شكّلت موازنة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية مليار دولار، أي 20% من الموازنة العامة متخطية موازنات الصحة والتعليم والزراعة مجتمعة. وتتلقى 30% من المساعدات الدولية المخصصة للفلسطينيين. هذه الأجهزة يشكّل موظفوها 44% من موظفي الخدمة المدنية ويتقاضون 42% من إجمالي الرواتب. فيما بلغ متوسط عدد أفراد الأمن فرد لكل 48 فلسطيني، وفيها جهاز أمني تتركز طبيعة عمله على إرشاد التائهين من الإسرائيليين في أراضي الضفة! هذه الحقائق أوضحت الجواب من عنوانه.
في أعقاب اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي نشأت السلطة الفلسطينية كسلطة حكم ذاتي في الضفة الغربية وغزة. وترتب عليها تكوين أجهزة الأمن الداخلية باعتبارها قوة شرطية مسلحة بتخصصات مختلفة لحفظ الأمن في المناطق الخاضعة لإدارة السلطة الوليدة.
لكن هذه الأجهزة لم تعرف “المأسسة” وكانت كلها بيد الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي ضاعف عددها واستغلها كورقة ضغط. حين يعتمد عليها في كسب الولاء ومسار المفاوضات مع إسرائيل. وهو ما فطنت إليه الأخيرة خلال الانتفاضة الثانية، حين دمرت مقار هذه الأجهزة بداعي مشاركتها في الأعمال القتالية المناوئة لها.
ومع رحيل عرفات وقدوم محمود عباس، المتمسك بطاولة المفاوضات تمسك الغريق بقشة، والرافض لأي مقاومة مسلحة. نجحت الإدارة الإسرائيلية في فرض رؤيتها بشأن تلك الأجهزة الأمنية و”مأسستها”؛ وفقا لمعايير أوروبية وأمريكية موّلتها وشكّلتها فنيًا وإداريًا لتتناسب مع رؤية “الحرب على الإرهاب”.
وهنا بدأت رحلة التحول من النشأة ثم الاشتباك المُهندًّس إلى “التنسيق المُقدّس”، بتعبير أبو مازن. ومن دولة ساعية للتحرر الوطني إلى سلطة بلا سلطة سوى على أبناء جلدتها، وفي خدمة المحتل الضامن لكرسيها.
نزار بنات والتعريف الأوضح للسلطة الأمنية
بعد شهر واحد فقط من الهبة الفلسطينية الأخيرة في وجه الاحتلال، والتي تداخل فيها الكفاح الشعبي مع المسلح. اغتال جهاز الأمن الوقائي الناشط الفلسطيني نزار بنات بعد اعتقاله بساعات، وهو الذي عُرف بانتقاداته الحادة للسلطة وأجهزتها وفسادها المستشري. ثم صاحب ذلك قمع المتظاهرين المحتجين على قتله في رام الله.
طالع أيضا – (فلسطين: أمَّا بعد)
وخلال الهبة الأخيرة أثبتت الأجهزة الأمنية في الضفة مدى فاعلية الرؤية التي رسمها الاحتلال لما يزيد على 14 عامًا، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ففي الوقت الذي انتفض فيه المقدسيون وعرب الداخل المحتل في وجه سياسات التمييز العنصري والتهجير القسري. وانطلقت مئات الصواريخ من قطاع غزة المحاصر نحو الأراضي المحتلة، كانت الضفة أهدأ حالاً، رغم اشتباكات عدة في نقاط التماس.
تحدثت تقارير إسرائيلية آنذاك عن توجيهات محمود عباس لوأد أي تحرك مقاوم ممكن داخل الضفة. بالإضافة لمعاونة الاحتلال ومده بالمعلومات الاستخبارية للقبض على مهاجمي الحواجز الإسرائيلية، ومن بينهم منتصر شلبي الذي نفذ عملية حاجز زعترة.
“مع احترامي لكل ما يجري في غزة الخطر الحقيقي والقصة الحقيقية تكمن في الضفة” – أوهاد حمو مراسل القناة 12 العبرية للشؤون الفلسطينية في الضفة
بالتزامن مع ذلك، كان مشهد آخر في رام الله لمجموعة من الملثمين يعلنون فيه إعادة تفعيل “كتائب شهداء الأقصى”. بينما في واقع الأمر لم تنطلق رصاصاتهم سوى في الهواء وكأنها كتائب أعراس.
وكتائب شهداء الأقصى هي مجموعة عسكرية تتبع لحركة فتح تشكلت خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية وكبدت الاحتلال خسائر جمة. وكانت السبب الرئيس في الحكم على مروان البرغوثي بالسجن مدى الحياة لقيادتها، قبل أن تسلم سلاحها في 2007. وهو العام الذي تغيّرت فيه الفلسفة الأمنية الفلسطينية رسميًا.
النشأة الأولى
مع عودة منظمة التحرير إلى الوطن في أعقاب أوسلو بدأت الأجهزة الأمنية بالتشكل، وبلغ عددها الأولي 9 آلاف فرد. كان 7 آلاف منهم من العائدين، وارتفع العدد في العام التالي إلى 30 ألف فرد، بعدما أنشأ عرفات “أجهزة موازية تستند لأسس هوياتية تشجيعًا للمنافسة والسيطرة السياسية”. وكانت تفتقد للخبرة والاحترافية و”تنقل نفس السياسات التي اعتمدت عليها منظمة التحرير في المنفى دون تمحيص وتجديد”. بحسب دراسة لمركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن.
وانتقد المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد الطريقة العَرفاتية في إدارة هذه الأجهزة. وقال إن عرفات “أنشأ عدة قوات أمنية، خمسة منها كانت أجهزة استخبارات تتجسس على بعضها البعض”.
تواصلت زيادة الأجهزة الأمنية مع مرور الأعوام حتى بلغت 15 جهازًا عام 2004. فإذا ما “فتحت نافذتك فإن الأمن الوقائي يدخل، إذا فتحت بابك يأتي جهاز الأمن الرئاسي، إذا خرجت إلى حديقتك تصطدم بالمخابرات العسكرية، وإذا نزلت إلى الشارع تصادف المخابرات العامة”، بحسب رمضان شلح قائد حركة الجهاد الإسلامي.
تنافس داخلي
حوّل عرفات تلك الأجهزة إلى وسيلة لفرض السيطرة الشخصية معتمدًا منهج فرق تسد. فقد تنافست تلك الأجهزة فيما بينها باحتدام وقدمت تقاريرها إلى الرئيس بشكل حصري؛ ما أنشأ نوعا من الفساد والمحسوبية ومجموعات تعمل لمصالح ذاتية في غياب للكفاءة وإهدار للموارد. ورفض عرفات استخدام كلمة “إصلاح” مفضلاً كلمة “تطوير”. وقال ذات مرة: “لا أحد يستطيع أن يتدخل بيني وبين أطفالي” في إشارة إلى قيادة القوات الأمنية. وذلك بحسب ما ينقل الباحث علاء الترتير في ورقة بحثية بعنوان “تطور وإصلاح قوى الأمن الفلسطينية 1993-2013”.
كان من أبرز مظاهر الفساد توزيع الرواتب النقدية؛ إذ يزور رئيس جهاز الأمن مكتب عرفات ويحصل على حقيبة مليئة بالنقود. ويصطف الجنود في طوابير لاستلام أموالهم في متناول اليد. تميزت هذه المرحلة أيضًا بظهور “ثقافة السلاح” في المجتمع الفلسطيني، حيث كان من الشائع رؤية رجال يرتدون ملابس مدنية يسيرون في الشوارع وبندقية إلى جانبهم، جاهزين لاستخدامها لحل أي مشكلة صغيرة، ما نتج عنه زيادة في الفوضى والعنف، وتآكل في شرعية السلطة.
وفي محاولة للحفاظ على شرعيتها وكجزء من تسييس الوظائف العامة، كان السواد الأعظم من أفراد الأمن تابعين لحركة فتح. حتى إن محمد دحلان رئيس جهاز الأمن الوقائي آنذاك قال عام 97 إنه “لدينا 36 ألف شخص نحتاج منهم 10 آلاف فقط”.
ووفقا لدراسة مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، فإنه من الناحية الفنية أوفت قوات الأمن التابعة للسلطة بالعديد من التزاماتها التي نصت عليها اتفاقيات أوسلو. وانخرطت في عملية تفكيك “البنية التحتية للإرهاب” وحماية الأمن الإسرائيلي. واستهدفت العديد من أعضاء المعارضة واعتقلتهم وضايقتهم. كما أجرت حملة لتنظيم وترخيص حيازة الأسلحة.
فسّر ذلك سبب التزام إسرائيل -جزئيا- والمجتمع الدولي بالصمت، والتواطؤ في الحفاظ على شبكة الفساد وتكريس غياب الإصلاح في المؤسسات الأمنية الفلسطينية. حتى جاءت الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
الانخراط ومن ثم التدمير
مع انسداد أفق مفاوضات السلام بكامب ديفيد وقمة طابا، ثم اقتحام آرييل شارون حرم المسجد الأقصى رفقة 1000 من حراسه. اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي سرعان ما انخرطت فيها القوات الأمنية.
في أكتوبر 2000 سلطت حادثة في رام الله الضوء على مدى انخراط قوى الأمن الفلسطينية في الانتفاضة. وقتها أوقفت قوات الشرطة جنديين إسرائيليين بلباس مدني واقتادهم إلى النقطة الشرطية الرئيسية، حيث تعرضا للضرب ومن ثم القتل. عمّق ذلك من عدم ثقة المؤسسة الإسرائيلية في قوات السلطة، وبالتالي إعادة النظر في العلاقة.
في اليوم نفسه، شنت إسرائيل غارات جوية على أهداف أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية، ودمرت المباني الأمنية بالكامل. ومع تأسيس “كتائب شهداء الأقصى” التي موّل عملياتها عرفات وقادة السلطة، شنت إسرائيل عملية السور الواقي، في مارس 2002. وتسببت هذه العملية في دمار كبير وخسائر بشرية واقتصادية، وجرى اعتقال أفراد الأمن الفلسطيني ونزع أسلحتهم بشكل جماعي. وتدمير منشآتهم، ونهب المؤسسات المدنية التابعة للسلطة.
أنشطة عشوائية
ويقول الترتير في ورقته البحثية إنه مع تضاؤل قدرتها أصبحت أنشطة قوات الأمن أكثر عشوائية. وأدى تدمير قدراتها ومواردها إلى خلق فجوة سرعان ما تم ملؤها من الجماعات المسلحة، بما في ذلك حماس. فرض هذا الفراغ الأمني الذي ملأته الجهات الأمنية غير التابعة للسلطة الفلسطينية تحديات جديدة لتوفير الأمن والحوكمة. وكان الشعب الفلسطيني ينظر إلى هذه الجهات على أنها أكثر جدارة بالثقة وشرعية من الجهات الفاعلة في السلطة.
هذا التأثير المتزايد للجهات غير التابعة للسلطة شكل تهديدا للأمن الإسرائيلي. لذلك- وتحت الضغط الإسرائيلي والدولي- اضطرت السلطة الفلسطينية إلى بدء مشروع إصلاح لقطاعها وقواتها الأمنية. وفي 23 يونيو 2002، أي قبل يوم واحد من إلقاء الرئيس الأمريكي جورج بوش خطابا حول رؤيته للسلام في الشرق الأوسط، أعلنت السلطة الفلسطينية خطة إصلاح المائة يوم.
هدفت الخطة إلى إعادة هيكلة وزارة الداخلية وتحديث أجهزتها، وإلحاق أجهزة الأمن الوقائي والشرطة والدفاع المدني بوزارة الداخلية. وتفعيل دور وزارة الداخلية وأجهزتها في تنفيذ أحكام القضاء. وإنهاء دور الأجهزة الأمنية في الشؤون المدنية. وإيلاء أقصى اهتمام لاحتياجات السكان، الذين سيكتسب دعمهم وتعاونهم من خلال فرض القانون والنظام، وفقا لما أعلنته السلطة حينذاك.
أدى ذلك إلى توسع دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وأنشئت اللجنة الرباعية وفريق العمل الدولي المعني بالإصلاح الفلسطيني كهيئات دولية للإشراف على إصلاح قطاع الأمن الفلسطيني. وقد رضخت السلطة مضطرة في ظل افتقارها للموارد ومصادر التمويل.
رؤية شارون
وفي عام 2003 طرح شارون رؤيته لإصلاح الأجهزة الأمنية الفلسطينية خلال مؤتمر هرتسليا -أهم تجمع سنوي استراتيجي في إسرائيل-. طالب فيه السلطة الفلسطينية بتبني مجموعة من الإصلاحات ليتم تنفيذها على ثلاث مراحل رئيسية كشرط مسبق لأي مفاوضات مستقبلية.
كانت أولوية شارون إعادة هيكلة أساسية لقطاع الأمن الفلسطيني من خلال ثلاث محاور رئيسية: (1) تفكيك جميع الأجهزة الأمنية القائمة الموالية لعرفات، والتي وصفها بـ”الإرهابيين” لمشاركتها في الكفاح المسلح ضد إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية. (2) تعيين وزير داخلية جديد للإشراف على حل وحظر الأجنحة العسكرية الفلسطينية. (3) تجديد فوري للتعاون الأمني الفلسطيني الإسرائيلي.
وأكد شارون أن “الإصلاح الأمني يجب أن يترافق مع جهد صادق وحقيقي لوقف الإرهاب. مع تطبيق سلسلة الإجراءات الوقائية التي حددها الأمريكيون: جمع المعلومات الاستخباراتية، والاعتقال، والاستجواب، والمقاضاة، والعقاب”.
عباس وفياض.. رحلة الانتقال إلى التنسيق المقدس
مع قدوم محمود عباس إلى السلطة عام 2005، كان “الإصلاح الأمني” على رأس قائمة برنامجه الانتخابي. وهنا دخلت الأجهزة الأمنية مرحلتها الثالثة من التطور وإعادة صياغة فلسفتها. وتولت بعثة الشرطة الأوروبية ومكتب التنسيق الأمني الأمريكي، إعادة تكوين أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من خلال الوسائل الفنية، بما في ذلك التدريب وشراء الأسلحة.
هدف هذا التعاون الأوروبي الأمريكي أيضًا إلى “إعادة التكوين سياسيًا بتقييد حركة حماس وجناحها المسلح. والحد من نفوذ المسلحين المتحالفين مع فتح من خلال الاحتواء والعفو، وتضييق الخناق على المجرمين. وتنفيذ حملات أمنية، لا سيما في محافظات نابلس وجنين”. وباتت هذه القوات تُعرف باسم قوات دايتون في إشارة إلى كيث دايتون الجنرال الأمريكي الذي قاد عملية التحديث، وإضفاء الطابع المهني على المؤسسة العسكرية التابعة للسلطة. وفقا لما ذكرته ورقة لشبكة السياسات الفلسطينية.
ومع فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، وبدء الانقسام ترسخت هذه المرحلة التي بدأت فعليا عام 2007. تحت رعاية رئيس الوزراء سلام فيّاض، الذي سعى لإدماج الاقتصاد الفلسطيني تحت مظلة النيوليبرالية الإسرائيلية والأمريكية. ونظر إلى البعد الأمني باهتمام باعتباره عامل استقرار وجذب للاستثمار وفقا للشروط الخارجية.
ولعب كيث دايتون، المنسق الأمني الأمريكي لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، دورًا رئيسًا في إعادة تشكيل هيكل وعقلية قوات الأمن التابعة للسلطة. وأسفرت جهوده عن تشكيل “رجل فلسطيني جديد”. ضابط أمن مدرب تدريبا مهنيا ومنضبطًا، تتمثل وظيفته في متابعة الأوامر الأمنية بغض النظر عن العواقب على الفلسطينيين. وأن يكون في خدمة كاملة للأمن الأمريكي والإسرائيلي.
الدعم المالي
فتح ذلك الباب أمام الدعم المالي الأمريكي والأوروبي في البنية الأمنية الفلسطينية. وأدى ذلك إلى استئثار القطاع الأمني بنحو نصف موظفي الخدمة المدنية، وبنحو مليار دولار من موازنة السلطة الفلسطينية. ويتلقى نحو 30% من مجموع المساعدات الدولية، وتفوق حصته قطاعات التعليم والصحة والزراعة مجتمعة. وبلغ نسبة أفراد الأمن لعدد السكان 1 إلى 48، وهي من الأعلى في العالم.
وتضاعفت أعداد قوات الأمن الرئاسي وتطورت في تدريباتها لحماية أمن الرئيس. ومع إيقاف الدعم الأمريكي، عقب فوز حماس بالانتخابات، لم يتوقف دعم هذه القوات التي نُظر إليها باعتبارها خارج سلطة حماس. وأنها تابعة للرئيس فقط، بما سمح بحصولها على عشرات الملايين من الدولارات.
وفي إشارة إلى التحول الكبير الذي صبغ قوات السلطة، ذكر دايتون أن مسؤولا فلسطينيًا بارزا خطب في دفعة خريجين من هؤلاء “الرجال الفلسطينيين الجدد” في الأردن. وقال: “أنتم لم ترسلوا هنا لتتعلموا كيف تحاربون إسرائيل. وإنما أرسلتم كي تتعلموا المحافظة على القانون والنظام، واحترام حقوق مواطنينا كافة. وإنفاذ سيادة القانون حتى نتمكن من العيش في أمن وسلام مع إسرائيل”.
وفي 2013، قال الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في خطاب ألقاه أمام البرلمان الأوروبي: “تشكَّلت قوة أمنية فلسطينية. أنتم والأمريكيون دربتموها. وها نحن نعمل سويًا الآن من أجل منع الإرهاب والجريمة”.
طغيان المصالح الأمنية الإسرائيلية
وتشير “الشبكة” الفلسطينية إلى أن تلك المرحلة رسخت طغيان المصالح الأمنية الإسرائيلية على المصالح الفلسطينية. فقد أدى نزع السلاح وتجريمه إلى إضعاف المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، بما فيها المظاهرات والمسيرات السلمية. والدعوة ضد انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، والنشاط الطلابي. و”باتت قوات الأمن التابعة للسلطة تحمي أمن المحتل اليوم إلى حد كبير”.
وتضيف: “تتجلى عملية السلام المدفوع أمنياً في وجوه عدة، بما فيها اعتقال قوات الأمن الفلسطينية الفلسطينيين المشتبه فيهم والمطلوبين إسرائيليا- كما حدث مع باسل الأعرج حين اعتقلته السلطة الفلسطينية ثم أطلقت سراحه كي تطارده القوات الإسرائيلية وتغتاله في نهاية المطاف-. وقمع الاحتجاجات الفلسطينية ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن التابعة للسلطة. وإدامة الباب الدوار بين السجون الإسرائيلية وسجون السلطة الفلسطينية، والتي يودَع فيها الناشطون الفلسطينيون مرتين بسبب الجريمة نفسها. وعقد اجتماعات وحلقات عمل ودورات تدريبية دورية مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
باختصار، بات أمن الفلسطينيين اليوم هو المعرض للخطر، والدليل نزار بنات، وما تلى ذلك من قمع للمحتجين. إذ تحولت قوات السلطة بعد إعادة هندستها إلى “مقاول أمني” أو “شركة أمنية متعاقدة مع الاحتلال”، ليس من الباطن وإنما في العلن؛ لحماية مصالحه المتمثلة في وأد أي تحرك مقاوم. وتقويض المسيرة السياسية الفلسطينية.