بدت قرارات الإفراج الأخيرة التي صدرت قبل ساعات من عيد الأضحى. وكأنها إغلاق لقضية عرفت إعلاميا بفخ اصطياد المعارضين.
القضية التي ضمت. صحفيين وحقوقيين وسياسيين. اشتركوا جميعا في مواجهة تهم نشر أخبار كاذبة، وسوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. حملت الرقم 488 لسنة 2019.
قرارات متتالية
ومع قرارات الإفراج المتتالية. يزيد أمل أسر سجناء الرأي بشكل خاص في خروج أبنائهم من السجون. وترتفع بورصة الأمل لدى السياسيين في تغيير نهج الحكومة في التعامل مع أصحاب الرأي وإغلاق هذا الملف الشائك.
في شهر مارس 2019. تزامنًا مع الدعوات التي أطلقها الإعلامي معتز مطر تحت شعار “اطمن انت مش لوحدك”. ألقت أجهزة الأمن القبض عن ما لا يقل عن 94 شخصا.
وتمثلت دعوة مطر في إحداث ضوضاء جماعية احتجاجية في وقت محدد بالإضافة إلى التظاهر يومي 1 و2 مارس احتجاجًا على حادثة حريق محطة مصر إثر اصطدام عنيف لجرار أحد القطارات برصيف المحطة ما أودى بحياة ما لايقل عن 22 شخصًا.
ليُطلق عليها بعد ذلك بـ “ثقب أسود”. لاصطياد المعارضين السياسيين والحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان. جميعهم جاءوا متهمين على ذمتها وأصبحت معروفة إعلاميًا بـ”الصفارات” أو “الصفافير”.
وبعدها بشهور كانت هناك حملات اعتقال على ذمتها. فهناك من تجاوز عامين في الحبس. وآخرين تم تدويرهم على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 855 لسنة 2020، والبعض حصل على إخلاء سبيل.
أبرز المحبوسين
وكان من أبرز المحبوسين على ذمة قضية “الصفافير”: الصحفي خالد داود، والصحفية إسراء عبد الفتاح، والصحفية سولافة مجدي وزوجها المصور الصحفي حسام الصياد، والصحفي أحمد شاكر والمحامي عمرو إمام، و المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان ماهينور المصري، والصحفي محمد صلاح. والدكتور حازم حسني، والدكتور حسن نافعة، عبد الناصر سلامة، إبراهيم عز الدين، وكمال خليل.
تفريغ القضية
الآن وبعد ما يقرب من عامين على القضية يبدو أنه يتم تفريغها من المحبوسين بشكل نهائي. خاصة بعد أن أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر “حياة كريمة” عن فتح المجال العام أو ما تبقى من المجال العام مرة أخرى.
سلسلة من الإفراجات
ومن بداية شهر فبراير الماضي. بدأت سلسلة من الإفراجات في عدد من القضايا السياسية. أبرزها القضية التي عرفت بفخ اصطياد المعارضين. حيث تقرر إخلاء سبيل الدكتور حازم حسني في القضية واستبدال حبسه بتدبير احترازي بعدم مغادرة المنزل. ذلك على ذمة التحقيقات.
وفي 6 أبريل الماضي قررت الدائرة الثالثة جنايات إرهاب القاهرة. إخلاء سبيل البدري عرفة محمد، ومحمد أحمد طهر. اللذان كانا محبوسين احتياطيًا على ذمة القضية ذاتها بحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
في الشهر نفسه تم الإفراج عن الصحفي خالد داوود الرئيس السابق لحزب الدستور، لتلحق به الصحفية سلافة مجدي وزوجها المصور الصحفي حسام الصياد. ومنذ أيام وبعد عدة أشهر تم الإفراج عن الصحفية إسراء عبد الفتاح والصحفي معتز ودنان ومصطفى الأعصر والذين تم ضمها للقضية وتدويرهم على قضايا أخرى.
وفي مايو أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. إخلاء سبيل الناشط السياسي إسلام عرابي، ووصوله إلى منزله. إذ قضى 50 يومًا بعد قرار النيابة إخلاء سبيله.
كما قررت الدائرة الثالثة جنايات المنعقدة بمعهد الأمناء بطرة، إخلاء سبيل 10 محتجزين في القضية ٤٨٨ لسنه٢٠١٩ بتدابير احترازية.
وشملت قرارات إخلاء السبيل: محمد سعيد شحاته، أحمد محمد عباس، شوقي خالد شوقي، ومحمد عماد محمود، وكريم نظمي فتحي، و عمر محمود مصطفي، وإبراهيم ،وعبدالله عبد المقصود، وحسن خالد حسن، ومحمد سيد يحيي، ونادر مصطفي حنفي.
محبوسون على ذمة القضية
لا يزال هناك عدد من المحبوسين على ذمة القضية 488 لم يحصلوا على حريتهم بعد على الرغم من الإفراج عن العدد الأكبر من المتهمين فيها. كما أن هناك عدد أخر بدأ حبسه على ذمة القضية 488 ولكن سرعان ما أصبح متهم في قضية أخرى حملت الرقم 855 بالاتهامات ذاتها.
بحسب ما رصدته الجبهة المصرية. قامت نيابة أمن الدولة خلال أسبوع واحد بتدوير ٤ متهمين على الأقل على ذمة القضية ٤٨٨ لسنة ٢٠١٩ أمن دولة. ثلاثة منهم ما يزالون محبوسين، هم: (المحامي عمرو إمام، رضوي محمد، أمل كيلاني، الصحفي محمد صلاح) ووضعهم على ذمة قضية جديدة رقمها ٨٥٥ لسنة ٢٠٢٠ أمن دولة، وذلك بناءً على محضر تحريات.
وتزامن بداية قرارات الإفراج قبل أشهر مع تردد أحاديث في أروقة المقربين من السلطات في مصر. عن توجه لإحداث انفراجة في ملف سجناء الرأي الذي يمثل أحد الملفات السياسية الشائكة.
تلك الأحاديث قوبلت بتفاؤل واسع من أسر السجناء والمهتمين بالشأن العام في مصر. ومع كل قرار بالإفراج عن سجين رأي ترتفع الأسهم في بورصة الأمل في إغلاق هذا الملف.
لجنة الحوار الدولي
وتزامنت تلك الأحاديث، مع تشكيل رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات. لجنة الحوار الدولي. بمشاركة نواب من مجلسي الشيوخ والنواب.
وتبنت اللجنة مسارين. الأول محاولة حلحلة الملف من خلال التواصل مع أجهزة الأمن، والثاني حمل عنوان بناء بناء جسور الثقة مع الشركاء الدوليين .
ونجحت اللجنة بالفعل في دفع الأجهزة الأمنية لإصدار قرارات بالإفراج عن عدد من النشطاء السياسيين. لكنها في المقابل بحسب مصادر تواجه رفضا شديدا عند الحديث على قضايا بعينها أو على أقل تقدير مطالبة الطرف الحكومي بتأجيل الحديث فيها.
حسام بهجت
فلا تزال أجهزة التحقيق ترفض إخلاء سبيل عدد من متهمي القضية المعروفة إعلاميا بتحالف الأمل رغم تجاوز فترة حبسهم احتياطيا عامين. فيما أحيل اسماء أخرى مثل الحقوقي حسام بهجت للتحقيق بناء على بلاغ مقدم من الهيئة الوطنية للانتخابات. كما تظل القضية المعروفة إعلاميا بقضية التمويل الأجنبي تلاحق حقوقيين وتمنعهم من السفر وتتحفظ على أموالهم وتستدعيهم من حين لآخر لسماع أقوالهم في قضية مفتوحة منذ عام 2012 أي قبل 9 سنوات.
“لا ينبغي استهداف أفراد مثل حسام بهجت”، كلمات قالها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، في معرض تعليقه على حالة حقوق الإنسان في مصر بشكل عام، وقرار إحالة المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية للمحاكمة للتحقيق بشكل خاص.
برايس نقل خلال مؤتمر صحفي، قلق بلاده من ما وصفه بتردي حالة حقوق الإنسان في مصر. لافتا إلى اعتقال ومضايقة قادة المنظمات غير الحكومية، والأكاديميين والصحفيين.
وقال برايس: لقد أبلغنا الحكومة المصرية، بإيماننا الراسخ بأنه لا ينبغي استهداف أفراد مثل حسام بهجت المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بسبب تعبيرهم عن آرائهم بشكل سلمي.
وأوضح برايس أن بهجت مدافع عن حقوق الإنسان يحظى باحترام كبير، وتعمل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على تعزيز وحماية الحقوق في مصر.
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
وأضاف أن استهداف ومقاضاة موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمنظمات غير الحكومية الأخرى، بمن فيهم المتهمون في القضية 173، ينتقص من حقوق جميع المصريين في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، ويهدد استقرار مصر وازدهارها.
واختتم برايس: بصفتنا شريكا استراتيجيا، فقد أثرنا هذه المخاوف مع الحكومة المصرية وسنواصل القيام بذلك في المستقبل.
وقررت النيابة العامة المصرية قبل أيام، إحالة حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، للمحاكمة، فى اتهامه بإهانة الهيئة الوطنية للانتخابات في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر العام الماضي.
ووجهت النيابة لبهجت في القضية التي حملت ارقم 35 لسنة 2020 حصر تحقيق استئناف القاهرة، اتهامات بإهانة هيئة نظامية ممثلة في الهيئة الوطنية للانتخابات ونشر أخبار كاذبة عن تزوير الانتخابات، واستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي فى ارتكاب الجرائم محل التحقيقات.
يذكر أنه جرى التحقيق مع بهجت، 16 يونيو/ الماضي، وقررت النيابة إخلاء سبيله بالضمان الشخصي في اتهامه بالقضية.
استدعاء رسمي
وتلقى بهجت، في يونيو الماضي، استدعاء رسمي للحضور إلى مكتب النائب العام، للتحقيق معه في القضية، بناءً على طلب من المستشار القائم بأعمال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، على خلفية تدوينة نشرها بهجت على حسابه الرسمي على موقع تويتر العام الماضي، حمّل فيها الرئيس السابق لـ«الوطنية للانتخابات» لاشين إبراهيم، مسؤولية ما شاب الانتخابات البرلمانية الأخيرة من تلاعب، ووجهت النيابة لبهجت اتهامات «إهانة هيئة نظامية، ونشر شائعات كاذبة تفيد تزوير نتيجة الاستحقاق الانتخابي، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في ارتكاب جرائم.»
وكان الناشط الحقوقي المصري حسام بهجت، مؤسس المبادرة المصرية للحقوق، شارك في أبريل الماضي في لقاء عبر تطبيق “زووم”. مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن و8 من الحقوقيين والحقوقيات من الصين وروسيا وبنجلاديش واليمن والكونغو ونيكاراغوا والكاريبي.
وقال بهجت على صفحته على الفيسبوك. أن اللقاء تناول عرض واقع وتحديات العمل الحقوقي حول العالم وتقييم سياسات الإدارة الجديدة بشأن حقوق الإنسان داخل وخارج الولايات المتحدة.
وقال: “التقى بلينكن، ثمانية مدافعين عن حقوق الإنسان يعملون في جميع أنحاء العالم، وذلك لتعزيز التزام الإدارة بوضع حقوق الإنسان في صميم السياسة الخارجية للولايات المتحدة“.
وأكد بلينكن خلال اللقاء. دعم الولايات المتحدة لجهودهم لبناء مجتمعات حرة ومنصفة وديمقراطية. حيث تحترم حقوق الإنسان وتشارك أصواتا من الحكومة وقطاع الأعمال والعمالة والمجتمع المدني، بما في ذلك أفراد الفئات الضعيفة من السكان بنشاط في حوار مدني.
وأوضح بيان صادر عن المتحدث باسم الخارجية. نيد برايس، وقتها أن الحوار تركز على التحديات التي يواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم والطرق التي يمكن أن تقف بها الولايات المتحدة مع منظمات المجتمع المدني والنشطاء الذين يعملون على تعزيز احترام حقوق الإنسان وتعزيز المعايير الديمقراطية.
قضية المجتمع المدني
قضية تغريدة الانتخابات ليست الوحيدة التي يواجهها بهجت. فالقضية التي عرفت بقضية المجتمع المدني، وتعود لعام 2011. يعاني على إثرها بهجت وعدد من الحقوقيين من قرار التحفظ على الأموال والمنع من السفر .
القضية التي تحدث عنها برايس، تضم بخلاف بهجت عدد من الحقوقيين منهم المحامي الحقوقي ومدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، محمد زارع، ومديرة مركز نظرة للدراسات النسوية، مزن حسن، والمحامية الحقوقية، عزة سليمان، والمحامين ناصر أمين، وهدى عبد الوهاب، عن المركز العربي لاستقلال القضاء، وأحمد راغب عن مركز هشام مبارك للقانون، وحسام علي وأحمد غنيم عن المعهد الديمقراطي، والناشطة، إسراء عبد الفتاح.
مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد كتب على صفحته على “الفيسبوك”، إنه تم استدعائه للتحقيق، الأحد القادم، للمرة الأولى منذ بداية القضية قبل عشر سنوات، أمام قاضي التحقيق، المستشار علي مختار.
وفي ديسمبر الماضي قرر قاضي التحقيق المُنتدب من محكمة استئناف القاهرة، ، حفظ التحقيقات مع 20 منظمة أهلية لانتفاء الجريمة وعدم كفاية الأدلة، وإلغاء كل ما ترتب عليها من قرارات بـ«منع السفر» أو «التصرف في الأموال» للعاملين في تلك المنظمات دون غيرها.
تحالف الأمل
قضية تحالف الأمل، إحدى القضايا التي تتخذ مسارا بعيدا عن ما تردد عن وجود انفراجة في ملف سجناء الرأي. فرغم تجاوز المتهمين في القضية فترة الحبس الاحتياطي المقررة قانونا. إلا أن اجهزة التحقيق لم تفرج عنهم بل فتحت تحقيقات جديدة في الاتهامات نفسها التي تلاحقهم منذ عامين. ومن ثم إحالتهم للمحاكمة.
تجاوز فترة الحبس الاحتياطي. دفعت الصحافي المصري هشام فؤاد للإضراب عن الطعام منذ 10 أيام احتجاجًا على تجاوه فترة حبسه احتياطيًا سنتين.
وفؤاد هو ثالث سجين سياسي يضرب عن الطعام خلال الفترة الحالية. بعد الباحث أحمد سمير سنطاوي الذي تجاوز إضرابه 20 يوما. والمهندس أحمد بدوي الذي تجاوز إضرابه شهرا. قبل أن تدخل علاء القرضاوي في إضراب هي الأخرى عن الطعام. وفقا لمحاميها أحمد أبو العلا ماضي.
يأمل أسر سجناء الرأي في خروج أبنائهم. ويأمل السياسيون والحقوقيون أن تمتد قرارات الإفراج لتشمل متهمين في قضايا آخرى. لعل هذه القرارات تكون نهائية لملف شائك أرق مصر على مدار السنوات الماضية.