
لكن من الناحية العملية تظل إسواتيني ملكية مطلقة غير دستورية، لذا فإن الباقي هو في الأساس عبارة عن “عرض أوبرا” لديمقراطية غير موجودة.
لكن حتى هذه “العروض الديمقراطية” أنكرتها الحكومة حيث إن الانفجار الحالي للاحتجاجات مسئولية مباشرة للحكومة التي أنكرت حتى هذه الشكليات.
الحكومة تتحجج بكورونا
البداية عندما دعا 3 أعضاء معارضين في البرلمان إلى انتخاب رئيس الوزراء بدلًا من تعيينه من قبل الملك. كذلك قدم العديد من المواطنين التماسات إلى نوابهم لدعم دعوة الانتخاب. لكن الحكومة حظرت التقدم الشخصي بأي التماسات من قبل المواطنين إلى نوابهم في تنكهوندلا المختلفة. متحججة بإجراءات فيروس كورونا. كما أعطت الحكومة المواطنين عنوان بريد إلكتروني لتسليم المظالم والالتماسات. ما أثار التعليقات ساخرة لأن الحكومة كانت أغلقت الإنترنت بالفعل فكيف يرسل المواطنون شكاواهم بالبريد الإلكتروني؟!
على عكس حلقات الاحتجاج السابقة، تبدو الأخيرة أكثر جدية. بينما يصفها الكثيرون بـ”الانتفاضة”. السبت الماضي اندلعت احتجاجات في بلدة سيفوفاني على بعد 50 كيلومتر جنوب شرقي العاصمة مباباني. لكنها سرعان ما تحولت إلى أعمال نهب وإحراق وتدمير للمحلات التجارية والمكاتب الحكومية والسيارات. قبل أن تنتشر إلى مدن أخرى.
رئيس الوزراء بديل سيئ للملك
يقول صحفيون محليون إن رئيس الحكومة بديلًا سيئًا عن الملك مسواتي الذي اختفى عن الأنظار نتيجة جائحة كورونا. ما أدى إلى إضعاف قبضته على البلاد بما في ذلك البرلمان. حيث أصبح المعارضون أكثر صخبًا. كما أدت الجائحة وإجراءات الإغلاق إلى تفاقم محنة المواطنين الفقراء أصلًا.
من ناحية أخرى دعت المعارضة السياسية جنوب أفريقيا للتدخل لكن بريتوريا لم تستجب. وفي أول يوليو أصدرت بيانًا ينتقد الأوضاع بشكل معتدل. كذلك دعت جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس. لكن المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم كان أكثر صرامة. حيث قال إن حكومة الملك مسواتي يجب أن تكف عن “الاستبداد وإدارة الأزمات بالقمع والخوف من المطالب المدنية المشروعة”. كذلك دعت الجماعة الإنمائية للجنوب أفريقي إلى التدخل.
من ناحيتها سألت صحيفة “إيس توداي” حبيب كامبانجا، رئيس مركز الإنذار المبكر الإقليمي التابع لمجموعة “سادك” عما إذا كان المركز يراقب الاضطرابات في إسواتيني. كذلك إذا كان ينبه الدول الأعضاء في “سادك” إلى احتمال وجود صراع أعمق؟. كما تساءلت عما إذا كان سيتم وضع إسواتيني على جدول أعمال الجهاز المعني بالسياسة والتعاون الدفاعي والأمني.
أجاب: “مركز الإنذار المبكر الإقليمي التابع لسادك يراقب التهديدات السياسية والأمنية في جميع الدول الأعضاء بما في ذلك إسواتيني”.
ترجمة- وفاء عشري