أعادت واقعة وفاة شقيق المطرب رامي صبري، الحديث عن ضرورة تكثيف حملات مكافحة المصحات غير المرخصة لعلاج الإدمان. ولقي كريم صبري مصرعه غرقًا أثناء محاولته الهروب من مصحة في منطقة البدرشين.
وتبين من التحقيقات أن المصحة غير مسجلة، ولا تتوفر لديها الاشتراطات الصحية. كما أنّ صاحبها لم يحصل على مؤهلات علمية في الطب أو علاج الإدمان. وأشارت التحقيقات إلى أن المصحة عبارة عن مبنى وسط أراضٍ زراعية مكون من طابق أرضي، يعلوه طابقان. وأنّ المكان غير مؤهل لعلاج المدمنين.
المعايير الطبية
وانتشرت خلال الفترة الماضية مصحات غير مرخصة تخلو من معايير وشروط علاج الإدمان، وتهدف إلى التربح فقط. وبسبب ذلك وقعت حالات انتحار عديدة لمدمنين تعرضوا لتعامل قاسٍ من القائمين على المصحات.
ومراكز علاج الإدمان، المتوافقة مع الشروط، هي مؤسسة متكاملة تختص بسحب السموم من الجسم، وإلحاق المريض ببرامج العلاج النفسي والسلوكي. وذلك بهدف الإقلاع النهائي عن المخدرات، وعدم التعرض لأي انتكاس، وكذلك معالجة جميع الاضطرابات النفسية التي نتجت عن الإدمان.
لكن بعض المراكز غير المرخصة لا تتبع الطرق الطبية والعلمية في التعامل مع المريض، وتتعامل أغلبها بقسوة مع المدمنين من خلال فرض العلاج الإجباري. وهو ما يدفع بعضهم للهروب أو الانتحار.
الدكتور هشام زكي مدير إدارة المؤسسات العلاجية غير الحكومية بوزارة الصحة يقول إنّ تراخيص المراكز الصحية تخضع للقانون 153 لسنة 2004 وقانون رعاية المريض النفسي لسنة 2009.
وقال إن الإجراءات تتم وفقًا لمستندات محددة، منها تسجيل المركز في المجلس القومي للصحة النفسية. والذي يطبّق شروطًا ويشرف على تنفيذ الإجراءات. كما يتم تسجيل المركز أولاً في المركز الإقليمي التابع للصحة في كل محافظة يعقبها إجراءات تراخيص المنشاة الطبية.
طلب إحاطة لوزيرة الصحة
وتقدمت إيناس عبدالحليم، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى وزيرة الصحة، بشأن انتشار مصحات علاج الإدمان غير المرخصة.
وأوضحت عبدالحليم في حديثها لـ”مصر 360″: “فوجئنا بواقعة وفاة الشاب الذي قفز من سور فيلا يُقال إنها لعلاج الإدمان بالبدرشين. وتبين أن المكان غير مرخص لعلاج المدمنين، بجانب تهريب ما يقرب من 70 مريضًا بعد الحادث خوفًا من المساءلة”.
وشددت على ضرورة أن تكون أماكن علاج الإدمان محصّنة حتى لا يتمكن المرضى من الهرب. مع الأخذ في الاعتبار أن قانون الصحة النفسية يُجرِّم احتجاز مريض الإدمان دون رغبته. لذلك طالبت وزارة الصحة بتكثيف حملاتها على المراكز غير المرخصة.
وقالت في طلبها المقدم بالبرلمان إن “مكافحة الإدمان، لا تقل أهميتها عن مكافحة الإرهاب”. وذلك باعتباره يهدد السلم الاجتماعي، نظرًا لارتباطه الوثيق بالجرائم المختلفة، وحوادث الطرق.
وقالت إن مثل هذه المصحات أصبحت ظاهرة واسعة الانتشار بشكل مخالف للقانون. ولفتت إلى أن الأهالى يلجأون إلى المصحات المخالفة، اعتقادًا منهم بأن المستشفيات الحكومية تحتجز المريض، ولديها وقتًا طويلاً للتعامل مع الحالات.
تسهيل إجراءات التراخيص
في المقابل، طالبت بضرورة تسهيل إجراءات استخراج التراخيص للمصحات الخاصة، ودعم مراكز علاج الإدمان على مستوى الجمهورية. وذلك من خلال تدريب الأطباء على علاج الإدمان، والدور الذي تقوم به الأمانة العامة للصحة النفسية، وتحسين رواتب الأطباء والعاملين.
كما طالبت أيضًا بتفعيل الرقابة على الإعلانات عبر كافة الوسائل، سواء القنوات التلفزيونية أو المطبوعات ومواقع التواصل. ولفتت إلى أن ذلك دور إدارة العلاج الحر في وزارة الصحة، لا سيما أن مواقع التواصل تعج بالمصحات الوهمية.
وأشارت إلى دور صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، والتعاون مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، ووزارة الصحة. والاستجابة السريعة للبلاغات التي يتلقاها الخط الساخن بالصندوق، بشأن وجود بعض المراكز والمصحات العلاجية غير المرخصة.
الأمر نفسه يحذر منه عبد الله أحمد عبد الله، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب. وطالب بعدم التعامل مع المنشآت غير المرخصة التي تطلق على نفسها مراكز لعلاج الإدمان. وقال: “هذه الأماكن أصبحت سبوبة كبيرة، ونصب بطرق غير مباشرة على المواطنين، وتسببت في وفاة العديد من المواطنين خلال السنوات الأخيرة، وهناك حوادث شهيرة وقعت بسبب هذه المنشآت”.
وشنت وزارة التضامن حملات مداهمة كشفت خلالها عن عدد كبير من المراكز يقوم عليها متعافون سابقون. وتفتقد المعايير الطبية الدولية في تقديم العلاج، وأصبحت مكانًا لاستنزاف أموال أُسر مرضى الإدمان.
وسبق حادث شقيق رامي صبري عدة حوادث، أشهرها واقعة وفاة مصرية خنقًا داخل مصحة غير مرخصة لعلاج الإدمان بقرية شبرا منت التابعة لمركز أبو النمرس بمحافظة الجيزة. وسبقتها واقعة مماثلة في حدائق الأهرام، إذ توفي شاب نتيجة حقنه بجرعة مخدر زائدة، أثناء خضوعه للعلاج داخل مركز يديره عدد من غير المختصين.
علاج إجباري
ويشير الدكتور عمرو عثمان مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، إلى وجود 27 مركزًا لعلاج الإدمان على مستوى 17 محافظ. بالإضافة إلى مستشفيات تابعة لوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية والقوات المسلحة، وكذلك صندوق مكافحة وعلاج الإدمان.
وأضاف أن المراكز غير المرخصة تعالج المريض بشكل خاطئ، من خلال الاعتماد الكلي على علاج إجباري. وذلك على عكس اتباع العلاج التطوعي في الأماكن المعتمدة. وهذا يفسر وجود أسوار في الأماكن غير المرخصة التي “لا تعي أنه على مستوى العالم يكون العلاج بلا أسوار. وأنَّ الدافع في العلاج هو رغبة المريض وتحفيزه”.
ونسب تعاطي المخدرات بناء على نتائج المسح القومي الذي أجري في فبراير 2021، بلغت 10%، والإدمان 3.3%. وبعد المسح انخفضت النسب ووصلت نسبة التعاطي إلى 5.6%، والإدمان إلى 2.4%.
ويجرى المسح على الشريحة من 15 إلى 60 سنة، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن صندوق مكافحة الإدمان في وزارة التضامن الاجتماعي.