تقول (ش) إنها بدأت معه من الصفر، كافحت وتحملت، بخلت على نفسها، لكنه ما إن اشتد ساعده حتى رماها، تلك القصة المكررة حد الاعتياد، قصة متداولة بين النساء في كافة الطبقات والأوساط، تتشابه التفاصيل والنصائح مع كل حكاية لكن لا أحد يتعلم، ولا تتغير النتائج.
عندما تصل الأمور إلى حد التخلي والانكسار، تخرج النصائح والكلمات بأنها أخطأت، ما كان ينبغي عليها أن تفعل ذلك، لكن السؤال الحقيقي الذي تحتاج كل امرأة أن تجيب عليه: هل ينبغي على المرأة أن تتخلى عن شريك حياتها؟
هل هناك قواعد للمساندة والتضحية؟
تبكي نساء كثيرات تضحياتهن، وتشعرن بالخذلان، عقب كل فشل أو تخلي، تقف كل امرأة لتعد ما تركته عن رضا، وما فعلته من أجل الشريك، وترى في تخليه عنها وانصرافه لامرأة أخرى حالة من حالات نكران الجميل، والحقيقة أن النساء يقعن في عدد من الأخطاء عند تأسيس علاقاتهن.
الخطأ الأول: لا تتبرعي بالعطاء
أول الأخطاء أن تعتقد المرأة أنها حين تُفرط بالعطاء، فإن ذلك يرفع من مكانتها، وهذا أمر غير صحيح بالمرة، فالإفراط في العطاء والتبرع به دون مبرر يعطل الطرف الآخر عن القيام بدوره، وبعد قليل يتحول إلى حالة من الاعتياد ثم الحق المكتسب.
الخطأ الثاني: لا تبدأي بالتضحية
غالبية النساء تربين في بيوت تقوم الأم فيه بالتضحية من أجل الأبناء، ومن أجل الزوج، فهي لا تذهب للطبيب إلا للضرورة القصوى، ولا تشتري لنفسها شيئًا، مفضلة الزوج والأبناء على نفسها، تتعامل الكثيرات أن الأم هي النموذج للزوجة الصالحة، والحقيقة أن مثل أمهاتنا تربين وسط واقع مختلف كلية عما نعيشه، حيث الميثاق الاجتماعي والعادات كانت تجرم أن يتخلى الرجل عن زوجته، ونجد حالات التعدد محدودة، ومرتبطة بسياقات اجتماعية خاصة، ومن ثم فإن الرجل كان يراعي زوجته ويحفظ البيت حفاظًا على صورته الاجتماعية أولًا، وليس حفاظًا عليها هي وتقديرًا لها، فحين ترتبطين عزيزتي لا تبدأي بحرمان نفسك وتفضيل الزوج عليك، ولا تكن أولوياتك هي إرضائه فقط، لا يعني ذلك الأنانية ولكن يعني العدل، إذا احتجتي أن تشتري لنفسك شيئًا فافعلي ذلك، وتابعي صحتك واهتمي بمظهرك.
الخطأ الثالث: الحياة مشاركة فلا تفعلي كل شيء وحدك
ليست الراحة والإيثار أن يحمل طرف في العلاقة كل شيء بينما الآخر خالي اليدين، الحياة مشاركة، على كل طرف أن يقوم بمسئولياته وواجباته. وحال تعذر أن يقوم بإحدى المسئوليات فعليه أن يفعل شيئًا آخر حتى تتعادل الحياة، فإذا كنتِ عزيزتي الأكثر إنفاقًا في المنزل فعليه أن يساعد في شيء آخر، أن تذهبا سويًا لشراء احتياجات المنزل، أن يساعدك في ترتيبات البيت أو رعاية الأطفال، وليس في ذلك انتقاص من قدره، أو معادل لكونك أنك تنفقين وهو يقوم بأعمال المنزل، لكن القبول بالمشاركة في الحياة تحتاج المرونة وتبادل المسئوليات إذا استدعت الضرورة، لا تفعلي كل شيء وحدك.
الخطأ الرابع: لا تضعي البدايات مقياسًا للحياة
في البدايات تفاصيل عديدة كأن يكون الزوج في بداية حياته، قليل الخبرة وبحاجة إلى دعم، فإن قدمتي الدعم له، وكنتي سببًا في نجاحه وانتقاله من مكانة لمكانة أعلى لا تضعي صورته الأولى أداة تذكير، فعلى سبيل المثال بعض النساء يكن سببًا لزيادة أناقة الزوج، لكنها تظل تُذكره بما قدمته له وأنه لم يكن يعرف كيف يلبس، والأمر أكثر فداحة مع التضحيات المالية، فبعض النساء دائمات تذكير زوجها بحاله فيما مضى وما فعلته له، وهو الأمر الذي ينفر الزوج ويجعله يسعى للخروج من العلاقة والبحث عن امرأة أخرى لا تعرف ضعفه وقلة حيلته فيما مضى.
الخطأ الخامس: لا تقفي ساكنة وتتركيه يصعد وحده
من الأخطاء الكبرى التي ترتكبها النساء أنها تعامل الزوج كما تعامل الابن، فالابن مهما كبر هو بالنسبة لها صغير، فيحدث أن تظل الزوجة تتعامل مع زوجها كونه الشاب البادئ لحياته، قليل الإمكانيات، في حين أنه يخطو قدمًا نحو الترقي، سواء كان ذلك بتضحيات منها وحدها، أو تضحياتها ومهاراته، النتيجة أنه يعلو شأنه، في حين تظل هي بمكانها، لا تتغير ولا تشعر أن هناك تغيير طرأ على الزوج، وربما لا تشعر بالتغيير إلا عندما ينتبه لامرأة أخرى، فأغلب النساء في بلادنا لا يتحركن إلا إذا ظهرت امرأة أخرى، فاذا ترقى زوجك في عمله واحتاج أن تكون له دوائر اجتماعية مختلفة كوني جزءًا من دوائره، بحاجة أن يخرج في سهرات أو يسافر، افعلي ذلك معه، شاركيه ما يعيش.
الخطأ السادس: لا تتبرعي بإيجاد الحلول والتوفير
العلاقات مليئة بالتفاصيل، وحدها النساء تقف وتمعن فيها، بينما الرجال غير ميالين إلى ذلك، يحدث أن رجلًا يريد أن يخرج مع زوجته، لكنها تذكره بالتكلفة وأهمية الادخار، وتظل تقلل من قيمة الفعل، حتى ينتهي الأمر ألا يخرجا، نظريًا هي قامت بتوفير بعض المال، عمليًا هي أغلقت نافذة تعطي بعض الروح للعلاقة، كما أن بعض النساء يتبرعن بتدبير الحلول لكل ما يمرون به، فيأخذ الرجل في الاعتماد على الزوجة والتراخي في إدارة مسئولياته، الأمثلة عديدة وكل امرأة لديها عشرات المواقف التي سعت للتوفير في مقابل رفاهية لها، أو راحة بعض الوقت، الكثيرات واللواتي تسمح ظروفهن المادية بتوظيف من يقوم بالتنظيف لكنها تفعل ذلك ظنًا أنها توفر، في العزومات تستخدم الأطباق المخزنة في النيش فتجد نفسها عقب العزومة غارقة في بحر من أواني الطعام التي تحتاج الغسيل، في حين أنها لو استخدمت الأطباق ذات الاستخدام الواحد ستجد نفسها لديها متسع من الوقت وبعض الراحة.
الخطأ السابع: تحملي نتيجة أفعالك ولا تلعبي دور المظلومية
في البدايات تحديدًا تسعى المرأة لأن تقدم كل شيء، وتتفانى في تقديم الشريك على نفسها، تعمل أكثر مما ينبغي، تُضحي بكل ما تستطيع، بعضهن تبيعن ذهبنها لدعم الزوج، وأخريات تضخ مدخراتها في المنزل أو مباشرة للزوج ليكبر عمله، أشكال التضحية متنوعة، المؤكد أن غالبية من يفعلن ذلك يفعلنه بحب وطيب خاطر، لم يضطرها أحد لفعل ذلك، حتى لو أن الزوج دفعها لذلك بحلو كلامه أو بضعف حقيقي أو مفتعل، النتيجة أن كثيرات فعلن ذلك عن رضا، ولأن كثيرات ممن تقدمن هذه التضحيات لديهن بعض من الأخطاء السابق ذكرها، فإن العلاقة قد تنتهى، وهنا تظهر المرأة لتتحدث عن تضحياتها.
عزيزتي المُضحية لقد فعلتي ذلك بإرادتك، فلماذا ينبغي على الطرف الآخر أن يظل يتحمل تضحياتك، لقد بخلتي على نفسك بإرادتك، تخليتي عن راحتك، وربما صحتك أو جمالك وأناقتك، فلا تتوقعي أن يفعل مثلك أو يدفع لكِ ثمن تلك التضحيات بعد أن تغيرت أحواله التي تطلبت منك تلك التضحيات، فلا تعيشي دور المظلومة، لأن الظلم الحقيقي أنت التي فعلتيه مع نفسك.
جميعًا نحتاج فهمًا صحيحًا للعلاقات، لا أقول إنه عليك ألا تبذلي شيئًا من أجل نجاح شريكك، لكن ينبغي أن يكون الأمر تبادليًا، لا تُضحي من أجل علاقتكما ثم تظلي تُذكريه بما فعلتي من أجله، فإن علا شأنه اعلى معه وبه، امنحيه التقدير الذي يستحق، لكن تذكري دومًا أن استقلال المرأة المادي يمنحها قوة طيلة الوقت، فلا تتخلى عن كل شيء طواعية، ثم تبكين بعد ذلك أنه تخلى عنك وباعك.