في هدوء دخلت السيدة مكة قاعة كان موضوع حاضريها مناقشة “صورة المرأة في السينما العربية” ندوة لمناقشة كتاب يحمل نفس العنوان، ضمن فاعليات مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة، بعض من الحضور يحطون السيدة ويلتقطون معها صورًا، حتى انتهت الندوة ووقفت الدكتورة عزة كامل تحتفل بالسيدة مكة عبد الإله إحدى سيدات النوبة وأسوان، ليبدأ عقب تقديمها فيلم وثائقي مدته لا تزيد عن الربع ساعة.

ولدت مكة حاملة الوعي في روحها، لم يسألها أحد أن تلعب دورًا، لكن مكة أخذت بشكل اختياري أن تكون باب النور والوعي.

على مدار سنوات طويلة قامت بتوعية النساء، بتعليمهن، حرصت أن تحل مشكلاتهن، هناك امرأة تزوجت بدون قسيمة زواج وأنجبت وكبر الابن، ولا أوراق لكن مكة التي تعرف أهمية الوثائق، ساعدت السيدة في توثيق زواجها وتسجيل أبناءها، وهي أيضا تحظى بمكانة مميزة يقف لها تقديرًا الرجال والنساء بنفس الدرجة.

 

أبواب مكة

عبر الفيلم الوثائقي “أبواب مكة” يتحدث الرجال للسيدة ويطلبون منها أن تترشح عنهم لمجلس الشعب، فهي تحقق مصالحهم، وتعيش بينهم، تدق الأبواب وخلف كل باب يخرج المرحبون بها.

أبواب مكة.. يسلط الضوء على المرأة العربية

تحكي أنها بدأت ذلك منذ صغرها دورها مع أهل قريتها، تقودهم نحو النور، التوعية بأهمية الوثائق، تعليم النساء حرف مثل الخياطة، ترشدهم إلى أهمية التعليم، تدفعهم لتعليم أولادهن، تحل مشاكل القرية، وتأخذ كل صاحب طلب وتطرق الأبواب حتى يتم طلبه، ويقضى حاجته.

سعى مهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة منذ تأسيسه لدور مجتمعي خاص بتمكين النساء، وقدم منتدى نوت الذي يقدم فاعلياته ضمن فاعليات المهرجان العديد من تجارب النساء في أسوان، كما قدم عددا من الورش التي تدعم صناعة السينما واكتشاف صانعات سينما جدد، وهو ما عكسته الأفلام المقدمة في هذا العام.

في الدورة الرابعة لمهرجان أسوان الدولي لسينما المرأة تم تكريم السيدة مكة عبد الإله كسيدة رائدة في العمل المجتمعي، عقب التكريم حكت أن اتصال جاءها من مكتب الرئيس ليُعلنها بتعيينها في المجلس القومي للمرأة، ثم التقت بالرئيس بعد ذلك.

مكة التي نالت شهرة اجتماعية مفاجئة لم يُحدث هذا الصخب تغييرًا على دورها فهي مازالت تقيم في أسوان، تمارس دورها التوعوي والخدمي دون تغيير، وربما اكتسبت قوة من منصبها كأحد أعضاء المجلس القومي للمرأة، وعند عرض الفيلم كانت تجلس يعلو وجهها ابتسامة ودودة ومرحبة بكل الضيوف الذين تعرف أكثرهم عليها للمرة الأولى.ز

لكن الفيلم لم يوضح القوة المكتسبة لمكة من منصبها في المجلس القومي للمرأة، وإنما قدم ما تقوم به، واستعرض مكانتها وسط أهل قريتها.

الكشف عن هذه السيدة يطرح تساؤل هل يُمكن أن تلعب مهرجانات السينما والمهرجانات الفنية عمومًا دورًا مجتمعيًا في تقديم التجارب الحقيقية، والكشف عن صور تمكين النساء في قراهن ومدنهن البعيدة عن العاصمة؟