أخذت الأزمة الداخلية التي تضرب التنظيم الدولي لجماعة الإخوان منحنى جديدا بعد حالة الغضب المكبوت التي شهدتها أذرع الجماعة الدولية خلال السنوات الماضية في أعقاب ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الجماعة في مصر.
في أعقاب الثورة انقسمت الجماعة على نفسها إلى قسمين. أحدهما يرى إن الحل في المواجهة المسلحة بقيادة محمد كمال عضو مجلس شورى الجماعة الذي تم تصفيته عام 2018. والقسم الآخر الذي أطلق عليه عواجيز الجماعة يتبع سياسة النفس الطويل.
خلال الفترة الماضية التي وصلت لسنوات من الشتات لأعضاء الجماعة. دبت العديد من الخلافات بين التكتلات الداخلية على خلفية وجهات النظر المختلفة بين الأطراف الداخلية. وبدا واضحا أنها وصلت إلى الفصل الأخير بعد قرارات إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام، بحل المكتب الإداري للإخوان المسلمين المصريين في تركيا الذي يترأسه القيادي الإخواني حلمي الجزار.
قرارات صادمة للإخوان في تركيا
أصدر إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد الجماعة. مجموعة من القرارات مثلت صدمة كبيرة للإخوان في تركيا خاصة في ظل التقارب المصري التركي.
وجاءت قرارات منير: حل المكتب الإداري للإخوان المسلمين المصريين في تركيا الذي يترأسه القيادي الإخواني حلمي الجزار. وكذلك حل مجلس شورى القُطر بتركيا. بجانب تأجيل الانتخابات لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
وبحسب مصادر، فإن الأسباب التي دفعت منير إلى اتخاذ قراره يأتي على رأسها. ما يمكن وصفه بحالة الفوضى والتمرد التي أصابت مكتب تركيا برئاسة حلمي الجزار القيادي الإخواني البارز، فضلا عن خروجه عن النص في عدد من المواقف. وعدم انصياع أعضاء المكتب للتكليفات الصادرة من التنظيم الدولي.
وتعددت الأسباب الظاهرية للخلاف. منها عرقلة مكتب إخوان قطر عن عمد عدد من الملفات الهامة في ملف لم شمل الجماعة. والعمل على ضخ دماء جديدة ضمن مجلس الشورى العام. بالإضافة إلى عدم موافقتهم على إعادة تشكيل اللجان المركزية في الجماعة. والتقاعس عن تأدية المهام التي تسند له.
الحرس القديم والجديد
منذ سنوات ويوجد خلاف بين مكتب إخوان تركيا والتنظيم الدولي للجماعة، يأتي على رأس أسباب الاختلاف كيفية إدارة الأزمة الراهنة وخسارة الاخوان على كافة المستويات إلى أن وصل الأمر إلى توصيف ما يحدث بنهاية جماعة الاخوان وتلاشيها.
يقول الباحث في الحركات الإسلامية، هشام النجار: توجد خلافات منذ مدة بين الإخوان في تركيا بقيادة حلمي الجزار، وإبراهيم منير، وفي الوقت ذاته ظهرت مجموعة محمود حسين الأمين العام السابق للتنظيم لتزيد الطين بلة، وتسبب الإحراج للجماعة وتنظيمها الدولي.
بداية الخلاف عندما رفض محمود حسين أن يعلو صوت الشباب وأن تتخذ الجماعة من الشباب الإخواني عاملا حاسما. لذا عمد إلى اتخاذ قرار بتجميد جمعية رابعة المتواجدة في تركيا عقب انتخاب مجلس إدارة جديدة لها، غالبيته من شباب الإخوان.
على أثره خرجت شائعات تفيد بإقالة “حسين” من منصبه من خلال بيان للمتحدث باسم الجماعة. وعلى الفور جاء رد فعل التنظيم الدولي بإقالة المتحدث الإعلامي للجماعة. ما فجر أزمة داخلية كبيرة داخل مكاتب الإخوان. ودفعها للخروج عن طوع التنظيم الدولي منها مكاتب إخوان القاهرة والفيوم والإسكندرية.
رفض قطاع كبير من شباب الإخوان تولي كلا من إبراهيم منير ومحمود حسين زمام الأمور. في بيان تحت عنوان (هذا ما جناه منير وحسين)
كما رفض قطاع كبير من شباب الإخوان تولي كلا من إبراهيم منير ومحمود حسين زمام الأمور. في بيان تحت عنوان (هذا ما جناه منير وحسين). وحمّلهما البيان مسئولية الانقسامات التي ضربت الجماعة. وحولتها من كتلة واحدة إلى تكتلات مستضعفة وغير قادرة على إدارة شئونها.
كما ظهرت خلافات عديدة بين الجماعة. على رأسها الملف المالي الذي تسبب في عاصفة كادت أن تطيح بالتنظيم. وخروج عدد من إخوان تركيا يؤكدون تخلي التنظيم الدولي عن الشباب. فيما عرف بالخلاف بين الحرس القديم والجديد.
ويشير النجار لـ”مصر 360″، إن قرار الحل جاء من تركيا في محاولة لتهدئة الأجواء وإعادة تمكين التنظيم الدولي ووضع قواعد جديدة تمهد الطريق لزيادة احكام السيطرة وعدم وجود أي عناصر تعرقل خطوات التقارب المصري التركي.
تأديب إخوان تركيا
وفي وقت لاحق، اتخذ التنظيم الدولي بقيادة إبراهيم منير. قرارات فهمت في سياق تأديب مكتب اخوان تركيا. منها العمل على إجراء انتخابات شاملة للجماعة بالخارج، مشروطة بعدم ترشح أي من المسؤولين الحاليين.
ووضع منير قاعدة بألا يزيد سن المرشحين عن 45 عاما ما يعني اختفاء لجميع القيادات والكوادر الحالية المصدرة للمشهد. وقيل في ذلك الوقت إن التنظيم يهدف لاستكمال عضوية مجلس الشورى العام للجماعة. والعمل على إعادة تفعيل دوره من جديد من خلال هيئة جديدة بفكر وأداء جديد ومختلف.
تلك القرارت جاءت لتزيد من تأزم الموقف في الداخل الإخواني وفتحت الباب على مصراعيه من أجل خروج قيادات وكوادر تؤكد رفضها وتمردها على التنظيم الدولي لتبدأ سلسلة الأزمات.
التقارب المصري التركي.. ورقة ضغط
يعد التقارب المصري التركي ورقة ضغط على التنظيم الدولي. خاصة مع رفع سقف المطالبات من الجانب المصري وتوسعها لتشمل إسكات قنوات الإخوان وعدم فتح المجال لمزيد من العداء بين شرائح المجتمع المصري.
ما حدث بالفعل، حيث عمدت السلطات التركية إلى منع عدد من الإعلاميين المحسوبين على الجماعة من الظهور على شاشات المصرية التي تبث من تركيا. وخروج هؤلاء الإعلاميين للتأكيد على أنهم يعيشون أزمة كبرى وحياتهم معرضة للخطر.
في هذا الصدد يقول الباحث في الحركات الإسلامية هشام النجار: حل مكتب إخوان تركيا ليس سوى خطوة ضمن خطوات عديدة وضعتها مصر لاستكمال التفاهمات المصرية التركية. لافتا إلى أن تركيا اتخذت مثل هذا القرار للتأكيد على حسن النية في تقدم التفاهمات مع الجانب المصري.
في الوقت ذاته، يرى النجار أن تركيا تستخدم الاخوان كورقة ضغط. ولن تعمل على تسليمهم إلى مصر لمحاسبتهم قانونيا. وإنها لجأت إلى مناورة تمثلت في تخفيف الضغط وإبداء رغبة في توسيع رقعة التفاهم مع الجانب المصري. مستبعدا أن يكون الأمر تخلي كامل عن الإخوان.